رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد أباظة: لم أتوقع فوز «تصميمي» بمعرض الكتاب.. وقدت أطفال «الشرفا» الحفاة للعالمية (حوار)

محمد أباظة
محمد أباظة

محمد أباظة، أحد أشهر رسامي مصر، تدرج في وظائف وزارة الثقافة حتى خرج على المعاش في عام 2004، واليوم وبعد مرور أكثر من 50 عام من العمل بين أروقة المؤسسات الحكومية، يفوز "البوستر" الخاص به في مسابقة معرض القاهرة الدولي للكتاب، ليكون وجهتها في نسختها الـ51، لعام 2020، ويقول أن هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها بمسابقة رسمية رغم سنوات عمره الطويل في العمل الفني وإنتاجه الفني الغزير.

"الدستور" التقت أباظة للوقوف على تفاصيل المشاركة الأولى له في عمر الـ76، وعن علاقته بالرسم وأطفال "كفر الشرفا".


◄ بداية.. كيف عرفت بمسابقة تصميم بوستر معرض القاهرة الدولي للكتاب؟
اعتدت على قراءة أخبار الأدب بشكل مستمر، وفي يوم الإعلان عن المسابقة اطلعت على الجريدة ووجدت بها الشروط اللازمة للمشاركة في المسابقة، والحقيقة أنني لم يكن لدي رغبة للمشاركة في أي من المسابقات التي مرت علي طوال عمري، ولكن جذبني شيء في هذا الحدث الجلل وقلت لنفسي، ولما لا!.

◄ من أين جاءت فكرة التصميم الخاصة بالبوستر؟
بالفعل كان لدي رسمة حديثة لمجموعة من النخل، تراءت أمامي عندما شاهدت إعلان المسابقة على صفحات أخبار الأدب، وخيل إلى أن هذا النخل مناسب جدًا للمشاركة في المسابقة، خاصة إذا قمنا بإحداث تعديل بسيط على النخل، عن طريق استبدال الأوراق المعروفة، بالكتب، فيبدو معرض الكتاب، كنخلة شامخة تؤدي ثمارها من الثقافة والإبداع.

-أول مرة أشترك في مسابقة بعد 50 عام من العمل في مجال الفن.


◄ هل كنت تتوقع فوز التصميم الخاص بك في المسابقة؟
بالعكس، لم يكن لدي فكرة عن إمكانية فوزي في المسابقة، كان الأمر مفاجئا لدرجة كبيرة، خاصة أنني حين كنت أعمل على تصميم البوستر، أعجبت به للوهلة الأولى، بل واندهشت عندما خرج من المطبعة ورأيته في صورته النهائية الجذابة، لكن بعد مرور أسبوع تشبعت من صورته، واعتقد أنه لم يعد يصلح، حتى جاءت مكالمة هاتفية أبلغت فيها بالفوز، الأمر الذي أسعدني كثيرًا، جعلتني أشعر بنوع من أنواع الانتشاء والثقة بالنفس.

◄ كيف استقلبت ردود الفعل على فوز البوستر الخاص بك، خاصة من هاجموك؟
ردود الفعل كانت غريبة ومفاجأة بالنسبة لي، هجوم لا أجد له مبرر، ولكن لم ألق لهذا الهجوم بالًا، أتوقع أنهم بعض ممن شاركوا بالمسابقة ولم يحالفهم الحظ.

◄ ماهي ذكرياتك الخاصة بمعرض الكتاب الذي عقد خلال السنوات الماضية؟
كنت أشارك في معرض الكتاب بشكل شبه دوري، في جناح خاص بكتب الأطفال، استمريت على هذا الحال لمدة طويلة من الزمن، ولكنه بعد خروجي على المعاش، وعدم قدرتي على الحركة بشكل جيد، لم أتمكن من زيارته خلال السنوات الأخيرة، وإن كنت بالطبع أتابع أخباره باستمرار، عبر الشاشات وفي الجرائد.

- بوستر معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020 حقق انتشارا غير مسبوق لأعمالي.


◄ وماذا عن معرض الكتاب هذا العام؟
معرض الكتاب لعام 2020، يحمل تصميمي على البوستر الخاص به، سوف أذهب بالطبع، حتى أشاهد نجاحي معلقا على الأغلفة وفي الممرات، أشاهده وأستمتع به، ولكى أرى معرض الكتاب في صورته الجديدة بعد أن استقر في مقره الأخير.


◄ نريد أن نخرج بنظرة أكثر شمولية عن الأغلفة واختيار الألوان، كيف تكون الرحلة؟
الغلاف هو البوابة التي ينتقل منها القارئ إلى العالم الذي يرسمه الكاتب بين طيات الورق، ومن الضروري أن يعبر هذا الغلاف عما هو مكتوب بداخله، ولن أكون مغاليًا وأقول أنني أقرأ الكتاب جملة حتى أخرج بالغلاف الذي يليق، ولكن أحرص على مطالعة الكاتب نفسه والتعرف على شخصيته، حتى يخرج الغلاف ميزجًا بين ماهو مكتوب على الورق، وما هو مدون في روح الكاتب.

◄أي أغلفة الكتب التي صممتها أقرب إلى قلبك؟
المسحراتي، لكاتبه فؤاد حداد، هو من الأغلفه التي أسعد بها جدًا بالإضافة إلى أغلفة عدد من الأعداد الخاصة بمجلة الفنون الشعبية.

◄مًن منٍ مصممين أغلفة كتب قريب إلى قلبك؟
اللباد الأب، بحب أحمد جدًا، اختياره للألوان وأفكاره، يمكن عتابي الوحيد عليه هو هجومه المستمر على الغرب، رغم زياراته الكثيرة إلى هناك، فيما عدا ذلك هو الأفضل بلا منازع، وحتى اللباد الابن، يأخذ من روحه الكثير، بالإضافة إلى الفنان حلمي التوني.


◄ماهي علاقتك بالتكنولوجيا الحديثة، وما رأيك في إقحامها على الفن؟
"دلوقت كل واحد بيعرف فوتوشوب هو فنان"، هكذا يرى الفنان محمد أباظة حالة السطو التي قامت بها التكنولوجيا على مجال الفن، مشيرًا إلى أن الغالبية العظمى من المصممين أصبحوا مؤدين أكثر منهم فنانين، وكثيرًا من تصاميهم مسروقة، ومن ثم أصبح الرسم اليدوي الآن هو الأكثر حرافية والأكثر فنًا نظرًا لندرته.

وتبدو سيطرة التكنولوجيا على عقول الشباب واضحة بشكل كبير، في الهجوم الذي شنوه على البوستر الخاص بي "راسم النخل بأيده"، كان هذا هو النقد الموجه لي، وكأن الرسم باليد أصبح سبة، وهو الفن الحقيقي

◄ماذا تمثل فترة العمل الوظيفي بالنسبة لمحمد أباظة؟
لم أكن يومًا موظفًا، بمعنى أنني لم أتنسم يومًا بسمة الموظف العادي، حتى أن صديقتي فاطمة المعدول قالت لي ذات مرة "أنت الموظف الوحيد الذي لم تطبع عليه سمات الموظف".
كنت أجلس في عملي أكثر من الوقت المقرر، 34 عام من العمل بين دروب المصالح الحكومية، أعمل كفنان، أحب ما أقوم به فلم يكن يومًا روتنينًا.

◄انتقلت بين الفنون الشعبية وعالم الأطفال، فأي الألوان الفنية أقرب إلى قلبك؟
"أنا اشتغلت 10 سنين مع الأطفال، ولقيت إن الطفل هو الوحيد الفنان في العالم، جميع الأطفال تكمن داخلهم حالة فنية تبقى معه قبل أن يحوله المخربون إلى حرفي أكثر منه فنان، الرسام العالمي بيكاسو كات بيقول أتمنى أن أرسم بخيال طفل في السادسة".

-التقيت أطفال كفر الشرفا حفاة ووصلت بأعمالهم إلى العالمية.

◄ ماهي الأماكن التي تعاملت فيها مع الأطفال بشكل مباشر؟
عملت مع الأطفال في مكتبة الإسكندرية، ومديرًا لقصر ثقافة كفر الشرفا، هذا المكان الذي ساقني القدر إليه بالصدفة فأخذت على عاتقي مهمة تغير مفاهيم الأطفال وذويهم تجاه الفن.

ذهبت إلى كفر الشرفا، مديرًا لقصر الثقافة هناك، كانت هذه هي تجربتي الأولى مع الأطفال، بعقولهم اللامعة ومواهبتهم المنفردة، فأطفال كفر الشرفا كانوا بواتي إلى عشق عالم الأطفال والتعامل معه.

الأطفال حفاة، غير مرتبين، قاوموني في السنة الأولى بكل ما أتو من قوة، كنت أجلب إليهم فرق للفنون الشعبية، من أجل إسعادهم، ثم أتفاجئ بأنهم يقذفونهم بـ"قراطيس" مملؤة بالتراب، كدت أفقد الأمل، حتى شرحت لصديق هذه المعناة فأخربني أنهم أكثر من يصلح لمهمة إبداعية فريدة.

البداية كانت ببعض من الورق والمقصات في محاولة لخروج أشكال فنية مختلفة، فاجأوني، وجدت بداخل كل واحد منهم فنان كبير، كانوا خير دليل على أن الأطفال أكثر المبدعين في العالم، كانوا ينتظروني أمام قصر الثقافة في السادسة من صباح كل يوم، يتكدسون على سيارتي كل ممسكًا بلوحته وألوانه، يريدون أن أرى إنجازهم الفريد.

العمل يبدأ في التاسعة والنص من صباح اليوم، كنت أختار بعض منهم لمساعدتي في تجهيز المرسم، كانوا من فرط سعادتهم يلحون لأصدقائهم من خلف الشبابيك معلنين انتصارهم بمساعدة الأستاذ.

محمد أباظة، كان منصفًا لهم بدوره، عرض أعمالهم في العديد من المهرجانات الخاصة بالطفل، الأوبرا والفنادق الكبرى، وأخذهم إلى أفاق أبعد، ووصلت بهم للعالمية حيث الولايات المتحدة الأمريكية، والتي استضافت معرضا لأعمال أطفال كفر الشرفا في مدينة كاليفورنيا.