رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدفع إجباري».. ضحايا النفقة يتحدثون لـ «الدستور»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تأكدت "أميرة" من إستحالة أستمرار زواجها الذى لم تكمل عامه الأول، لن تستطيع العيش مع شريك العمر الذي اختارته، فأصرت على الطلاق والانفصال بهدوء، حتى لا يتأثر طفلها الوحيد بالقرار.

‎لم تستغرق أوراق الطلاق وقتًا طويلا، لم تفكر وقتها في مصروفات واحتياجات الطفل، معتمدة في ذلك على النفقة التي سيدفعها الزوج لإعالتها وابنها، اعتقدت أنه سيلتزم بدفع كافة المصروفات، لكن لم يحدث.

‎"شهور مرت دون أن تصلني النفقة الخاصة بابني"، هكذا قالت "أميرة" التي ترددت على المحاكم من أجل رفع دعوى تلزم الزوج بدفع النفقة، لكنها لم تجن شيئًا سوى حكم واحد يقضي بدفع الزوج نحو 350 جنيهًا شهريًا فقط.

‎"أميرة" هي واحدة من كثيرات، يرفض أزواجهن دفع النفقة بعد تطليقهن، يجدن أنفسهن في المحاكم يوميًا تحت سطوة النفقة.. وترصد "الدستور" حكايات خاصة لمطلقات، ربما تنتهي مآساتهن مع النفقة بعد الموافقة على تعديل قانون الأحوال الشخصية.

في مايو 2019، وافق مجلس الوزراء على مشروع تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر برقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧، فيما يتعلق بالمادة ٢٩٣، والتى تتيح حصانة أخرى للمطلقة وتعزز من موقفها، من خلال إقرار الحبس الفورى لمدة عام، أو غرامة 500 جنيه للزوج الممتنع عن سداد النفقة.

ويتضمن تعديل القانون: " كل من صدر عليه حكم قضائي واجب النفاذ بدفع نفقة لزوجه أو أقاربه أو أصهاره أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن وامتنع عن الدفع مدة ثلاثة شهور، بعد التنبيه عليه بالدفع يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".

قدم زوج "أميرة " أوراق للمحكمة تثبت ضعف راتبه وعدم قدرته على دفع نفقة شهرية، ما دفع المحكمة لتخفيض الحكم، وبالفعل اقتضى حكم المحكمة بدفع مبلغ 350 جنيهًا، ورغم ذلك كان يتهرب من الدفع كل شهر.

وأوضحت "أميرة": "القانون لم يكن في صالحي، والمحامين يستغلون جميع الثغرات الموجودة في القانون، ويحاولون بقدر الإمكان تخفيض النفقة، ومساعدة الزوج على التهرب منها".

"منال"، تجاوزت الـ 40 عامًا، انفصلت عن زوجها بعد عامين من الزواج، تركها وثلاثة أطفال، تقول:" كان قريبي وقرار زواجنا جاء وفقًا لرغبة أهلنا، فلم أكن أرغب فى الزواج به لكن أهلي أصروا، فخضعت لرغبتهم.. دون اقتناع".

وتابعت:"مرت أيام زواجنا كلها شبه بعض.. ولكن لم أتحمل عندما علمت بخيانته لي التي لم تنتهي"، حينها طلبت الطلاق.

واستكملت "منال": رفض أن يتكفل بمصروفات علاج الطفل الصغير المريض، وتحمل والدي كافة التكاليف، لكن لم يتحسن طفلي وكانت حالته تسوء، إلى أن توفى.. ومنذ ذلك الوقت وأشعر بمرارة ".

وأكدت أن زوجها لم يدفع لها النفقة، مستنكرة:" إذا كان لم يتكفل بعلاج ابنه المريض، كان هيدفع نفقة!"

من المفترض أن يقرر مجلس النواب خلال جلسته العامة يوم الأحد المقبل، الرأى النهائى على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، والذى يتضمن استبدال نص المادة 293 من قانون العقوبات بنص جديد.

اتفقت اللجنة التشريعية على بعض تعديلات قانون النفقة الخاص بالمادة 293 من قانون العقوبات، وذلك في تقرير إلى مجلس الدولة، ليشمل التعديل النهائي:

"كل من صدر عليه حكم قضائي واجب النفاذ بدفع نفقة لزوجه أو أقاربه أو أصهاره أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن وامتنع عن الدفع مع قدرته عليه لمدة ثلاثة أشهر بعد التنبيه عليه بالدفع، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا ترفع الدعوى عليه إلا بناءً على شكوى أو طلب من صاحب الشأن، وإذا رفعت بعد الحكم عليه دعوى ثانية عن هذه الجريمة فتكون عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنة".

"نادية" 30 عامًا، لا تزال تعاني من عدم حصولها على النفقة من زوجها، بعدما انفصلت عنه منذ عامين.

قالت "نادية"، إن زوجها رغم راتبه الكبير، إلا أنه رفض دفع النفقة بحكم محكمة، ثم سافر لاستكمال عمله في الخارج دون أن توقيع عقوبة.

تحملت السيدة كافة مصروفات طفليها، بعدما تخلى والدهما، "حتى السؤال عن أولاده مكنش بيسأله.. فا أكيد مش هيدفع أي فلوس من أجلهم".. تقولها "نادية".

وأكد المحامي إسلام عادلي أن تعديل القانون جاء لصالح الزوجة بشكل مطلق، فإنه وفقًا للمادة رقم 293 لقانون العقوبات الصادر برقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧، يتم التعامل به في قضايا الأسرة، يفيد بحال امتناع الزوج عن دفع النفقة للزوجة، ولجأت الزوجة إلى الإجراءات القانونية برفع دعوى نفقة على الزوج متجمد حبس، وصدور حكم قضائي نهائي على الزوج بإجباره على دفع القيمة المستحقة للأم والأولاد بأثر رجعي، أو الحبس على أن تكون مدة الحبس لا تتجاوز شهر.

وأوضح "عادلي" أن بحسب القانون الحالي كان يتم دفع النفقة للزوجة عن طريق بنك ناصر الاجتماعي أو الجهة التي يعمل بها الزوج، أما عن القانون الجديد فينص على "في حال الموافقة على مشروع تعديل هذا القانون، فيتم حبس الزوج مدة لا تزيد على سنة، أو إجبار بدفع النفقة وتحمل كافة تكاليف مصروفاتهم".

شهد عام 2018 مليون حالة طلاق، بواقع حالة كل دقيقتَين ونصف، ويقدر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 مليون، 7 ملايين طفل انفصل والداه، بحسب إحصاءات مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء.

وبحسب محاكم الأحوال الشخصية، فقد تخطت حالات الخلع ربع مليون حالة خلال عام 2017، وبزيادة 89 ألف حالة بالمقارنة بـ2016، فيما ارتفعت نسب الطلاق في مصر من 7% لتصل إلى نحو 145 %، بسبب مواجهة المرأة صعوبات فيما بعد عقب الطلاق بسبب النفقة.