رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خيري حسن يكتب: نادية لطفي ويحيى الطاهر عبدالله.. من «باب الأسانسير» إلى «باب الله»

خيري حسن
خيري حسن

(القاهرة - أبريل 1981)

على باب شقتها بحي جاردن سيتي بوسط القاهرة، وقفت الفنانة القديرة نادية لطفى (يناير 1937 - فبراير 2020) تودِّع الأديب الشاب في ذلك الوقت يحيى الطاهر عبدالله (أبريل 1938 - أبريل 1981).

الأسانسير وصل، وضعت يدها على بابه حتى ينتهي من كلامه

- مع السلامة يا يحيى.

الله يسلمك، في المرة المقبلة سنواصل الكلام عن ملامح سيناريو الفيلم، الذي يدور في ذهني، والذي أراكِ أنتِ البطلة فيه.

- تبتسم وهي تقول: اتفقنا، ثم تغيب البسمة عن ملامح وجهها قليلًا، وتكمل كلامها: بمناسبة الحلم الذي رأيته، أنا أقول لك إنه لن يتحقق.. ثم تواصل قولها: أعتقد يا صديقي العزيز أن الموت أذكى من أن يخطف أمثالك.

يهز يحيى رأسه ويتمتم بكلمات لم تسمعها.

- تواصل كلامها: أما عن حادث السيارة الذي رأيته في حلمك، فهو - من الآخر- مجرد حلم؛ فلا تفكر فيه كثيرًا.

كانت نجمة ذلك الزمان، وما قبله، وفاتنة أجيال كاملة، وحلمهم الأسطوري، تتحدث إلى الشاب الصعيدي الواقف أمامها والذي جاء للقاهرة قبل سنوات حاملًا معه إبداعه، وعبقريته، وتفرّده في كتابة القصة القصيرة وهو يهز رأسه، ويضغط بيده على باب الأسانسير حتى لا يهرب منه، وقلبه يهفو إلى حديثها، وصوتها الدافئ. أما عقله فقد استسلم تمامًا، دون أدنى مقاومة لفكرة الموت.

عمومًا.. أعمار!

- ردت: هل سأراك الأسبوع المقبل، لنكمل معًا العمل على مشروع الفيلم.

قال بعدما وضع قدمه الأولى في الأسانسير: لا أظن، ثم ألقى نظرة حزينة عليها قائلًا: وداعًا!

- مع السلامة يا يحيى.

---

(صحراء الوادي الجديد - 9 أبريل - 1981)

بعد 7 أيام مات يحيى الطاهر عبدالله في حادث السيارة الشهير، كما توقع هو لنفسه، ولم يعد إليها كما توقعت هي له.

---

(القاهرة - فبراير 20 20)

ماتت نادية لطفي، لتلحق بعد مرور 38 سنة بصديقها الذي تركها على باب الأسانسير، فربما يلتقيان على «باب الله».