رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المخالب والأظافر.. أيهما يليق بك؟



تطوى كوشينا مخالبها حين تمد يدها وتلمس خدى كى ألتفت لها، وأحيانا، وربما يهيئ لى، حين تربت على خدى تعاطفًا معى.
المخالب التى تطويها كوشينا، قطة «مريم»، كى لا تجرح وجهى تستطيع أن تفعل الكثير، إنّها واحدةٌ من أكثر الأدوات الطبيعيّة ذات الاستخدامات المتعدّدة. تستخدم الدببة المخالب للحفر والدفاع عن نفسها. كما تستطيع مخالب النسور الشبيهة بالإبر ثقب جماجم فريستها.
قرأت أن الأسود تستطيع إخفاء مخالبها الضخمة لتسهيل حركتها، قبل إظهارها من أجل الصيد. كوشينا تستخدم مخالبها فى إفساد سجادتى أو كرسى المكتب. لكنها لا تصطاد بها، هى تصطاد فى أحيان نادرة ذبابة سقطت على أرضية المطبخ تضربها بيدها كلها، هل كوشينا فى طريقها للتطور؟ هل ستتخلص من مخالبها ويصبح لديها أظافر تتفنن فى طلائها، ويعتبر الاهتمام بتهذيبها علامة على الرقى والوفرة فى الوقت والمال وراحة البال، ويعتبر تركها دون تهذيب علامة على التشرد والفقر والساقية اليومية التى يدور فيها الإنسان دون توقف.
ما بين المخالب والأظافر ملايين السنين من التطور والأسرار التى لا نستطيع أن ندركها كلها، فما الذى تستطيع أن تقوم به الأظافر ولا تستطيع المخالب الأكثر حدّة القيام به؟
إنّ الأظافر والمخالب كليهما مصنوعان من مادة الكيراتين- وهى بروتين ليفىّ وقاسٍ، موجودة أيضًا فى القرون، والحراشف، والحوافر، والشعر. لذا ففى حالة ضعف الأظافر، على الفرد أن يتناول كميات كبيرة من الكيراتين «يوجد فى الجيلاتين».
بما أنّ الأظافر قد تطورّت من المخالب، فإنّ كلا التكيّفين ينتجان الكيراتين بنفس الطريقة. تنمو الخلايا من القالب، خارجةً من الجلد حيث تموت وتتصلّب داخل غلاف مقاوم للماء. الفرق الرئيسىّ بين غطائى الكيراتين هو فى الحقيقة شكلهما فقط، والذى يعتمد على شكل العظم فى نهاية أصابع الحيوانات. فى المخالب، تتطابق أرضيّة المادة الكيراتينيّة مع عظم الإصبع الضيق، ملتفًّا حول نهاية الإصبع وبارزًا إلى الخارج ليشكّل هيكلًا على شكل مخروط. إنّ لدى الحيوانات ذوات الأظافر، فى الجانب الآخر، نهايات أصابع أوسع، كما تغطّى المادة الكيراتينيّة الجزء العلوى من عظام أصابعها الواسعة فقط.
وقد جاءت الأظافر بميزاتها القويّة الخاصّة بها. فعظام الأصابع العريضة ومنصّات الأصابع الواسعة مثاليّة للإمساك بفروع الأشجار الضيّقة. وقد طوّرت الأظافر تلك القبضة بشكلٍ أكبر. من خلال توفير سطحٍ صلبٍ للضغط عليها، تستطيع الحيوانات الرئيسيّة أن تباعد بين منصّاتها لتخلق تلامسًا أكبر مع الأشجار. بالإضافة إلى ذلك، طوّرت الأظافر حساسية أصابعها من خلال توفير سطحٍ إضافىٍّ للكشف عن التغيّرات فى الضغط أثناء التسلّق. هذا المزيج من الحساسيّة والبراعة أعطى أسلافنا القدرة الحركيّة الدقيقة لالتقاط الحشرات، وقطف التوت والبذور، مع الحفاظ على قبضة محكمة على الفروع النحيفة. إنّ تطوّر الأظافر وتطوّر أصابع الإبهام المقابلة وأصابع الأرجل يرتبط ارتباطًا وثيقًا.
تتمتع أظافر الإنسان بأهمية عظيمة، فهى تزيد من حساسية الأصابع وتعطى صلابة لأطراف الأصابع ولديها القدرة على معادلة درجة حرارة الجسم فتقلل درجة تجمد الأطراف.
وقد يكون اختفاء المخالب هو الذى مكّن يد الإنسان من القيام بكل العمليات الماهرة مثل اختراع الأشياء الدقيقة كعقارب الساعة أو تركيب المعدات.
أما المخالب فتعد مثاليّة للثقب والتنقيب والتعلُّق، لكنّ نهايتها تجعل الإمساك صعبًا، وخطرًا بشكلٍ محتمل. ومع ذلك، فإنّ كلًّا من الأظافر والمخالب يُستخدم بطرقٍ غير متوقّعة. تستخدم خراف البحر أظافرها لالتقاط طعامها، ويعتقد الباحثون أنّ أظافر الفيلة قد تشعر بالاهتزازات الأرضيّة لمساعدتها فى السمع. فى الوقت نفسه، فإنّ بعض الحيوانات الرئيسيّة، مثل الآيآى المدغشقرىّ، لديها القدرة على إعادة اكتساب المخالب. فهى تستخدم هذه الزوائد الطويلة للنقر على فروع الأشجار وجذوعها، بينما تستمع لتجاويف الأشجار بآذانها التى تشبه آذان الخفافيش. عندما تسمع أنّ هناك فتحة، يقومون بحفر الشجرة بشكلٍ دائرى باستخدام ظفر الإصبع الوسطى الذى يشبه الإبرة.
قد تصاب الأظافر بمرض «انعقاف الأظافر» فيزداد طولها وتصبح الأظافر سميكة لدرجة يصعب معها قصّها بمقص الأظافر العادى، ومشوّهة الشكل مع تغيّر لونها إلى اللون الأصفر. يصيب انعقاف الأظافر فى غالبية الحالات أظافر الأقدام، خصوصًا أظفر الأصبع الكبير، ولكنه قد يصيب أيضًا أظافر أصابع اليدين.
فعلينا الاهتمام بأظافرنا ليس للزينة فقط ولكن لأنها أهم كثيرًا مما نعتقد.