رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ولم يذهب تميم!


ظهر أمس الثلاثاء، وصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى قصر الدرعية بالعاصمة السعودية الرياض، لرئاسة اجتماع الدورة الأربعين لقمة دول مجلس التعاون الخليجى، بعد اكتمال وصول قادة ورؤساء وفود دول المجلس، الذين لم يكن بينهم تميم بن حمد آل ثانى.
تلك هى القمة الخليجية الثالثة منذ قطعت دول الرباعى العربى «مصر، الإمارات، السعودية، والبحرين» علاقاتها الدبلوماسية وروابطها التجارية مع قطر فى ٥ يونيو ٢٠١٧، بسبب قيام الدوحة بدعم وتمويل الإرهاب. ومنذ قمة الكويت التى انعقدت فى ديسمبر من ذلك العام، غاب تميم بن حمد عن القمم الخليجية. وكانت هناك توقعات، تسريبات تحليلات، تصريحات ضمنية وأخرى صريحة، عن احتمال حدوث مصالحة بحضوره، خلال قمة أمس.
تلقى الفتى الدعوة قبل انعقاد القمة بأسبوع، ولم يعلن ما إذا كان سيشارك فى القمة أم لا. واعتقدنا أنه يتدلل أو يبدى تمنعًا قبل أن يفاجئنا بحضور القمة، ثم نقلت وكالة أنباء الأناضول عن «مصادر دبلوماسية عربية واسعة الاطلاع»، أن احتمالات حضوره صارت «ضعيفة». وصباح الثلاثاء تم الإعلان عن إرساله عبدالله بن ناصر آل ثانى، رئيس وزرائه، وزير داخليته، نيابة عنه.
اختار القادة لتكتلهم شعار «أسرة خليجية واحدة»، وكانوا حريصين، منذ قاموا بتأسيسه ١٩٨١، وما زالوا يحرصون، على أن يظل صامدًا فى مواجهة التغيرات والتحديات الإقليمية والدولية التى تحيط بالمنطقة. وربما لهذا السبب أو لأسباب أخرى، أشرنا إلى أحدها أمس، اعتقد «الفتى تميم» أن قادة دول المجلس سيحتملون دلاله وتدلله، وسيكررون ما قاله جرير: إنْ كانَ طَبَّكُمُ الدَّلالُ، فإنّهُ.. حَسَنٌ دَلالُكِ، يا «تميم»، جَميلُ!.
فى تفسير غياب الفتى، قيل إنه كان يريد أن تنعقد القمّة فى عاصمة مُحايدة مثل الكويت أو مسقط، لأن اعتذار الإمارات عن استضافتها فى أبوظبى، ونقلها إلى الرياض يوحى، من وجهة نظره، أنه ذاهب إلى «بيت الطاعة» السعودى. وفى تأكيد على تبخر أحلام المصالحة، ذكر موقع «قطريليكس» أن قناة «الجزيرة»، وأخواتها، تلقت تعليمات من العائلة الضالة بشن هجوم حاد على دولة الإمارات. ونقل الموقع عن مصادر مقربة من «تميم»، أنه اطلع على تقارير أكدت إصرار الإمارات على المقاطعة حتى ينصاع إلى الشروط الـ١٣.
المهم، هو أن القمة بدأت وانتهت على خير. وتناول القادة فى اجتماعهم ملفات تتعلق بمجالات السياسة والدفاع والأمن والاقتصاد، وناقشوا مخططات مستقبلية يضعها المجلس على أجندته، لتطوير علاقات دوله مع دول وتكتلات دولية، و.. و.. غيرها من مساعى المجلس لضمان أمنها واستقرارها. وشدد البيان الختامى للقمة على أهمية التعاون وتفعيل آليات الشراكات الاستراتيجية. ودعا إلى وحدة مالية ونقدية بحلول عام ٢٠٢٥، وإلى ضرورة العمل على تحقيق التكامل الاقتصادى والاتحاد الجمركى. كما أشار البيان إلى أهمية العمل على إيجاد حلول للتحديات المشتركة كالمياه والزراعة، داعيًا إلى تعزيز التعاون العسكرى والأمنى.
كان العنوان الأساسى لأعمال هذه الدورة هو «تعزيز مسيرة العمل والتعاون والتكامل الخليجى المشترك». وفى كلمته الافتتاحية شن العاهل السعودى هجومًا حادًا على النظام الإيرانى الذى لا يزال «يواصل أعماله العدائية لتقويض الأمن والاستقرار». وطالب دول الخليج بأن تتحد «فى مواجهة عدوانية إيران». كما حث المجتمع الدولى على التعامل مع برنامج إيران النووى، وبرنامجها الخاص بالصواريخ البالستية.
الطريف، هو أن موفد العائلة الضالة لم يغادر القاعة حين سمع هذا الكلام. ولعلك تتذكر الفتى تميم كان قد غادر القمة العربية الثلاثين، قمة تونس، حين سمع كلامًا شبيهًا. ولعلك تتذكر أيضًا أن محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، أو الكومبارس الذى يقوم بدور وزير الخارجيّة، كان قد دافع عن علاقات دويلته بإيران، وقال بالنص: «إيران جارتنا، ونريد أن تكون لنا معها علاقة جيرة جيدة، ونتشارك معها اتفاق غاز، وهى ساعدتنا وفتحت الجو والبر لنا». وأكد بمنتهى الفجاجة أو البجاحة، أنهم لن يغيروا من سياستهم مع إيران، بزعم أن لديهم «سياسة خارجية مستقلة»!.
وتبقى الإشارة إلى أن وكالة الأنباء القطرية ذكرت، ظهر الثلاثاء، أى خلال انعقاد القمة الخليجية، أن من وصفته بـ«سمو أمير البلاد المُفدى» يستقبل، صباح الخميس، بالديوان الأميرى، مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا، الذى يصل البلاد الأربعاء فى زيارة رسمية. وأضافت الوكالة أن «سموه ودولة رئيس الوزراء الماليزى» سيبحثان التعاون الثنائى بين البلدين، كما سيشهدان توقيع مذكرة تفاهم بشأن إنشاء اللجنة العليا المشتركة بين قطر وماليزيا. وكان غريبًا، عجيبًا، ولافتًا ألا تشير الوكالة إلى أن «قمة كوالالمبور»، أو القمة الخماسية المريبة، ستكون على رأس الموضوعات التى سيتناولها ذلك «المفدّى» وضيفه المرتقب!.