رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"آبق" رواية عماد الدومانى التشويقية

رواية آبق
رواية آبق

"آبق" كلمة من ثلاثة حروف وتعنى المتمرد أو الهارب، وهى تطلق على العبد الذي يفر من سيده.

ولكن من هو السيد، ومن هو العبد فى رواية الكاتب عماد الدومانى، الذى اختار لها هذا العنوان المختصر والمختزل فى كلمة واحدة ذات دلالات كثيرة؟ ليكون أول عتبات النص فى روايته ثم يخلفه بغلاف لشاب أسود عارى الجسد إلا مما يستر عورته يحمل شومة كبيرة يرفعها فى وضع استعداد للقتال.
من الوهلة الأولى يخيل إليك حين تقرأ العنوان وتمعن النظر فى الغلاف أنك بصدد رواية تحكى عن عبد زنجى يتمرد على سيده فى القرون الماضية، ولكن بمجرد أن تتخطى عتبة الإهداء تجد نفسك أمام رواية فى نفس العام الذي أنت فيه. فتتلاشى فكرتك المسبقة عن الرواية وهذا يحسب للكاتب على أية حال.

يباغتك الدومانى بمشهد تشويقى "ساسبنس" لرجل الأعمال الأربعيني شريف الذى اختار له المؤلف اسمًا لا ينم عن شخصيته، يدخل بيته مشدد الحراسة فيجد ابنه الوحيد "جاسر" غارقًا فى دمه، فيصرخ ثم يتجه إلى غرفة زوجته "هايدى" فيجدها بلا حراك فى ثوب السجناء، فيصرخ مرة أخرى، ثم يرجع إلى ابنه فيجده سليمًا معافى وكأن شيئًا لم يحدث، يأخذه إلى غرفة نوم هايدى فلا يجدها، ثم يسمع نداءها من المطبخ، يركض نحوها ثم يقص عليهما ما رآه، فتتهمه بمعاودة شرب الخمر، يحتكمنا إلى كاميرات المراقبة التى تكذبه ثم تصدقه وقت انصراف زوجته وابنه، ثم يبحث عنهما فلا يجد لهما أثرًا، فيتصل بزوجته فتخبره بأنها فى بيت أبيها برفقة ابنهما منذ ساعات.

استطاع الكاتب أن يثير حفيظة القارئ ليجعله يرى المشاهد كأنه يشاهد فيلمًا أمريكيًا ينتمي لأفلام الحركة.

ولكنى أعود وأسأل من هو الآبق ومن سيده؟

يدخل بنا الكاتب إلى عوالم الرؤى لنقف أمام شريف وابنته التي صعقت في مسبح قصره بضغطة زر من أصبعه. ليوضح لنا الكاتب أن الصعق كان للأب ولم يكن للابنة تخبره ابنته أنه سيموت قريبًا وتطلب منه أن يتوب لأنهم فى عالم البرزخ يلقبونه بدراكولا.

يمرض شريف ويكتشف أنه مصاب بالسرطان فيقرر الاعتزال ولكن اعتزال ماذا؟ رويدًا رويدًا يكشف لك الكاتب أن شريف يعمل فى منظومة عالمية هدفها الهيمنة على الاقتصاد العالمي وكأنه يقصد الصهيونية العالمية "الماسونية" التى اختارته ليكون رجلها الأول في مصر فأغدقت عليه بالمليارات المشبوهة.
قرر شريف أن يتخلى عن كل ما يملك مقابل أن يتركوه ولكنه لم ينج منهم. وهنا قد تظن أن العبد الآبق هو شريف وأن السيد هو الماسونية، والحقيقة أنك صدقت فى الأولى ولم تصدق فى الثانية، لأن السيد هنا هو الله عز وجل الذي أبق عبده وتركه إلى الدنيا وأطماعها فالتهمته. لذا يقول الكاتب على لسان شريف: لم الجزع قد يكون المرض خيرً جاء فى وقت حرج آن للآبق أن يعود إلى سيده".

استخدم الكاتب عماد الدومانى لغة شاعرية منها على سبيل المثال "دخلا مازن وبسنت عليهما بوجوه عابسة تثير القنوط فابتدرهم بقوله "لا تصبوا على زيتًا مغليًا ولكن أفيضوا على من ماء حبكم فماؤنا أجاج".

من هذا المقطع أيضًا تعرف أن الرواية كانت فى حاجة للمراجعة اللغوية التى تعيب الرواية إلى حد كبير فكان من المفترض أن تكون العبارة "دخل مازن وبسنت عليهما بوجهين عابسين أثارا قنوطه فابتدرهما بقوله". لذا على الكاتب مراجعة عثرات العمل الأول فى الطبعة الثانية.

إجمالًا الرواية جيدة تتميز بحبكة درامية جيدة بدأت "بالساسبنس"، حيث هواجس البطل وانتهت "بالسابنس" عند اختفاء البطل الذي لم يكن بين القتلى أو المصابين أثناء محاولة اغتياله. ليجعلنا في انتظار ما تبقى من الحكاية فى جزء ثان.