رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

500 ألف تُعنف سنويًا.. كيف واجهت مصر العنف ضد المرأة؟

جريدة الدستور

سعي دائم من مصر حكومة وهيئات، نحو القضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة، وتقليل أعداد السيدات المعنفات في المحافظات، باستخدام أساليب وطرق مختلفة، حتى باتت مصر نموذجًا يُحتذي به في ظاهرة القضاء على العنف ضد المرأة المصرية.

واتساقًا مع ذلك، فأحرزت مصر نجاحًا جديدًا في ذلك المجال، بعد إشادة الأمم المتحدة بالتجربة المصرية في مواجهة العنف ضد المرأة واعتبارها أحد النماذج الهامة والرائدة في ذلك، بعد إحرازها تقدم هائل في المجال.

وأعلن المدير الإقليمي بهيئة الأمم المتحدة للمرأة للدول العربية، أن مصر من الدول العربية التي حققت تقدمًا في السنوات الأخيرة في مجال تعزيز حقوق المرأة ومناهضة العنف ضدها، منوهًا بجهود الأجهزة الحكومية والمجتمع المدني في هذا الشأن.

وأشار إلى أنه مازال ثلث الإناث بالدول العربية تعاني من أشكال العنف، في حين أن خمس الإناث بالمنطقة يتزوجن وهن قاصرات، معولًا على دور الدول العربية والجامعة العربية في هذا الشأن.

وأشار إلى أنه في السنوات الأخيرة، حدث تقدم في هذا الشأن في العديد من الدول العربية بما فيها مصر، مؤكدًا أن هناك دور قوي على الحكومات لا بد أن تقوم به، مثل إنارة الجامعة العربية باللون البرتقالي تعبيرًا عن رفض العنف ضد المرأة.

وبالفعل خاضت مصر رحلة طويلة في مواجهة تلك الظاهرة، تقوم «الدستور» باستعراض محطات تلك الرحلة إلى جانب حكايات خاصة عن سيدات واجهن تعنيف ولجأن إلى أحد الحلول والوسائل التي وضعتها الدولة لهم.

كانت أول وسيلة استخدمها المجلس القومي للمرأة للقضاء على العنف ضدها هي المبادرات والحملات الميدانية، وكان أشهرها مبادرة «كوني» وهدفت إلى مواجهة ظاهرة العنف ضد المرأة ورفع الوعي، وخلق رأي عام مساند في كل مكان؛ لإحداث التغيير ومناهضة كل أشكال العنف الموجهة ضد المرأة والفتاة.

وتم تنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والتوعوية بمحافظات الجمهورية المختلفة على مدار الحملة، ونزلت الحملة إلى عدد ضخم من المدارس والمديريات التعليمية إلى جانب الجامعات الحكومية والرسمية.

ومن المبادرات الهامة أيضًا، التي أطلقتها وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، وهي مبادرة قومية لمواجهة العنف ضد المرأة في المواصلات العامة، وكانت أول وأكبر مبادرة من نوعها في مصر والمنطقة العربية تجمع شركاء محليين ودوليين.

المبادرة كانت برعاية 9 مؤسسات محلية وعالمية في مصر وخارجها، وهدفت إلى مواجهة التحرش الجنسي الذي تتعرض له المرأة المصرية في المواصلات، وصنفته كأحد أهم أشكال العنف التي تتعرض لها المرأة في مصر.

وعلى صعيد القوانين الجديدة التي تساعد على مناهضة العنف ضد المرأة، أعلنت النائبة نادية هنري، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، عن تبنيها لمشروع القانون الموحد لمكافحة العنف ضد المرأة.

رأت النائبة في القانون أنه لا يمكن تحقيق تقدم على كل المستويات، في ظل ما تواجهه المرأة من عنف بأشكاله المتعددة، سواء العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، خاصة أن القانون الحالي يضعها في مرتبة أدنى من الرجل.

النائبة البرلمانية تبنت هذا «المشروع الموحد»، الذي تم وضعه بالتعاون بين 7 مؤسسات ومنظمات معنية بحقوق المرأة، لمواجهة العنف ضدها ومحاربة أشكال التمييز بينها وبين الرجل في القوانين.

وهناك قانون آخر خرج مشروع القانون عن منظمات حقوقية ونسوية مصرية، شكّلت فيما بينها مجموعة تحمل اسم «قوة العمل من أجل قانون موحد لمناهضة العنف»، ويتضمن 53 مادة مُقسّمة على 7 أبواب، تشمل التعريفات، وإجراءات التقاضي، والجرائم الجنسية وغيرها.

كما تم إنشاء في الجامعات المصرية وحدات لمناهضة العنف والتحرش في جميع الجامعات، بلغ عددها 14 وحدة من 24 جامعة حكومية، بهدف زيادة توعية الفتيات بأهمية عدم السكوت عن أي تحرش أو عنف يتعرضن له.

وكذلك أنشأت وزارة التضامن الاجتماعي دور خاص لحماية المرأة المعنفة، وتوفير الإقامة الكاملة لها، ومتاحة بثمانية محافظة ولها دور قوي في حماية المرأة المعنفة التي تلجأ إليهم، والتي يتم من خلالها توعيتها قانونيًا.

طبقًا للإحصائيات الحكومية فإن هناك حوالي 500 ألف امرأة تتعرض للعنف سنويًا، منهن 7 آلاف امرأة فقط هي من تلجأ للقانون للحصول على حقها عن طريق إجراءات الحماية بالقانون.

وفي التفاصيل، كانت 42.5% من النساء يتعرضن للعنف من قبل أزواجهن، 37% منهن يتعرضن للعنف على يد الأزواج، و35.1% من النساء يتعرضن للعنف البدني و47.5% يتعرضن للعنف النفسي، و14.5% من السيدات يتعرضن للعنف الجنسي.

من ضمن هؤلاء السيدات التي تحدثت عنهن الأرقام، «ماجدة عبدالصبور» 30 عامًا، إحدى الزوجات التي تعرضن للعنف على يد زوجها والذي بحسب وصفها لا يعرف لغة سوى الضرب والعنف على أي خلال يحدث بينهم.

تقول: «ظهرت تلك الصفة فيه خلال العام الثاني من زواجنا، ولم أكن أنجبت منه أي أطفال بعد، فبات كل شيء يقابله بالضرب والعنف حتى فكرة الحصول على حقوقه الزوجية كانت لا تأتي سوى بالعنف».

لجأت السيدة بعض رفض زوجها الطلاق إلى إحدى دور السيدات المعنفات في محافظة 6 أكتوبر، ومكثت بها واستطاع المحامي الخاص بالدار الحصول على خلع من الزوج، حتى أصبحت «ماجدة» إحدى ساكنات الدار التي توفرها التضامن الاجتماعي للمعنفات.

اختلف ذلك العنف عما تعرضت له «مايسة أحمد» 26 عامًا، والتي لكونها ليست محجبة تتعرض دومًا لتحرش وعنف جسدي في المواصلات العامة، وسماع ألفاظ بذيئة من المارة لخروجها بشعرها.

تقول: «مفيش في إيدي شيء غير اللجوء للقانون بعمل محاضر، وأوقات فعلًا المتحرش بيتجاب ويتعاقب وأوقات بيتم التصالح مش كل مرة بعرف أجيب حقي، لكن نأمل في وجود قوانين أشد».