رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيء من الخوف.. «جواز عتريس من فؤادة باطل»

شيء من الخوف
شيء من الخوف

طرقات متتابعة يملؤها العنف على باب حافظ أفندي والد فؤادة، انتظر الرجل حتى تفرغ زوجته من صلاتها لكن الطارق لم يعط صبرًا وكأن خلفه مصيبة كبرى فرغت الزوجة من صلاتها سريعًا وهرولت نحو الغرفة فإذا بحافظ أفندي بفتح الباب ليظهر أمامه عتريس جاء على حين غفلة وعلى غير موعد، ومتى كان لعتريس البلطجي أن يدزور بيتًا طاهرًا مثل بيت حافظ أفندي رغم أن حافظ أفندى كان صديقًا لوالد عتريس وجمعهما الود في مرحلة الصبا، ولكن بمجرد أن تزوج والد عتريس من ابنة عتريس الأكبر سفاح القرية ضاقت مساحة الحب وانقطعت حبال المودة بين الصديقين.

دخل عتريس بعد أن أشار لرجاله أن يظلوا بالخارج، لم ينبس حافظ أفندي بكلمة واحدة فالموقف صعب وعتريس لا يتحرك إلا والمصائب تقذف بروائحها النتنة من حوله، قال عتريس.. فؤادة، فلملم حافظ شتات نفسه ورتب حروفه التي لم تخل من هزة وقال مالها فؤادة، فرد عتريس بهدوء شديد أريد أن أتزوجها، وكتب الكتاب يوم الخميس المقبل، قال عبارته الصادمة وانصرف وتبعه زبانيته.

كانت صدمة كبرى على الرجل وعلى زوجته الطيبة الطاهرة، أما فؤادة صاحبة الشخصية القوية فاعتبرت أن ذلك لا يعدو إلا هراء لا يجب أن تلتفت إليه.

مر يومان وإذا بطلعت بيه يأتي بصحبة والده طالبًا يد فؤادة، ولما لا وكلاهما يذوب في الآخر لكن حافظ أصر على الرفض خشية أن يقتل عتريس فؤادة وطلعت بيه وجاء يوم الخميس، وإذا بحافظ يذهب إلى الشيخ عبد التواب مأذون قرية الدهاشنة ليخبره أنه بانتظاره ليلًا دون أن يعلمه بسبب المجىء ولكنه طلب منه أن يأت بالدفاتر وكذلك توجه إلى الأستاذ هنداوي ناظر المدرسة، الرجل الذي لا يتحدث عن الناس جميعًا بقدر ما يتحدث عن نفسه ودقته وشرفه، والحقيقة أنه رجل بلا دقة وبلا شرف وطلب منه أيضًا الحضور مساء دون إبداء أسباب كما توجه إلى الشيخ بسيوني لنفس السبب، واجتمع ثلاثتهم كل منهم ينظر إلى الآخر فهناك مأذون وليس هناك ما يدل على زواج أو حتى طلاق وحافظ لا يجيب عن أسئلتهم الملحة وكسر كل هذا الترقب طرقات عتريس الذي دخل وحياهم فملأ الجميع زعرًا ورعبًا، وقال عتريس: «يللا يا شيخ عبد التواب نكتب الكتاب»، فرد الرجل بخوف «كتاب مين على مين»، فرد عتريس بقوة كتابي على فؤادة، فقال الرجل مبروك ولكن ولاية العروس ودخل عبد التواب وهنداوي وبسيوني إلى فؤادة لكنها أصرت على الرفض، فتناقش الثلاثة ووصلوا إلى حل شيطاني خشية أن يقتلهم عتريس، بأن العروس وافقت وتم عقد القران وهرول الثلاثة إلى بيوتهم حامدين الله بأن الأمور وصلت إلى هذا الحد ومازالت بحياتهم أنفاس، وأيضًا ذهبت فؤادة إلى بيت عتريس مكرهة ولكنها أبت أن تسلمه نفسها وقالت «الجوازة باطلة ولم أوافق»، هددها بالقتل فلم تبال ولأنها حلمه القديم لم يجرؤ على قتلها وذهب إلى المحامي فأخبره بأن الزواج باطل فنهره واستولى على أمواله وصرخ الشيخ إبراهيم في الناس «جواز عتريس من فؤادة باطل»، قالها بين الحقول وفي المساجد وفي الشوارع وبين الأزقة، فأمر عتريس رجاله بأن يقتلوا محمود ابن الشيخ إبراهيم، لكن ذلك لم يثن الشيخ عن دفاعه وهتافه وجمع أهل القـرية ليكتبوا نهاية عتريس لتنتصر إرادة المقهورين على الظالم.

تمت

عن رواية للكاتب..ثروت أباظه