رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الصلاة على النبى.. الطريق لنيل شفاعته «1»




«إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»، الله تعالى حين يأمرنا بالصلاة على النبى، صلى الله عليه وسلم، فإننا مأمورون بذلك لا ريب، لأن النداء القرآنى إذا جاء بصيغة الأمر فإنه يكون على سبيل الفرض والإلزام، لا الندب والاستحباب.
والمسلم فى صلواته الخمس، والنوافل قبل وبعد كل صلاة يصلى على النبى، صلى الله عليه وسلم، بالصلاة الإبراهيمية المعروفة: «اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين إنك حميد مجيد».
وقد ورد فى فضل الصلاة على النبى، صلى الله عليه وسلم، أكثر من حديث يحث على الإكثار من الصلاة عليه، حتى يكتب من المستحقين لشفاعته يوم القيامة: «أولى الناس بى يوم القيامة أكثرهم علىّ صلاة»، و«من صلى علىَّ حين يصبح عشرًا، وحين يمسى عشرًا، أدركته شفاعتى يوم القيامة»، وغيرها من الأحاديث.
يقول العز بن عبدالسلام: «ليست صلاتنا على النبى، صلى الله عليه وسلم، شفاعة منا له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه، لتكون صلاتنا عليه مكافأة بإحسانه إلينا، وأفضاله علينا، إذ لا إحسان أفضل من إحسانه صلى الله عليه وسلم، وفائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذى يصلى عليه دلالة ذلك على نضوج العقيدة، وخلوص النية، وإظهار المحبة والمداومة على الطاعة والاحترام».
وحتى تستشعر حلاوة الصلاة على النبى، صلى الله عليه وسلم، فلا بد أن تشعر به وتحبه من أعماق قلبك، تستحضر ما فعله فى سبيل تبليغ رسالة الإسلام، وما عاناه من أجل أن يبلغها، متكبدًا المشاق، ومتحملًا الأذى، من غير أن يزرع بداخله الكراهية حتى لمن كادوا له وخرجوا لقتاله، كان رحيمًا بالناس كل الناس، وهو القائل عن نفسه: «إنما أنا رحمة مهداة».
والصلاة على النبى، صلى الله عليه وسلم، هى السبيل لنيل شفاعته يوم القيامة، يوم يفر كل البشر، حتى الأنبياء خوفًا من الله، إلا النبى، صلى الله عليه وسلم، فإنه يقول: «أنا لها.. أنا لها»، ليست شفاعة واحدة بل أكثر من شفاعة، حتى غير المسلم ينالها.
الشفاعة الأولى: شفاعة عامة لكل البشر «مسلم وغير مسلم»، لأن الناس سيقفون يوم القيامة وقتًا طويلًا، لا يكلمهم أحد فيبحثون عمن يشفع لهم عند الله ليبدأ الحساب، فيذهبون لآدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى، عليهم السلام، حتى يصلوا إلى عيسى، عليه السلام، فيقول لهم اذهبوا إلى محمد، يقول النبى، صلى الله عليه وسلم: فأسجد تحت العرش وأحمد الله بمحامد لم يحمده بها أحد من قبل.. فيقول الله: يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع.. وهذه شفاعة بدء الحساب.
أما الشفاعة الثانية: فإنها شفاعة النبى، صلى الله عليه وسلم، للمسلمين من عطش يوم القيامة، حين نقابله على الحوض فيسقينا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدًا.
الشفاعة الثالثة: شفاعة بالمغفرة لأصحاب المعاصى الكبيرة، ليس لهم يومها إلا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لو عرفوه لأحبوه.
الأسبوع المقبل نواصل.