رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إيحاءات جنسية ولغة مفقودة.. هل سيطرت «ثقافة التكاتك» على معرض الكتاب؟

معرض الكتاب
معرض الكتاب


في الأيام الأولى لافتتاح الدورة الـ51 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، انتشرت العديد من النماذج المختلفة للكتب والروايات الأدبية الحديثة على صفحات التواصل الاجتماعي، وثار جدل كبير حولها وتم اتهامها بالإسفاف الصريح بجانب الأخطاء اللغوية في الكتابة، ناهيك عن ضعف المادة المقدمة للجمهور، وسذاجة المحتوى، ما دعا البعض للقول إن "ثقافة التكاتك" وصلت معرض الكتاب.

رصدت "الدستور" انتشار مجموعة من الصفحات التي تعبر عن نماذج من الكتب رديئة المستوى، التي تم نشرها داخل معرض الكتاب هذا العام، بعد الاعتراض الشديد الذي تناقلته صفحات التواصل الاجتماعي عن المحتوى المقدم من قبل الناشرين ودور النشر في مصر.

كانت أبرز التعليقات السلبية على كتاب "اليوتيوبر" علي غزلان، بعنوان "مدمن نجاح"، والذي اعتبر رواد مواقع التواصل أنه يحتوي على مصطلحات "تستهر" بعقلية القارئ، بجانب ثمنه الباهظ مقارنة بكتب أخرى تقدم محتوى جيد، بل أن الكتاب احتوى أيضًا على إيحاءات جنسية واضحة، كنوع من أنواع الدعاية لتحقيق الإقبال الكبير من قبل الشباب الصغير.

لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تثير الجدل بسبب تواجد كتب بهذا المستوى داخل معرض الكتاب، فقد شهد ديوان "خمسة خصوصي" من قبل تعليقات سلبية عدة، بعد انتشار صفحات منه على "السوشيال ميديا"، وتبين من خلالها أن المحتوى به العديد من الأخطاء اللغوية البحتة، بجانب افتقاده للجانب الفني.

تواصلت "الدستور" مع الدكتور شوكت المصري، أستاذ النقد الأدبي، والمدير التنفيذي لأنشطة معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي بدأ حديثه معلقًا على هذه القضية بأنها "ثقافة التكاتك"، موضحًا أن تلك النماذج المنتشرة خلال الآونة الأخيرة ما هي إلا ظاهرة مؤقتة تختفي مع مرور الوقت، مثلها مثل الأفلام والأغاني التي تحتوي على مصطلحات منحطة وإيحاءات جنسية مختلفة.

تابع المصري: "هناك ضعف شديد في المستوى الروائي والأدبي داخل الأعمال المقدمة مؤخرًا في المعرض من قبل الشباب صغير السن، فالإقبال الجماهيري على تلك الكتب ليس مقياس النجاح نهائيًا، فهي مجرد ظاهرة لحظية تختفي مع مرور الزمن، لأن الزمن هو المتحكم الوحيد في ترك ما له قيمة ومحو ما ليس له قيمة".

وعن مسئولية انتشار تلك النماذج، يقول المصري، إن دور النشر هي المسؤول الوحيد عن تواجد تلك الكتب وما بداخلها من محتوى مقدم للجمهور المتلقي، فالإسفاف أو الانحطاط في المستوى الأدبي ظاهرة منتشرة في جميع الأشكال الفنية منذ زمن بعيد، مختتمًا حديثه بأن الأدب ما هو إلا إنتاج مجتمع وواقع يكون متشابه مع الزمن الذي نعاصره.
واختلف رأي الروائي والصحفي المصري، أحمد مجدي همام، أحد الناشرين في الدورة الـ51 من معرض الكتاب هذا العام، عن النماذج المقدمة التي أثارت جدلًا واسعًا في الساعات الماضية على صفحات التواصل الإجتماعي: "الأدب لا يقيم أخلاقيًا، بل الكارثة الحقيقة هي طباعة تلك الكتب الروايات دون مراجعة أخطائها اللغوية بدقة كاملة".

"الناشر هو المسئول عن ما يتم تقديمه للمتلقي، فهناك ناشرين يبحثون عن كسب المال بأسرع وقت من خلال تقديم نماذج لا تحتوي على أي جانب فني، بل تقع المسئولية أيضًا على دار النشر التي لم تراجع المحتوى بشكل جيد من الأخطاء اللغوية، فيجب أن يكون هناك مصحح لغوي دائمًا لمراجعة الكتب والأعمال الأدبية قبل نشرها"، يقولها همام.
وجه الكاتب الروائي، يسري أبو القاسم، نقده الشديد حول انتشار روايات ودواوين محواها غير جيد بالمرة في الدورة الحالية من معرض القاهرة الدولي للكتاب، بجانب انتشار الأخطاء اللغوية داخل الكتب، ما أوضح فقدان مستوى المدقق اللغوي في الأعمال الأدبية خلال الأونة الأخيرة، مناشدًا الجهات الرقابية المسؤولة عن مراقبة الأعمال الأدبية من متابعة كل ما ينشر من قبل دور النشر في مصر.

استكمل أبو القاسم، حديثه مع "الدستور"، معبرًا عن حزنه بالحال الذي وصلت إليه الثقافة المصري، حين أصبح هناك إقبال على الروايات رديئة المستوى لمجرد شهرة صاحبها، على الجانب الأخر لاقت الروايات القوية إقبال ضعيف من الشباب داخل معرض الكتاب، مشيرًا إلى أن الناشر هو المسئول الوحيد عن ما يقرأه المتلقي.

من ناحيته، أكد الدكتور هيثم الحاج علي، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، في تصريحات سابقة لـ"الدستور"، أن الجهة الوحيدة التي لها حق الرقابة على نشر الأعمال الأدبية والكتب هي شرطة المصنفات، وليست وزارة الثقافة المصرية أو دور النشر، مشيرًا إلى أن، الوزارة تشارك في إبداء الرأي الثقافي والفني فقط.

"القانون لم يوفر الرقابة القبلية على الكتب، بل وفر الرقابة البعدية فقط، بمعنى بعد طباعتها وإصدارها في سوق النشر"، يوضح الحاج، أن شرطة المصنفات متواجدة بشكل دائم داخل معرض القاهرة الدولي للكتاب، ولهم مكان ثابت بداخله، لاستقبال الشكاوي المتعلقة بالتطرف والتزوير، والتي لا تتماشى مع المعرض.