رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شريف صدقي: زويل وضع منهجا لمدينة العلوم والتكنولوجيا (حوار)

شريف صدقي
شريف صدقي

قال الدكتور شريف صدقي، الرئيس التنفيذي لمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، إن الحاجة إلى الدراسات والبحوث أصبحت اليوم أهم من أي وقت مضى، مضيفا: «العلم والعالم في سباق مستمر للوصول إلى أكبر قدر من المعرفة التي تستند للعلوم الحديثة وتخدم المجتمع في الوصول لحياة أفضل».

وشرح الدكتور شريف صدقي، في حواره مع الـ«الدستور» أهمية البحث العلمي ومدى استفادة المجتمع المصري منه، وإلى نص الحوار:

- ما هو مفهوم البحث العلمي؟

هو وسيلة لاستكشاف ما هو غير معلوم للناس، يبدأ بعمل يحتوي على فكر جديد ومبتكر لا نعرف نتائجه لذلك هو بحث علمي، ونبحث بعدة طرق تساعدنا على الارتقاء بمستوى المعيشة في جميع المجالات للوصول لحياة أفضل.

- ماذا قدمت مدينة زويل لخدمة المجتمع؟

نسعى دائما لإيجاد حلول للتحديات الاستراتيجية التي تواجه المجتمع، وتخريج أجيال من الباحثين لديهم قدرة على مواكبة سوق العمل، ووعي بمتطلبات الثورة الصناعية الرابعة، لأننا ننسج حلولا عن طريق البحث العلمي، لحل مشكلات المجتمع، وعلى سبيل المثال «حل مشكلة الزراعة حيث تعتمد الحاصلات على سماد اليوريا، إلا أنه سريع التبخر والذوبان وبالتالي نسبة الهدر عالية، حيث أن تكلفته تصل لـ5 مليار جنيه دون أن تستفيد التربة الزراعية منه، وبالتالي قمنا بعمل بحث ممول من أكاديمية البحث العلمي لحل هذه المشكلة الاستراتيجية، ووجدنا أنه باستخدام مواد مثل «نانو مترية» مستخلصة من المخلفات الزراعية (مواد عضوية) صنعنا غلافا رقيقا بنسبة (1/1000) من المليون متر، وأجرينا تجارب بالتعاون مع المركز القومي للبحوث الزراعية، وأثبتت نجاحها وتحقيق الغرض وهو الاحتفاظ بحبيبات اليوريا فترة زمنية أطول وحمايتها من التبخر، فيما تحتاج عملية تغليفها إلى ماكينة خاصة ثمنها لـ3 مليون و800 ألف جنيه، وتنتج 7 كيلو يوريا، وهذه نسبة قليلة، لذلك تم تصميم وتصنيع تلك الماكينة من قبل الباحثين بتكلفة 120 ألف جنيه فقط، وأجرينا تجربة على محصول القمح بكفر الشيخ، وتم تطوير الماكينة لإنتاج 50 كيلو بتكلفة 500 ألف جنيه، والاتفاق مع هيئة الإنتاج الحربي ووزارة الزراعة وتجري الآن أبحاث على تصنيع ماكينة تنتج طن من سماد اليوريا ممتد المفعول, وهناك تحديات نواجها أهمها أن وجود قرارات وزارية تمنع نزول التربة أي سماد يوريا معدل خوفا من كونه مُسرطن، ونحتاج إلى تعديل القانون واعتباره مشروعا قوميا، أما بالنسبة لمشكلة الصناعة، اخترعنا روبوت يعمل بالطاقة الشمسية على تنظيف ألواح الخلايا، لوجود أتربة كثيرة تحد من كفاءتها، وهو يعمل لمدة ساعتين ويغطي عدة كيلومترات، وتم تصنيع النموذج البحثي له وسيتم تجربته في محطة «بنبان» بأسوان، وحال نجاحه سيتم إنشاء شركة لتصنيع الروبوتات، كما وقعنا بروتوكول تعاون مع جمعية مستثمري 6 أكتوبر، وبالنسبة لمشكلة الثروة السمكية، صمم طلبة الطاقة الجديدة والمتجددة مركبا يعمل بالخلايا الشمسية، وبه مستشعرات يتم وضعها في المزارع لقياس PH Level (مستوى حموضة الماء) بالإضافة لقياس تركيز العلف ونسبة الأكسجين، لتوفير بيئة صالحة للسمك تساعد على زيادة الإنتاج، أما عن مشكلة استيراد العلف السمكي وتصنيعه محليا، وجدنا أن هناك 90% من علف الأسماك يتم استيراده وبالبحث العلمي استطعنا توفير العلف المحلي عن طريق دودة تتغذى على المخلفات العضوية للأسماك وتحويلها لبروتين، وتم إنشاء شركة للعمل على تنمية الدودة، وبالنسبة لمشكلة المياه، نعمل على مشروع بمنطقة برج العرب بتمويل من أكاديمية البحث العلمي، لرفع كفاءة محطة برج العرب التي أنشأها الاتحاد الأوروبي بـ22 مليون يورو.

- كيف يتم اختيار طالب جامعة زويل؟

يجب أن يكون موهوبا ولديه فكر، وليس بالضرورة أن يكون متفوقا في الثانوية العامة، طالب الثانوية العامة الحاصل على 100% لا يصلح إلا بعد تجاوز امتحانات التقدم بالنسب المحددة وأغلبهم يرسبون، ونجري اختبارات قبول تعتمد مدى فهم الطالب للعلوم الأساسية (كيمياء، فيزياء، رياضيات، أحياء، التسلسل المنطقي، اختبار مقابلة شخصية واختبار لغة إنجليزية) ونصيحتي لكل طالب (يجب أن تكتشف ذاتك أولا وأفعل ما تحب وهذا سر النجاح).

- هل تنقطع صلة جامعة زويل بالطالب بعد التخرج؟

دور الجامعة ينقطع بالطالب بعد تخرجه، لكن دورها الحقيقي هو التعليم والبحث، والهدف خدمة المجتمع بقادة وحلول استراتيجية وبمنتجات تصل للمجتمع، كما تعطي الجامعة منحا للطلبة ودعما للبحوث وبذلك تكون دورة الاستدامة للتعليم العالي للبحث العلمي مكتملة، وهذا ما تقدمه مدينة زويل للخريجين.

18% من الخريجين يعملون في مدينة زويل Research Assistants، Teacher Assistants، كما نشارك بعض الخريجين أيضا بنسبة لإنشاء شركات خاصة مقابل إتاحة الفرصة لهم للبحوث بها

23% من الخرجين يعملون في شركات مرموقة بمصر والبعض الأخر يؤدون الخدمة العسكرية

32% حصلوا على منح كاملة للدكتوراه بعد تخرجهم بشهرين من قبل Purdue University وMassachusetts Institute Of Technology، وهذا لم يحدث من قبل، كما وقعنا على شراكة مع بعض الجامعات العالمية في بلجيكا وألمانيا بطلب منهم، بعد رصد مدى كفاءة خريجي جامعة زويل، وبذلك تكون 70% من دراسة الطالب في مصر و3% خارجها، وتكون الشهادة مزدوجة في كل الدرجات العلمية (بكالوريوس- ماجستير- دكتوراه)، وعدد الطلاب حاليا 966.

- ما معايير اختيار هيئة التدريس؟

يجب أن تحقق هيئة التدريس أهداف الجامعة، وهي التعليم وربطها بالمجتمع والصناعة وخروج براءات اختراع وعمل بحوث تطبيقية تصل إلى المجتمع، ولدينا شبه لجنة امتحان في العلوم الأساسية تقوم بعقد اختبارات للأستاذ الجامعي (هل أبحاثه منشورة في مجلات مرموقة أم لا, هل استطاع أن يكمل خط بحثي واضح, هل لديه القدرة على كتابة مخططات بحثيه لها عائد مادي, هل يستطيع أن يتفاعل مع لغة الصناعة هل لديه براءة اختراع).

التدريس (ما فلسفته التدريسية هل يلقن الطلبة أم يخلق مجالا تفاعليا بينه وبين الطالب، وما هو تقيم الطالب للأستاذ ويجب أن يكون لديه خبرة وشهادة دولية ولدينا بالفعل 90% من الأساتذة حاصلين على شهادات من جامعات مرموقة عالميا (أمريكا وفرنسا واليابان وغيرهم) ويقوم الأستاذ بهذا الاختبار ويكون التقييم عن طريق نقاط ومدى الخدمات التي يستطيع أن يقدمها للجامعة, واللجنة مكونة من الدكتور طارق إبراهيم عميد الشؤون الأكاديمية ومدير البرنامج وأساتذة في التخصص حيث أن المواد الدراسية بينيه ومترابطة).

التعاقد المادي (في البداية يكون العقد سنوي حتى يثبت الأستاذ مدى كفاءته، ونقوم بعد ذلك بإطالتها لمدة بعد التقييم السنوي، وإذا حصل على أقل من 50% ينتهي دوره في الجامعة، أما إذا كانت النتيجة بين 50% و65% يحصل على فرصة أخرى لمدة عام فقط على أن تكون النتيجة أعلى وترتبط بالزيادة السنوية، كذلك المرتبات مجزية جدا للأستاذ الجامعي على أن يكون متفرغا ومقيم بشكل كامل للتدريس بجامعة زويل، كما أن هناك تعاقدات مع بعض الأساتذة المنتدبين, ولدينا 65 أستاذ دوام كامل والمرتبات بالجنيه المصري).

- من أصغر مخترع في مدينة زويل؟

لدينا مخترع صغير اسمه «يوسف» في الصف الأول الإعدادي، حضر مع والده، ولديه كثير من الاختراعات منها الروبوت، وتوفر الجامعة إمكانيات له وهي مفتوحة لكل مبدع صغير وكبير.

- متى سينضم طلاب الدول العربية إلى المدينة ؟

نحن بصدد تسجيل جامعة زويل ضمن جهات الإيفاد للدول العربية على سبيل المثال السعودية والكويت، ودعينا المستشار الثقافي السعودي وأعددنا لجان استعدادا لاستقبال طلبة سعوديين، وبذلك تكون شهادة جامعة زويل مثل الجامعات المدرجة لديهم.

- كيف يتم وضع المنهج التعليمي والإداري لمدينة زويل؟

نحاول أن نخدم ونولد المجالات المستقبلية مثل «الطاقة الجديدة والمتجددة النانو تكنولوجي, البيئة, بحوث العلوم الطبية الحيوية, العلوم الأساسية مثل فيزياء الأرض والكون» كما أن الدكتور أحمد زويل وضع رؤية مستقبلية للمنهج لمدة 30 عاماً، ولدينا أقسام ليست موجودة في جامعات أخرى، وحال اعتمادها من المجلس الأعلى للجامعات سيفتح باب جديد أمام باقي الجامعات لتحديث الأقسام بها، وبالتالي يجد الطالب بعد تخرجه نقابة ينتمي إليها, وتم إعداد برامج حديثة (هندسة نانو تكنولوجي، هندسة البيئة، هندسة الفضاء وتكنولوجيا المعلومات، العلوم الطبيعية الحيوية، علوم فيزياء الأرض، فيزياء الكون) واعتمد المجلس الأعلى للجامعات هذه البرامج، كما تم الاتفاق مع النقابات المهنية وتخريج 3 دفعات مسجلين بهم, أما إداريا نحن نعمل على نظام مؤسسي محكم، وبالتالي كل اللوائح معتمدة ولا نسمح بالاستثناءات, نحن نثبت أن حلم الدكتور زويل يتحقق والمدينة على الطريق الصحيح الذي رسمه العالم الجليل.

- كيف تم الحفاظ على الاستدامة بعد وفاة أحمد زويل؟

أكبر تحدي هو الاستدامة المالية للمدينة وتنقسم إلى جزئيين الإنشاءات والتعليم، فهناك طلبة لا يستطيعون دفع المصروفات الجامعية وتشكل نصف تكلفة الطالب الفعلية على الجامعة وهي 135 ألف جنيه هذا العام، حيث أن التكلفة الحقيقية ضعف هذا المبلغ وبالتالي تقوم بعض البنوك والشركات بتوفير منح تعليمية للطلبة طوال فترة دراسته ونختار الطلبة بمنتهى الدقة، للتأكد من أنه يستحق المنحة الدراسية دون غيره, والمدينة متعثرة لسداد دين الإنشاءات ووصلت إلى 4 مليار جنيه، وتم سداد مبلغ مليار جنيه بالتعاون مع صندوق «تحيا مصر» وتعهدت الدولة بتسديد التمويل، لكن يجب أن تتبع مدينة زويل للدولة بشكل صحيح على أن يكون وزير التعليم العالي رئيس مجلس الأمناء لذلك سيتم تعديل قانون 161 لسنة 2012 وسيتم تقنين الأوضاع لمجلس الأمناء الحالي.

- ما الجوانب الفريدة في شخصية الدكتور زويل؟

كانت تجربتي مع الدكتور أحمد زويل فريدة وحملت بين طياتها مبادئ مثلت حجر الزاوية لقهر التحديات ولتحقيق النجاح لأي مشروع عملاق, شخصية زويل هي المقوم الأساسي للنجاح، فقد قام بتوفير كل الإمكانيات المادية التي تسمح بتحقيق هذا الهدف على أعلى المستويات العالمية وأعطاني تفويض كامل للقيام بهذه المهمة, كما سخر من وقته النفيس لمناقشة كل التفاصيل الدقيقة لتكوين البرامج الأكاديمية والتأكد من أنها تواكب أحدث ما توصل إليه العلم على مستوى العالم, ولديه القدرة على اتخاذ قرارات جريئة وفي وقت وجيز دون أن تؤثر على كفاءة العمل.

- جسدت السينما معاناة زوجات العلماء نظرا لانشغالهم وانعزالهم في عالم موازي، ما هو دور زوجتك؟

زوجتي أستاذه بكلية هندسة جامعة القاهرة، وتتفهم جيدا طبيعة عملي، كما أنني مدين لها، لما تحملته من أعباء حياتية نتيجة ظروف عملي، فهي دائما تدفعني وتساعدني وأقدر لها حرصها الدائم على خلق جوا هادئ بالمنزل.