رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحسن البصرى.. مؤسس علم «إصلاح القلوب» «١-٢»



الحسن البصرى (٢١هـ٦٤٢م - ١١٠هـ٧٢٨م)، سيد التابعين، تتلمذ على يد على بن أبى طالب، وتخلق بأخلاق الرسول، صلى الله عليه وسلم، وعاصر بعض الصحابة الكرام، وقال عنه عبدالله بن عباس ابن عم رسول الله: «ما رأيت أحدًا أشبه بأصحاب رسول الله منه».
هناك من شبهه بالفاروق عمر بن الخطاب فى خلقه ودينه، فقالوا عنه: «ما رأينا أحدًا أشبه رأيًا بعمر بن الخطاب منه»، لِمَ عرف عنه من شدة إيمان، ورجاحة عقل.. وقد عاش تجربة قلبية فى محبة الله، فأحيا بها قلوب الناس، حتى صار مؤسس علم «إصلاح القلوب».
نشأ فى الحجاز، وعاصر العديد من صحابة النبى الكريم، صلى الله عليه وسلم، وتعلم على يديهم، وروى عنهم، وحضر الجمعة مع عثمان بن عفان وسمعه يخطب، وشهد يوم استشهاده يوم تسلل عليه قتلته الدار، وكان عمره آنذاك أربع عشرة سنة.
كان انتقاله إلى البصرة بالعراق فى سنة ٣٧هـ نقطة فارقة فى حياته، إذ كان وقتذاك لا يزال صبيًا متعطشًا إلى العالم والتعلم، فأخذ ينهل من العلوم فى مختلف فروعها، واستمع إلى الصحابة الذين استقروا بها.
وفى سنة ٤٣هـ، عمل كاتبًا فى غزوة لأمير خراسان الربيع بن زياد الحارثى لمدة عشر سنوات، وبعد رجوعه من الغزو استقر فى البصرة حيث أصبح أشهر علماء عصره ومفتيها حتى وفاته.
سُئل الصحابى أنس بن مالك عن مسألة، فقال: سلوا مولانا الحسن، قالوا: يا أبا حمزة نسألك، تقول: سلوا الحسن؟ قال: سلوا مولانا الحسن. فإنه سمع وسمعنا فحفظ ونسينا. وقال أيضًا: إنى لأغبط أهل البصرة بهذين الشيخين الحسن البصرى ومحمد بن سيرين.
كان له حال عجيب مع الله، يناجى الله، فيصرف عنه كل شر وأذى: «يارب يا ولى نعمتى.. وملاذى عند كربتى.. اجعل غضبك بردًا وسلامًا علىّ كما جعلت النار بردًا وسلامًا على إبراهيم».
قال الإمام أبوحامد الغزالى عنه: «وكان الحسن البصرى أشبه الناس كلامًا بكلام الأنبياء، وأقربهم، هديًا من الصحابة، وكان غاية فى الفصاحة، تتصبب الحكمة من فيه».
وكان يوصف بأنه كثير الحزن، عظيم الهيبة، حتى قال عنه أحد أصحابه: «ما رأيت أحدًا أطول حزنًا من الحسن، ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة».
كان يقول: «نضحك ولا ندرى لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا. فقال: لا أقبل منكم شيئًا، ويحك يا ابن آدم، هل لك بمحاربة الله طاقة؟ إن من عصى الله فقد حاربه، والله لقد أدركت سبعين بدريًا، لو رأيتموهم قلتم مجانين، ولو رؤوا خياركم لقالوا ما لهؤلاء من خلاق، ولو رؤوا شراركم لقالوا: ما يؤمن هؤلاء بيوم الحساب».
كان يقول: من علامات المسلم قوة دين، وجزم فى العمل وإيمان فى يقين، وحكم فى علم، وحسن فى رفق، وإعطاء فى حق، وقصد فى غنى، وتحمل فى فاقة (جوع) وإحسان فى قدرة، وطاعة معها نصيحة، وتورع فى رغبة، وتعفف وصبر فى شدة. لا ترديه رغبته ولا يبدره لسانه، ولا يسبقه بصره، ولا يقلبه فرجه، ولا يميل به هواه، ولا يفضحه لسانه، ولا يستخفه حرصه، ولا تقصر به نغيته.