رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زمن حكماء صهيون "ليس فيه شرف"!


نحن في زمن ليس فيه شرف: مقولة نطق بها الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته التي اتجه بها مهنئًا بعيد الميلاد المجيد خلال حضوره قداس عيد الميلاد المجيد في كاتدرائية "ميلاد المسيح" بالعاصمة الإدارية الجديدة مؤخرًا.

أجل فخامة الرئيس مصر تتعامل بشرف، فى زمن عز فيه الشرف في المعاملات التي أصبحت لا إنسانية بين البشر بل والدول أيضا. أما غاليتنا مصر فهي تتمسك بكل معانيه وماتنطوي عليه من أخلاقيات على مر الزمان .

وبنظرة سريعة للمعنى المعجمي والفقهي للكلمة لنقف على معناها الدقيق نجد أنها بفتح الشين والراء مصدر شرف، علو النسب والقدر مع حميد الصفات، و شَرَف: (اسم)الجمع : شُرَافٌ جمع أشراف .. والشَّرَفُ : الموضع العالي يُشرف على ما حوله هو على شَرَف من كذا : مُشْرِفٌ عليه ومقارب له الشَّرَفُ : العُلُوُّ والمجد ؛ يقال : أقام حفلاً على شرف فلان : تكريمًا له، بشرفي : عبارة تستعمل تأكيدًا لأمر ما، ساحة الشَّرف : ساحة القتال دفاعًا عن الوطن،
شرف المرأة : عفَّتها وحصانتها، شرف المهنة : كرامتها واحترامها، شرف النّفس : سموّ أخلاقيّ أو عقليّ، علا في ذروة الشَرَف : كان ذا مكانة ونَسَب ،كلمة شرف : لا رجعة فيها، لَقَبُ شرف : لقب يولي المرءَ تكريمًا وتشريفًا دون منفعة مادِّيّة ،مع مرتبة الشَّرف : عبارة تُستخدم للدلالة على مرتبة عالية في شهادتي الليسانس أو البكالوريوس والدكتوراه وهي ذات درجتين، مرتبة الشرف الأولى للحاصل على تقدير ممتاز ومرتبة الشرف الثانية للحاصل على تقدير جيد جدًا، حرس الشَّرف : جنود مصطفّة. إذن فكل ماينطوي على العلو والسمو والارتقاء هو من الشرف، وهو ماتتمتع به مصر فمحال أن تغدر أو تخون أو تعرف للتآمر طريقًا، أو تدس أنفها فى شئون الغير؛ فلكل بلد سيادتها واستقلاليتها وحريتها المطلقة في رعاية مصالحها واتخاذ القرار الذي يتماشى وقناعاتها، ومصر تحترم خصوصية البلدان كافة، وكم فتحت قلبها وأرضها لمن فقدوا الأمان فى بلادهم وضاقت بهم سبل الحياة، فلم تعاملهم كلاجئين، بل غزلتهم نسيجًا ملتحمًا بالأمة المصرية دون تمييز بينهم وبين ابنائها فبددت غربتهم وكانت لهم وطنًا جديدًا حانيًا وضامًا.

لقد حوصرت مصر كثيرًا بمن يعملون بكل مكر ودهاء الشر لبث الفتنة والوقيعة بينها وبين الحكام العرب وشعوبهم؛ لضمان القطيعة والفرقة بينهم، ولتتفرغ دولة الكيان الإسرائيلى للتوسع العدوانى على الأرض العربية والاستفادة من التكنولوجيا الغربية فى تطوير الترسانة الحربية التى تمتلكها، وما أشد القوة المسلحة مع الدهاء الذى تنشره فى ربوع العالم العربى ..

لتصبح هى المتحكمة والمستفيدة من هذا الشتات العربى .. لتجلس فى مقاعد المتفرجين بكل الطمأنينة لتشاهد "المسرحية الهزلية" العربية التى توقَّـعها وكتبها منظِّرهم الصهيونى «تيودورهرتزل» وراهن عليها، بل كتب بمنتهى الصراحة ـ بل الوقاحة ـ في مقدمة الدستور الصهيوني؛ وهو"بروتوكولات حكماء صهيون" إذ يقول : "نحن يهود العالم .. لسنا إلا مفسديه، ومحركي الفِتن فيه وجلاديه" ! لأن عبقريته لعبت على الغفلة العربية، وساعدوه على نجاحه ليكسب الرهان .. ولتمضى إسرائيل فى سياستها التوسعية تسليحًا وتوسعًا على حساب الخريطة العربية التى أشعلتها فتن هؤلاء الصهاينة؛ وبدأ الطرق على الحديد الساخن ـ كالمقولة الشائعة ـ قبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها ويتقاسم المنتصرون فيها كعكة الإمبراطورية العثمانية وتركة الرجل المريض، سارع وزير الخارجية البريطاني "أرثر بلفور" في 2 نوفمبرمن عام 1917 إلى كتابة رسالة إلى المصرفي البريطاني وأحد زعماء اليهود في بريطانيا البارون روتشيلد، وأدت الى قيام دولة إسرائيل وما تبع ذلك من حروب وأزمات في الشرق الاوسط . وكانت الرسالة التي تعرف حاليًا بوعد بلفور أوضح تعبيرعن تعاطف بريطانيا مع مساعي الحركة الصهيونية لإقامة وطن لليهود في فلسطين حيث طلب فيها بلفور من روتشييلد إبلاغ زعماء الحركة الصهيونية في المملكة المتحدة وايرلندا بموقف الحكومة البريطانية من مساعي الحركة التي أد ت دورًا أساسيًا في اقامة دولة اسرائيل عام 1948، وليبدأ تدفق يهود القارة الأوربية إلى فلسطين خلال الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية .

وليس أدل على تربص الصهاينة بالعالم ككل.. ما يحدث فى كل مكان، ولا نشك فى قيامهم بتجنيد عناصر تشيع عدم الاستقرار في أرجاء العالم؛ لتتم السيطرة والتحكم لتثبيت قواعدهم المرتكزة فى فلسطين.. لتحقيق حلم إسرائيل من النيل إلى الفرات. وقد استطاعوا بالفعل إتمام مخططهم الدنيء على مسمع ومرأى من العالم وصفقة القرن المشبوهة التي صفعونا بها وسلبوا الفلسطينيين آخر أمل لديهم في الاحتفاظ بقدسهم عربية وماتبقى لهم من وطن جريح .

وأكاد أجزم ـ بشعوري الوطني الصادق ـ أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ؛ يكاد يشيرويُلمح بكلمته الرائعة إلى البعض ممن يعيشون بيننا ؛ ويطبقون ماشدَّّد عليه زعماء الصهاينة من ضرورة تسخير بعض العناصرداخل الدول؛ لكي يتم تحريكهم كقطع الشطرنج ؛ وهو ما يفعله نفس فلول مايسمون أنفسهم بـ "الإخوان" في مبدأ السمع والطاعة لمرشد الجماعة !

فهل وصلت الرسالة .. ياعرب ؟

لقد قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي منطوقًا مدويًا لم يبرح أذني حتى اللحظة وأجد شريطا متلاحقًا من التصرفات والأفعال التي تصب في بوتقة كلمته الفلسفية.
صدقت ياريسنا زمن عز فيه الشرف .. ولاعزاء للشرفاء في زمن الخونة والعملاء سارقي الأوطان!.

*أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي بأكاديمية الفنون.