رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سفير فلسطين: اعتراف أمريكا بالمستوطنات محاولة للسيطرة على 62% من الضفة الغربية

جريدة الدستور

قال السفير الفلسطينى فى القاهرة، مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير دياب اللوح، إن الاعتراف الأمريكى الأخير بـ«شرعية» المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية يستهدف فرض السيادة الإسرائيلية على ٦٢٪ من المساحة الإجمالية للضفة، مشيرًا إلى أن ذلك مخطط صهيونى قديم أسهمت الإدارة الأمريكية الحالية فى إخراجه للنور.

 ورأى «اللوح»، فى حواره مع «الدستور»، أن هذا الاعتراف يمثل «ورقة انتخابية» لكل من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، فى ظل سعى الأول لولاية حكم ثانية بالولايات المتحدة، ورغبة الثانى فى تشكيل الحكومة، بما يمكنه من الإفلات من تهم الفساد التى تلاحقه وتهدد بمحاكمته حال خروجه من منصبه. وتطرق السفير الفلسطينى إلى دور مصر الكبير فى إدانة الاعتراف بالمستوطنات، وفرضها هدنة فى غزة، بجانب استمرارها فى تولى ملف المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، كاشفًا فى الوقت ذاته عن تفاصيل الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية المنتظرة.

■ بداية.. كيف ترى الاعتراف الأمريكى الأخير بـ«شرعية» المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية؟
- التصريحات التى أدلى بها وزير الخارجية الأمريكى بأن المستوطنات على الأراضى الفلسطينية قانونية تخالف قرارات الشرعية الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، بجانب اتفاقيتى «لاهاى» و«جنيف ٤». هذه التصريحات ليست جديدة، وبمثابة «ورقة انتخابية» يستخدمها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى مواجهة خطر إقصائه عن حكم الولايات المتحدة، ولتحقيق رغبته فى تولى ولاية ثانية، وذلك عبر زيادة رصيده لدى اللوبى الصهيونى الضاغط فى الداخل الأمريكى لكسب أصواته، وهى أصوات بالملايين، كما أنه يدعم بتلك الخطوة شريكه بنيامين نتنياهو، الذى فشل فى تشكيل الحكومة الإسرائيلية.
ووزير الخارجية الأمريكى ليس مخولًا بـ«تشريع» الاستيطان على أرض دولة فلسطين. ونحن لن نقبل ببناء المستوطنات، وسنقيم دولة فلسطينية مستقلة على الأراضى الفلسطينية المحتلة فى ١٩٦٧ وعاصمتها القدس. دولة دون احتلال أو مواقع عسكرية احتلالية أو مستوطنات ومستوطنين.

■ ما تقييمك للردين المصرى والأردنى على تصريحات وزير الخارجية الأمريكى بشأن المستوطنات؟
- أتقدم بالشكر لجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية وجامعة الدول العربية والبرلمان العربى والاتحاد الأوروبى ومختلف الجهات، التى سارعت بإصدار بيانات إدانة لتصريحات «بومبيو». ومصر أصدرت بيان الإدانة دون أن نطلب منها ذلك، وهو أمر نابع من كون القضية الفلسطينية هى قضية القاهرة، وكذلك فعل الأردن، وجامعة الدول العربية. وهذا الجهد سنبنى عليه فى تحركنا الدولى الدبلوماسى لكسب المزيد من المواقف التى ترفض الاعتراف الأمريكى.

■ فى رأيك.. ما الخطورة التى يمثلها الاعتراف الأمريكى الأخير؟
- بجانب كونه «ورقة انتخابية» يستخدمها «نتنياهو» و«ترامب»، يعد الاعتراف خطوة تشجع إسرائيل على التحرك لبسط سيادتها على الضفة الغربية وعلى الأراضى المقامة عليها المستوطنات، فى إطار مخطط صهيونى قديم موجود فى أدراج الحكومة الإسرائيلية وتلوح به من فترة لأخرى، قائم على بسط السيادة الإسرائيلية على المنطقة «C» بالضفة.
و«الأغوار» فى الجانب الفلسطينى والبحر الميت تمثل ٢٨٪ من مساحة الضفة الغربية، بينما تمثل المنطقة «C» ٦٢٪ من المساحة الإجمالية، علمًا بأنها تقع فعليًا تحت الاحتلال والسيطرة المدنية الإسرائيلية، وتل أبيب تمنعنا من استخدامها، وتهدم عشرات المبانى فيها بدعوى بنائها دون ترخيص، بجانب منع المزارعين من زراعة أراضيهم.
لذلك تكمن خطورة الخطوة الأخيرة فى أنها تمهد لتحقيق مخطط إسرائيل بالسيطرة على ٦٢٪ أو أكثر من مساحة الضفة الغربية، بما يحول دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة متصلة ذات سيادة كاملة.

■ هل لك أن تطلعنا على مشاهد الحياة اليومية بالضفة فى ظل ذلك الوضع؟
- نواجه حربًا شرسة من المستوطنين. فهناك حرق للمنازل والأشجار واعتداءات يومية على السكان والمزارعين بالحجارة، ومنعهم من قطف الثمار فى مزارعهم، واقتلاع الأشجار وإتلاف المحاصيل، وإطلاق الخنازير البرية لأكل تلك المحاصيل. ومن خلال البؤر الاستيطانية والحواجز العسكرية التى تقيمها إسرائيل، يتعرض سكان الضفة الغربية لاعتداءات وانتهاكات بشكل يومى وعلى مدار الساعة، من خلال منع تنقلهم وتفتيشهم واعتقالهم، بجانب محاولات «تهويد» القدس، وتقليص عدد سكانها وتهجيرهم وملاحقتهم بشكل يومى وتقسيم المسجد الأقصى.

■ بعض المحللين ربطوا العدوان الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة بمحاولة «نتنياهو» الهروب من ملفات الفساد التى تلاحقه.. ما رأيك؟
- بنيامين نتنياهو يريد أن يبقى رئيسًا للحكومة لتوفير شبكة «أمان قانونى» تحول دون توجيه تهم له فى ملفات الفساد وغيرها من القضايا، وتمنع تقديمه للمحاكمة وذهابه إلى السجن. ونحن نعرف جيدًا أنه يتمسك برئاسة الوزراء أو الكرسى الوزارى على حساب السلام العادل والشامل فى المنطقة.
لذا منذ أن جاء للحكومة وهو يتهرب من استحقاقات عملية السلام، ويتجه نحو المزيد من الغلو والتطرف ضد الشعب الفلسطينى، والتنكر لـ«حل الدولتي»، وللأسف الشديد وجد ضالته فى قرارات الإدارة الأمريكية التى تهدف إلى تعزيز مكانته وقدرته على تشكيل الحكومة الإسرائيلية.
لكن الشعب الفلسطينى، بتمسكه بحقوقه وصموده على أرضه، أقوى من كل هذه السيناريوهات التى تحاول الحكومة الإسرائيلية، بدعم الولايات المتحدة، وضعها لفرض سياسة الأمر الواقع، وتمرير حلول سياسية هزيلة رفضناها، وما زلنا.

■ كيف ترى دور الصمت الدولى والاكتفاء بالإدانة والاستنكار فى تكرار جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطينى؟
- للأسف الشديد المجتمع الدولى فشل فشلًا ذريعًا فى تطبيق قرار واحد من قراراته ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والصراع الفلسطينى الإسرائيلى، أو الصراع العربى الإسرائيلى بوجه عام، وهذا ما قاله الرئيس الفلسطينى محمود عباس من على منصة الأمم المتحدة، حين خاطب دول العالم قائلًا: «لم تطبقوا قرارًا واحدًا من ٨٠٠ قرار صادرة بشأن جرائم إسرائيل».
لكن نحن فى الدبلوماسية الفلسطينية، وبدعم من الأشقاء العرب والأصدقاء فى العالم، استطعنا «حشر» أمريكا وإسرائيل فى الزاوية، وهو ما ظهر فى كثير من الاجتماعات الأممية، مثل التصويت فى لجنة الاستعمار والسياسات الدولية بالأمم المتحدة على تمديد ولاية وكالة «أونروا»، وذلك بأغلبية 172 صوتًا بزيادة ٩ أصوات عن المرة الماضية قبل ٣ سنوات، ودون اعتراضات سوى من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويعكس ذلك نجاحنا فى «تثبيت» الموقف الدولى تجاه الشعب الفلسطينى وحقوقه الراسخة فى فلسطين، وعزل الولايات المتحدة وإسرائيل دوليًا، وإخراج دول من تحت مظلة التهديد والتخويف اللذين تمارسهما الإدارة الأمريكية عليها، مستخدمة سلاح المساعدات الدولية والتجويع والتفتيت والتقسيم.

■ من وجهة نظركم.. ما الحل الذى يردع إسرائيل ويجعلها توقف انتهاكاتها بحق الشعب الفلسطينى؟
- نحن لا نراهن على أحد إلا أنفسنا وصمودنا وعمقنا العربى وانتمائنا لهذا العمق الأصيل. فالشعب الفلسطينى قوى صاحب إرادة صلبة، صامد على أرضه، متمسك بحقوقه لا يقبل المساومة عليها، ولا يطأطئ رأسه ويرفعه دائمًا فى وجه الاحتلال والاستعمار، وفى وجه قرارات الإدارة الأمريكية غير القانونية التى تتناقض تمامًا مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. نحن كما قال الرئيس عباس: «نراهن على هذا الشعب. لن نكرر أخطاء الماضى. نحن باقون على أرضنا وصامدون ولن نرحل ولن نتركها مهما بلغت إجراءات الاحتلال الإسرائيلى من قسوة وشدة ضدنا».
فى المقابل، نبذل جهودًا بالشراكة الكاملة مع الدول العربية الشقيقة، وأخص بالذكر مصر والأردن والسعودية والكويت، التى تدعم التحرك السياسى والدبلوماسى والقانونى الفلسطينى على الساحتين الإقليمية والدولية، حتى تبقى القضية الفلسطينية القضية المركزية والأساسية بالنسبة للأمة العربية، والقضية الأولى على طاولة المجتمع الدولى.
وفعلًا نجحنا فى ذلك من خلال ترؤسنا «مجموعة الـ٧٧»، بجانب الاعتراف بنا كدولة بصفة مراقب فى الأمم المتحدة، بتصويت من ١٤٠ دولة تؤيد حق الشعب الفلسطينى فى أن تكون دولته كاملة العضوية فى الأمم المتحدة، فضلًا عن مشاركتنا فى التصويت بجميع اللجان الدائمة بالأمم المتحدة.
وإلى جانب قرار التمديد لـ«أونروا»، الذى ذكرته سابقًا، حظيت ٥ قرارات أخرى بأغلبية ساحقة من دول العالم، وذلك بفضل الدعم العربى والدول الصديقة التى تبذل جهودًا صادقة ومخلصة مع فلسطين فى معاركها، مثل اليابان والصين وفرنسا.

■ إذا انتقلنا للشأن الداخلى.. إلى أين وصل قطار المصالحة الفلسطينية حاليًا؟
- العلاقات الثنائية بين «فتح» و«حماس» متوقفة منذ مارس ٢٠١٨، الذى شهد محاولة اغتيال رئيس الوزراء السابق ومدير المخابرات، لكن السلطة والقيادة وحركة «فتح» تجتمع من جهتها مع الجانب المصرى، كما تجتمع مصر مع حركة «حماس» واللقاءات مستمرة.
وكما أؤكد دائمًا، نحن نتمسك بالرعاية المصرية للمصالحة، ولا نقبل أى بديل عنها، ونحن نشكر مصر رئيسًا وحكومة وشعبًا وأجهزة أمنية سيادية، على هذه الرعاية الكريمة للمصالحة، ونشكر مصر أيضًا، من أعماق قلوبنا، على تدخلها الأخير لوقف ولجم العدوان الذى تعرض له قطاع غزة، خاصة أنها تتدخل فى كل مرة لوقف العدوان والتخفيف من المعاناة الواقعة على كاهل الشعب الفلسطينى.

■ هل نترقب لقاءات قريبة بين الفصائل لإتمام المصالحة؟
- قد تحدث هذه اللقاءات فى قطاع غزة أو فى مصر، لكن ذلك سيكون عقب إصدار الرئيس «عباس» المرسوم الخاص بالانتخابات، وبعدها يمكن أن تلتقى الفصائل، بما فيها «فتح» و«حماس» لترتيب الأوضاع، لأن هذه اللقاءات ستوفر المناخ الوطنى المطلوب لإجراء الانتخابات.
وأحب أن أؤكد أن القيادة الفلسطينية وحركة «فتح» ترحبان بأى اتفاق وتفاهمات مكتوبة، يجرى التوصل إليها مع «حماس»، بشأن تنفيذ اتفاق المصالحة الذى تم توقيعه بالقاهرة فى أكتوبر ٢٠١٧، لأننا نرى أن هذا الاتفاق متكامل وصالح حتى اللحظة للتنفيذ والخروج من حالة الانقسام، خاصة أنه يمكن الحكومة من ممارسة مهامها تجاه الشعب، ويحل جميع الإشكالات.
أما فى حال تعذر إتمام الاتفاق قبل الانتخابات، فإن حكومة الوحدة الوطنية، التى ستتشكل بعد الانتخابات، ستتولى معالجة جميع القضايا الداخلية التى تتعلق بالشعب، فيما سيظل الشأن السياسى من اختصاص منظمة التحرير، باعتبارها الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى فى الداخل والخارج.
والرئيس «عباس»، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس دولة فلسطين، لديه رؤية سياسية وبرنامج متكامل لا خلاف عليهما بين القوى السياسية، وهو كما نسميه «برنامج الحد الأدنى».
ويتمثل هذا البرنامج فى إقامة دولة فلسطينية على الأراضى التى احتلت عام ٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، مع عودة اللاجئين إلى ديارهم، وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ١٩٤، ووفقًا للمبادرة العربية للسلام.
وهاتان القضيتان من قضايا الحل الدائم والنهائى مع إسرائيل، إلى جانب القضايا الأخرى التى لا تقل أهمية، مثل قضايا الحدود والأمن والمياه والإفراج عن الأسرى والمعتقلين بسجون الاحتلال.

■ على ذكر الانتخابات الفلسطينية.. ما آخر التطورات فى هذا الملف الذى حظى بتأييد الفصائل المختلفة؟
- إعلان الرئيس «أبومازن» عن عزمه إجراء الانتخابات من على منبر الأمم المتحدة، فى أكتوبر الماضى، يعنى وجود إرادة عميقة لدى القيادة الفلسطينية لإجراء هذه الانتخابات، التى تشرف عليها هيئة مستقلة هى لجنة الانتخابات المركزية التى يترأسها حنا ناصر.
ووفقًا لذلك، طلب الرئيس «عباس» من «ناصر» بدء المشاورات مع القوى الفلسطينية كافة، وكذلك منظمات المجتمع المدنى والشخصيات الوطنية، وهو ما حدث بالفعل فى الضفة الغربية وقطاع غزة، وتمت الموافقة المبدئية من «حماس» والقوى السياسية.
وكما أكد الرئيس «عباس»: نحن ذاهبون إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية على التوالى، بعد استكمال المشاورات، وإعلان حنا ناصر عن جاهزية اللجنة لإجرائها، وحينها سيصدر الرئيس مرسومًا يتضمن توقيت الانتخابات التشريعية ثم الرئاسية، خاصة أن الفصائل فى غزة اتفقت على أن تكون المدة الفاصلة بينهما ٣ أشهر.

وأعتقد أن الرئيس «عباس» والقيادة الفلسطينية لا يوجد مانع لديهم فى ذلك، لأن مدة ٣ أشهر تعد كافية للإعداد والتحضير للانتخابات الرئاسية، بعد الانتخابات التشريعية التى تشكل مخرجًا من حالة الانقسام الفلسطينى، بعد تعثر تنفيذ اتفاق المصالحة، الذى تم توقيعه برعاية مصرية فى ٢٠١٧.

■ متى يصدر المرسوم الرئاسى لبدء إجراء الانتخابات؟
- أعتقد أن الرئيس «عباس» سيصدر المرسوم بمجرد تأكيد لجنة الانتخابات أنها جاهزة لإجرائها، وأنها تلقت الموافقة عليها من جميع الفصائل والشخصيات الفلسطينية، خاصة أن الرئيس والقيادة أكدا أنه لن تكون هناك انتخابات دون مشاركة قطاع غزة والقدس الشرقية.

■ هل تعتقدون أنكم قادرون على تنظيم الانتخابات فى الضفة وغزة فى وقت واحد؟
- سبق أن أجرينا انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة فى القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة عام ١٩٩٦، كما أجرينا فى ٢٠٠٥ انتخابات رئاسية، وتم انتخاب الرئيس «أبومازن» خلفًا للشهيد الراحل الرئيس ياسر عرفات.
وفى عام ٢٠٠٦، أجرينا الانتخابات التشريعية بمشاركة القدس وقطاع غزة، وشهد عليها العالم بأنها كانت شفافة ونزيهة، وبموجبها كلف الرئيس «عباس» إسماعيل هنية بتشكيل الحكومة العاشرة فى تاريخ الحكومات الفلسطينية، وكانت من حركة «حماس». والرئيس «عباس» أكد، مجددًا، أن الكتلة الأكبر التى ستفوز فى الانتخابات سوف تكلف بتشكيل الحكومة.

■ ألا تخشون من محاولات إسرائيلية لإفشال هذه الانتخابات؟
- الأمر بالطبع يحتاج إلى ضمانات، ونحن نأمل أن تبذل الشقيقة الكبرى مصر جهدًا كى توافق إسرائيل على إجراء الانتخابات فى القدس الشرقية، وأن تعمل مع دول أخرى إقليمية وعالمية على توفير ضمانات كى لا تقوم إسرائيل بعرقلة هذه الانتخابات، خاصة أننا ذاهبون لممارسة الديمقراطية التى هى حق مكفول للشعب الفلسطينى. وأعتقد أن الأوان قد آن لإجراء الانتخابات الفلسطينية بعد مضى ١٣ عامًا على الانتخابات الماضية، وهذه مدة طويلة، شهدت انتهاء ولاية المجلس التشريعى السابق، الذى تم حله بحكم من المحكمة الدستورية، وحاليًا لا يوجد لدينا مجلس تشريعى إنما مركز يقوم بمهامه، ما يعنى أننا بحاجة إلى مجلس تشريعى جديد، وأيضًا، بحاجة لانتخاب رئيس السلطة الفلسطينية.
■ هل وافق الرئيس «عباس» على الترشح مجددًا لمنصب رئيس السلطة الفلسطينية بعد ترشيحه من حركة «فتح» مؤخرًا؟
- مع احترامى الشديد لما سيقوله الرئيس «عباس»، إلا أنه رئيس حركة «فتح» والحركة اختارته بالفعل كى يكون مرشحها الوحيد فى الانتخابات الرئاسية المقبلة. وبهذه المناسبة، أرحب شخصيًا باسمى وباسم سفارة دولة فلسطين بمصر، ومندوبيها لدى جامعة الدول العربية، والقنصلية الفلسطينية بالإسكندرية، وجميع العاملين فى المؤسسات الفلسطينية السيادية بمصر، بقرار اللجنة المركزية لحركة «فتح» وترشيح الرئيس «عباس» للانتخابات الرئاسية المقبلة. ومن جهتى، أعتقد أن الرئيس «عباس» سيقبل بهذا التكليف، وأعتقد أن رأيه سيكون من رأى الحركة، وأنه سيواصل توليه مسئولياته فى هذه المرحلة التاريخية الصعبة والحساسة. فهو الذى يقود المسيرة خلفًا للرئيس عرفات، ونحن لدينا الثقة فى قدرته وحكمته وقيادته الرشيدة للوصول بنا وبالقضية الفلسطينية إلى بر الأمان، والخروج بها من هذا المأزق الذى يمر به الشعب الفلسطينى. كما أؤكد أن باب التنافس مفتوح. فإذا كانت «فتح» لديها مرشح واحد، هو الرئيس «عباس»، فإن بإمكان أى شخص وطنى تنطبق عليه الشروط القانونية، المنصوص عليها فى الدستور ونظام لجنة الانتخابات، أن يرشح نفسه، ولدينا تجربة سابقة فى ذلك، فهناك من ترشح وتنافس مع الرئيس «عباس» وكذلك مع الرئيس «عرفات».
وفلسطين، كما قال الرئيس «عرفات»، واحة الديمقراطية حتى فى ظل الثورة، التى كان يسميها «ديمقراطية البنادق»، وكان المقاتل فيها يعبر عن رأيه وهو يقاتل، وإذا كنا نمارس الديمقراطية ونحن نقاتل، فما بالنا ونحن فى ظل بناء دولة ومؤسسات ومجتمع مدنى، ورغبة فى تحمل مسئوليتنا المدنية والمجتمعية تجاه أبناء الشعب، فى لحظة نحن أحوج ما نكون فيها إلى ممارسة الحياة الديمقراطية بشكل كامل.

■ ما أسباب وتداعيات العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة؟
- التصعيد الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة جاء بدون أى مبررات، كعادة إسرائيل الدائمة فى قتل الأطفال والسيدات وشن عدوان دموى وارتكاب مجازر ومذابح فى الضفة الغربية وقطاع غزة. وعندما تم التوصل إلى تفاهمات وهدنة برعاية مصرية، من أجل توفير الاستقرار والهدوء، خرقت إسرائيل هذه التفاهمات، ولم تلتزم بما نصت عليه من عدم الاعتداء على المتظاهرين السلميين فى «مسيرات العودة» كل يوم جمعة. وأرى أن الحكومة الإسرائيلية أرادت من هذا العدوان استخدامه ورقة ضغط فى يد حكومة «نتنياهو»، ليقول الأخير من خلالها للشارع الإسرائيلى إنه ما زال الرجل الأقوى الذى يستطيع اتخاذ قرارات صعبة وخطيرة، وأنه الأنسب والأفضل لتشكيل الحكومة، وأن على منافسه بينى جانتس أن يأتى للتفاوض معه، ويشاركه فى الحكومة وفقًا لشروط «نتنياهو».