رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فضائح نظام أردوغان أمام الأمم المتحدة

أردوغان
أردوغان

أعدت مؤسسة «ماعت» للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقريرًا عن الحالة الحقوقية والحريات فى تركيا، أظهر تفحُّش النظام التركى فى انتهاكات حقوق الإنسان وحالات الاعتقال والتضييق على حرية التعبير والرأى بشكل لم يسبق له مثيل، لدرجة تصنيف البلاد على أنها أكبر سجن للصحفيين حول العالم، للعام الثانى على التوالى. 

وحصلت «الدستور» على نسخة من تقرير المؤسسة الذى حمل عنوان «حرية الرأى والتعبير فى تركيا.. فرض مزيد من القيود»، والذى أرسلته إلى المجلس الدولى لحقوق الإنسان بجنيف، على هامش خضوع تركيا للمراجعة الدورية الشاملة بالمجلس خلال شهر يناير الجارى، ونستعرضه خلال السطور التالية.

التحقيق مع نصف مليون.. اعتقال 91 ألفًا.. وحجب مواقع «السوشيال ميديا»


ذكر التقرير أن تركيا أصبحت من أسوأ دول العالم من حيث التعامل مع الصحفيين، حيث صنفها الاتحاد الدولى للصحفيين «IFJ» على أنها أكبر سجن للصحفيين فى العالم للعام الثانى على التوالى. وقال التقرير إن الصحفيين المعتقلين فى تركيا يمثلون نصف عدد الصحفيين المعتقلين على مستوى العالم، مشيرًا إلى أنه منذ محاولة الانقلاب التى شهدتها البلاد فى يوليو ٢٠١٦، يواجه أكاديميون وصحفيون وكتاب ينتقدون الحكومة، إحالات إلى التحقيق الجنائى وملاحقات قضائية، وألوانًا شتى من الترهيب والمضايقة والرقابة المستمرة.

كما تشمل الانتهاكات التضييق على الحريات العامة وإصدار قوانين من شأنها تقييد حرية الرأى والتعبير، بالإضافة إلى حجب المواقع، الأمر الذى يخالف الأعراف والمواثيق الدولية، خاصة المادة ١٩ من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. 

وأشار إلى التحقيق مع أكثر ٥٥٩ ألف شخص، من بينهم أكثر من ٢٦١ ألفًا فى جرائم مُتعلقة بالإرهاب، ونشر دعاية لجماعة فتح الله كولن المتهمة بتدبير محاولة الانقلاب العسكرى على الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.

وخلصت هذه التحقيقات إلى الإبقاء على أكثر من ٩١ ألف شخص قيد الاحتجاز، بشكل جعل تركيا تصنف على أنها واحدة من أكبر السجون فى العالم، بالإضافة إلى حجب المواقع الإلكترونية وإغلاق شبكات الاتصالات وإغلاق منظمات المجتمع المدنى ومنافذ الأخبار، والتضييق على جميع وسائل التواصل الاجتماعى ومراقبتها.

وذكر أن تركيا احتلت المركز الأول فيما يتعلق بسجن الصحفيين على مستوى العالم، وتراوحت الأرقام ما بين ١٠١ و١٣٤ صحفيًا معتقلًا فى السجون، ما جعلها تحتل مرتبة متأخرة فى التصنيف العالمى لحرية الصحافة على مستوى العالم، والمرتبة ١٠٢ فى مؤشر حرية الإنسان الصادر عن معهد كاتو الأمريكى. 

وتابع: «طالت الممارسات القمعية التى تمارسها السلطات التركية عددًا من الكتاب والأكاديميين والأصوات الناقدة والمعارضة، حيث شملت القائمة ٨٠ كاتبًا و١٩ أكاديميًا خضعوا للتحقيقات والملاحقات القضائية».

وأشار إلى أنه فى ظل حالة الطوارئ، أُغلقت ٢٠٠ من وسائل الإعلام ومنظمات النشر، بما فى ذلك وكالات الأنباء والصحف والدوريات والراديو والتليفزيون وشركات التوزيع، وتم إلغاء ٢٥ قرارًا فقط من قرارات الإغلاق فى وقتٍ لاحق، وأسفر ذلك عن إغلاق ١٧٥ منظمة نشر منذ ٣١ ديسمبر ٢٠١٧.

وأشار التقرير إلى أنه فى الجزء الخاص بالرقابة على الإنترنت وحجب المواقع، شهدت تركيا حالة غير مسبوقة من إغلاق وحجب المواقع الإلكترونية تحت ذريعة التحكم فى المحتوى الإعلامى وتنظيمه، وأصدرت السلطات فى ١ أغسطس ٢٠١٩ لائحة البث الإذاعى والتليفزيونى على الإنترنت، التى وافق عليها البرلمان فى مارس ٢٠١٨، والتى تعطى هيئة الرقابة على الإذاعة والتليفزيون، وهى الجهة التى أصدرت اللائحة التحكم الكامل فى استصدار تراخيص للمواقع الإلكترونية، كما تعُطى لها الحق فى إغلاق أو حجب هذه المواقع أينما تراءى لها ذلك. 

ويفرض القانون الذى نُشر فى الجريدة الرسمية التركية على جميع مقدمى خدمات المحتوى عبر الإنترنت، الحصول على تراخيص البث من هيئة الرقابة على الإذاعة والتليفزيون، والتى تشرف على المحتوى المقدم من هذه المواقع.

وأشار التقرير إلى أنه فى ١٠ أكتوبر ٢٠١٩ الماضى، وبعد مرور يوم واحد على بدء عملية «نبع السلام» التركية على شمال شرق سوريا، أصدر المجلس الأعلى للإذاعة والتليفزيون، وهو الهيئة المسئولة عن تنظيم البث الإذاعى والتليفزيونى، تحذيرًا للمنصات الإعلامية فى تركيا يفيد بأنه لن يُسمح أبدا ببث أى شىء من شأنه أن يؤثر سلبًا على معنويات ودوافع الجنود، أو يمكن أن يضلِّل المواطنين من خلال نشر معلومات غير مكتملة أو كاذبة أو جزئية تخدم أهداف الإرهاب.

 وذكر التقرير أن الوضع أكثر كارثية فيما يخص مواقع التواصل الاجتماعى، إذ تم تعطيل الوصول إلى Twitter وFacebook وYouTube مرارًا وتكرارًا فى أعقاب الهجمات الإرهابية، فى حين تم حظر ويكيبيديا بشكل دائم، بسبب مقالات حول تورط تركيا فى الحرب السورية. 

وفى ١٩ ديسمبر ٢٠١٦، تم حظر Facebook وTwitter وYouTube وWhatsApp لأكثر من ١٠ ساعات بعد اغتيال السفير الروسى أندريه كارلوف، ولاحقًا، أمر قاضٍ تركى بحظر أكثر من ١٠٠ عنوان URL متعلقة بالاغتيال، بما فى ذلك موقع مؤسسة الإذاعة الهولندية «NOS».

ورصد التقرير أنه فى ٢٩ أبريل ٢٠١٧ حظرت الحكومة التركية موقع «ويكيبيديا» العالمى، فيما أوضحت هيئة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الحكومية التركية أن الحظر يعزو إلى قرار إدارى ذى صلة باعتبارات أمنية مرتبطة بشكل رئيسى بقانون تنظيم الإنترنت ومكافحة الجرائم رقم ٥٦٥١. وأعلنت المحكمة الدستورية فى تركيا مؤخرًا إلغاء قرار حظر ويكيبيديا فى ٢٦ ديسمبر ٢٠١٩، ما يؤكد أن القرار كان تقييدًا لحرية تداول المعلومات فى تركيا منذ البداية، فيما جاء قرار المحكمة الدستورية بعد موافقة ٦ قضاة من بين ١٠، واستندت فى قرارها إلى المادة ٢٦ من الدستور التركى، مشيرة إلى أن الحظر المفروض على الوصول إلى ويكيبيديا ينتهك الحق فى حرية التعبير المكفولة.


قال التقرير إن الحكومة التركية قمعت التقارير المستقلة، وحظرت تناقل الأخبار فى الأوساط الاجتماعية، مشيرة إلى أن تركيا ارتكبت ٦٥٪ من عمليات تقييد جميع المحتويات على مواقع التواصل الاجتماعى على مستوى العالم.

ورصد التقرير أن مجموعة «RedHack» اخترقت أكثر من ٥٧٠٠٠ رسالة بريد إلكترونى لـ«بيرات البيرك» صهر «أردوغان»، وكشفت هذه الرسائل عن مدى الحملة الحكومية للتلاعب فى وسائل التواصل الاجتماعى، وتشويه شخصيات المعارضة البارزة وقمعها.

وناقشت الرسائل المرسلة إلى «بيرات البيرك» إنشاء فريق من مصممى الجرافيك المحترفين والمبرمجين ومسئولى الجيش السابقين الذين تدربوا على الحرب النفسية، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة «ديلى دوت»، واقترحت إحدى الرسائل الكشف عن عادات تعاطى المخدرات لبعض المشاهير الذين دعموا احتجاجات Occupy Gezi عام ٢٠١٣، ما أسفر عن مداهمة الشرطة منازل ٥٥ من الممثلين والمخرجين وغيرهم من المشاهير بعد شهرين من تلك التظاهرات. 

وتمت مشاركة صور المشاهير على نطاق واسع من قِبل المنافذ الحكومية على وسائل التواصل الاجتماعى، وحشد أحد نواب حزب العدالة والتنمية مجموعة من المتظاهرين لمهاجمة مقر صحيفة Hurriyet فى سبتمبر ٢٠١٥ بعد أن انتقدت السياسة الأمنية للرئيس أردوغان. 

وجرى اعتقال عشرات الآلاف من المواطنين الأتراك بشكل تعسفى فى نوفمبر ٢٠١٧ لمجرد زعم السلطات استخدامهم تطبيق الاتصالات المشفرة Bylock. 

ورصد التقرير فى الجزء الخاص بالسيطرة على وسائل الإعلام، تعرض حرية التعبير فى تركيا إلى هجوم مستمر ومتزايد، خاصة منذ قرار الحكومة بالاستيلاء على مجموعتى «إيباك» و«فضاء» الإعلاميتين اللتين كانتا تضمان عشرات القنوات التليفزيونية والصحف اليومية والمجلات الأسبوعية فى أول مارس ٢٠١٦، وعقب محاولة الانقلاب فى يوليو ٢٠١٦، استحوذت السلطات التركية على أكثر من ٩٥٪ من وسائل الإعلام والمنصات الإعلامية.

وأفضت تلك القيود الأمنية التى فرضتها تركيا على حرية الإعلام إلى إغلاق نحو ١٨٠ منفذًا إعلاميًا، من بينها ١٦ قناة تليفزيونية و٣ وكالات إخبارية و٣٣ إذاعة و٤٥ صحيفة، فى مقدمتها صحيفة «زمان» المحسوبة على حركة «الخدمة» التى يتهمها «أردوغان» بمحاولة الانقلاب، ونحو ١٥ مجلة أسبوعية، بالإضافة إلى ٢٩ دار نشر وتوزيع، الأمر الذى أسفر عن وجود ٢٥٠٠ صحفى عاطل عن العمل، إلى جانب الموظفين والإداريين فى هذه المنصات الإعلامية، كما علقت السلطات بث عشرات القنوات الفضائية الموالية للأكراد، التى تبث على القمر الصناعى «تركسات».

وتم التنكيل بنحو ٣٠٠ صحفى، ما زال أغلبهم رهن الاحتجاز حتى الآن، كما أنهيت بطاقة الصحفى لأكثر من ٧٨٧ صحفيًا، فيما توقف عن العمل ١٠٠ ألف موقع إلكترونى فى تركيا، فُصل ١٧٠ آخرون بتهم تتعلق بالإرهاب، وبدعوى علاقاتهم بحركة «الخدمة».

ورصد التقرير أنه فى مارس ٢٠١٩، أعلنت قناة «فلاش تى فى»، وهى قناة تليفزيونية تركية، تقدم محتوى ترفيهيًا فى أغلب الأحيان، توقف بث برامجها، انطلاقًا من الضغط الذى تتعرض له من قِبل الحكومة التركية. 

وقالت القناة فى بيان لها: «نخفض صوتنا لبعض الوقت بسبب ضغوطات لا تطاق، نتعرض لها منذ فترة طويلة»، فى إشارة إلى «ضغوطات حكومية وإدارية وسياسية ومالية». 

وفسرت القناة أنها تواجه الضغط بسبب عدم انحيازها، وقال مقدم البرامج فى القناة، يلماز تونجا: «إنه لم يبق لدى القناة خيار آخر سوى وقف البث بسبب الضغط، بما فى ذلك القيود على الإعلانات الدعائية».