رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستقبل الطفل بعد 30 عامًا من الاتفاقية الدولية


مع احتفال العالم بمرور ٣٠ عامًا على وثيقة حقوق الأطفال التى وقَّعت عليها مصر مع سائر الدول، باستثناء ٣ دول، كان لا بد من النظر إلى ما تحقق من مكتسبات وإنجازات، وفى الوقت نفسه ما لم يتحقق بعد وفى حاجة إلى التقدم فيه.
فى القاهرة أتيح لى أن أشارك فى جلسة حوار مهمة، شارك فيها المجلس الأعلى للإعلام مع منظمة اليونيسف الدولية، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والإدارة العامة للحماية القضائية لحقوق الطفل بوزارة العدل، بالإضافة لعدد من كبار الكتاب والإعلاميين المهتمين والمعنيين بشئون الطفل، وإذا كان الحوار قد أكد أن مصر قد حققت تقدمًا كثيرًا فى مجال حقوق الطفل المصرى، إلا أنه من ناحية أخرى أثمر عن هدف مهم ومحدد للارتقاء بالطفل، ويتلخص فى ضرورة التركيز على الجهود التى ستبذل من أجل مستقبل الأطفال فى العالم خلال الثلاثين عامًا المقبلة.
وكان من أهم ما أسهمتُ به فى هذا الحوار من منطلق اهتمامى وخبرتى فى مجال المرأة والطفل والمجتمع، هو أننى طرحت فكرة انتشار العنف ضد الأطفال وضرورة إيجاد آلية معروفة للمواطن لإنقاذ الأطفال الذين يواجهون العنف المفرط، ففى الدول المتقدمة يوجد وعى بأن هناك قوانين وجزاءات فى حالات العنف مع الطفل، سواء أكان ذلك من جانب أحد أفراد الأسرة أو المدرسة أو الشارع، كما أن الطفل يمكنه الإبلاغ عند تعرضه للعنف، ويمكنه أيضًا الاستعانة بخط معروف لإنقاذه، وهناك عقوبات رادعة لمن يعتدى عليه.
وقدمت أمثلة حية من مجتمعنا مما يواجهه التلاميذ فى مدارسنا من عنف من المدرسين، وأوردت واقعة التلميذ الذى صحح غلطة فى النحو لمُدرسة، فكانت النتيجة أنه ضُرب فى الفصل أمام زملائه، وأن والد الطفل اضطر لتوجيه شكوى للمنطقة التعليمية، حيث لم تتم محاسبة المُدرسة من قبل إدارة المدرسة.
كما أوردت نموذج الطفلة التى تعرضت للتعذيب من جدتها هى وشقيقتها، وإلى انتشار جريمة ختان الإناث، وضرورة وقفها بكل السبل المتاحة والقانونية، والتصدى بعقوبات لكل من تواطأ فى ارتكابها.. وقلت فى كلمتى: إننا فى حاجة ماسة إلى حملة إعلامية وبروموهات تليفزيونية لوقف العنف ضد الأطفال «أولاد وبنات» مصر، وإيقاظ الوعى بهذه المشكلة المستفحلة فى مجتمعنا، وضرورة التوعية بحقوق الطفل المصرى.
كما نوهت إلى ضرورة انتشار مكاتب للمجلس القومى للأمومة والطفولة فى كل محافظات مصر والتعريف بها فى القنوات الفضائية والإعلام نظرًا لأهمية الدور الذى يقوم به والجهد الكبير فى مجال حماية الطفولة وحقوق الطفل، ولا شك أننا فى مصر قد حققنا كثيرًا من الخطوات الإيجابية فى السنوات الأخيرة، وهناك التزام من جانب الدولة بهم، ولدينا مادة فى الدستور المصرى خاصة بحقوق الطفل، إلا أنه من ناحية أخرى ما زلنا فى حاجة إلى نشر الوعى بحقوق الطفل وحمايته ورعايته فى مختلف محافظات مصر مع وجود نسبة من الأمية.
وبصفة عامة، فإنه رغم ما تحقق من مكتسبات تاريخية لأطفال العالم منذ إقرار اتفاقية حقوق الطفل منذ ٣٠ عامًا، فإن الأطفال الأكثر فقرًا لم يشعروا بها حتى الآن، وذلك وفقًا لتقرير صدر منذ أيام من منظمة اليونيسف بعنوان «اتفاقية حقوق الطفل على مفترق طرق»، وذلك فى إطار الاحتفالات بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفولة ويقدم التقرير المكتسبات، وفى الوقت ذاته يبرهن بأنه عندما تتوافر الإرادة والعزم السياسيان، فإن حياة الأطفال تتحسن.
وخلال الحوار أثيرت نقاط مهمة، أذكر منها ما قاله أمين عام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عصام الدين فرج الذى أكد أن تنظيم هذا الحوار فى ماسبيرو قد تم فى إطار بروتوكول موقع بين المجلس ومنظمة اليونيسف بهدف خلق قناة بين وسائل الإعلام والمواطن، لا سيما أن القضية المطروحة تتعلق بأطفالنا وشبابنا الذين يمثلون المستقبل.
وأشار إلى أن الاتفاقية الدولية تمثل أهمية كبيرة لاهتمامها بحقوق الطفل فى التعليم والصحة وحقوقه داخل الأسرة، حيث إن الطفل هو الضحية الأولى فى حالات الطلاق والخلع، لافتًا إلى أن مجتمعنا واجه أيامًا صعبة، ولن تعود أبدًا، حينما حاولت جماعة الإخوان الإرهابية تقليل سن الرشد إلى ١٤ سنة لفتح المجال أمام الزواج المبكر، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل.
أما بيتر لانيو، ممثل منظمة اليونيسف فى مصر، فأشار إلى تقدم مصر فى مجال الطفولة والاهتمام المتزايد بها، ودعا إلى تكثيف الجهود خلال الثلاثين عامًا المقبلة لدعم حقوق الطفل فى العالم وتأمين مستقبل أفضل لهم.
بينما لفت المستشار خالد الأبرق، رئيس الإدارة العامة للحماية القضائية لحقوق الطفل بوزارة العدل، الأنظار إلى أنشطة الإدارة التى على رأسها تفعيل نصوص القانون الخاص بالأطفال، والتنسيق مع الجهات المعنية، والمجالس المتخصصة لتحقيق مصلحة الطفل.
أما ممثل المجلس القومى للأمومة والطفولة، ناصر مسلم، فأكد أن مصر كانت من أوائل الدول التى طالبت بوجود الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وأشار إلى جهود المجلس ولجان حماية الطفولة المنتشرة فى أنحاء الجمهورية، وأيضًا خط نجدة الطفل لتلقى كل الشكاوى، كما قدم المجلس فى شأن الحملة القومية ضد ختان الإناث تقدمًا كبيرًا، وأيضًا التعامل مع قضية الأطفال المهاجرين غير الشرعيين، داعيًا وسائل الإعلام إلى مساندة أنشطة المجلس، وتوصيل الرسالة إلى جميع المواطنين.
وإذا كان هذا الحوار فى مصر فى إطار الاحتفال بمرور ٣٠ عامًا على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل قد كشف لنا عن بعض المسائل الخاصة بقضايا الطفولة فى مصر والعالم، فإننى أعتقد أنه من الضرورى تواصل الحوار بين الشركاء المعنيين بشكل دورى لاستعراض أحوال الطفل المصرى والتركيز على حل مشاكله وقضاياه التى لم يتم حلها انطلاقًا من حقه فى الحماية والرعاية وتوفير المصلحة الفضلى له فى مصر، والتركيز على ضرورة تفعيل القوانين، ومن ناحية أخرى ضرورة اهتمام الإعلام بقضايا الطفل المصرى «البنت أو الولد» ليشبوا مواطنين صالحين أسوياء، محبين بلدهم، ومنتجين، ولديهم الإحساس بالولاء والانتماء له والرغبة الحقيقية فى المشاركة فى تقدم الوطن.