رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جبريل العبيدي يكتب: ليبيا ووقف النار

جبريل العبيدي
جبريل العبيدي

وقف إطلاق النار هو حالة مؤقتة من وقف الحرب، حيث يتفق الطرفان المسلحان على وقف الأفعال العدوانية من الطرفين. فى الحالة الليبية الأمر مختلف تمامًا، فالجيش الليبى يخوض حربًا ضد الإرهاب والجماعات الإرهابية والمرتزقة التى جلبتها ميليشيات الإخوان من شتى بقاع العالم ليس آخرها المرتزقة من غازى عنتاب.
فلا يمكن لتركيا ولا لرئيسها المهووس بالتدخل العثمانى فى ليبيا أن يكون عرابًا لوقف إطلاق النار، وهو يضخ السلاح والمقاتلين الأجانب جهارًا نهارًا ويجاهر بدعم الميليشيات المسلحة فى طرابلس، فلا يمكن أن تكون دعوة السلطان التركى مقنعة لوقف إطلاق النار وجنده يسقطون فى طرابلس فى صفوف ميليشيات الوفاق، فقد سقط ثلاثة جنود وأُصيب ٦ آخرون خلال معارك فى ليبيا، وفق صحيفة «أحوال» التركية.
جاء هذا بعد تصريح أردوغان وقوله إن تركيا أرسلت ٣٥ جنديًا إلى ليبيا دعمًا لحكومة الوفاق لكنهم لن يشاركوا فى المعارك، لكن مقتل الجنود الأتراك وجرح الآخرين يجعل التصريح غير صحيح.
لا أظن أن عاقلًا فى ليبيا يرفض الحوار بين الليبيين ووقف إطلاق النار بل وقف الحرب والجلوس إلى الحوار بين الفرقاء الليبيين، وليس مقاتلى المرتزقة و«داعش» وبقايا «القاعدة»، ولكى يكون لوقف إطلاق النار معنى مفيد لا بد من طرد الميليشيات والمرتزقة الأجانب الذين دفع بهم مأجورون للحرب بالوكالة فى ليبيا، وغير ذلك فإن وقف إطلاق النار يعدّ محاولة لإنقاذ هؤلاء المرتزقة والميليشيات والعصابات الإجرامية.
الدعوة التى تضمنها البيان المشترك لتركيا وروسيا إلى «إعلان وقف دائم لإطلاق النار» والذى دخل حيز التنفيذ- ليست جادة فى ظل استمرار إرسال أردوغان للمرتزقة وجنوده والأسلحة إلى أتون الحرب فى ليبيا طيلة السنوات الأربع الماضية، لدعم جماعة الإخوان والميليشيات التابعة والمتحالفة معها.
وعن دعوات وقف إطلاق النار، ناشد المبعوث الأممى إلى ليبيا غسان سلامة، جميع الأطراف الدولية والمحلية الاستجابة لهذه الدعوات «من أجل تجنيب البلاد المزيد من إراقة الدماء والمعاناة للشعب».
هناك ترحيب عربى ودولى بوقف النار فى ليبيا، والعودة للحوار السياسى فى ليبيا، ودعم مؤتمر برلين ورفض التدخلات التركية- جاء من وزراء خارجية مصر وفرنسا واليونان وقبرص فى اجتماع دول الجوار الليبى دون حضور الجار الليبى، لحل أزمة الجار الليبى خارج حدود الجار الليبى.. معادلة صعبة تجمع دول الجوار الحدودى الليبى والإقليمى.
فالجوار الليبى مختلف فى تعاطيه مع الأزمة الليبية، فمصر تتقدم على غيرها ودأبت حكومتها على دعم الاستقرار فى ليبيا والتعاطى بموضوعية مع الشأن الليبى دون الغرق فى المستنقع الليبى، لا كما فعلت الجزائر بتفضيل طرف على آخر، فى ظل تقارير عن وجود اتفاق سرى مقابل تنازلات يقدمها رئيس حكومة الوفاق غير الدستورية منها التنازل عن حقوق ليبية فى حقول نفط متنازع عليها مع الجزائر، رغم النفى العلنى للحكومة الجزائرية، وفى ظل كشف مسئول تركى عن توقيع اتفاق تعويض مع حكومة الوفاق عن أعمال نُفّذت فى ليبيا قبل أحداث ٢٠١١ بقيمة مليارين و٧٠٠ مليون دولار.
أما الحكومة التونسية، فكانت متأخرة فى موقفها من الأزمة الليبية خصوصًا فى تسلل بعض المقاتلين إلى ليبيا، الأمر الذى تسبب لها فيما بعد بعودتهم وعودة نشاطهم الإرهابى على الأراضى التونسية، مما شكّل خطرًا على الأمن القومى التونسى نفسه، والتى تتشارك مع ليبيا بجغرافيا وحدود وديموغرافيا سكانية مجتمعية وسوق اقتصادية مهمة تؤثر فى سوق العمل والاقتصاد التونسية، كلها كانت أسباب دفعت بتونس وحكومتها إلى تغيير موقفها السابق الذى كان ينحصر فى التقوقع تحت شعار النأى بالنفس عن مشكلات الجار الليبى.
هذا حديث المتفرج والمشارك بالوكالة فى الحرب فى ليبيا، بينما الكلمة الفصل فى وقف إطلاق النار هى للجيش الليبى الذى يلاحق الإرهاب والجماعات الإرهابية ولن يتوقف قبل تطهير كامل التراب الليبى.