رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شهادات حية.. أهالي "ذي قار" يتحدثون عن الأوضاع بالعراق بعد استقالة الحكومة

جريدة الدستور


منذ الأول من أكتوبر الماضي، اندلعت التظاهرات فى العراق احتجاجًا على تردي الأوضاع الاقتصادية والفساد الإداري وانتشار البطالة، تحديدًا في بغداد وبقية محافظات الجنوب، وطالب المحتجون باستقالة الحكومة وتشكيل وزارة مؤقتة لحين إجراء انتخابات مبكرة.

وإثر تفاقم الأوضاع بالعراق، أعلن قائد شرطة ذي قار محمد زيدان القريشي، الجمعة، سحب الفرق الأمنية إلى مقارها ومنع إطلاق الرصاص الحي بعد اتفاق مع العشائر، الذي يقضي بوقف الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في الناصرية، ثم أعلن التلفزيون العراقي استقالة "القريشي".

وتنقل "الدستور" شهادات حية من أهالي ذي قار بمدينة الناصرية، عن أحوال الشارع إثر هذه التظاهرات التي أسفرت عن قتلى وجرحى لا تزال أعدادهم تتزايد، لحين الرضوخ لإرادة الشعب، وها هو اليوم يحتفل بموافقة مجلس النواب العراقي، على قبول استقالة عادل عبدالمهدي، رئيس الوزراء، من منصبه.
محمد سمير، أحد قاطني مدينة الناصرية، يروي أن شيوخ وكبار سن وأمهات، صنعوا حاجزا بين الشباب وبين القوات الأمنية أثناء إطلاق الرصاص الحي بالقرب من مديرية شرطة ذي قار، ومع دخول الـفرقة التاسعة من بغداد لحفظ الأمن، تراجع المتظاهرون إلى الجسور الثلاثة وساحة الاعتصام الرئيسية فى" الحبوبي".

وأكد في حديثه مع "الدستور"، أن الوضع حاليًا بعد استقالة "القريشي" أصبح هادئا نسبيًا من أصوات الرصاص، واتجه المتظاهرون لإقامة مجالس العزاء على الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل وطنهم، كما تم فتح الطريق من منطقة المنصورية (بوابة المحافظة) بعد أن كان مغلقًا، لكن حتى الآن لا زال الطريق الدولي الرابط بمحافظات الناصرية وبغداد والبصرة وتقاطع قضاء البطحاء الذي يقع على الطريق الدولي من قبل العشائر –القبائل- مغلقا، تجنبًا لدخول الوافدين، خوفًا من قدوم مندسين.
ويتذكر أبرز المواقف الإنسانية التي لن ينساها، ومنها التبرع المادي لخيم الاعتصام من أشخاص لا يعرفهم ومدهم بالفرش والغطاء، ثم تنهد حزنًا على مشهد آخر لن يمحوه الزمن من ذاكرته قائلًا: عندما أصيب متظاهر هرولنا بأقصى سرعة لنسعفه ونصل به إلى المستشفى، وفي خضم ذلك وقع آخر وأصيب بقدمه اليمنى وخرجت الطلقة من قدمه اليسرى وظل يزحف إلى أن وصل إلى سيارة الإسعاف.

ويروي موقف آخر: رأيت سيارات نقل الشهداء إلى محافظة النجت الأشرف مجانًا، كذلك طفى العنصر النسوي وسط الرصاص واحتضن إخوتهم المتظاهرين حتى لا يتقدموا خوفًا عليهم، وأكثر المشاهد تأثيرًا عليه كان استشهاد شاب شارف على الـ17 عامًا من عمره، وحين سأل والده الطبيب عن حاله أنبأه الطبيب ببموت نجله، فما كان من الأب إلا قال بغلبة: ليس هناك مجال للعيش فليس لدي غيره.

وألتقط أطراف الحديث أحمد علوان، أستاذ تربوي، من الناصرية، لينقل رؤيته عن الأحداث التي تشهدها مدينته بعد استقالة قائد الشرطة، فقال: هناك عناصر أمنية تحاول جر المتظاهرين إلى صراع مسلح، وكانت النتيجة أن سقط أكثر من 120 شهيدًا خلال يومين فقط، نحن نراهن على سلمية تظاهراتنا حتى تحقيق المطالب، وأن ما يتم بثه من قبل القوات الأمنية وحلفائها من العشائر –القبائل- بوجود عناصر مسلحة بين المتظاهرين لتغطية الجريمة الكبرى التي ارتكبت بحق الشباب العُزّل.

وأضاف، في حديثه مع "الدستور": القوات الأمنية شرائح، فالشرطة المحلية هي المسئولة عن الحماية داخل المدينة تقف جنبا إلى جنب مع المتظاهرين، يقدمون الطعام والشراب ويتقاسمون معهم كل شئ، مشيرًا إلى أن قوات الشغب غير مدربة على التعامل مع المتظاهرين، فتستخدم الرصاص المطاطي المباشر، أيضًا القنابل الدخانية التي كانت سببًا في استشهاد أصدقائنا.
وأكد أنه بعد الإقالة فإن أغلب القوات الأمنية متعاطف مع المتظاهرين بسبب الشهداء الذين سقطوا في المدينة، وأيقنوا أن القمع لن يحل الأمر وكلما زاد زادت قوتهم وعددهم.
مصطفى رازق، خريج كلية آثار، اتفق مع رأى أقرانه بأن الوضع هادىء بالمدينة، وعن المواقف التي لا تُنسى، قال: رأيت شابًا استشهد وظل هاتفه يدق وإذا بها أمه تطمئن عليه، وأصيب من حوله بالحيرة فمن لديه الجرأة ليجيب عليها بأن ابنها استشهد، وظل هكذا لحين استجمع أحدهم قواه وأخبرها، ولك أن تتخيل رد فعلها المفطور على وليدها.