رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السفير الأيرلندى: مصر بها فرص استثمارية واعدة.. والعلاقة بين شعبينا «أسرية»

جريدة الدستور

قال شون أوريجان، سفير أيرلندا فى القاهرة، إن بلاده حريصة على استقرار الأوضاع فى بلدان الشرق الأوسط، وتسعى إلى إنهاء معاناة الفلسطينيين وتتبنى حل الدولتين. وكشف «أوريجا»، فى حواره مع «الدستور»، عن وجود تنسيق وعلاقات قوية بين أيرلندا ومصر فى الوقت الحالى، وتواصل مستمر بين قادة البلدين من أجل دعم العلاقات الثنائية وتعزيز العمل المشترك، فى ظل الدور الكبير الذى تلعبه مصر فى المنطقة، واصفًا العلاقة بين الشعبين بـ«الأسرية». وذكر السفير الأيرلندى أن حجم التبادل التجارى بين البلدين بلغ ٤٥٠ مليون يورو، بإجمالى ٧٠٪ لصالح أيرلندا، و٣٠٪ لصالح مصر، مشيرًا إلى امتلاك مصر العديد من فرص الاستثمار الواعدة لجذب المستثمرين الأجانب، وضخ العديد من رءوس الأموال.

■ كيف ترى تطور العلاقات مع مصر فى الوقت الحالى؟
- تربطنا بمصر علاقات قوية جدًا، وهناك تواصل مستمر بين قادة البلدين من أجل تعزيز مصالح الشعبين، ولدينا العديد من المشروعات المشتركة على الصعيد الدولى، وهناك تفاهم فى العديد من القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك.
ونتعاون مع مصر فى تحقيق التنمية المستدامة بقارة إفريقيا، فى ظل توليها رئاسة الاتحاد الإفريقى، وكونها البوابة الرئيسية للقارة، كما تربطنا بها علاقات قوية على المستويين الاقتصادى والتجارى، وفى مجال مكافحة الإرهاب والقضاء على الجماعات المتطرفة.
وعلى الصعيد الاجتماعى تربطنا علاقات قوية بالعائلات والأسر المصرية، فالشعب الأيرلندى يحب مصر كثيرًا، ولدينا العديد من المصريين الذين يدرسون فى أيرلندا، وأقابلهم مع أسرهم، لذا فالعلاقة بين شعبينا تعتبر «أسرية».
■ ماذا عن التعاون الاقتصادى بين البلدين على وجه التحديد؟
- حجم التبادل التجارى بين البلدين بلغ ٤٥٠ مليون يورو فى العام الواحد، بإجمالى ٧٠٪ لصالح أيرلندا، و٣٠٪ لصالح مصر، وذلك فى المجال الزراعى بصورة كبيرة، والألبان، وبعض المنتجات الطبية والإلكترونيات.
ولدينا عدد من الاستثمارات فى الوقت الحالى، خاصة فى المجال الزراعى، فى ظل توجه مصر للاهتمام بذلك المجال ودعمه، من خلال إدخال التكنولوجيا الحديثة للمساعدة فى زيادة نسبة الإنتاج.
هذا التعاون مستمر بيننا من أجل دعم تحسين المحاصيل الزراعية، ومستوى الخدمات الزراعية،عبر التكنولوجيا الحديثة، وهذا توجه لدينا فى القارة الإفريقية ككل.
■ هل هناك نية من الشركات الأيرلندية للاستثمار فى مصر؟
- بكل تأكيد، فمصر بها العديد من فرص الاستثمار الواعدة، وهناك نية حقيقية من المستثمرين لضخ العديد من رءوس الأموال، والعديد من المستثمرين الأجانب يتطلعون للاستثمار فيها.
لكن أعتقد أن التحدى الحقيقى فى جذب المستثمرين الأيرلنديين إلى مصر فى كيفية حماية الاستثمار، فليست هناك معاهدات استثمارية بين البلدين بشكل مباشر، لكن ذلك يتم من خلال الاتحاد الأوروبى، لذا ننتظر حتى يتم توقيع اتفاقية ثنائية بين البلدين فى مجال الاستثمار، وأعتقد أن المستثمرين الأيرلنديين متطلعون للعمل مع الأصدقاء المصريين.
ولدينا هنا فى مصر عدد من الشركات التى تعمل فى المجال الزراعى، والتكنولوجيا، والخدمات المالية، والعام الماضى تم توقيع اتفاقية بين البلدين فى مجال الخدمات المالية، لتدريب العاملين فى البنوك على كيفية التعامل مع التكنولوجيا الحديثة فى هذا المجال.
■ كيف ترى برنامج الإصلاح الاقتصادى فى مصر؟
- كانت لدينا تجربة خاصة فى الإصلاح الاقتصادى بأيرلندا، عندما نفذت الحكومة برنامجًا إصلاحيا لجميع المؤسسات الاقتصادية فى البلاد، بعد أن تعرضنا إلى أزمة اقتصادية صعبة، وأدخلنا بعض القوانين التى تسمح بحرية الاستثمار وجذب المستثمرين، والقضاء على الفساد.
وأجرينا أيضًا إصلاحات فى المؤسسات الحكومية كى تصبح أكثر قدرة على تنفيذ الخطة الإصلاحية، وبسبب هذه الإصلاحات أصبحنا الأسرع من حيث معدل النمو فى أوروبا، وأصبحت هناك قدرة على توفير العديد من فرص العمل، وأصبح المواطن يشعر بنتائج هذه الإصلاحات.
وعندما أتحدث عن ذلك بالنظر إلى مصر فإنها فى الطريق الصحيح من أجل تحسين موارد الاقتصاد، وجذب بيئة حيوية للمستثمرين، لكنها تواجه مشاكل كثيرة مقارنة بأيرلندا، وتحتاج إلى نظام إصلاحى شديد.
ورغم ذلك تسير مصر بشكل صحيح، خاصة على مستوى الصناعات المتوسطة والصغيرة، فالإصلاح الذى تنفذه الحكومة فى هذا الاتجاه ودعم تلك المشروعات جيد، ويضع مصر على الطريق الصحيح، لكن نأمل فى أن يشعر المواطن بثمار هذا الإصلاح الاقتصادى على الأرض، لأن ذلك هو التحدى الحقيقى للحكومة المصرية.
■ ماذا عن التعاون بين البلدين فى المجال السياحى؟
- بكل أسف انخفض معدل السياحة بين البلدين منذ ثورة ٢٥ يناير بسبب الفراغ الأمنى، لكن هناك العديد من المواطنين الأيرلنديين يحبون زيارة الأماكن الأثرية المصرية، وشرم الشيخ، والغردقة، فمواطنونا يفضلون سباحة الغطس والتمتع بالمناطق الخلابة التى تتمتع بها «أم الدنيا»، ونتمنى أن تتضاعف أعداد السائحين بين بلدينا فى الفترة المقبلة.
ونعمل مع السلطات فى مصر على زيادة معدل السائحين الأيرلنديين، وتوفير كل سبل الراحة لهم، والمسئولون المصريون يروجون للسياحة بشكل جيد من أجل إعادتها إلى مسارها الصحيح، وتشجيع المواطنين الأيرلنديين للقدوم إلى مصر. ولا بد أن أشيد بالتطور الهائل فى مستوى تأمين السائحين فى مصر.
ونحن أيضًا لدينا عدد قليل جدًا من المصريين الذين يزورون أيرلندا، وأعتقد أن لدينا العديد من المناطق التى تهم محبى السفر من مصر.
■ هل هناك أى تعاون أمنى؟
- التعاون الأمنى بين بلدينا ضعيف، لأنه فى الأساس لا توجد مسائل أمنية بين البلدين، والتعاون فى المجمل يتم عن طريق الاتحاد الأوروبى.
■ ما موقفكم من القضية الفلسطينية؟
- دائمًا ما نقوم بواجبنا مع الشعب الفلسطينى، ونؤمن بضرورة حل الدولتين، وبـأن الفلسطينيين لهم حق العيش فى سلام وأمن، ونحن حريصون على أن نعمل مع المجتمع الدولى لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى.
■ هل ذلك يعنى أنكم ستعترفون بفلسطين كدولة؟
- هذا الأمر حقيقة قيد المناقشة حاليًا، وتحدثنا فى ذلك مع أشقائنا فى دول الاتحاد الأوروبى.
■ ما الدعم الذى تقدمونه للفلسطينيين حاليًا؟
- نحن حريصون على أن يحصل الفلسطينيون على حقهم فى التعليم، وخدمات الصحة، والحصول على أساسيات المعيشة، ونعمل بشكل كبير على دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، وتقديم المساعدات فى عدد من المشروعات، ومنها مشروعات متعلقة بتحلية المياه، وتوليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، وعدد من المشروعات التعليمية، ومشروعات البنية التحتية.
■ ماذا عن تطورات الأوضاع فى الشرق الأوسط خاصة فى ظل التوتر فى العراق ولبنان؟
- أنا كذلك سفيرًا للبنان، وهى دولة مهمة بالنسبة لنا، ولنا علاقات قوية تجمع بين البلدين منذ٤٠ عامًا تقريبًا، وبالنسبة لنا نحن حريصون على أمنه واستقراره.
هذا أيضًا موقفنا مما يحدث فى العراق، نحن نأمل فى أن يحدث استقرار فى العراق مستقبلًا، خاصة أن هذه الدولة دائمًا ما تواجه مثل هذه المشكلات. ونحن نعمل مع الاتحاد الأوروبى من أجل استقرار العراق ولبنان.
■ وما موقفكم من تطورات الأحداث فى سوريا؟
- نتابع عن قرب، ونركز حاليًا على دعم اللاجئين السوريين فى الحصول على حقهم فى الحياة كبشر، ونعمل مع الاتحاد الأوروبى والمجتمع الدولى لإيجاد حل لهذه المشكلة، ونأمل فى أن يحدث ذلك.
■ كيف تتعاملون مع ملف الهجرة غير الشرعية؟
- قطعنا شوطًا كبيرًا فى التصدى للهجرة غير الشرعية، لكن هناك مجموعات تدخل أيرلندا بشكل غير شرعى بشكل متزايد، ونعمل بشكل رئيسى مع الاتحاد الأوروبى والمنظمات الدولية للحد من هذه الظاهرة ومكافحة الهجرة غير الشرعية ما بين إيطاليا وليبيا.
دعمنا العديد من البرامج لدول «المتوسط» خلال العام الماضى للحد من ذلك، كما أننا أسهمنا وما زلنا بمنحٍ لمعالجة الأزمة لدول «المتوسط»، ورحّلنا ما يقرب من ٢٥٠٠ مهاجر إلى بلادهم، وانتشلنا العديد من قوارب الهجرة غير الشرعية التى كانت معرضة للغرق. ونؤكد التزامنا الدولى تجاه المهاجرين السوريين، ونفذنا عددًا من البرامج مع دول الاتحاد الأوروبى لدعمهم.
■ ماذا عن العائدين من سوريا؟
- لدينا واحدة فقط عائدة من سوريا، وتم استجوابها من قِبل الجانب التركى، وهى الآن فى قبضة الشرطة الأيرلندية، وأعتقد أن الأسبوع المقبل ستتم محاكمتها من قِبل الجهات المختصة.
■ ما موقفكم من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى؟
- هذا أمر معقد بالنسبة لنا، والموضوع سيؤثر علينا، وننتظر حاليًا حلًا يرضى جميع الأطراف للخروج من هذه الأزمة، ونأمل فى حل هذه المشكلة فى وقت سريع، لكن مجرد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى سيكون هو البداية لما سيترتب عليه بعد ذلك من إجراءات.
ونأمل أن تكون هناك اتفاقية تسمح بالخروج دون أضرار، فهناك عدد كبير من المواطنين يعيشون فى بريطانيا، لكن نعول على وجود اتفاقية منطقة سفر مشتركة مع بريطانيا منذ عشرينيات القرن الماضى تتيح حرية السفر، وهى الاتفاقية التى وقعت بشأن السفر عبر حدود مفتوحة فى العام ١٩٢٣.
■ هل سيؤثر ذلك على العلاقات الاقتصادية بين أيرلندا وبريطانيا؟
- بكل تأكيد، لدينا علاقات قوية بين أيرلندا وبريطانيا، فحوالى ١١٪ من إجمالى الصادرات تذهب إلى بريطانيا، ولدينا شركات غذائية تعتمد على الواردات الزراعية من هناك، وبعض المنتجات الأخرى التى تعتمد عليها أيرلندا، لذلك فالسوق الأيرلندية مهمة جدًا بالنسبة لبريطانياـ
حوالى ٣٥٪ من المواد الغذائية يتم استيرادها من المملكة المتحدة، لذلك هذا الخروج لن يؤثر علينا فقط، لكن على كلا البلدين، ونأمل أن نصل فى المستقبل إلى حل يرضى الأطراف ولا يؤثر على علاقاتنا الاقتصادية.
■ ماذا عن قضية الحدود مع أيرلندا الشمالية؟
- فى الوقت الحالى لا توجد حدود بيننا، والناس يذهبون وهناك حرية فى الحركة، كجزء مهم من اتفاقية السفر عبر حدود مفتوحة، ونحرص على أن تستمر مفتوحة بهذا الشكل الطبيعى، لأن كميات كبيرة من التجارة تنطلق من هذه الحدود، ونأمل أن يستمر الاستثمار بهذا الشكل الطبيعى، فوجود حدود فى هذه المنطقة سيؤثر بالسلب على التجارة والاستثمار، ونبذل قصارى جهدنا من أجل تحقيق الاستقرار.
■ هل من الممكن أن يكون هناك استفتاء على الخروج من المملكة المتحدة؟
- من السابق لأوانه الحديث عن هذا الموضوع فى الوقت الحالى، لكن هذا الأمر من الممكن أن يحدث مستقبلًا، وإذا كانت هناك أغلبية فى أيرلندا الشمالية يريدون ذلك، فمن حقهم، وحتى الآن نحن نتحدث عن شىء ليس مناسبًا فى الوقت الحالى.
■ متى كانت أول زيارة لك إلى القاهرة؟
- كانت منذ عامين كسفير لأيرلندا.
■ ما الأماكن التى زرتها فى مصر؟
- زرت معظم الأماكن فى القاهرة، مثل الأهرامات والمتحف المصرى وأبوالهول والقلعة، وأيضًا شرم الشيخ، والأقصر، والإسكندرية، وسيوة، والإسماعيلية، وبورسعيد، وزرت أسوان وسوهاج، واستمتعت بكل هذه الأماكن، لما تحتويه الحضارة المصرية من آثار وتاريخ عريق، وأحب مصر كثيرًا وأستمتع بفترة وجودى هنا، وأسكن فى منزل بمنطقة الزمالك.
■ هل تحب الأكل المصرى؟
- أنا عشت فى تركيا لما يقرب من ٥ سنوات، والأكل المصرى شبيه بالأكل التركى بدرجة كبيرة، وأنا أحب الأكل المصرى بشكل كبير.
■ وماذا عن الموسيقى المصرية؟
- لم أستمع كثيرًا للموسيقى المصرية، لكن أسمع أغانى عمرو دياب.
■ ما هواياتك المفضلة هنا فى مصر؟
- معظم أوقاتى أكون مشغولًا فى العمل، لكن عندما يكون هناك وقت فراغ أحب رياضة المشى وأستمتع بالعشاء مع عدد من أصدقائى.
■ وماذا عن الكتب المفضلة بالنسبة لك؟
- أنا أحب القراءة وأقرأ كثيرًا، وأحب القراءة فى تاريخ الشرق الأوسط، وقرأت العديد من الكتب عن ذلك، وأحب أيضًا كتب الخيال العلمى، والروايات والقصائد الأيرلندية.
■ ماذا عن حياتك فى القاهرة وأنت بعيد عن بلدك؟
- الشعب المصرى شعب طيب وكريم ومتفتح وذكى، أعتقد أنه من السهل العيش فى القاهرة، وأنا هنا بمفردى ليست معى عائلتى، فأولادى الآن يدرسون فى الجامعة.

■ كيف تنظرون إلى التجربة المصرية فى مكافحة الإرهاب؟

- لدينا تجارب عديدة فى التعامل مع الإرهاب، فى الفترة بين الستينيات إلى تسعينيات القرن الماضى، وفقدنا من خلال هذه العمليات الإرهابية ما يقرب من ٣ آلاف شخص، وهذا شىء مؤسف، ولك أن تتخيل هذا الرقم فى دولة صغيرة من حيث المساحة والسكان.
لكن نحن دائمًا ما نسعى إلى العمل على مواصلة اقتلاع جذور الإرهاب، وأعتقد أن مصر تسير فى الطريق الصحيح فى القضاء على التطرف والتشدد.