رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أهمية أن نكون منصة للحوار الحضارى بين الشعوب


مع نهاية عام يمضى وبداية عام يجىء، وقبل أن يطوى العام أيامه لنبدأ عامًا جديدًا، فمن الإنصاف أن نقول إننا لا بد أن نضع عيوننا على أهمية أن نكون منصة عالمية لحوار الحضارات والثقافات وبشكل مستمر ودورى، لأنه ما من دعاية أفضل لمصر من تضاعف عدد زائريها كل عام، مثلما يمكن لمؤتمر دولى أو منتدى عربى أو إفريقى أن يحققه، ولأنها أفضل وسيلة للرد على كل من يحاول تشويه صورة مصر أو الإساءة إليها فى الخارج من الأبواق المعادية والمتآمرة علينا.
من الإنصاف التوضيح أن مصر قد عكست للعالم فى الأيام الماضية، صورة دولة متحضرة تفتح للعالم ذراعيها وترحب بزائريها من كل الأعمار والأقطار ما داموا يدخلونها بسلام ويحترمون قوانينها، ويعرفون بأنها دولة سلام وحضارة، ففى القاهرة وقبل نهاية العام أقيم مؤتمر إفريقيا ٢٠١٩ الذى حقق نجاحًا كبيرًا، لافتًا النظر إلى دفع التعاون والشراكة بين الدول الإفريقية، الذى كان بحضور وافتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الاتحاد الإفريقى لدورته الحالية حاملًا عنوان «استثمر فى إفريقيا»، والذى شارك فيه عدد من رؤساء دول وحكومات ووزراء من مختلف الدول الإفريقية، ونحو ٢٠٠٠ شخص من ممثلى شركاء مصر فى التنمية، وكان المؤتمر يتضمن حوارات وجلسات تفاعلية مستمدة من رؤية إفريقيا لعام ٢٠٦٣، وذلك لتعزيز الشراكة والتنمية المستدامة لإفريقيا. ومن ناحية أخرى أقيم فى شرم الشيخ أكبر تجمع عالمى للشباب بحضور وافتتاح ومشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى و٨٠٠٠ شاب وفتاة من مختلف أنحاء العالم، فكان بمثابة منصة عالمية تضمنت حوارات ومناقشات وجلسات بعثت برسائل سلام ووئام وتفاهم من على أرض مدينة السلام. وفى مدينة القاهرة أقيم أيضًا مؤخرًا منتدى عربى مهم برعاية جامعة الدول العربية، وكان حسبما رأيت بمثابة منصة عربية للتوعية بأهمية الإلمام بالقانون فى المجتمعات العربية.
ووفقًا لما شاهدته، ومن خلال حضور جانب من المناقشات والمداخلات التى دارت حول هذا الموضوع، فإننى أعتقد أنه يجىء فى توقيت مهم لاستكمال عناصر استقرار بلدنا، ولكى نضع قدمًا راسخة فى العالم المتحضر، وحتى نؤسس صرحًا قانونيًا حضاريًا لمستقبل بلدنا وللأجيال المقبلة، وحتى يتوافر لنا جميعًا الاحترام المتبادل للحقوق والواجبات، وهو بالطبع حلم كلنا يبتغيه، فالإلمام بالقانون سيمكننا من أن نضع قدمًا راسخة فى العالم المتحضر الذى يحترم سيادة القانون. لقد أقيم منتدى تحديات الثقافة القانونية فى الوطن العربى على مدى ٣ أيام بحضور ٣٠٠ مشارك من مختلف الدول العربية على مستوى الخبراء، عكفوا فيها على مناقشة الأفكار والرؤى والمقترحات وتحليلها تجاه عدد من التحديات التى تعوق تحقيق أهداف الثقافة القانونية فى الوطن العربى، بغية الوصول لحلول قابلة للتطبيق بما يمثله الوعى بالقانون، حيث إنه يمثل وقاية مبكرة من الجرائم المستحدثة.
فهناك أنواع جديدة من الجرائم التى تفاقمت فى السنوات الأخيرة، ومن المؤكد أنها فى حاجة إلى الوعى بها، ومن هنا أيضًا تأتى أهمية هذا المؤتمر الذى تناول ٤ محاور تمثل تحديات خطيرة أمام الثقافة القانونية، وأولها: مواجهة الإرهاب باعتباره جريمة منظمة، وثانيها: كثرة الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعى، وثالثها: تزييف الوعى الجمعى العام، ورابعها: انتشار ثقافة التشكيك فى المعلومات والثوابت التى درجنا عليها.
وكان من أهم توصيات المؤتمر العديدة فى تقديرى، اعتباره فى حالة انعقاد دائم عبر وسائل التواصل الاجتماعى، وصياغة توصيات عملية وهادفة للمنتدى تعرض على صناع القرار وتحت أنظار الأطراف الفاعلة فى عملية تنمية ثقافة الوعى بالقانون، ومواجهة تلك التحديات الخطيرة والقضاء عليها، حتى يتحقق للمواطن العربى الوعى الحقيقى بالقانون، وأيضًا من أهم التوصيات تكليف المركز العربى للوعى بالقانون بمتابعة الجهود العلمية للسعى لتنفيذ ما جاء بكلمة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بدعوة الدول العربية بمؤسساتها لأن تقوم بدورها فى خلق حالة وعى مجتمعى عام لمفاهيم الثقافة القانونية، وأيضًا تشجيع الخطوات الهادفة إلى ترسيخ سيادة دولة القانون.
وقال لى د. خالد القاضى رئيس المركز العربى للوعى بالقانون، والذى أسفرت جهوده الحثيثة عن نجاح هذا المنتدى الذى يأتى فى وقت مناسب مع انتشار أنواع حديثة من الجرائم التى ينبغى الوعى بها والتعاون فى التصدى لها- «إن المشاركين قد أجمعوا على ضرورة عقد المنتدى سنويًا مع متابعة وتحديث وتطوير محاوره وموضوعاته».
وإذا كانت المؤتمرات الدولية فى مصر قد انتهت بتوصيات عديدة، فإننا بالطبع نأمل فى تنفيذها على أرض الواقع وبما يعود على المجتمعات بالسلام والتنمية والتخلص من كل أشكال العنف والقهر والحروب.. وعالم أكثر إنسانية وقدرة على التعايش السلمى.
إننا نتطلع إلى عام جديد يقبل علينا بالمزيد من الازدهار والسلام والتقدم واستمرار مصر فى تبوؤ ما تستحقه من مكانة تليق بها باعتبارها قلب العالم المتحضر، وأرض السلام والأمان والخير لشعبها ولزائريها الذين نتمنى أن تتضاعف أعدادهم مع العام الجديد مع نجاح هذه الملتقيات العالمية، وأن تشكل هذه الملتقيات الدولية دفعة جديدة للسياحة فى بلدنا.. وكل عام وأنتم بخير مع بداية العام الجديد.