رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ممثل الصحة العالمية: خطة مصرية لمنع دخول «كورونا» (حوار)

 الدكتور جون جبور
الدكتور جون جبور

قال الدكتور جون جبور، ممثل منظمة الصحة العالمية فى مصر، إن القيادة السياسية المصرية تمكنت من تحقيق «إنجاز عملاق» فيما تحقق على أرض الواقع خلال الحملة القومية لمسح فيروس «سى» والأمراض غير السارية «١٠٠ مليون صحة»، التى شملت ٦٠ مليون مصرى، إلى جانب الجاليات العربية والإفريقية المقيمة فى مصر. وكشف «جبور»، فى حواره مع «الدستور»، عن أن وزارة الصحة وبالتنسيق مع المنظمة العالمية تطبق خطة طوارئ للتصدى لفيروس «كورونا» الجديد الذى ضرب الصين مؤخرًا، من خلال نشر فرق مراقبة بالمطارات والموانئ والمدارس للفحص والوقاية.

وأشاد بتطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل، مشيرًا إلى التنسيق مع وزارة الصحة من أجل ضمان استمرارية تفعيل مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى «١٠٠ مليون صحة» لما لها من آثار إيجابية كبيرة على صحة المواطنين فى مصر والدول الإفريقية. وشدد على أن الدولة المصرية وبالتنسيق مع المنظمة العالمية تسعى للوصول إلى مجتمع سليم ومعافى من خلال وضع خطة لعلاج الأمراض المتوطنة مثل البلهارسيا، أو الأمراض المتعلقة بسوء التغذية مثل السمنة والأنيميا والتقزم، وعلاج أمراض القلب والسكر والسرطان.

■ بداية.. ماذا عن تحذير منظمة الصحة العالمية مصر من فيروس «كورونا»؟
- هذا إجراء روتينى تتبعه المنظمة عندما يحدث أمر طارئ يتعلق بالصحة العامة، ونسعى من خلاله للسيطرة على انتشار الأوبئة، من خلال حث الدول على مراقبة مطاراتها وموانئها البحرية والبرية. وبخصوص فيروس «كورونا» الجديد، الذى ضرب الصين مؤخرًا، كان من الواجب علينا تحذير مصر لأخذ جميع الاحتياطات اللازمة، خاصة فى ظل وجود حركة تبادل تجارى وخطوط جوية نشطة للسفر المتبادل بين الدولتين.
نحن نخشى أن يدخل مصر أى مسافر حامل للفيروس، لذا حذرنا السلطات المصرية، ممثلة فى وزارة الصحة، التى سارعت بنشر فرق المراقبة فى المطارات والموانئ والمدارس، وبدأت حملة توعية بأعراض المرض التى تتركز فى الحمى أو ضيق التنفس، ضمن خطة طوارئ شاملة.
وأنصح من تظهر عليه تلك الأعراض بالتوجه إلى أقرب مستشفى لاتخاذ التدابير اللازمة، وأود الإشارة هنا إلى أن الوقاية خير وسيلة للعلاج، وأنصح بالتوقف عن تبادل القبلات والعناق أثناء السلام، وأنصح كذلك بتجنب التلامس باليد وغسل اليدين أكثر من مرة يوميًا لتجنب الإصابة بالأمراض.
■ ما رأيك فى تحرك مصر تجاه التحذيرات التى تتلقاها من منظمة الصحة العالمية بشكل عام؟
- مصر دائمًا مستعدة وجاهزة لأى طوارئ صحية، وأذكر أننى كنت مسئولًا فى بداية الألفية عن الأمراض المستجدة بالمكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية فى مصر، حينما ظهر فى ذلك الوقت مرض إنفلونزا الطيور، وكانت مصر من أوائل الدول التى كانت مستعدة وجاهزة للتعامل مع الوباء من خلال الهيكلية المتبعة والمعامل وفرق الاستجابة التى لديها.
وكنت ضمن الفريق الذى وصل إلى أولى الحالات الإيجابية التى ظهرت فى محافظة الغربية فى عام ٢٠٠٦، وقتها ورد إلينا بلاغ فى منتصف الليل وتوجهنا إلى هناك فورًا مع فرق الاستجابة، وهذا أهم شىء، الاستعداد الجيد لمكافحة أى مرض، وهو موجود بشكل جيد فى مصر.
توجد لدينا داخل المنظمة اللوائح الصحية الدولية الخاصة بالإجراءات الصحية والوقائية وآليات التعامل مع الأوبئة والأمراض، وافقت عليها الدول الأعضاء فى المنظمة ودخلت حيز التنفيذ فى يونيو ٢٠٠٧.
وجرى توزيع كتيبات إرشادية تشرح خطط الاستجابة والوقاية والعلاج، وغيرها من الأمور التى استغرق إعدادها نحو ٥ سنوات.
ومصر كانت سباقة دائمًا فى وضع خطط الطوارئ واتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل مع الأمراض وتطبيق نظام حجر صحى صارم فى المطارات والموانئ، ومراقبة المدارس وغيرها من نقاط التجمع.
■ كمنظمة أممية.. متى تعلنون حالة الطوارئ؟
- هناك لجنة رئيسية للطوارئ فى مقر المنظمة بمدينة «جنيف» السويسرية، يرأسها المدير العام، الذى يتولى الإعلان عن الحالات الصحية التى تثير قلقًا دوليًا، ثم تتولى المكاتب الإقليمية توزيع الإرشادات الوقائية وحملات التوعية للبلدان ومساعدتها فى تحديد ما يجب فعله تجاه تلك الحالات الصحية، من خلال كتابة نشرة وتوزيعها، مثلما حدث مع فيروس «كورونا» الجديد، حيث وزعنا على البلدان نشرة بالإجراءات التى يجب اتباعها.
وهناك تنسيق مشترك بين المنظمة والدول الأعضاء لتفعيل آليات الترقب والرصد والإبلاغ عن الحالات الإيجابية عن طريق فرق وزارة الصحة.
■ هل لا تزال مصر عرضة للخطر من فيروس إنفلونزا الطيور؟
- أود أن أطمئن الجميع بخصوص إنفلونزا الطيور، لأن مصر تتبع آليات صارمة للسيطرة عليه، وهو فى مستويات آمنة.
وهناك تنسيق بين وزارة الزراعة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «FAO» للسيطرة على انتشار الفيروس فى مصر، من خلال الحد من ظاهرة تربية الطيور الحية فى البيوت والقرى فى مصر، إلى جانب مراقبة هجرات الطيور التى تمر بمصر، والسعى لتقنين أوضاع مزارع الدواجن الصغيرة، لضمان التزامها بالاشتراطات والمعايير الصحية.
فيروس إنفلونزا الطيور ينتقل من الطيور الحية إلى الإنسان، لذلك هناك تنسيق ثلاثى من خلال خطة لمراقبة ظهور أى حالات جديدة مصابة بإنفلونزا الطيور، وهو فيروس موجود طوال الوقت وهناك عدة أنواع منه، وخطورته تكمن فى حال تحوّره وأصبح ينتقل بين البشر مباشرة، وليس من الطير إلى البشر.
بالنسبة لـ«إنفلونزا الخنازير» أود أن أوضح أنه لا يوجد فيروس بهذا الاسم، فقط إنفلونزا الطيور أو الإنفلونزا الموسمية.
وأؤكد أن فيروس «إنفلونزا الطيور» تحت الرصد بصورة مستمرة خاصة داخل مصر من خلال تنسيق مشترك سبق أن أشرت إليه.
■ ما تقييمك للإنجازات الصحية التى شهدتها مصر؟
- شهد العام الماضى طفرة صحية كبيرة بتفعيل مصر منظومة التأمين الصحى الشامل، إلى جانب غيرها من المبادرات الصحية المهمة التى لاقت تفاعلًا جماهيريًا كبيرًا.
ونحن نركز فى حديثنا مع وزارة الصحة والمسئولين بشكل عام على آليات تفعيل تلك المبادرات لدعم القطاع الصحى والارتقاء به، لأن المستفيد الأول من كل ذلك هو المواطن.
كما ندرس مع الوزارة الآليات التى تضمن استمرارية مبادرة «١٠٠ مليون صحة» لضمان حصول المواطنين على الخدمات الصحية المجانية التى قدمتها المبادرة، وهذا واحد من أهم أهداف وجود منظمة الصحة العالمية فى أى بلد، وهو تقديم النصيحة الصحية التقنية والفنية والمهنية الصحيحة.
■ هل يقتصر دوركم على التواصل مع وزارة الصحة فقط؟
- منظمة الصحة العالمية تؤمن بأن الصحة هدف جماعى، لذلك نحن نعمل مع وزارات التعليم العالى والتضامن الاجتماعى والداخلية والتنمية المحلية، وغيرها من الجهات ذات الصلة.
وأؤكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يولى أهمية خاصة لملفى الصحة والتعليم، لأنه يسعى لبناء مجتمع صحى سليم لضمان وجود أجيال متعلمة وسليمة بكل معنى الكلمة، سواء السلامة الصحية أو الاجتماعية أو الثقافية، هذا هو هدف رئيس الجمهورية ولذلك نحن كمنظمة صحة عالمية على مستوياتها الثلاثة، المكتب القطرى فى مصر والمكتب الإقليمى الذى يوجد أيضًا فى القاهرة وكذلك مركزنا الرئيسى فى جنيف، نتعاون ونقدم الدعم المطلوب، خاصة ما يتعلق بإنجاز المبادرات وتقديم الدعمين الفنى والتقنى لوزارة الصحة وتحت رعاية الرئيس السيسى.
■ ما رأيك فى «التأمين الصحى الشامل» وما تم إنجازه إلى الآن؟
- هناك إشادة كبيرة من المدير العام للمنظمة، وكذلك المدير الإقليمى الدكتور أحمد المنظرى، بتفعيل منظومة التأمين الصحى الشامل. نحن نؤمن بأن الصحة حق للجميع، وأنه لا بد من مشاركة جميع قطاعات المجتمع لتحقيق هذا الغرض، فمنظمة الصحة العالمية تعمل على جمع كل الشركاء المعنيين، سواء على المستوى المحلى أو المستوى الدولى لتقديم الدعم المطلوب للمنظومة الصحية فى مصر.
كذلك لا ننسى الشق الوقائى، حيث تقدم منظمة الصحة العالمية نصائح وإرشادات للتوعية الصحية فى مصر من خلال برامج الوقاية، وكذلك برامج اللقاحات، والتوعية بالأمراض المتوطنة، التى خطت مصر فيها خطوة كبيرة نحو القضاء عليها، مثلما حدث مع فيروس «سى».
وبدأت جهود القضاء على فيروس «سى» فى الفترة بين عامى ٢٠١٣ و٢٠١٤ ولكن جرى استكمال تلك الجهود من خلال المبادرة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى التى جعلت مصر تخطو خطوة كبيرة نحو التخلص من الفيروس، من خلال المسح القومى الذى وصل لنحو ٦٠ مليون مصرى فى فترة لا تتجاوز السبعة أشهر.
مصر أصبحت دولة رائدة فى القضاء على فيروس «سى» واستطاعت تحقيق ذلك عبر التعاون الفعال مع منظمة الصحة العالمية التى قدمت خبراتها الفنية والتقنية والكواشف والفحوصات اللازمة.
■ ما أبرز المشكلات الصحية الأخرى التى تواجهها مصر؟
- نجحت مصر فى التغلب على أكبر مشكلاتها الصحية المتمثلة فى فيروس «سى»، حيث كانت تتصدر دول العالم فى نسبة الإصابة بالفيروس، تلتها الصين وباكستان والهند.
كذلك مرض البلهارسيا الذى يعتبر أحد الأمراض المتوطنة فى مصر، لكنها تسير على الطريق الصحيح للقضاء عليه نهائيًا، وهنا أود التأكيد على أهمية الوقاية باعتبارها أفضل وسيلة للعلاج.
كما تعمل الدولة بجد للقضاء على الأمراض غير السارية مثل أمراض القلب والسرطان والسكر، وهى منتشرة بمعدلات مرتفعة فى مصر، لكن مبادرة «١٠٠ مليون صحة» أنقذت الموقف، ووضعت مصر على الطريق الصحيح للعلاج. هناك عوامل مساعدة تسهل من عملية الإصابة الأمراض، سبق أن تحدث عنها الرئيس السيسى حينما تحدث عن الوزن الزائد، لأن مرض السمنة من الأمراض المنتشرة فى مصر، وتسعى الدولة للسيطرة على معدلات الوزن الزائد، خاصة داخل المدارس، لأن الطفل السليم هو أساس المجتمع السليم.
كما ترعى الدولة مبادرات صحية أخرى للقضاء على أمراض التقزم والأنيميا بالمدارس بالتعاون بين وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم، إلى جانب حل مشكلات ضعف السمع والنظر.
■ هل أنت راضٍ عن أداء مصر فيما يخص ملف الصحة؟
- الرضا لن تكون كلمة منصفة فى تلك الحالة، ولا تصف حجم الجهد المبذول، ولكن أستطيع أن أقول إن مصر أنجزت ما لم ينجزه الآخرون للوصول إلى تغطية صحية شاملة بأسرع وقت ممكن.
هذا يجعلنى سعيدًا، وهنا أذكر وصف المدير العام للمنظمة لما يحدث فى مصر فى مجال الصحة بأنه «إنجاز عملاق» تم فى عامين فقط، حيث بدأ الحديث عنه فى أكتوبر ٢٠١٨ وهذا إنجاز ضخم، ولا نغفل فى منظمة الصحة العالمية توثيق كل تلك الإنجازات ونشر نتائج الاجتماعات التى نعقدها مع المسئولين المصريين.
لقد أصبحت مصر صاحبة تجربة رائدة فى قطاع الصحة، من خلال مبادرات الصحة العامة، وليس فقط مبادرات القضاء على فيروس «سى»، التى تصدرت النشرات والفعاليات العالمية وكان آخرها فى سلطنة عمان، حيث عرضنا التجربة المصرية وأشدنا بنجاحها فى الحد والسيطرة على الأمراض غير السارية.
وأنا شخصيًا أشدت كثيرًا بتجربة مصر فى القضاء على فيروس «سى» وتعاون القيادة السياسية الكبير والذى لعب دورًا أساسيًا فى نجاح المبادرة.
■ كيف راقبت المنظمة تنفيذ تلك المبادرات الصحية الضخمة؟
- استعنا بفريق عمل مكون من ١٠٠ خبير، تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات، الأولى تأكدت من انتظام العمل وتوجهت إلى بعض المناطق مثل محافظات الصعيد، والثانية كانت تتابع الحالات المفحوصة، للتأكد من أن تشخيصهم تم بصورة دقيقة، وهل تم تحويل الحالات المصابة إلى المستشفيات للعلاج أم لا، والثالثة كانت تتابع الحالات التى تم التأكد من إصابتها، وعملت على متابعة تلقيها العلاج.
كنا نرصد بعض الملاحظات أثناء العمل ولكن الجيد فى الأمر أننا وجدنا استجابة سريعة من مسئولى وزارة الصحة فيما يتعلق بالملاحظات التى سجلناها.
هذا ما أؤكده كممثل لهذه المنظمة داخل فريق العمل، فالتجاوب ووجودنا جنبًا إلى جنب مع الوزارة جعلانا نحل أى مشكلة تظهر بشكل فورى، وجعلا الأمور تسير بشكل صحيح وسريع، وكانت الحكومة جادة فى عزمها تطبيق أعلى المعايير العالمية أثناء تنفيذ المبادرات الصحية.