رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضم إسرائيل لـ"غور الأردن".. ضرورة صهيونية أم انتخابية؟

غور الأردن
غور الأردن

تم تشكيل لجنة حكومية إسرائيلية لدراسة مسألة ضم غور الأردن، وبدأت بالفعل التحضيرات لتقديم اقتراح رسمي لفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، ومن المتوقع أن تسلم اللجنة برئاسة رونين بيريتز المدير العام لمكتب نتنياهو، والتي تضم ممثلين عن وزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي، المُقترح للحكومة أو الكنيست.
كان "نتنياهو" قد تعهد في سبتمبر الماضي أنه في حال إعادة انتخابه سيضم على الفور غور الأردن إلى السيادة الإسرائيلية، ولكن "نتنياهو" لم يشكل الحكومة، ولم يضم الغور، فيما عاد الحديث عن الأمر مجددًا مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية الثالثة في مارس المقبل، وهو ما يطرح سؤالًا رئيسيًا، هل ضم غور الأردن ضرورة صهيونية وسياسية لإسرائيل ... أم لدواع انتخابية؟ .. هو ما سنوضحه في النقاط التالية:
بعد انهيار جيش صدام حسين في حرب العراق 2003، تحدث كثيرون داخل إسرائيل عن انتهاء تهديد الجبهة الشرقية، ومسألة فرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن كخط دفاع شرقي لإسرائيل لم تعد ذات أهمية، وبحسب رأي قائد المنطقة الوسطى الأسبق عمرام متسناع الذي قال: "حين يكون ممكنًا إطلاق صواريخ بعيدة المدى لا توجد أي أهمية للعمق الاستراتيجي، الاتفاقات ستمنحنا أمنًا أكبر من العمق الاستراتيجي".
كما يبدو أصبحت هذه العقيدة الاستراتيجية الإسرائيلية فيما يخص الجبهة الشرقية، لكن مع تغير الظروف في المنطقة، بدءا من أحداث الربيع العربي، وتسليح إيران وحزب الله وحماس، عادت أهمية غور الأردن مرة أخرى على الطاولة الإسرائيلية، وتم فتح الملف بعنوان "ضرورة أمنية".
من ناحية أخرى، فإن لغور الأردن أهمية جغرافية بالنسبة لإسرائيل، والمساحة التي سيتم فرض السيطرة عليها يمكنها أن تستوعب قرابة مليون إسرائيلي، كما أن السيطرة على غور الأردن ستكون فكرة جيدة لربط الجليل والنقب، بدلًا من المحاور الحالية المزدحمة، كما أنها ستكون نقطة عبور مهمة بين آسيا وإفريقيا تتحكم فيها تل أبيب، وهو ما يتم وصفه بـ"الضرورة الجغرافية".
كل ما سبق تفكر فيه إسرائيل وتدرسه جيدًا، من حيث المكاسب، أما من حيث المخاطر، فإن تطبيق السيادة على أجزاء من أراضي المستوطنات هو عملية إشكالية من ناحية القانون الدولي، خاصة بعدما أعلنت المحكمة الجنائية الدولية عزمها فتح تحقيق عن الأوضاع في الضفة وغزة.
"غور الأردن" هو منطقة شرق الضفة الغربية، وفيه مجلسان إقليميان يعيش فيهما عدد قليل من السكان نسبيا هما: المجلس الإقليمي عرفوت هيردين في الشمال، والمجلس الإقليمي مجيلوت في الجنوب، وعملية خلق "كانتونات" لمواطنين إسرائيليين يكونون خاضعين مباشرة للقانون الاسرائيلي وليس للقائد العسكري والإدارة المدنية مثلما هو الحال الآن ستتسبب في إشكالية قانونية، وهو ما يرجح الفكرة بأن مسألة الضم يتم طرحها فقط قبل الانتخابات، ثم يتم نسيانها بعد ذلك.
حتى الولايات المتحدة والتي من المفترض أن يستند إلي دعمها قرار نتنياهو بالضم، فمن المشكوك فيه أن تتورط واشنطن في قرار يعقد الوضع أكثر، وربما يتسبب في المس باتفاقية السلام الإسرائيلية الأردنية، أو بالتنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ولكن هناك وجهة نظر أخرى تقول بأن إدارة ترامب بعد قرارات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، وقرار أن المستوطنات لا تمثل عائقا قانونيا، فيمكنها فعل أي شيء، وهو ما يجعل جميع الخيارات مفتوحة.