رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شجاعة أبهرت الإنجليز.. لماذا أصبح 25 يناير عيد الشرطة؟

 عيد الشرطة
عيد الشرطة

يشهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مراسم الاحتفال بالذكرى الـ 68 لعيد الشرطة الذي يقام بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، بحضور كبار رجال الدولة والمسؤولين وقيادات وزارة الداخلية، وعلى رأسهم اللواء محمود توفيق وزير الداخلية.

فى 25 يناير سنة 1952، سجلت الشرطة المصرية دورًا مشرفًا، حيث تصدوا للإنجليز، ودافعوا عن مصر ببسالة شديدة، حتى أن الجنرال الإنجليزى إكسهام قرر منح جثث شهداء الشرطة التحية العسكرية عند إخراجها من مبنى محافظة الإسماعيلية، اعترافًا بشجاعتهم فى الحفاظ على وطنهم.

بدأت القصة حين استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام" ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة، فرفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغت فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية فى هذا الوقت، والذى طلب منها الصمود والمقاومة في وجه الإنجليز.

تسببت هذه الحادثة في عصيان مدني للشرطة المصرية، ما جعل الإنجليز يحاصرون المدينة ويقسموها إلى حى العرب وحى الإفرنج، كما وضعوا سلكًا شائكًا بين المنطقتين، بحيث لا يصل أحد من أبناء المحافظة إلى الحى الراقى مكان إقامة الأجانب.

وبعد إلغاء معاهدة 36 فى 8 أكتوبر 1951 غضبت بريطانيا غضبا شديدا، واعتبرت إلغاء المعاهدة بداية لإشعال الحرب على المصريين ومعه إحكام قبضة المستعمر الإنجليزى على المدن المصرية ومنها مدن القناة والتى كانت مركزا رئيسيا لمعسكرات الإنجليز، وبدأت أولى حلقات النضال ضد المستعمر، وبدأت المظاهرات العارمة للمطالبة بجلاء الإنجليز.

بدأ التمرد ضد المستعمر في 16 أكتوبر 1951، بحرق مستودع تموين وأغذية تابع للإنجليز، كان مقره بميدان عرابى وسط مدينة الإسماعيلية، وتم إحراقه بعد مظاهرات من العمال والطلبة والقضاء عليه، ما أدى إلى غضب الإنجليز فضيقوا الخناق على أهل البلد، الذين قرروا محاربة الإنجليز بكل طاقتهم، فبدأت المجزرة الوحشية في 25 يناير 1952، في الساعة السابعة صباحًا، حيث انطلقت مدافع الميدان من عيار ‏25‏ رطلا ومدافع الدبابات ‏من عيار‏ 100‏ ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقة أو رحمة، وبعد أن سالت الدماء أنهارا، أمر الجنرال إكسهام بوقف الضرب لمدة قصيرة لكى يعلن على رجال الشرطة المحاصرين فى الداخل إنذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعى الأيدى وبدون أسلحتهم، وإلا فإن قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة‏.‏

المفاجأة كانت في رد ضابط مصري شاب، وهو النقيب مصطفى رفعت، حيث صرخ في وجهه قائلا: "لن تتسلمونا إلا جثثا هامدة"، واستأنف البريطانيون المذبحة فانطلقت المدافع والدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها إلى أنقاض، بينما تبعثرت فى أركانها الأشلاء، وبرغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين فى مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة من طراز ‏"لى إنفيلد"‏ ضد أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم، وسقط منهم فى المعركة ‏56‏ شهيدا و‏80‏ جريحا، ‏‏بينما سقط من الضباط البريطانيين ‏13‏ قتيلا و‏12‏ جريحا، وأسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم إلا فى فبراير‏ 1952.

ولم يستطع الجنرال إكسهام أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين، فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال‏: "لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا".

استطاعت الشرطة المصرية أن تبهر الإنجليز بشكلٍ عظيم ومشرف، حيث قام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال إكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم‏ وحتى تظل بطولات الشهداء من رجال الشرطة المصرية فى معركتهم ضد الاحتلال الإنجليزى ماثلة فى الأذهان، ومنذ هذا التوقيت والشرطة المصرية تحتفل بعيدها في 25 يناير من كل عام.