رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«خالتى صفيه والدير».. رواية بهاء طاهر عن العشق والحرية

خالتى صفيه والدير
خالتى صفيه والدير

كان حربى حلم كل بنات القرية.. بالأخص صفية.. التى كانت وبنات خالتها اللاتى تعيش بينهن، فهى يتيمة الأبوين.. ينظرن إليه من خلف الباب.. وهو جالس بالخارج مع زوج خالتها.. يحكى عن الزرع والرى.. وعن خالة القنصل.

ذهب الكثير من الخطاب إلى بيت الحاج لخطبة صفية.. إلا أن الرجل كان يأمل كما تأمل صفية فى أن يكون حربى هو عريس صفية.. ودام انتظار حربى.. إلا أن لكل شىء نهاية.. جاء حربى ومعه خاله القنصل لخطبة صفية.. ولكن ليس كما اعتقدت أنت أو اعتقد أهل صفية.. فالخاطب ليس حربى ولكنه القنصل.

اندهش الحاج وحاول أن ينفك من هذه البيعة.. إلا أن كلمات حربى أذهلته حين قال: أى بنت فى البلد تتمنى تتجوز خالى القنصل. أدخل واسالها وهى هتوافق، وافقت صفية ليس حبا فى القنصل.. لكن غيظا من حربى، تزوجت من القنصل.. حملت منه.. لقد تزوج القنصل من قبل مرتين.. ولم يرزق بأولاد من زوجتيه،

كان حربى هو ابن اخته وأبنه وخادمه، لكن عكر صفو القنصل تلك الشائعة التى انتشرت فى القرية كالنار فى الهشيم بعد ولادة صفية لابنها حسان.. وهى أن حربى يريد أن يقتل الرضيع من أجل الميراث، وبدأت القطيعة التى أصبح حربى على إثرها طريدا من رحمة القنصل.. الذى لم يكتف بذلك، بل أتى ببلطجية غرباء قيدوا حربى فى نخلة وأوسعوه ضربا.. وكان يردد:«اقتلنى انت بلاش الغربا ياخال»، أمسك خاله بالكرباج وزاد فى ضربه.. انتفض حربى وقطع الحبال وأمسك بالبندقية وأفرغها فى صدر القنصل.

راح حربى فى غياهب السجون.. ولم يبق فى تفكير صفية إلا الثأر لزوجها من حربى.. لدرجة أنها اسمت حمارها حربى.. وعلمت ابنها أن يبصق على الحمار حربى صباحا ومساء.. فتعلم ابنها البصق قبل الكلام.. ثلاثة أعوام مرت.. علم الحاج أن حربى سيخرج من السجن لظروف مرضه.. ولكن أين سيذهب به وصفية فى انتظاره مشحونة بالغل، ذهب به إلى الدير هناك المقدس بشاى الذى يحبه أهل القرية مسلمون ومسيحيون.

عاش حربى فى الدير بين الحيرة والمرض.. وصفية مازالت تفكر فى الانتقام.. استأجرت المطاريد لقتله فى الدير.. إلا أنهم رفضوا وطلبوا من حربى أن يعيش معهم فى الجبل.. لكن الحاج والمقدس بشاى رفضا، فالدير أكثر أمنا، كما أن صحة حربى لاتسمح بذلك. أما صفية فقد وهنت وكأنها عجوز لا تقوى على الحركة.

طرق المقدس بشاى بيت الحاج ليخبره بأن حربى فى النزع الأخير وأن الله سيأخذ وديعته.. ولما عادا وجدا حربى فارق الحياة، لقد مات حربى فى عزلته، مرت الجنازة على بيت القنصل،علا صوت صفية بالصراخ فوقعت مغشيًا عليها وأخذت تتمتم بكلمات: «لو جه القنصل ومعاه حربى علشان يخطبنى قوله أنا هاتجوز حربى».


تمت