رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل «كوالالمبور».. وأنتم بخير!



دون بيان مشترك، ودون حضور الأستاذة موزة المسند، اختتمت جلسة، قعدة أو «قمة كوالالمبور»، أعمالها، السبت، بخطاب ختامى ألقاه مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا، طالب فيه الدول التى «تظن أنها الأقوى» بالتوقف عن محاربة الدول الإسلامية. ومع أنه لم يذكر أسماء تلك الدول، إلا أن الخطاب تضمن ما يشير، بشكل واضح، إلى أنه يقصد الولايات المتحدة والدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب: مصر، الإمارات، السعودية، والبحرين!.
الولايات المتحدة فرضت عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووى. والدول العربية الأربع قطعت علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع قطر، منذ حوالى عامين ونصف العام، بسبب دعمها الإرهاب وهو ما نفته الدوحة. وعليه، تكون هى المقصودة، بعد إشادة رئيس الوزراء الماليزى، فى كلمته، بتحمل إيران وقطر تبعات العقوبات والمقاطعات الاقتصادية، ومطالبته العالم الإسلامى بالاعتماد على نفسه لمواجهة أى تهديدات مستقبلية.
بوضوح أكثر، قال رئيس الوزراء الماليزى: «مع وجود دول تتخذ قرارات أحادية الجانب لفرض مثل تلك الإجراءات العقابية، يتعين على ماليزيا وغيرها من الدول أن تأخذ فى الحسبان دائمًا أنها معرضة لمثل تلك الإجراءات». ثم أشار إلى أن بلاده وإيران وتركيا وقطر تبحث تنفيذ المعاملات التجارية فيما بينها بـ«الدينار الذهبى» ونظام المقايضة كنوع من الحماية من أى عقوبات مستقبلية محتملة.
انطلقت قعدة، جلسة، أو ما وصفوها بـ«القمة الإسلامية المصغرة»، الأربعاء الماضى، فى العاصمة الماليزية، وكان من المفترض أن يشارك فيها قادة ست دول، هى تركيا، إيران، إندونيسيا، باكستان وقطر، بالإضافة إلى الدولة المضيفة. ومع أن مهاتير محمد أكد أنه وجه دعوات لكل الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى، أى إلى ٥٧ دولة، إلا أن ثلاثة فقط، أو اثنين ونصف من قادة ورؤساء الدول حضروا: الرئيس الإيرانى حسن روحانى، الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، وحاكم قطر بالوكالة تميم بن حمد.
الموقع الإلكترونى الرسمى للقمة، وصفها بأنها منصة دولية للقادة المسلمين والمثقفين والعلماء من جميع أنحاء العالم، لمناقشة وتبادل الأفكار حول قضايا العالم الإسلامى. وأنها انعقدت للمرة الأولى، فى نوفمبر ٢٠١٤، فى كوالالمبور، وحققت نجاحًا كبير، بمشاركة شخصيات إسلامية شهيرة، ناقشت المشكلات التى تواجه العالم الإسلامى واقترحت حلولًا جديدة. ونحيلك، هنا، إلى ما سبق أن ذكرناه بشأن الشخصيات التى شاركت فى تلك القمة وما تلاها، مكتفين بالإشارة إلى أنها تحت مستوى الشبهات.
لو دخلت على هذا الموقع، وضغطت على «الأعضاء» أو «members»، ستجد أن القمة يرأسها مهاتير محمد، وأن له خمسة نواب: أحمد سرجى عبدالحميد، أمين عام الحكومة الماليزية، وموزة بنت ناصر المسند، زوجة حاكم قطر بالوكالة السابق، ووالدة «الفتى تميم» الحاكم بالوكالة الحالى، والموريتانى محمد الحسن بن الددو الشنقيطى، عضو مجلس أمناء ما يوصف بـ«الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين» القطرى، ثم بيرات البيرق، زوج ابنة الرئيس التركى ووزير ماليته، ومحمد عزمين على، وزير الاقتصاد الماليزى. وتحت هؤلاء، وتحت صفة «الأمين العام»، ستجد اسمين، أحدهما هو عبدالرزاق مقرى، مرشد الإخوان فى الجزائر.
غريب، إذن، ألا تشارك الأستاذة موزة فى قعدة، جلسة، أو قمة هى نائبة رئيسها، وأن تكتفى بإرسال والدها. لكن الأغرب، هو أن سيرتها كانت حاضرة، فى مؤتمر صحفى عقده الرئيس التركى، بتأكيده أنه لا يوجد أى مانع قانونى يعيق شراءها، شراء موزة، عقارات على أطراف قناة إسطنبول التى يعتزم شقها لربط البحر الأسود ببحر مرمرة. ثم انتقد المعترضين بزعم أنهم ما كانوا سيتفوهون بكلمة واحدة لو كان المشترى «شخص غربى»، وسأل: لماذا تعرب المعارضة عن استيائها عندما يتعلق الأمر بقطر؟!.
المهم، هو أنه بعد أربعة أيام من اللت والعجن، لم يصدر عن القعدة، الجلسة أو القمة، أى بيان مشترك. وبينما كان المغيبون ينتظرون مواقف حادة ضد مزاعم اضطهاد المسلمين، فى الصين أو ميانمار أو غيرهما، تحدث رئيس الوزراء الماليزى بشكل عام، عن وجود مخاوف من تعرض المسلمين فى الدول غير الإسلامية لاندماج قسرى. وربما حرصًا على علاقات بلاده بالصين، تناول بمنتهى العقلانية، مزاعم تعرض مسلمى الإيغور للاضطهاد، قائلا: «يجب أن نستمع للدولة ويجب أن نستمع لمن يشتكون، هذا هو الإنصاف».
وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الإيرانى حسن روحانى، تجاهل أن دولتين مشاركتين فى القعدة، الجلسة أو القمة، تستضيفان قواعد عسكرية أمريكية، ودعا إلى مواجهة الولايات المتحدة التى اتهمها بممارسة «الإرهاب الاقتصادى»، و.... و... ثم غادر ماليزيا متوجهًا إلى العاصمة اليابانية طوكيو، لإجراء مباحثات مع شينزو آبى، رئيس الوزراء اليابانى، كان أبرز محاورها قيام اليابان بالوساطة بين إيران والولايات المتحدة لخفض التوتر، وقبول التفاوض!. وكل «كوالالمبور» وأنتم بخير!.