رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إنهم لا يرون العراق!



الجميلة مورجان أورتاجوس، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، ظهرت الأربعاء، على شاشة «سكاى نيوز عربية»، لتعلق على قيام مواطنين عراقيين، صباح الثلاثاء، بالتظاهر وبعض أعمال الشغب أمام البوابة الرئيسية للسفارة الأمريكية، فى بغداد، منددين بالضربات الجوية الأمريكية، التى استهدفت، الأحد الماضى، خمس قواعد تابعة لكتائب «حزب الله» العراقية، الموالية لإيران، ردًا على استهداف قاعدة عسكرية، الجمعة، بثلاثين صاروخًا، أسفر عن مقتل متعاقد (مقاول) أمريكى، وإصابة آخرين.
أورتاجوس، Morgan Ortagus، أتمت ٣٧ سنة فى يوليو الماضى، وهى حاصلة على بكالوريوس العلوم، وماجستير فى الآداب، وآخر فى إدارة الأعمال، وتنتمى إلى الحزب الجمهورى الأمريكى. ومع تولى مايك بومبيو وزارة الخارجية، فى أبريل الماضى، اختارها متحدثة باسم الوزارة خلفًا لهيذر نويرت، مراسلة شبكة «فوكس نيوز»، التى رشحها الرئيس الأمريكى، فى ديسمبر ٢٠١٨، لتكون سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، لكنها اعتذرت عن عدم قبول المنصب وسحبت ترشيحها.
فى لقائها مع «سكاى نيوز عربية»، أكدت أورتاجوس ضرورة «ألا يخلط النظام الإيرانى بين تصريحات (وزير الخارجية مايك) بومبيو و(الرئيس دونالد) ترامب وتلك التهدئة من قبلهما ويعتبرها ضعفًا». وأوضحت أن الولايات المتحدة ستقف مع مواطنيها الأمريكيين وستدافع عن حلفائها ومصالحها، معربة عن أملها فى أن «تردع» هذه السياسة النظام الإيرانى، ولا تدفعه للقيام بأمور «سخيفة». وأكدت أورتاجوس أن الرئيس ترامب لديه «تشكيلة واسعة من الخيارات» بشأن الإجراءات اللازم اتخاذها تجاه إيران.
المتحدثة الأمريكية، الجميلة، استعرضت سلسلة التهديدات التى شكلتها إيران للمنطقة والعالم فى الآونة الأخيرة، بدءًا من احتجاز ناقلات نفط فى مياه الخليج، مرورًا بإسقاط طائرة أمريكية مسيرة، ووصولًا إلى الهجوم على منشآت أرامكو السعودية، وقالت: «يجب أن نواجه التهديدات الإيرانية، وهذا يحدث منذ الصيف»، وأضافت: «كانت هناك تهديدات حتمت علينا تقليل عدد موظفى السفارة فى بغداد». وجدّدت أورتاجوس التأكيد أن واشنطن ستواصل «سياسة الضغط الأقصى» ضد النظام الإيرانى وحلفائه، مشيرة إلى أن سياسة واشنطن فى هذا الصدد لم تتغير. ثم أكدت أن «النظام الإيرانى يعيش فى حالة هلع، ويتصرف بناء على هذه الحالة»، مضيفة أن واشنطن «لا تقبل أى عدوان من إيران أو وكلائها» على أمريكا ومصالحها بالمنطقة.
الكلام، كما ترى، تجاهل تمامًا، أن هناك دولة مستقلة ذات سيادة، اسمها العراق، أو من المفترض أنها كذلك. وتلك، فى رأينا، فجاجة أو بجاحة، حتى مع تسليمنا، كما أوضحنا فى مقال سابق، بأن العراق تحول إلى «مُولد وصاحبه تايه» أو تائه، منذ أن وقع تحت الاحتلال الأمريكى الإيرانى. وتأكيدنا أن العراقيين بلا حول ولا قوة، وأنهم يتفرجون، مثلنا، على بلدهم وهو يتحول إلى ساحة صراع مفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران، ولا يعرفون، كما لا نعرف، متى تنتهى تلك الخناقة أو الاستهدافات المتكررة والمتبادلة بين القوات التابعة للطرفين. ورجحنا أن تكون الاضطرابات السياسية التى تعم العراق، والتظاهرات التى يشهدها، منذ أكتوبر الماضى، سببًا رئيسًا فى «الخناقة الأمريكية الإيرانية» أو العكس.
أوضحنا، أكدنا، رجحنا، وأشرنا أيضًا إلى أن من تظاهروا أمام السفارة تابعون لميليشيات الحشد الشعبى، الموالية لإيران، لكن لم نكن نتخيل أن يكون اللعب على المكشوف بهذه الفجاجة أو الوقاحة. حاصة فى ظل توجيه اتهامات للولايات المتحدة، وسفارتها فى بغداد، تحديدًا، بأنها تقف خلف تظاهرات العراقيين، التى نددت بالفصائل المسلحة الموالية لإيران والمدعومة منها، وأجبرت عادل عبدالمهدى، رئيس الحكومة المدعوم، أيضًا، من إيران، على الاستقالة.
جانب من اللعب، ظهر على «تويتر»، إذ هاجم المرشد الإيرانى، على خامنئى، الرئيس الأمريكى، دونالد ترمب، ردًا على تغريدة كتبها الأخير، حمّل فيها إيران مسئولية الهجوم على السفارة فى بغداد، وتوعّدها بدفع ثمن باهظ. وكتب خامنئى: «تلاحظون شدّة الغليان ضدّ أمريكا فى بغداد وأرجاء العراق. يغرّد ذلك الشخص (ترمب) بأنّ إيران مذنبة! أولًا، ما يقوله مجرد هراء. فلا دخل لإيران بهذا. وثانيًا، ليكن الأمريكيّون منطقيين وهم ليسوا كذلك. الشعب العراقى مشمئزٌ من الأمريكيين. لماذا لا يدركون هذا الأمر؟».
.. وتبقى الإشارة إلى أنه كان مقررًا أن يصل مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكى، اليوم الجمعة، إلى أوكرانيا، فى زيارة تهدف إلى «إعادة التأكيد على دعم واشنطن لكييف وسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها»، طبقًا لما ذكره بيان، الإثنين الماضى. لكن أورتاجوس أعلنت، الأربعاء، عن تأجيل الزيارة، لأن الضرورة اقتضت «بقاء الوزير فى العاصمة واشنطن لمواصلة متابعة الوضع فى العراق وضمان أمن وأمان الأمريكيين». مع أن المحتجين غادروا محيط السفارة، الأربعاء، احترامًا، لـ«طلب الحكومة العراقية»، كما زعم قادة «الحشد الشعبى»، الموالى لإيران، الذى لا يتلقى تعليماته إلا منها!.