رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حصاد الحراك الجزائرى منذ اندلاع الاحتجاجات

جريدة الدستور

تشهد الجزائر منذ عشرة أشهر حراكًا احتجاجيًا غير مسبوقًا، أجبر الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة في أبريل، كما رفض نتيجة الانتخابات الرئاسية التي فاز بها رئيس الوزراء السابق عبد المجيد تبون الذي أدى اليمين الخميس رئيسًا جديدًا للجزائر.

ويطالب الحراك الذي لا قائد له ولا هيئة رسمية تمثله بإسقاط النظام القائم منذ استقلال البلاد في العام 1962، واستبداله بمؤسسات انتقالية تتولى إعادة بناء السلطة.

وفي 22 فبراير 2019، تظاهر الآلاف في مدن جزائرية عدة، حيث يحظر التظاهر منذ عام 2001، رافعين شعارات "لا ولاية خامسة"، و"لا بوتفليقة"، و"لا سعيد" شقيق الرئيس الذي كان ينظر إليه على أنّه خليفته المحتمل.

وكان بوتفليقة الذي وصل إلى الحكم عام 1999 أعلن ترشحه في العاشر من فبراير لولاية رئاسية خامسة، رغم تدهور صحته نتيجة إصابته بجلطة دماغية عام 2013.

وفي العاشر من مارس، صرح رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح، أن الجيش يتقاسم مع الشعب القيم والمبادئ نفسها، وفي 11 مارس، أعلن بوتفليقة عدوله عن الترشح لولاية خامسة وإرجاء الانتخابات الرئاسية لأجل غير مسمى.

وفي 15 مارس، خرجت حشود ضخمة في وسط العاصمة منددة بتمديد ولاية بوتفليقة من خلال تأجيل الانتخابات، وشملت التظاهرات أربعين ولاية من أصل 48، وفي نهاية مارس طلب قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح إعلان الرئيس عاجزًا عن ممارسة السلطة أو أن يستقيل، وفي الثاني من أبريل أعلن بوتفليقة (82 عامًا) استقالته.

وفي الخامس من أبريل، نزل الجزائريون إلى الشوارع بأعداد كبيرة، معربين عن عزمهم على التخلص من "كل" رموز النظام، وفي التاسع من أبريل، تم تعيين رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيسًا بالوكالة، فيما قاطعت المعارضة جلسة البرلمان.

وفي منتصف أبريل، استقال رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز المقرّب من بوتفليقة، وفي العشرين من مايو، رفض قايد صالح، الرجل القوي الجديد في البلاد، مطلبين رئيسيين للمحتجين هما إرجاء الانتخابات الرئاسية التي حددت في الرابع من يوليو، ورحيل رموز "النظام السياسي".

وألغى المجلس الدستوري في الثاني من يونيو الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الرابع من يوليو بسبب عدم وجود مرشحين، وفي منتصف سبتمبر، أقر البرلمان بشكل طارئ قانونًا لتشكيل سلطة انتخابية "مستقلة"، وآخر لمراجعة القانون الانتخابي.

وأعلن عبد القادر بن صالح، أن الانتخابات الرئاسية ستجرى في 12 ديسمبر، متماشيًا مع "مقترح" قائد أركان الجيش، وفي 18 سبتمبر، شددت قيادة الجيش لهجتها وقالت إنها ستمنع المحتجين من ولايات أخرى من المشاركة في تظاهرات العاصمة.

وفي 25 سبتمبر، قضت محكمة عسكرية بالسجن 15 عامًا على سعيد بوتفليقة ورئيسين سابقين للمخابرات ومسؤول سياسي، بتهمة "التآمر ضد سلطة الدولة".

وبدأت مطلع ديسمبر أول محاكمة بتهم الفساد ضد رئيسي وزراء سابقين، ومسؤولين سياسيين آخرين، وآخرين في قطاع تصنيع السيارات، وقضت المحكمة في العاشر من ديسمبر بالسجن 15 سنة لرئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، و12 سنة لسلفه عبد المالك سلال بعد إدانتهما بالفساد.

وقضت المحكمة كذلك بسجن عدد من المسؤولين السابقين بعد إدانتهم بالفساد، وفي منتصف نوفمبر، نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بـ"التصعيد في قمع المحتجين".

وفي 28 نوفمبر، ندد البرلمان الأوروبي بـ"التوقيف التعسفي وغير القانوني" و"بالتخويف والاعتداءات" بحق صحفيين ونقابيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، ومتظاهرين.

ونددت الجزائر من جهتها بما وصفته بـ"الازدراء" تجاه المؤسسات الجزائرية، وبحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين التي تحدد وتدعم الأشخاص الموقوفين على خلفية الحراك، تم وضع نحو 180 شخصًا قيد الحجز الاحتياطي أو أدينوا في الأشهر الأخيرة.

وفي 12 ديسمبر، جرت الانتخابات الرئاسية في أجواء متوترة، وتجمع عشرات آلاف المتظاهرين في الجزائر للتنديد بها، وبلغت نسبة المشاركة 39.83 %، وهي النسبة الأدنى في تاريخ الاستحقاقات الرئاسية في الجزائر.

وفي 13 ديسمبر، أعلن فوز عبد المجيد تبون، رئيس الوزراء السابق في عهد بوتفليقة بالرئاسة من الدورة الأولى من الاقتراع بحصوله على 58.15% من الأصوات.

وقال الرئيس المنتخب في أول مؤتمر صحافي له: "أتوجه مباشرة للحراك المبارك، وأمد له يدي لحوار جاد من أجل جمهورية جديدة"، وفي 19 ديسمبر أدى تبون اليمين رئيسًا، وعيّن صبري بوقدوم وزيرًا أول بالنيابة.

وأقال "تبون" وزير الداخلية صلاح الدين دحمون الذي وصف معارضي الانتخابات الرئاسية بأنهم "خونة ومرتزقة ومثليّون جنسيًّا وبقايا استعمار"، وعين مكانه وزير السكن كمال بلجود.

وفي 27 ديسمبر تظاهر عشرات آلاف الجزائريين للأسبوع الخامس والأربعين على التوالي من تحرّك فقد في الأسابيع الأخيرة بعضًا من زخمه، وفي 28 ديسمبر عيّن تبون الأستاذ الجامعي الحائز على دكتوراه في العلوم السياسية عبد العزيز جراد رئيسًا للوزراء.