رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لأسباب غريبة.. توءم زبيدة ثروت ابتعدت عن السينما

زبيدة ثروت
زبيدة ثروت


تولد إمرأة الجوزاء بوجهين وشخصيتين مختلفتين لتقضى حياتها في صراع مرير بين نقيضين طوال الوقت، الرحمة الوحيدة لهذه المرأة أن تولد بشخصية واحدة، لتوهب شقيقتها التوأم شخصيتها الأخرى المناقضة لها كليًا، وتصبح هذه الصدفة الجينية نجاة لكلتيهما.
هذا ما حدث مع زبيدة ثروت وشقيقتها التوأم حكمت ثروت، المولودتين في 14 يونيو بالإسكندرية، لأب يعمل قبطان في البحار، فقد أصبح أحمد ثروت أبًا لفتاتين تحملان نفس الملامح المتطابقة ولون العينين الزرقاء، لكن طباعها اختلفت وتناقضت بشكل كبير.
زبيدة ثروت وحكمت ثروت لم تفترقان، فقد تلازما معًا في كل مكان في البيت و المدرسة و أوقات اللهو والفراغ، إن كلا منهما كانت تشعر بفراغ كبير إذا غابت عنها أختها، ولا غرابة في ذلك، فشخصية كل منهما تكمل شخصية الأخرى.
وحكمت ثروت كبرت عن شقيقتها زبيدة ثروت بعشر دقائق، و درستا بمدرسة الرمل الثانوية بالإسكندرية، وكل منهما كان من الممكن أن تتربع على عرش جمال بنات المدرسة لولا شقيقتها التوأم.
وجاء اختلاف الأهداف في صالح الفتاتين، فلو مالت حكمت ثروت للتمثيل مثل شقيقتها كانت ستكونا أمام ورطة كبيرة، فتاريخ الفن حافل بالقصص الدرامية عن الشقاق الذي يحدث بين الأخوة إذا عملوا في المجال الفني سويًا، ونذكر ما تعرضت له نهاد حداد شقيقة فيروز من تعتيم من آل رحباني حتى تلمع شقيقتها فيروز، والشقاق الذي كان يحدث بين سعاد حسني ونجاة، فقد كانت الأخيرة ضد عمل أختها في السينما من البداية، وتذكر وقائع منتشرة هم الخلافات الكثيرة بين نجاة وسعاد حسني بعد فيلم خلي "بالك من زوزو" فقد خاصمت نجاة شقيقتها لأنها "غنت" في الفيلم وهي ليس موهوبة في الغناء.

وذكر تحقيق صحفي على صفحات مجلة الموعد أن جمال زبيدة كان من النوع الثائر، الذي تشعر أمامه بالحيرة والقلق والاضطراب بعكس جمال حكمت فهو من النوع الهاديء الوديع، فزبيدة ذات الجمال الخطر لها طبيعة من نار، إنها تتكلم كثيرًا وتتحرك كثيرًا ولا تكاد تطيق الحياة بلا هدف ضخم، تسعى إليه مهما امتلأ الطريق بالصعوبات، فقد كان حلم حياتها المجد، وطموحها الشديد كان يسبق سنوات عمرها.

وفي سبيل تحقيق هذا الحلم الذى تراءي دائما أمام عينها، رصدت زبيدة أيامها ولياليها لتعلم كل ما قد يساعدها على الوصول إلى هدفها البعيد، فلم تكتف بدروسها التي تتلقاها في مدرستها الثانوية
، إنما التحقت بمجموعة من النوادي والمعاهد الرياضية والفنية والعلمية تلعب البنج بونج والباسكت وتدرس بالكونسرفتوار وترقص الباليه وتدرس اللغات والأدب بمعهد اكسفورد، ومضت في هذا البرنامج التي وضعته لنفسها عامين كاملين، حتى جاءتها الفرصة على شكل عرض من المخرج محمد كريم لتقوم بالدور النسائي الثاني في فيلم "دليلة" أمام عبد الحليم حافظ .

زبيدة ثروت كانت لا تكاد تستقر في مكان فهي ترقص وتغني وتقفز وتمثل أمام المرآة تحلم بألوف المعجبين وقد التفوا حولها وتعالت أصواتهم بالهتاف والتصفيق وعيونها التى تشبه عيون القطط البرية تلمع في بريق عجيب.

أما حكمت صاحبة الجمال الهاديء فكانت حركاتها تتسم بالدقة البالغة والحياء الشديد، كانت تكره أن تقضي حياتها تحت الأضواء كما كانت تمقت الضجة التى تثار حول المشاهير ، إنسانة خيالية تمضي أمسياتها مع أنغام الماندولين التى تجيد العزف عليه، أو تهيم في قراءة صفحات كتاب أدب أو قصة حب أو تجلس لساعات تطرز، فقد كانت تعد نفسها لتكون ست بيت ممتازة وكل آمالها تنحصر في بيت صغير جميل تعيش فيه مع فتى أحلامها المجهول في سعادة وأمن ورضا، ونالت كل منهما هدفها وبقيت علاقتهما كأختين محمية بسياج جيني وبمحبة لم تهدمها الأهداف المشتركة ولا النزاع الفني.