رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مركب واقف».. القصة الكاملة لأزمة «البيئة» والعاملين بالغوص

وزيرة البيئة ياسمين
وزيرة البيئة ياسمين فؤاد

ما بين تفسيره حفاظًا على المحميات الطبيعية بمصر وحماية لها، وتفسيره من ناحية أخرى منعًا تدريجيًا للسياحة، وقطعًا لمصدر رزق العاملين بالغوص، يظل قرار وزارة البيئة الجديد بزيادة الرسوم لزيارة المحميات الطبيعية في حيرة بين آراء أصحاب لنشات السياحة ومراكز الغوص ووزارة البيئة.

في هذه السطور، تتناول "الدستور" القصة الكاملة حول الأزمة الدائرة بين أصحاب اللنشات السياحة ومراكز الغوص ووزارة البيئة عقب قرار الأخيرة الذي تسبب في توقف جميع الرحلات البحرية بجميع مدن البحر الأحمر بعد امتناع أصحاب اللنشات السياحة ومراكز الغوص عن تنظيم الرحلات اعتراضًا على قرار الوزارة بزيادة رسوم زيارة المحميات الطبيعية.

وطالب أصحاب اللنشات السياحية ومراكز الغوص بالبحر الأحمر، بسرعة التدخل لوقف القرار صاحب الأزمة، وهو قرار رقم (204) لسنة (2019) الصادر من وزارة البيئة في 26 نوفمبر الماضي، والذي يقضي بتحصيل رسوم زيارة المحميات الطبيعية بحد أدنى 5 دولارات على كل سائح أجنبي و50 جنيهًا الحد الأدنى للمواطن المصري، هذا بخلاف الرسوم الأخرى التي يتحملها ملاك وأصحاب المراكب واليخوت والغواصات.

وهنا تواصلت "الدستور" مع المعترضين على قرار وزارة البيئة وهم أصحاب لنشات الغوص، وكان بينهم محمد صابر صاحب عدد من يخوت الغطس بالغردقة، والذي جاء على لسانه أن قرار وزيرة البيئة هو قرار غير مدروس وغير ملائم لتطبيقه على أرض الواقع فالنهوض بالسياحة يحتاج دراسة متطلبات كافة العاملين بها، والعمل على تحقيقها.

وأكد صابر، في حديثه لـ"الدستور"، أنهم كغواصين وأصحاب مراكب أخبروا بعض السياح بقرار ارتفاع قيمة تذكرة الغوص، وهو ما أثار اعتراض السائحين، لأن السائح الذي يأتي إلى مصر أصبح يحسب جيدًا التكلفة المادية ويلجأ دائمًا إلى الحصول على الخدمة بسعر أقل.

لذا فهذا من شأنه أن يقلل أعداد السائحين الوافدين للسياحية البحرية بمصر، خاصة أنها لا تمثل لهم سوى كونها رحلات ترفيهية، كما قد تجعلهم يتجهون إلى السياحة الأثرية بدلا من الساحلية، فـ"السائح في النهاية بييجي جولة ترفيهية ولو لقاها غالية مش هايطلع".

وذكر أن هناك أعباء كثيرة يتحملها أصحاب مراكب الغوص، من دفع الضريبة المضافة وتحمل زيادة أسعار السولار الضروري لسير المراكب، بالإضافة إلى تحمل أعباء الزيادة بأسعار التصاريح اليومية التي ارتفعت من 5 جنيهات إلى 50 جنيهًا، مما دفع بالكثير من أصحاب المراكب إلى التفكير بعدد العمال والغواصين مما يتسبب في رفع معدلات البطالة لكثير ممن يعد الغوص مصدرهم الوحيد للرزق.

والتقط منه أطراف الحديث، أحمد أمين، أحد مالكي يخوت الغطس بمدينة الغردقة، الذي يرى أن قرار وزيرة البيئة لم يفرض رسومًا على السائح فقط بل فرض رسومًا على كل صاحب مركب للغوص والغواصين أنفسهم.

وأوضح أن ما يتقاضاه الغواصون نظير رحلاتهم للغوص مع السائحين ليست سوى مبالغ قليلة، فكيف الوضع في حال الاستقطاع منه يوميًا مع كل فوج من هذا المقابل الزهيد.

أحد أصحاب مراكب الغوص أيضًا بمنطقة البحر الأحمر، وهو سامح أحمد علي يعلن اعتراضه على قرار وزارة البيئة مؤكدًا أن هذا القرار من شأنه تقليص السياحة، نظرًا لكون التكلفة الإجمالية التابعة لهذا القرار ستشكل عبئًا لا يمكن تحمله من الجميع سواء السائحين الأجانب أو أصحاب مراكب الغوص المصريين.

وردًا على حديث «الدستور» مع المتضررين، أكد الدكتور محمد سالم، رئيس قطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة، أن قرار وزارة البيئة لم يمس بأي حال من الأحوال القائمين على الخدمات من غواصين مصريين وأصحاب مراكب، إنما يشمل القرار فقط السائح الأجنبي.

وأكد أن هذا القرار جاء تصحيحًا لوضع ظل خاطئًا لمدة تزيد على 30 عامًا، وهو فتح محميات مصر أمام الجميع مجانًا دون أي مقابل، وهو ما يتنافى مع بديهيات العمل البيئي الذي يخص تنظيم استخدام المحميات الطبيبعية بالعالم أجمع، خاصة أن محميات مصر تعد الفريدة من نوعها والمصنفة عالميًا.

وأضاف أن هذا القرار جاء بعد دراسة مستفيضة بالأوضاع في البلدان الأخرى المماثلة في الطبيعة البحرية، والأجواء، وكذلك الوضع الاقتصادي، موضحًا أن مصر تقدم خدمة الغوص تحت الماء للسائحين بعد الزيادة بما لا يتعدى الـ50 دولار، بينما أقل دولة تلي مصر بترتيب الأقل ثمنًا لرحلات الغوص تقدمها بـ150 دولارا، أي "أننا بمصر نقدم خدمة الغوص للسائح بأقل من ربع نظيرها بدولة مماثلة، لذا لا صحة لما يردده البعض مما قد يحدثه قرار البيئة من تقليص لعدد السائحين الوافدين إلى مصر".

وتابع: «السائح بكل مكان يسأل عن تكلفة الرحلة لزيارة المحميات الطبيعية قبل زيارتها، "فلماذا نقدم هذه الخدمة بمصر مجانًا ونضيع على البلاد موردًا هامًا من الدخل الذي سيستخدم في تطوير المحميات ذاتها؟"، منوهًا بأن الكيلومتر الواحد من المحميات يحتاج إلى 8000 دولار في السنة للحفاظ عليه، وتطبيق برامج الحماية العالمية به، لذا فنحن نحتاج بمصر حسب المساحات المعلنة كمحميات بحرية في البحر الأحمر ما لايقل عن 400 مليون في السنة حتى نعمل على الحفاظ على هذه التي تمتلكها البلاد».

ويذكر أنه يوجد بمصر (23) محمية، وتشمل نماذج فريدة لتتابع الجيولوجي المكشوف لسجل تاريخي يصل إلى نحو 600 مليون سنة ماضية.