رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر تحتفل.. وتنطلق


جرعة التفاؤل التى حملتها كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال احتفالات وزارة الداخلية بعيد الشرطة رقم ٦٨، تزامنت مع تأكيد وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى على أن الاقتصاد المصرى ينمو بوتيرة قوية، بفضل مبادرات البنك المركزى المصرى التمويلية، والإصلاحات الاقتصادية التى تتبناها الحكومة المصرية.
الرئيس أشار، فى كلمته، إلى أن العالم أجمع رأى كيف تحولت مصر فى أعوام قليلة إلى واحة من الأمن والاستقرار. وأكد أن ما تحقق على أرض مصر من إنجازات اقتصادية ونهضة عمرانية سيكون مرتكزًا للانطلاق نحو بناء الدولة المصرية الحديثة، التى يسودها العدل وتعلو فيها قيمة الإنسان المصرى. ولم تفت الرئيس الإشارة إلى أن اليوم يتواكب «مع ذكرى ثورة ٢٥ يناير، بمطالبها النبيلة لتحقيق سبل العيش الكريم للمواطن المصرى».
فى اليوم نفسه، أمس الخميس، توقعت وكالة «موديز»، فى تقرير، تسارع نمو الائتمان بالقطاع الخاص إلى نسبة تتراوح بين ١٢ و١٥٪ خلال العام الجارى «٢٠٢٠» مدفوعًا بالزخم الاقتصادى الذى تشهده البلاد، وسط انخفاض معدل التضخم مقترنًا بتراجع أسعار الفائدة. وأوضحت الوكالة أن سلسلة المبادرات التمويلية التى طرحتها الحكومة المصرية والبنك المركزى ستسهم فى تحفيز النمو الائتمانى وتحفيز القطاع الخاص للاضطلاع بدور أكبر فى دفع عجلة النمو الاقتصادى الشامل الذى تشهده البلاد. ورأت «موديز» أن تلك الخطوات نجحت فى إنعاش قطاعات حيوية مثل قطاع التصنيع والطاقة والزراعة والسياحة.
وكالة موديز، هى إحدى أهم وكالات التصنيف الائتمانى فى العالم، وتعد أيضًا أقدم مؤسسة عملت فى مجال تقييم «الجدارة الائتمانية» للحكومات، أو الشركات، التى تسعى إلى الحصول على تمويل من أسواق الأوراق المالية عن طريق إصدار السندات. والمقصود بـ«الجدارة الائتمانية» هو مدى قدرة الجهات الراغبة فى الاقتراض على الوفاء بالتزاماتها وسداد ديونها لمستحقيها فى الآجال المتعاقد عليها. وهذا التقييم تصدره «موديز» فى تصنيف دورى لإرشاد المستثمرين وتوجيه قراراتهم بشأن الاستثمار فى سند ما أو عدمه.
المشروعات القومية العملاقة، بحسب تقرير الوكالة، لعبت دورًا مهمًا فى تحفيز نمو الاقتصاد المصرى. كما أوضح التقرير أن مصر أتمت بنجاح تنفيذ بنود برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى ساهم فى تحسين وضع الاقتصاد الكلى. وأشاد بالتشريعات والقوانين الجديدة، التى ساهمت فى تغيير شكل مناخ الاستثمار فى مصر، ما اجتذب مزيدًا من الاستثمارات المحلية والأجنبية. وأكدت «موديز» فى تقريرها أن البنك المركزى نجح فى القضاء على شبح شح العملة الأجنبية بعد تحرير سعر الصرف، وتحسين مناخ ثقة المستثمرين، الذى ساعد البنوك فى استعادة صافى أصولها من النقد الأجنبى، ليصل إلى ٧٣ مليار جنيه حتى شهر أكتوبر الماضى.
الكلام عن العملة الأجنبية وسعر الصرف يعيدنا إلى تقرير نشرته «وول ستريت جورنال»، فى ٢٣ يونيو الماضى، توقع أن يصل سعر صرف الجنيه المصرى مقابل الدولار الأمريكى، خلال السنة المالية ٢٠١٩٢٠٢٠، إلى ١٧.٤٣ جنيه. بينما قال الواقع إن سعر الدولار الأمريكى سجل تراجعًا بنحو ١١٪ أمام الجنيه خلال سنة ٢٠١٩، ووصل سعر الدولار، أمس الخميس، إلى ١٥.٧٥ جنيه.
يتحدد سعر الصرف فى البنوك المصرية وفقًا لآلية العرض والطلب، التى بدأت مع تحرير سعر الصرف فى ٣ نوفمبر ٢٠١٦. وطبقًا لما ذكره البنك المركزى، فى بيان، فإن سبب قفزة الجنيه أمام الدولار تعود إلى «الزيادة الملحوظة» فى موارد البنوك من النقد الأجنبى. ويمكنك أن تضيف أيضًا جهود السلطات المصرية فى مواجهة التهريب، كقيام هيئة الرقابة الإدارية، مثلًا، منذ أيام، بضبط تشكيل عصابى، تخصص فى اصطناع محررات منسوب صدورها لشركات أجنبية تفيد بشراء بضائع بمبالغ مالية كبيرة، ثم اصطناع محررات منسوب صدورها لمصلحة الجمارك تفيد باستلام تلك البضائع واستخدام تلك المحررات فى تهريب مبالغ مالية كبيرة من النقد الأجنبى إلى دولة تركيا.
مصر احتفلت بمرور ٦٨ سنة على معركة الإسماعيلية، التى لم تكن أول مواجهة تشارك فيها الشرطة المصرية ضد قوات الاحتلال البريطانى، لكنها كانت الأبرز. كما احتفلت، أيضًا، بأمنها واستقرارها، وبما تحقق على أرضها من إنجازات اقتصادية ونهضة عمرانية، وهى تحتفل بمرور ٩ سنوات، على ثورة ٢٥ يناير، التى صاحبها، وصاحب ما يوصف بـ«الربيع العربى»، بركان من الاضطرابات والانهيارات الإقليمية، كاد أن يأخذها فى طريقه.
تقرير وكالة «موديز»، الصادر أمس الخميس، يؤكد أن الرئيس لم يكن يبالغ حين قال، فى اليوم نفسه، إن التاريخ سيتوقف، طويلًا وبإعجاب، أمام التجربة المصرية النابعة من قوة الإرادة وصلابة وعزيمة شعب مصر، الذى أدرك بحسه الوطنى أن مستقبله لن يبنيه أحد غيره، فصبر وتحمل قسوة إجراءات اقتصادية غير مسبوقة ومضى فى طريقه رافعًا شعار نكون أو لا نكون.