رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شهادات «الغفران» عن انتهاكات الحمدين: «بأي ذنب نُحرم من أوطاننا»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

وجدوا أنفسهم دون مأوى.. بلا جنسية.. خلف أسوار السجون.. سيطّر الألم على نفوسهم، فباتوا يبحثون عن حقوقهم في وجه طغيان لا يعرف من العدل سوى حروفه، هذا هو الذي حدث لأكثر من 6 آلاف من أفراد قبيلة الغفران خلال عقدين من الاضطهاد والقمع.

"الكحلة.. ذهب ليحضر زفاف قريبه فلم يعد لوطنه"
قال جابر الكحلة، أحد أفراد قبيلة الغفران الذي خدم في الحرس الأميري في ليلة الانقلاب الفاشل عام 1996، إن حياته المهنية خرجت عن مسارها بسبب محاولة الانتفاضة، مضيفًا أنه توقف عن العمل لمدة ثمانية أو تسعة أشهر وتلقى راتبه في المنزل، بعد ذلك بدأوا في التحقيق معه وسألوه عن مكانه، فأخبرهم أنه كان في مقر وحدته وزملائه شاهدين على ذلك، فاحتجزوه لعدة أيام ثم أطلقوا سراحه، فجلس في المنزل لمدة 8 أشهر، وبعد إيقافه عن العمل تقدم بطلب للحصول على إجازة رسمية لمدة 6 أيام لأنه أراد حضور زواج أحد أقاربه في المملكة العربية السعودية، فسافر إلى السعودية مع زوجته وطفله، وعندما أراد العودة إلى قطر في نهاية إجازته قيل له إن الجنسية سُحبت منه ولم يُسمح له بالعودة، فامتدت عطلته 23 عامًا، فهو لديه 12 طفلا، جميعهم محرومون من بلدهم.

قال "الكحلة": "كنت مجرد رجل عسكري يقوم بعمله، ويدافع عن الحاكم، إذا عاد بي الزمن، فسأفعل نفس الشيء.. لا علاقة لي بالخلافات العائلية الملكية، لا يمكنك إلقاء اللوم على جميع أفراد عائلة آل ثاني عن خطأ ارتكبه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني فهم كانوا يعاملون دائما شعبهم بأفضل الطرق"، مشيرًا إلى أن صراعهم مع حاكم ظالم انتهك حقوق قبيلة الغفران، التي كان عدد أفرادها 6 آلاف عضو، والآن هذا الرقم أكبر بكثير، متحدثًا بألمٍ شديد: "إذا كنت عضوا في قبيلة الغفران، فلا يمكنك الحصول على بطاقة للهاتف المحمول لأنه ليس لديك جنسية، لا يمكنك حتى الاعتراض على هذا.. ليس لديك حق اللجوء إلى القانون لحماية حقوقك".

"راشد العمرة.. البعض مُنح الجنسية عن طريق التجنس"
وقال راشد العمرة، أحد أفراد قبيلة الغفران وضابط شرطة قطري سابق، إنه تم تجريد 6 آلاف شخص من جنسياتهم قبل عام 2003، مضيفًا: "عاد العديد من أفراد قبيلة الغفران إلى قطر، ولم يمنح بعضهم الجنسية القطرية إلا بعد تغيير مكان ميلادهم، إذا كنت قد ولدت في قطر، فقد تم تغيير مكان ميلادك إلى المملكة العربية السعودية وتم منحك الجنسية عن طريق التجنس من أجل إثبات للعالم أنهم متجنسون وليسوا قطريين حقيقيين".

يضف "العمرة"، أن بعض أبناء القبيلة عادوا إلى قطر بعد الحصول على الجنسية السعودية، سمحت لهم السلطات القطرية بالعودة بجنسية سعودية لإثبات الادعاء بأن جنسيتهم تم سحبها لأنهم يحملون الجنسية السعودية وليس بسبب اتهامات بأن القبيلة مسؤولة عن الانقلاب المزعوم ضد الشيخ حمد، مشيرًا إلى أن أعضاء قبيلة الغفران الذين لم يشاركوا في الانقلاب تم تجريدهم من الجنسية، وكان من بينهم أطفال ونساء وشيوخ برئوا، في حين أن الذين شاركوا في الانقلاب يعيشون الآن في قطر ويحملون الجنسية القطرية، قائلا: "عذر السلطات هو أن أفراد قبيلة الغفران هؤلاء يحملون الجنسية القطرية، وهذا غير صحيح".

ويروي "العمرة" قصة مؤثرة، فحين أصدر الديوان الأميري القطري خطابا إلى جميع الدوائر الحكومية في قطر يمنعهم من التعامل مع أفراد قبيلة الغفران، تم منعهم من الحصول على اشتراك الماء والكهرباء، كما منعوا الجمعيات الخيرية من تقديم المساعدات لهم، ومُنعت وزارة الصحة من استقبال أي مريض من قبيلة الغفران، كما أن شقيق أحد المشتبه بهم في الانقلاب المزعوم مرض وأصيب بنوبة، وعندما ذهب إلى المستشفى، رفضوا استقباله لأنه ليس لديه بطاقة هوية أو جنسية، فمكث طوال اليوم على ظهر شاحنة صغيرة حتى وفاته، بعد قضاء أيام خارج المشرحة، لم تتمكن عائلته من دفنه إلا عندما تدخل شخص من آل ثاني لإطلاق سراح الجثة.

"الحمران.. محروم من رؤية والدته بأمر تنظيم الحمدين"
صالح جابر الحمران، أحد أفراد قبيلة الغفران وحارس تم ترحيله من قطر في أعقاب الانقلاب الفاشل الذي حدث عام 1996، قال "لقد احتجزت في مقر قيادة الحرس الأميري بسبب غيابي عن العمل لمدة شهر كامل".

يضيف "الحمران": "قبل يوم من الانقلاب، تركت العمل لزيارة والدتي.. أخبرني أحد الأصدقاء بعد الانقلاب أنه تم إصدار مذكرة توقيف ضدي، اتصلت بصديق في المطار وأكد أن اسمي مدرج بالفعل، لذا قررت السفر إلى الكويت حتى تهدأ الأمور.. منذ ذلك الحين منعت من العودة إلى بلدي".

ويشير "الحمران" إلى أن والدته مرضت في قطر، وجاء لزيارتها مع أطفاله عبر مطار حمد الدولي، وعندما وصل إلى المطار اعتقل ومُنع من الدخول، ورغم إخباره لهم بأنه مصاب بمرض في القلب ويريد أن يزور والدته إلا أنهم لم يسمحوا له بزيارة والدته، وسمحوا لأطفاله فقط بالدخول، وتم ترحيله هو إلى الكويت، مضيفًا: "تم استجوابي من قبل سلطات المطار لمدة سبع ساعات.. عندما خرجت، تدهورت حالتي الصحية، وطلبت السفر إلى المملكة العربية السعودية، حيث تم نقلي على الفور إلى مستشفى الأمير سلطان بن عبدالعزيز في الحساء لإجراء عملية قلب مفتوح".

يقول "الحمران" إنه يشعر بألم شديد لعدم قدرته على رؤية والدته إلا عبر الفيديو، مضيفًا: "عندما توفي أحد إخواتي، مُنع الآخرون من دفن جسده بسبب عدم وجود جنسية أو أي وثيقة تثبت هويته.. بقيت جثته في المستشفى لمدة يوم وبعد ذلك تدخل شخص قطري للحصول على تصريح دفن".