رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ردفان المحمدي: مصر قِبلة الفنانين وبيئتها غنية بالتراث والثقافات (حوار)

ردفان المحمدي
ردفان المحمدي


أكد ردفان المحمدي، الفنان التشكيلي اليمني، أن الحركة التشكيلية بمصر القديمة لها تأثير كبير على المجتمعات والدول، وليس فقط الأفراد، مشيرا إلى تأثره بالبيئة المصرية في أعماله.

وأوضح المحمدي، في حوار لـ"الدستور"، أن البيئة المصرية غنية كثيرا بالفن، وأن ضمن أهم أعماله لوحة "نهر النيل" التي رسم فيها الطبيعة المصرية يتخللها نهر النيل الخالد، وإليك نص الحوار:

- حدثنا عن طفولتك، مسقط رأسك، بيئتك، ورحلة الخارج من اليمن، وإلى أي مدى ساهمت في بروز موهبتك الفنية؟

- طفولتي لم تكن فنية، درست الرسم صدفة في المعهد المهني بقسم الفنون الجميلة، كنت وقتها أفكر الالتحاق بقسم آخر إلا أن قسم الفنون الوحيد وقتها هو الذي لم يكتف من التسجيل، وعليه دخلت كتجربة ولكي أثبت اسمي في المعهد، من ثم انتقلت للقسم الذي أفكر به، ولكن أثناء تعلمي للرسم أحببت الأمر كثيرا، فقررت إكمال دراستي في الفن.

بعدها تتلمذت على يد الفنان الراحل هاشم علي في بيت الفن تعز للفنون التشكيلية نهاية 2006 وكنت عضوا فيه، وفي العام 2009 تقلدت منصب مدير بيت الفن تعز حتى عام 2012، بعد ذلك أسست المنتدى العربي للفنون بالعاصمة صنعاء في 2013 وكانت تعد نقلة أخرى لي، وفي مرحلة بيت الفن تعز وطلوعي إلى صنعاء شاركت بالعديد من المعارض المحلية والدولية وحصدت العديد من الجوائز المحلية، وفي 2016 فزت بجائزة أفضل فنان تشكيلي عربي ضمن المدرسة التشخيصية.

أقيمت المسابقة في لندن وكان لابد من الحضور لاستلام الجائزة إلا أن الحرب في اليمن وإغلاق مطار صنعاء في نفس اللحظة حالت دون الوصول إلى مصر للتقديم للتأشيرة إلى بريطانيا، مما نتج عن ذلك تأخير سفري كثيرا وعليه عزمت السفر دون رجعة والاستقرار بمصر، فسافرت إلى مدينة أخرى ثم إلى السودان ومن ثم إلى مصر.

أثناء رحلتي الطويلة أرسلت إحدى زميلاتي والتي كانت حينها في لندن تتسلم الجائزة بدلا مني، ويأتي عزمي للمكوث في مصر لسببين الأول، أن مصر نشطة ثقافيا وفكريا ولديها فعاليات دائمة واستقرار أيضا والسبب الآخر أستطيع السفر إلى أي دولة أخرى من خلالها نظرا لتواجد السفارات هنا، ولم تتواجد في اليمن بسبب الحرب، وبالفعل كان خيارا صائبا إذ شاركت بالعديد من الفعاليات هنا في مصر وحصدت العديد من الجوائز، كما شاركت بمعارض دولية وسافرت إليهم.

- هل لك طقوس خاصة في الرسم؟

لكل فنان طقوس معينة في الرسم، وطقوسي أنني لا أرسم بشكل منتظم، أنتظر هاجس وشغف الرسم أن يأتي فأرسم، وقد يأتي صباحا أو مساء أو ليلا، ومع ذلك أحاول أن أكون منتظما في الرسم، إما في الصباح الباكر أو في الليل، ولكن أفضل الصباح لأنني أستطيع إنجاز الكثير، بالتأكيد أثناء ممارسة الرسم أحب الهدوء ولا أحب الحديث إطلاقا مع أحد حتى لا أتشتت، أحب سماع الأغاني الهادئة والطربية، أو الموسيقى وخصوصا العود، وأحيانا أسمع الأغاني اليمنية.

- كيف ترى الفن اليوم؟ ما دوره؟

- الفن مهم بجميع المجالات، وللفن التشكيلي مساحة كبيرة في إثراء الحركة الثقافية، ولأن الخطاب البصري أسرع وسيلة لإيصال الرسائل فاللوحة هي أسرع وسيلة لذلك، والسبب أنها لا تحتاج لترجمة ما تعكسه اللوحة.

كما أن الفن يهذب من أخلاقيات المجتمعات وينشئ قيما كثيرة من التسامح وقبول الآخر المختلف،
كما يشبع العاطفة لدى الإنسان مما يطرد الفكر التعصبي الذي قد يتوارد لمن يبتعدون عن الفن.

- كيف ترى الواقع فى الساحة التشكيلية المصرية ومن الفنان المصري الذي له تأثير عليك؟

- الحركة التشكيلية بمصر «قديمة» وأثرها كبير على المجتمعات والدول وليس على الأفراد فقط، وأنا متابع للكثير من الفنانين فلا أستيطع القول أنني تأثرت بفنان معين ولكن قربي لكثير منهم يجعلنا هناك تأثير متبادل بيننا وهذا شي إيجابي، نلتقي من خلال ورش العمل والمعارض الجماعية الدولية، ونشاهد الأعمال في الزيارات لأهم المتاحف المصرية التي تحتوي على العديد من اللوحات لكبار الفنانين المصريين والأوروبيين، ومستشرقين أتوا إلى مصر ورسموها.
- ماهي اللوحة التي تعتبرها "الخطوة الفاصلة" بين الفن كموهبة والإبداع كمسار والانتشار كهدف؟

- لوحتي اليمن السعيد التي فزت بها في لندن كانت هي الفاصلة ومحور مهم في حياتي، فقد حققت لي أهدافا كثيرة وقيمة فنية وانتشارا عالميا واسعا وقيمة مادية، كما أنه تم اقتنائها من قبل متحف الفن الوطني الصيني، والذي يعد من أكبر المتاحف الصينية ومن أهم عشرة متاحف عالمية.

- ما الذي تحتاجه من وزارة الثقافة المصرية؟

- أعتقد وزارة الثقافة تقوم بواجبها تجاه الحركة الثقافية بمصر بشكل جيد، وتجاه الفنان المصري والعربي، وإن كان هناك تقصير لكن بالتأكيد ستعمل لتحسين المشهد الثقافي وهذا ما أراه في مصر أن الأمور تتطور أكثر وأكثر.

ولكن ما احتجته أنا شخصيا وبعض الفنانين والأدباء اليمنيين المحبين لمصر والمقيمين فيها، والذين لهم مكانة واسعة في المشهد الثقافي والفني، وقد يكون طلبي هذا ليس من وزارة الثقافة ولكن من الجهات المعنية (مصلحة الهجرة والجوازات)، وهو إعطائنا إقامة مفتوحة أو إقامة ثلاثية على الأقل حتى يتنسى لنا المشاركات في دول أخرى والرجوع إلى مصر دون عناء، فلا أخفيكم حدث أنني اعتذرت وتعثرت في الكثير من المشاركات بسبب أن بعض الفعاليات تأتي أثناء فترة تجديدي للإقامة والتي أحصل عليها كل ستة أشهر، غير الوقت الطويل الذي أنتظر فيه حصولي على الإقامة، منها اعتذاري لمشاركة في الصين ومشاركة أخرى في إسبانيا
- سبق وتم تكريمك من معالي الوزير أشرف صبحى، ما الذي تحتاجه كفنان يمني وشاب من وزارة الشباب المصرية؟

في الحقيقة معالي الدكتور أشرف صبحي شخصية مميزة يعمل بدون توقف من أجل الشباب بالقطاع الثقافي والرياضي، وهذه نقطة تحسب له ونشكره على ذلك، فقد شاركت بالعديد من الفعاليات الشبابية، وكُرمت منه أكثر من مرة،، كما أنني فزت بجائزة ضمن فعالية القاهرة عاصمة الشباب العربي، فلا يوجد لديّ طلب معين سوى استمرارية هذه الفعاليات القيمة من قبل الوزارتين الشباب والرياضة والثقافة.

- ماهي المعارض التي شاركت فيها، وهل من مشروعات مستقبلية قريبة؟

- شاركت بالعديد من المعارض في القاهرة، تصل لأكثر من 20 معرضا وأكثر من 15 معرضا دوليا آخر في كل من الصين وبريطانيا وإيطاليا والجزائر والأردن وقطر والكويت وليتوانيا، كما حصدت في القاهرة على أربع جوائز في المركز الأول في ملتقى المبدعين الدولي التاسع للعام 2018، والمركز الثاني في بينالي ضمن "الشباب العربي" بمناسبة القاهرة عاصمة للشباب العربي للعام 2018، كذلك جائزة أفضل عمل تشكيلي عربي ضمن أفضل عشرة أعمال في معرض "رؤى عربية 2030" للعام 2019.

والمركز الخامس في ملتقى الشمري الدولي الأول بالقاهرة 2019، أما مستقبلا فأنا أجهز لعمل معرض شخصي ولدي لوحة كبيرة لقلعة القاهرة بمدينة تعز اليمنية بمقاس 7 أمتار عرض وخمسة أمتار ارتفاع، ولهذا أبحث حاليا عن قاعة كبيرة بارتفاع مناسب يتناسب مع مساحة ارتفاع اللوحة، وتحتوي على بقية الأعمال التي أقوم بإنجازها حاليا.

- "لوحه نهر النيل" أصبحت منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى هل ساعدتك البيئة المصرية للخروج بأفكار جديدة؟

بالتأكيد، هذا أول عمل لي عن مصر ولن يكون الأخير، البيئة المصرية غنية بالتراث والثقافات والأمكنة المتعددة مما يجعلها قبلة الفنانين ومعشوقة المحبين، وهذا العمل إهداء مني لمصر التي تستحق الكثير والكثير منا كفنانين ويمنيين اعترافا للجميل، واعتذار أيضا عن أي تصرفات غير جيدة بحق مصر.