رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا دمرتني؟.."الدستور" تحاور أشواق ضحية الاغتصاب على يد داعشي

أشواق ضحية الاغتصاب
أشواق ضحية الاغتصاب على يد داعشي

قبل سنوات كانت الطفلة أشواق حجي حبيسة جدران لا تعرفها، أناس غير المعتاد رؤيتهم، وحوشًا كاسرة من الممكن تسميتهم، ١٤ عامًا قضتهم الطفلة في بيت أبيها تتعلم كل شئ عن الخير والأخلاق، تكبر أمام أعينهم، غير أن تعلُمها هذا ضُرب عرض الحائط عندما لقت نفسها حبيسة عالم لا يعرف أي شئ عن الخير والأخلاق.

فجأة تبدلت الحياة وأصبحت قاسية، مرعبة على جيدها الصغير، انتهاكات وتحرّش واعتداءات توسلت كثيرًا، ودعت رب الخلق أن يرحمها مديدًا، توسلاتها قابلوها بالضحك تارة، والاستهتار تارة آخرى.

لم يعلم هذا الرجل الذي نبت الشعر الأبيض في رأسه، أن الآية ستتبدّل، سينكسر، وأشواق ستعود لحضن بيتها الدافئ، أن كرامتها سترجع وأمام الجميع، أن لحظة انكساره أمامها ستواجهه وتقول له: "ارفع رأسك وحدثني".. أشواق التي تحرك العالم كله نحو قضيتها، وقفت بشجاعة أمام مغتصبها وواجهته، وهو لم يستطع التبرير ورأسه تهتز يمينًا ويسارًا ربما شعر بكثير من الخذي والعار من نفسه على ما فعل.

"الدستور" تواصلت مع أشواق حجي، اليوم الإثنين، عن طريق محررتنا ميرفت فهمي، التي تتذكر لحظات البداية عندما اقتحم الإرهاب الداعشي الغادر منزل عائلتها، ليَأسرهم جميعًا 77 فردًا، وقتما كان عمرها لا يتعدى 14 عامًا.

"جاءوا إلينا وقالوا حترفعوا عَلَمنا وتأتوا معنا.. وإلا لكم الهلاك"، تتذكر أشواق حينها صرخات والدتها، ودموع أبيها الذين لم يكن بإمكانهم سوى الاستسلام لهؤلاء الوحوش البشرية، ليأخذوهم جميعًا أسرى".

ولأول مرة تفارق أشواق الصغيرة أحضان أمها وأبيها، لتذهب مع أناس لا تعرف منهم سوى الوحشية التي ظهرت على ملامحهم الغليظة: "أخذوني أنا وبعض الفتيات للموصل وأخذوا أبي وأمي بعيدًا.. تقولها أشواق.

هنا صارعت الفتاة الأيزيدية دموعها، وهي تروي لـ"الدستور" لحظات أوقفها به "أبوهلال" أحد دواعش العراق المارقين، هي وعدد من الفتيات ليحدّق بملامح وجوههم وبتفاصيل أجسادهم الصغيرة ثم يختارها هي و4 فتيات أخريات: "أنتم ستذهبون معي..أنتم زين البنات.. وسأترك الأخريات".

ليأخذهم بعدها إلى بلدة رامبوسي، ويعرضهم هناك على الذئب البشري العجوز أبو همام الذي وقع اختياره على "أشواق" لتكون فريسته التي سَيلتهمها، ويخرج بجسدها الصغير متعته الجنسية والحيوانية.

وهنا لم تتمالك"أشواق" حبس دموعها عندما تذكرت وقت أن جذبها هذا الوحشي إليه، وأخذ يضربها ويعنفها ثم بدأ باغتصابها غير راحمًا توسلاتها وصرخاتها، وهي الصغيرة التي لا تعرف شيئًا عن معنًا للاغتصاب.. فقط أنها تتألم وتتوجع، فتَصرخ وتستغيث، لكن لا أحد يستجيب.

شهران كاملان قضتهما أشواق بمنزل هذا الإرهابي الوحشي الذي تجرد من معاني الإنسانية والرحمة رأت بهما أشكالًا من العذاب تكفي لتشيب رأس هذه الطفلة: "عاملني كالخادمة.. سلب مني كل شئ.. لم يرحمني، وأنا من في عمر ابنته، وليحلّل ما قام به كتب علي عقد، وكأنه عقد زواج مني".

تتابع الفتاة الأيزيدية لـ"الدستور":"استطعت الهروب بعد ذلك أنا وبعض الفتيات معي إلى منطقة" الجبل" التي استطاع والدي وبعض من أخوتي الهروب إليها".

وعن لحظات لقائها بوالدها وأخواتها تقول: "لم أصدق أنني ما زلت حية، وأنني سأراهم مرة أخرى، وأخذنا نبكي جميعًا فرحًا وألمًا" إلا أن أمي كانت لا تزال بقبضتهم حتى عادت بعد ذلك بعدة أشهر بعد أن تمكنت السلطات العراقية من القبض عليهم، ثم سافرنا أنا وعائلتي إلى ألمانيا".

صوت لم تنساه أشواق وهو رنين هاتف والدها حينما اتصل به أحد رجال المخابرات العراقية طالبًا منه التحدث إليها سائلا إياها: ماذا لو رأيتي مغتصبك؟ هل ستَتعرفين عليه؟ لتأتي الإجابة منها دونما تردد: "إن نسيت العالم لن أنساه فكيف أنسى من جعلني أموت يومًا بعد يوم"، ليطلب منها بعد ذلك الحضور إلى المحكمة للتعرف عليه.

وفي طريقها للمحكمة تواترت مشاهد الاغتصاب والضرب والإهانة ليتجمّعوا بذهن أشواق، وجرى أمام أعينها شريط الآلام التي ذاقتها على يد هذا الوحش الغادر، وصورته التي لم ولن تغب عنها يومًا.. إلى أن رأته بوجهه وجسده أمامها، لكن هذه المرة ذليلًا حبيسًا، لم تمانع نفسها حينما بصقت عليه فور أن رأته، وما كان منه إلا أن يقف عاجزًا عن الرد صامتًا بل وذليلًا.

لم تتمالك "أشواق" نفسها من التوجه له بأسئلة هي تعرف أنه لا فائدة من الإجابة عليها، الآن، فتسأله وسط دموع أعجزتها: "لما لم ترحمني؟ لما لم تستجب لتوسّلاتي؟ لماذا دمّرتني؟ ولم يكن للمجرم جواب سوى الصمت والنظر أرضًا ذلًا وحسرة.

ووجهت أشواق رسالة من خلال "الدستور" إلى العالم قالت فيها: الإسلام برئ من تلك الجماعات التي لا تعرف أي دين سماوي، وليس لديها هدف سوى الخراب، فهم حلفاء الشياطين".