رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بيت الشعر بالأقصر يستضيف نائب رئيس مجمع اللغة العربية

جريدة الدستور

نظم بيت الشعر بالأقصر، مساء أمس السبت، أمسية استضاف فيها الدكتور محمود الربيعي نائب رئيس مجمع اللغة العربية وأحد الرموز النقدية البارزة، بدأ إسهامه في مجال النقد الأدبي من منتصف الستينات بعد عودته من بعثته التعليمية إلى لندن، وقد تنوع مجال إسهامه فشمل المقال الأدبي، والبحث الأكاديمي، وتأليف الكتب والترجمة والأحاديث الإذاعية واللقاءات التلفزيونية،والمشاركة في لجان المجلس الأعلى للثقافة والمجالس القومية المتخصصة،فضلا عن التدريس الجامعي بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، وجامعة الجزائر وجامعة الكويت،واستقر به المقام أخيرا في الجامعة الأمريكية بالقاهرة وأشرف على عدد كبير من الرسائل العلمية وشارك في ترقية عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس، وشغل بعض المناصب الإدارية بالجامعة.

بدأ الأمسية الشاعر حسين القباحي مدير بيت الشعر، معربًا عن فخره بهذه القامة العلمية والفكرية السامقة، مؤكدًا على أن هذه الزيارة تعدُّ شيئًا تفخر به مسيرة بيت الشعر بالأقصر، لاستضافة عالم جليل صاحب مسيرة حافلة بالعطاء فى إطار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في ديسمبر من كل عام.

وأكد الدكتور محمود الربيعي أن الثقافة هي صاحبة الغلبة، وصاحبة الرصيد الكبير في تاريخ الشعوب مستشهدًا ببيت شعر يقول فيه المتنبي
كفى بالمرء عيبًا أن تراه
له وجه وليس له لسان

فالإنسان يتميز عن غيره بلسانه ولأمرٍ ما سمِّيَت اللغة لسانًا وكلنا يعرف معجم ابن منظور المسمى لسان العرب، واللغة العربية لها بعد تاريخي وجغرافي.

فاللغة العربية اكتسبت مرونة في أن تُقرض وتقترض فقبلت من اللغات الأخرى وأعطت لهذه اللغات الكثير لأنها لغة حية لم تنغلق على نفسها فقد سادت اللغة البلاد التي فتحها العرب وكانت وعاءً للثقافة اليونانية ثم نقلتها إلى أوربا.

وفرق الدكتور الربيعي بين أن نقول اللغة العربية نزل بها القرآن الكريم، وأن نقول أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم لأن اللغة كانت موجودة قبل القرآن ولبت قبل ذلك في العصر الجاهلي مطالب روحية وفكرية.

وتطرق الدكتور الربيعي للحديث عن خصائص اللغة العربية ذاكرًا أنها لغة شاعرة بتعبير العقاد فهي لغة واقع يسلم إلى خيال خلاق والخيال البشري نوعان خيال مؤلِف يجمع العناصر ويقدم لها صيغة جديدة وهناك أحلام يقظة خيال وأوهام مستشهدًا بكتاب السعيد بدوي مستويات اللغة العربية في مصر حيث قدم فيه اللغة بمستوياتها فامرؤ القيس مثلًا لغته غير لغة الجاحظ وهذا هو الشيء الذي يفسر التطور الذي حدث للغة، فقد صبت في النهر مياه كثيرة منحت اللغة قدرتها على التطور، وبالنظر إلى هذه المستويات لا يمكننا تجاهلها كما لا يمكننا أن نتحدث بها هذه الأيام لكننا نستمد منها حاضرنا ونتعاطى معها خارجين منها باللغة الصحيحة، والتي نحصل عليها من فيض الإبداع من الشعراء والكتاب.

وفي ختام حديثه أكد على ضرورة الاهتمام باللغة ومعالجتها كي نخرج بما يسمى بفصحى العصر، فهذا المستوى الذي يكون هو المستوى الذي يخطب به الخطباء في المساجد والخطباء السياسيين في المحافل، فلابد من الاتفاق على لغة عربية صحيحة ميسرة في المناهج المدرسية وليدخل في مادة هذه المناهج كُتّاب مثل نجيب محفوظ وأنيس منصور، عندئذ ستنشأ لغة مناسبة تعبر الهوة الكائنة بين العامية والفصحى، فلا حياة لنا إلا بالاعتصام بلغة عربية صحيحة ملتزمة بقوانين حاكمة وببرامج يقوم عليها أصحابها المؤهلون الأكفاء بصبر طويل وبإنفاق وطني معتبر لكي نكون رائدين ثقافيًا وفكريًا.

وفي الجزء الأخيرة من الأمسية كان الجمهور على موعد مع مسابقة للتحدث بالفصحى لمدة دقيقة تسابق فيه عدد من الجمهور وطلاب الجامعة وحصلوا على جوائز مالية فورية لتشجيعهم على إتقان اللغة والاهتمام بها.