رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن مؤتمر "تجديد الفكر الديني"

فؤاد: عودة «الأروقة» لتشكيل «مصدات فكرية» ضد التطرف (حوار)

جريدة الدستور

قال الدكتور عبدالمنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر المُشرف العام على «الرواق الأزهرى»، إن الأزهر الشريف يولى قضية تجديد الفكر الدينى اهتمامًا كبيرًا.
وأضاف «فؤاد»: «إذا ركزنا فى الكلمات التى يلقيها فضيلة الإمام الأكبر فى كل المناسبات التى يشارك فيها، سواء بالداخل أو الخارج، سنجد فى طياتها رسائل لتجديد الخطاب الدينى ودعمًا للوسطية والاعتدال، وكان للتأثير الكبير لفضيلته دور كبير فى اختياره الشخصية الإسلامية الأكثر تأثيرًا فى العالم، وشهدت المشيخة توافد العديد من الشخصيات والقيادات السياسية والدينية فى العالم».

وأشار إلى أن توجيهات شيخ الأزهر دائمًا تكون نحو التجديد ومواجهة تيارات الغلو والإرهاب بالفكر والمنهج اللذين يجعلان منه حماية للإنسان قبل أن يكون حماية للأديان، معقبًا: «طُلب منّا النزول إلى أرض الواقع والتعايش مع مشكلات المجتمع».
وعن مشروع «الرواق الأزهرى» كأحد أسلحة الأزهر للتجديد، قال «فؤاد»: «الجامع الأزهر بدأ الطريق الصحيح فى إعادة الأروقة إلى ماضيها الذى كانت عليه، فمنها خرج رواد النهضة مثل رفاعة رافع الطهطاوى، والشيخ محمد عبده، وعمر مكرم، وكذلك الأدباء ورواد الثورات الوطنية كأحمد عرابى وغيرهم، فالأروقة تعمل على تذكير شبابنا بهؤلاء الرموز». وأضاف: «الرواق يقيم عدة ندوات تناقش موضوعات متنوعة عن الشأن العام، كونه يهم جميع أفراد المجتمع، مع إيضاح الفرق بينه وبين الشأن الخاص، وتأكيد تضافر الجهود فى الشأن العام، وأن يكون الجميع على قدر من المسئولية، لأن التخبط فى مسائل الشأن العام يؤدى إلى فتن وعدم استقرار بالمجتمع، أما الشأن الخاص فهو لكل إنسان يتكلم فى تخصصه ولا يخلط الأوراق، ولذلك عقد الرواق الأزهرى ندوات كبرى أسبوعية يحضر فيها مئات من شباب الجامعة ورواد الجامع الأزهر».
وأوضح المشرف العام على «الرواق الأزهرى» أنه من أبرز تلك الندوات، الندوة التى عقدت تحت عنوان «التسامح فى الإسلام»، انطلاقًا من أن البلاد لا تُبنى إلا بالتسامح والحب، بعيدًا عن التشرذم والاختلاف، وأن ثقافتنا دائمًا «وقولوا للناس حسنا»، لأن نبينا أمرنا بالتسامح مع كل المخلوقات حتى مع الحيوان، بجانب ندوات تحدثت عن خطورة الشائعات والثقافة التكفيرية على المجتمع. وكشف عن أن «الرواق» سيعقد ندوة عن «الأخوة الإنسانية»، وكيفية التعايش بين أفراد المجتمع، والوحدة الوطنية وتأكيد أن المواطنة مبدأ إسلامى رفيع، وأن أول من وضع أسسها هو سيدنا رسول الله فى المدينة المنورة، بين اليهود والمسلمين، ووضع فى ذلك وثيقة نبهت إليها الأمم المتحدة فيما بعد، وصارت وثائق المنظمة تسير على خطاها.
وحول أبرز القضايا التى سيركز عليها «رواق الأزهر»، فى الفترة المقبلة، قال «فؤاد»: «أبرز الموضوعات التى تحتاج للنقاش فى الوقت الحالى، الحاكمية والخلافة والجهاد؛ فيوجد شباب لا يعرفون معنى الجهاد إلا بمنظوره الضيق، الأمر الذى أدى إلى عنف المجتمع وخلق جماعات وتنظيمات متشددة تدعو إلى العنف، ومن خلال مناقشاتنا نؤكد أن الإسلام لا يعرف العنف على الإطلاق». وأضاف: «الأروقة تهتم بالدراسات الحرة للتعريف بسماحة الإسلام، من خلال كتب التراث، مع التنبيه على الدارسين بأنه لا يصح لأى فرد أن يفسر الكتب من تلقاء نفسه، لأنها تحتاج إلى علماء ومتخصصين لشرحها وتفسيرها».
وواصل: «أثبتنا كذلك أن التراث الإسلامى ليس تصادميًّا، إنما تراث تحاورى يقبل الرأى والرأى الآخر، وأن باب الحوار لا بد أن يكون مفتوحًا دائمًا، فمن خلاله نستطيع أن نصل إلى القضايا التى تفيد المجتمع، فضلًا عن شرح آداب المناظرة والحوار، وكيف يحافظ عليها المجتمع».
ونوه إلى صدور توجيهات من شيخ الأزهر بزيادة عدد «الأروقة الأزهرية»، بحيث تنتشر فى جميع المحافظات، وتشتبك مع الواقع، بعد الإقبال الشديد من مختلف فئات الشعب والوافدين، لتصبح هذه «الأروقة» بمثابة مصدات فكرية ترد على الذين ينشرون أفكارًا متطرفة أو غير صحيحة فى المجتمعات.
واختتم بأن «هناك حاجة لمناقشة فقه المقاصد وفقه الواقع وفقه النوازل، فالكثير من الناس يظن أن الحديث ينتهى بزمانه، لكن هناك أحاديث نحتاجها ونلجأ إليها فى زماننا، مثل قول رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)».