رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بلال ميري: يهود ومسيحيون يشاركون في الحضرات بفرنسا

جريدة الدستور


قال بلال ميرى، الباحث الفرنسى المتخصص فى شئون التصوف الإسلامى عضو الطريقة النقشبندية، إن الصوفية تجذب الكثير من شباب الدول الأوروبية إلى الإسلام، خاصة فى فرنسا، لبعدها عن السياسة واهتمامها بالجانب الروحانى ومنهجها الوسطى، ما جعل الحكومات لا ترى خطرًا فى انتشارها، مقارنة بالحركات الأخرى.
وكشف «ميرى» عن أن الطرق الصوفية أصبحت تنتشر بطريقة متزايدة فى فرنسا، خاصة فى مدينتى «نيس» و«ليون»، حيث تقام حضرات صوفية وجلسات ذكر تشهد حضور مسيحيين ويهود، يتحول بعضهم إلى الإسلام على إثر اتصالهم بشيوخ هذه الطرق، ومشاركتهم فى فعالياتها.
■ بداية.. كيف تعرفت على الإسلام؟
- كنت ملحدًا فى بدايتى، حتى تعرفت على أحد الإخوة من الصوفية عرض على الذهاب معه لإحدى الساحات الصوفية فى فرنسا، تابعة للطريقة النقشبندية، وبالفعل ذهبت معه ومارست طقوس الذكر والحضرة، وبعدها أصبحت أتردد على الساحة بين الحين والآخر، ونشأت بينى والقائمين عليها علاقة طيبة، وبعد عدة أشهر، تمكنت من لقاء شيخ الطريقة النقشبندية فى فرنسا، وانضممت إليها بعد أن تحولت إلى الإسلام.
■ هل توجد الصوفية بكثرة فى فرنسا؟
- أتباع الطرق الصوفية موجودون فى فرنسا بأعداد كبيرة، خاصة فى مدينتى «نيس» و«ليون»، حيث تقام حلقات ذكر وحضرات صوفية يشارك فيها مسيحيون ويهود. كما أن الكثير من الفرنسيين ينضمون للطرق الصوفية قبل الدخول إلى الإسلام. وأظن أن «النقشبندية» هى الطريقة الغالبة فى المدينتين.
■ ما الذى يدفع الشباب الأوروبى للانضمام للطرق الصوفية؟
- التصوف نجح فى ملء الفراغ الذى يعانى منه الشباب الأوروبى، خاصة الفرنسيين الباحثين عن الجانب الروحانى، لذا فهناك اتجاه بين من يعتنقون الإسلام فى أوروبا يجعلهم ينضمون للتصوف أيضا، خاصة أن هؤلاء الشباب عرفوا الإسلام عن طريقين هما القراءة والمعرفة أو الزوايا الصوفية التى جعلتهم يحبونه.
كما أن شيوخ التصوف لم يعاملوا هؤلاء الشباب باعتبارهم «نكرة»، بل اهتموا بوجودهم وحضورهم فى الفعاليات والأنشطة كافة، خاصة أن فعاليات الطرق الصوفية فى أوروبا تعتمد فى الأصل على الشباب.
بالإضافة إلى ذلك تتواجد الطرق الصوفية فى أوروبا بصورة توجد، تماثل وجودها فى مصر والمغرب العربى، والساحات منتشرة فى العديد من المدن الأوروبية، لطرق «القادرية» و«النقشبندية» و«التيجانية»، وغيرها، الأمر الذى جذب إليها كثيرين، خاصة أنها مسالمة لا تمارس العنف أو التخريب أو التشدد.
■ هل تمارس هذه الطرق أنشطتها بحرية فى أوروبا؟
- الحكومات الأوروبية لا تمنع الطرق الصوفية من ممارسة أنشطتها وتنظيم حضراتها، وأظن أن ذلك بسبب وجهة نظرها الإيجابية تجاه التصوف الذى تراه منهجا وسطيا لا خطر منه، مقارنة بالحركات الأخرى، إلى جانب تعلق الكثيرين به باعتباره يمثل علاجًا نفسيًا وروحانيًا لكثير من المشكلات.
■ هل يعنى ذلك أن التيارات الصوفية تنتشر لابتعادها عن السياسة؟
- هذا صحيح، فالصوفية فى أوروبا بعيدة تماما عن السياسة، ولا أعتقد أنها ستغير موقفها فى وقت قريب، خاصة أن أعداد المتصوفة ما زالت محدودة رغم كل شىء، ولا تمكنها من التأثير على مواقف الحكومات، خاصة فى فرنسا.
وهذا الأمر يختلف عما يحدث فى دول أخرى، مثل روسيا أو الشيشان، التى اختارت أن تلعب الطرق الصوفية دورًا سياسيًا يمكنها من السيطرة على المشهد الدينى فى البلاد، فى ظل وجودها القوى، وهو ما يخالف توجه الحكومة الفرنسية التى تهتم أكثر بالنموذج المغربى.
■ هل يعانى متصوفة أوروبا من التيارات المتشددة؟
- الطرق الصوفية فى فرنسا شبه منغلقة على نفسها، وكل طريقة منها تمارس أنشطتها بسرية تامة، ولا تشارك الأخرى أنشطتها، لكن للأسف، أصحاب الفكر السلفى موجودون بصورة كبيرة فى فرنسا، ما يؤثر سلبًا على الصوفية، فالسلفيون يحذرون الناس هناك من أهل التصوف، ما يؤدى لمضايقات ومشاحنات، وإن كان أحد لا يستمع إليهم.
من جهتى أرى أنه يجب أن يحدث حوار بين التيارين الصوفى والسلفى، سواء فى أوروبا أو فى العالم العربى، لحل الخلافات بين الفريقين، لأن الخلاف بسيط فى النهاية، فالجميع مسلمون ويعتنقون مذهب أهل السنة والجماعة. وشخصيًا، لدى علاقات مع عدد من المنتمين للتيارات السلفية، وأتناقش معهم فى كثير من الأمور الخلافية دون اشتباك أو مضايقة، وأرى أن فيهم خيرًا، ونحن الصوفية يجب علينا أن ننظر إلى جانب الخير فى كل إنسان.