رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: فقه المعاندة.. لماذا ترفض المعارضة المصرية النقد؟

محمد الباز
محمد الباز

الذين يعارضون مشروع ٣٠ يونيو من خارج جماعة الإخوان يفعلون ذلك لأنهم ليسوا من ركاب السفينة فقط

ليس مهمًا لتكون إخوانيًا أن تكون عضوًا تنظيميًا بل يكفى أن يكون تحركك يصب فى مصلحة الجماعة

القوى المدنية وضعت نفسها فى خدمة مشروع «الإرهابية» لإسقاط الدولة المصرية ونظام ٣٠ يونيو

ما نشهده فى مصر الآن ليس معارضة بل إنه تدليس كامل يعتمد على قلب الحقائق وتزييفها واختلاق وقائع لا أصل لها

المعارضة المصرية تتعامل مع ما تقوله على أنه نص مقدس يجب ألا يقترب منه أحد ولو بكلمة نقد واحدة من أى نوع


تستطيع أن تصف النظام، أى نظام، بأنه مستبد وديكتاتورى وغاشم يقمع معارضيه ويُقصيهم ويُضيق عليهم الخناق ويحرمهم من مجرد الكلام، لا لشىء، إلا لأنهم يخالفونه الرأى ويسيرون فى الوجهة التى لا يريدها.

وبالقدر نفسه تستطيع أن تصف المعارضة، أى معارضة، بأنها مستبدة وديكتاتورية وغاشمة تقمع معارضيها وتقصيهم وتضيق عليهم وتشوههم وترفض كلامهم، لا لشىء، إلا لأنهم يخالفونها الرأى ويسيرون فى طريق مخالف تمامًا لطريقها.

المقاربة صحيحة لدرجة كبيرة يحكمها العقل والمنطق.

يمكنك أن ترفض ما أقوله، أعرف أنك فعلت ذلك حالًا، وتريدنى أن أدلل على كلامى.

لك الحق فى ذلك تمامًا، فقد انتهى عصر الكلام المجانى، وانقضت تلك العهود التى يسلم الناس فيها عقولهم على بياض لمن يكتبون أو يتحدثون، وتبددت الخطابات المقدسة بعد أن أصبحنا نعيش عصر التفكيك لكل وأى شىء من الأفكار الأرضية التى يصوغها أصحاب المذاهب انطلاقًا من خبراتهم إلى الرسالات السماوية التى تعانى من أكبر حركة تمرد على مرتكزاتها الأساسية.






لن أطلب منك أن تصدقنى.

كل ما أريده أن تقرأ ما سأكتبه لك دون أحكام مسبقة.

هذا إذا كنت تريد الدليل بالفعل على صحة ما أقوله، أو كان لديك استعداد لحوار لا تحكمه القناعات المطلقة، وتتحكم فيه الأحكام المقدسة.

ما رأيك أن نرسم خريطة مصر السياسية فيما بعد ثورة ٣٠ يونيو، الثورة التى أصبح حلفاؤها فرقاء يمزق بعضهم بعضًا، بدأوا طريقًا واحدًا، كتفًا بكتف، ثم تفرقت بهم السبل، فأصبح كل منهم فى طريق.

ضع أحداث الأيام الثلاثة ٣٠ يونيو و١ و٢ يوليو ٢٠١٣ جانبًا الآن، فالمشهد كان واضحًا جدًا، فئات الشعب على اختلاف أفكارها وتوجهاتها ومصالحها اجتمعت على قلب رجل واحد ضد جماعة الإخوان، ومن يتحالف معها أو يساندها، وهو أمر محسوم لا يمكن أن يجادل فيه أحد.

ركز قليلًا فى مشهد ٣ يوليو.

ضع الصورة أمامك من جديد، ستجد أن من رسمها كان يريد أن تجتمع مصر كلها من خلال ممثليها دون أن يغيب أحد.

ظاهر الصورة يقول إن الجميع كانوا هناك.

القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبدالفتاح السيسى وقادة أفرع القوات المسلحة، فى إشارة إلى أن قلب البلد الصلب يبارك الثورة ويدعمها ويساندها ويقف إلى جوارها، بعد أن حاول هذا القلب ألا نصل جميعًا إلى هذه النقطة الحرجة.

اثنان من شباب تمرد، هما محمود بدر ومحمد عبدالعزيز، لا يمثلان الحركة التى لعبت دور رأس الحربة فى الثورة من خلال جمع التوقيعات التى تطالب بعزل محمد مرسى والثورة على الجماعة فقط، ولكنهما يمثلان الشباب أيضًا، فوقتها لم يكونا تجاوزا الثلاثين بعد، وكان طبيعيًا أن يكونا موجودين للتأكيد على أن ما قامت به الحركة كان قويًا ومؤثرًا ومعبرًا عمَّا يريده الناس.

الدكتور محمد البرادعى، رئيس حزب الدستور، لكنه لم يشارك بهذه الصفة، لكن جاء ممثلًا لجبهة الإنقاذ، التى تشكلت بعد الإعلان الدستورى الذى أعلنه مرسى فى نهايات نوفمبر ٢٠١٢، ولعبت دورًا كبيرًا فى خلخلة حكم الإخوان، وكانت متهمة طوال الوقت من قِبل الرئيس الإخوانى وجماعته، للدرجة التى كانوا يطلقون عليها «جبهة الخراب».

كان البرادعى وقتها منسقًا للجبهة التى كانت متهمة من الجماعة بأنها مَن تحرك الشارع ضدها وتقف وراء تمرده وصخبه وغضبه.

وهنا لا بد من كشف حقيقة قد تصل إلى درجة المفاجأة.

كنت أتحدث مع الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد السابق وأحد مؤسسى جبهة الإنقاذ، عن دورهم فى ٣٠ يونيو، وعن مشاركة البرادعى فى اجتماع ٣ يوليو، فوجدته يقول لى: مشاركة الدكتور البرادعى فى هذا الاجتماع جاءت بالصدفة البحتة.

لم يمنحنى السيد البدوى فرصة لوضع علامات التعجب على كلامه.

قال: فى جبهة الإنقاذ كان منصب المنسق دوريًا، كل واحد من مؤسسيها كان يتولى منصب المنسق شهرًا، وبالصدفة كان البرادعى هو منسق الجبهة فى شهر يوليو، وذهب إلى الاجتماع بصفته وليس بشخصه، وهو ما يعنى أن الثورة لو قامت فى شهر آخر، كان يمكن أن يكون هناك شخص آخر غير البرادعى هو الذى يحضر اجتماع بيان الثورة.

فى الصورة يظهر المهندس جلال مرة، الأمين العام لحزب النور، الذراع السياسية للجماعة السلفية، ولم يكن قد وجهت الدعوة إليه، بل كان الدكتور يونس مخيون، رئيس الحزب، هو المدعو، لكنه كان يومها فى البحيرة، حيث يعيش هناك، وتعذر حضوره، وهو ما يفسر تأخر وصول «مرة» إلى الاجتماع، حيث تم إبلاغه بأن ينوب عن مخيون متأخرًا.

كان ظهور حزب النور عبر ممثل له، أيًا كان اسمه، مهمًا جدًا، فقد كان المعنى الذى تشكل من خلاله أن الشعب لا يثور على الإسلام، كما تروج الجماعة، ولكنه قام ضد جماعة ضلت وأضلت باسم الإسلام، وهو ما يرفضه الشعب المصرى تمامًا.

بالقرب من ممثل حزب النور حضر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والبابا تواضروس، رأس الكنيسة المصرية، فى دلالة لا تخفى على أحد بأن عنصرى الأمة على قلب الثورة لا يفترقان، ثم إن وجودهما كان مهمًا للتأكيد على أن الذين يستظلون بظلال مؤسستيهما داعمون للثورة وفى قلبها.

فى قلب المشهد كانت الكاتبة الكبيرة سكينة فؤاد حاضرة ممثلة للمرأة المصرية، هذا غير ما تعكسه من قيمة ككاتبة كبيرة، تحمل هموم هذا الوطن بالقدر نفسه الذى تحمل به همومها الشخصية.

سألتها عن شعورها، وما الذى مثلته لها هذه المشاركة؟

فقالت لى: كل البشر لهم يوم ميلاد واحد، ولكنى أشعر بأن لى يومين، الأول هو يوم ميلادى فى الدنيا، والثانى هو يوم مشاركتى فى اجتماع القوى الوطنية فى ٣ يوليو.

لن يكون جديدًا عليك عندما أقول لك إن جماعة الإخوان المسلمين كانت مدعوة هى الأخرى لحضور هذا الاجتماع، فقد أعلن عبر مصادر مختلفة أن الدعوة وجهت بالفعل إلى الدكتور سعد الكتاتنى، بوصفه رئيسًا لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، لكنه رفض بقرار واضح وحاسم من مكتب الإرشاد، الذى أعلن عدم موافقته على أى تحرك ضد محمد مرسى، الذى هو بالتبعية تحرك ضد الجماعة كلها.

وقبل أن تتعجب من ذلك، لا بد من توضيح الصورة قليلًا.

فقد خرج المصريون يطالبون بانتخابات رئاسية مبكرة، رافضين بقاء حكم محمد مرسى، الذى هو فى حقيقته حكم المرشد، وإبعاد الجماعة عن المشهد السياسى كجماعة سياسية تستخدم الدين فى تحقيق أهدافها، ولم تكن هناك نية لنفى الجماعة كأفراد أو إبعادها عن الصورة أبدًا، لكنها أصرت على الخلاف والشقاق.

هل يمكن أن نقول إن الجماعة هى التى أقصت نفسها، واختارت أن تسير فى طريق مختلف عن الطريق الذى اختاره الشعب المصرى لنفسه؟

يمكن أن نقول ذلك تمامًا، دون أن نشعر بحرج أو نفارق الحقيقة ولو شبرًا واحدًا.

هل تريد دليلًا على ما أقوله؟

الأمر هيّن تمامًا.

لقد التفت المصريون إلى بنود محددة فى بيان ٣ يوليو.

فرحوا بتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بأداء اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة، لأن ذلك معناه عزل محمد مرسى وجماعته بشكل نهائى وإبعادهم عن المشهد السياسى.

وابتهجوا بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد، لأن هذا كان هدفهم الأول ومبتغاهم من خروجهم بالملايين إلى الشوارع.

واطمأنوا إلى أنه ستكون من سلطة رئيس المحكمة الدستورية العليا أن يصدر إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.

وأيقنوا أن خارطة الطريق تصحيح لوضع أعوج، لأنها نصت على تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة، تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية، وكذلك تشكيل لجنة تضم كل الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتًا.

وتفاءلوا بمناشدة المحكمة الدستورية العليا بسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية، وكذلك وضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن، بعد أن تحول إلى أداة لصنع الفوضى وحرث الأرض أمام نموها.

وأدركوا أنهم يسيرون فى الاتجاه الصحيح بعد اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة، ليكونوا شركاء فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.

لكن أحدًا لم يلتفت إلى أن بيان ٣ يوليو نص على تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.

كانت هناك نية واضحة لاستيعاب جماعة الإخوان فى المجتمع، ومنح حزبها، الحرية والعدالة، الفرصة للعمل، لكن الجماعة رفضت بإصرار، وراحت تحشد رجالها ومن استأجرتهم للاعتصام فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة، معلنة أنها فى طريق والشعب المصرى كله فى طريق آخر.



كانت الصورة النهائية التى خرج بها بيان ٣ يوليو تؤكد أن هناك اتفاقًا كاملًا بين القوى السياسية، لكنه الاتفاق الذى جاء بعد خلافات عابرة ما لبست أن ذابت.

بعد سنوات من الحدث المزلزل حاول البرادعى أن يغسل يديه مما حدث كعادته، أصدر بيانًا يوحى من خلاله أنه لم يكن على دراية بتفاصيل المشهد السياسى وتعقيداته.

جمعت أوراقى واستمعت إلى أحد المشاركين فى المناقشات التى دارت قبل إعلان البيان.

سألت محمد عبدالعزيز، أحد مؤسسى تمرد، الذى أصبح عضوًا فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، وشهادته بالنسبة لى ليست مجروحة تمامًا، فقد انضم إلى معسكر حمدين صباحى فى الانتخابات الرئاسية الأولى بعد ٣٠ يونيو، وهو ما يشير إلى أنه يحمل روحًا معارضة.

حكى لى محمد عبدالعزيز- كما حكى بعد ذلك فى بعض البرامج التليفزيونية- قائلاً: عندما جلسنا فى أحد صالونات وزارة الدفاع قبل إعلان بيان ٣ يوليو كنا نعرف أن محمد مرسى تم احتجازه، وقام اللواء محمد العصار باتصال تليفونى مع سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، صباح الاجتماع، وكان البرادعى يجلس على يمينه، وكنت أجلس على يساره، ورفض الكتاتنى الحضور بسبب احتجاز مرسى، كل ذلك حدث قبل دخول الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، والفريق صدقى صبحى، رئيس الأركان، ورفضت ورفض محمود بدر وجود الكتاتنى، لكن البرادعى أقنعنا بإجراء الاتصال به عن طريق اللواء العصار، وعلم، قبل أى حوار، أن مرسى محتجز ولم يعترض على ذلك، بل بدأ الاجتماع وأكمله دون أى إشارة إلى هذه النقطة.

يستكمل محمد عبدالعزيز روايته: البرادعى رفض إجراء استفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وكنا معه فى ذلك وإصرارنا على العزل الفورى لمرسى، وكانت فكرة الاستفتاء قد طرحها الفريق أول عبدالفتاح السيسى محاولة منه لحقن الدماء، لكن تقديرنا السياسى أنه يجب العزل الفورى لمحمد مرسى، حتى لا تدخل البلاد فى نفق من الفوضى، خاصة أن الشعب محتقن ضد الإخوان فى الشارع، وكان البرادعى مصرًا على العزل المباشر دون استفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

ولم يكن صحيحًا أنه تم إعداد بيان خارطة الطريق على عجل، كما قال البرادعى.

فكما يقول محمد عبدالعزيز: صياغة خارطة الطريق لم تتم على عجل، بل هى الخارطة التى تم الاتفاق عليها فى فيلته على طريق مصر إسكندرية الصحراوى، وتم الاتفاق بيننا على كل تفاصيلها، وهو ما تم تنفيذه بالحرف تقريبًا، «رئيس المحكمة الدستورية- رئيس حكومة مدنى- تعطيل الدستور»، وكان ضمن ما اتفق عليه فى فيلته أن سقف مطالبنا هو العزل المباشر والفورى لمرسى، وليس أقل من ذلك.



اتفق الجميع على كل شىء، وافق الفريق أول عبدالفتاح السيسى على ما استقر عليه المجتمعون من ضرورة العزل المباشر لمحمد مرسى، تخلى عن فكرته بإجراء استفتاء شعبى على الانتخابات الرئاسية المبكرة، وهى الفكرة التى كان يوافقه فيها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذى كان ملتزمًا الصمت أغلب الوقت.

نظر عبدالفتاح السيسى إلى الجميع قبل الصياغة النهائية للبيان فأبدوا موافقتهم، لكن شيخ الأزهر ظل ملتزمًا بصمته، فوجه له السيسى الكلام مباشرة.

قال له: وأنت يا فضيلة الإمام؟

فالتزم الصمت قليلًا، ثم قال له: أنا معكم فى كل شىء.



فى اللحظة التى خرج فيها المجتمعون من وزارة الدفاع بدت الخريطة السياسية واضحة جدًا.

القوى السياسية مجتمعة تقف خلف مشروع ٣٠ يونيو.

وجماعة الإخوان المسلمين تقف ضده.

لم يكن الأمر مجرد خلاف فى وجهات النظر، بل تحول إلى صراع سياسى على السلطة، فالجماعة تعاملت مع ما حدث على أنه انقلاب، نافية وناكرة ومتجاهلة تمامًا الملايين التى خرجت ترفع عن مرسى غطاء الشرعية، الذى حاول أن يحمى نفسه به فى مواجهة الحشود الغاضبة.

فى هذا اليوم أيضًا حدثت الخيانة الأولى من النخبة السياسية والفكرية المصرية.

فعلى لسان عدد من السياسيين والكتاب والصحفيين والمفكرين والشباب المنتمين إلى القوى السياسية المختلفة، بدأت نغمة محددة تتردد وهى أن «٣٠ يونيو ثورة، لكن ٣ يوليو انقلاب»، وهى النغمة التى تحولت إلى ثغرة تسرب منها عدد كبير من الذين دعوا إلى الثورة على الإخوان ودعموها ووقفوا خلفها ونزلوا إلى الميادين ليكونوا شهودًا عليها ولها.

لا يمكن أن تستسلم لمنطق هؤلاء بالطبع، وذلك لأكثر من سبب.

الأول: لم يكن إعلان عبدالفتاح السيسى بيان ٣ يوليو، مرتديًا زيه العسكرى، إشارة إلى أن الجيش هو من قام بالثورة على الجماعة، ولكن الدلالة كانت مطلوبة بأن الجيش يحمى الثورة ويقف فى صف واحد مع من قاموا بها.

الثانى: سارت الثورة بخارطة طريق توافقت عليها القوى السياسية ولم ينفرد الجيش بوضعها، ولم يكن للقوات المسلحة فيها أى وضع مميز، بل على العكس كانت الأعباء بادية والمسئوليات متراكمة والتحديات حاضرة.

الثالث: لم يكن هناك أى تخطيط أو حتى تفكير فى أن يدخل الجيش فى السياسة مرة أخرى بعد تجربة الفترة الانتقالية التى أعقبت ثورة ٢٥ يناير، وهو ما أكد عليه جميع قادة القوات المسلحة، وكان ما قالوه صادقًا تمامًا.

وقد تسأل عن دوافع من أعلنوا موقفهم من ٣ يوليو من خارج الإخوان والتعامل مع ما جرى على أنه انقلاب؟

وهنا لا بد أن نعود إلى الوراء قليلًا.

تحديدًا إلى اليوم الذى أعلن فيه مبارك تخليه عن السلطة فى ١١ فبراير ٢٠١١، يومها انتهى اتفاق القوى السياسية «دينية ومدنية» على ما لا يريدون، وبدأ خلافهم حول ما يريدون.

حاولت القوى المدنية أن تكسب أرضًا من القوى الدينية، لكن جماعات الإسلام السياسى، وعلى رأسها جماعة الإخوان، استطاعت أن تصادر الأرض كلها لحسابها، وأقصت القوى المدنية تمامًا، ولذلك كانت هذه القوى تحديدًا داعمة بشكل أساسى للإطاحة بالإخوان، طمعًا فى أن تنال هى فرصة حكم مصر بعد رحيل الإخوان.

كان الحضور الإعلامى الطاغى للقوى المدنية ممثلًا فى برنامج باسم يوسف «البرنامج» الذى جعل هدفه الأساسى هو السخرية من محمد مرسى وجماعة الإخوان وكل من يعملون تحت مظلتها، ولم يكن يعمل من أجل هدف وطنى عام، ولكنه كان عصا فى يد القوى المدنية التى أرادت أن تفتت قوة الإخوان وتقصيهم عن الصورة لصالح مشروعهم ورغبتهم فى الوصول إلى السلطة، على اعتبار أن الجماعة لم تكن فى طليعة الثورة، ثم أنها هى نفسها من خدعت الجميع حتى وصلت إلى قصر الاتحادية عبر ممثلها محمد مرسى.

لم ينجح باسم يوسف لأنه كان عبقريًا فيما يقدمه فقط، ولكن لأن السياق العام كان يتقبل ما يقوله ضد محمد مرسى.

بعد ٣٠ يونيو حاول باسم يوسف أن يستكمل مسيرته بأن يسخر من الجيش لصالح القوى المدنية التى كانت تنتظر، لكن السياق كان قد اختلف تمامًا، وما كان مقبولًا منه أيام الإخوان لم يعد مقبولًا منه بعد ذلك.. ولا أقصد قبول الجيش ولكن قبول الرأى العام الذى أيقن أن حمايته لن تأتى إلا من قواته المسلحة.

مشهد ٣ يوليو لم يكن مطمئنًا للقوى المدنية.

التفاف الناس حول وزير الدفاع كان مزعجًا.

كانوا يعرفون أن الشعبية التى يحصدها عبدالفتاح السيسى يومًا بعد يوم ستكون عائقًا كبيرًا أمام وصولهم إلى السلطة، فكان طبيعيًا أن يقطعوا الطريق عليه بوصم ما فعله من مساندة للثورة على أنه انقلاب دون أن يخرجوا عن الإجماع الشعبى بأن ما جرى فى ٣٠ يونيو ثورة، وهو فصل خبيث جدًا وجد من يتماهى معه ويصدقه ويسير خلفه.

تطورت هذه المجموعة بعد ذلك، فبدأنا نسمع من يقولون: «لا عسكر ولا إخوان».

أطلق هؤلاء على أنفسهم «الطريق الثالث»، وهو طريق حاولت القوى المدنية فى السياسة أو الإعلام شقه وسط الحياة السياسية المصرية العامة، لكنهم لم ينجحوا، لأنهم لم يفهموا أن الصراع كان قد تشكّل بين الإخوان ومن يتحالفون معهم من ناحية، والشعب ومن ورائه الجيش من ناحية أخرى.

ولأن الصراع كان صفريًا تمامًا، تفرض ضروراته إما أن تكون مع الشعب والجيش وإما أن تكون مع الجماعة، فقد تاهت القوى المدنية بشكل كامل ولم تجد لها أرضًا تتحرك عليها، وقد خاب أملها الذى كان يقوم على أن الجيش يمكن أن يسترد السلطة من الإخوان ويمنحها لهم دون عناء.

حقيقة الأمر أن الجيش لم يسترد السلطة من الإخوان، بل الشعب هو الذى قام بذلك، وهو الشعب نفسه الذى رفض أن يمنح هذه السلطة لأحد من القوى المدنية، لاعتقاده الراسخ بأن هذه القوى لن تكون قادرة على إدارة البلاد أو مواجهة المخاطر التى تحيط بها، لكن القوى المدنية، ولأنها لا تستطيع أن تعادى الشعب أو على الأقل تجاهره بهذا العداء، فقد فضلت أن تعادى الجيش، وتقف على الضفة الأخرى منه، وقد حاولت وهى تقوم بذلك أن تقدم نفسها للشعب على أنها تحميه مما يريده الجيش له ومنه.

من بين هؤلاء الذين يفكرون بهذه الطريقة يمكن أن تقابل كثيرين ممن لا يمكن وصفهم بأنهم «إخوان مسلمين» ينتمون إلى خلفيات سياسية وحقوقية مختلفة، مثل ممدوح حمزة وجمال عيد وعمار على حسن وعلاء الأسوانى وعزالدين شكرى فشير ومحمد أبوالغار وخالد فهمى ونادر فرجانى وبلال فضل والنائب البرلمانى أحمد طنطاوى.. وغيرهم كثيرون.

الغريب أن هؤلاء ورغم معرفتهم بجماعة الإخوان الإرهابية وما تريده، ورغم ثقتهم فى وطنية الجيش المصرى، ورغم إدراكهم أن الأمور فى مصر تسير ناحية الاستقرار، فإن تعاقب الأيام لم يزدهم إلا بُعدًا عن مشروع ٣٠ يونيو.. وهو البُعد الذى كان طبيعيًا أن يصنع حالة من الجفاء الشديدة التى جعلتهم يخرجون عن منطق العقل فى المعارضة، فيصبحون أقرب إلى المعاندة السياسية.

التعبير فيما أعتقد دقيق للغاية، فالذين يعارضون مشروع ٣٠ يونيو من خارج جماعة الإخوان يفعلون ذلك لأنهم ليسوا من ركّاب السفينة فقط، تحركت بدونهم، رغم أنهم هم من قرروا أن يتركوها تبتعد دون أن يكونوا من بين أهلها، وهو أمر غريب جدًا، لأنهم كانوا يريدون لها أن تُبحر بشكل محدد، ولما أقعلت بدونهم بدأوا فى تشويه مسارها ومسيرتها، ولم يكن غريبًا بالنسبة لى أنهم حاولوا أكثر من مرة إيقافها محاولين إعادتها إلى المرفأ من جديد، لأنهم بالفعل لم يغادروا النقطة صفر.

ربما لهذا السبب لا يثق كثيرون فى منطلقات المعارضة المصرية الآن.

وربما أيضًا يسهل على الرأى العام غير المسيس أن يصدق أن هؤلاء الذين لم يثبت أنهم إخوان أبدًا، أنهم ينتمون إلى الجماعة ومن بين أعضائها، ولا ينصت إليهم أحد وهم يصرخون فى محاولة لإنقاذ أنفسهم من وصمة إخوانيتهم، دون أن يدركوا أنه ليس مهمًا لتكون إخوانيًا أن تكون عضوًا تنظيميًا قدمت البيعة بين يدى المرشد، بل يكفى أن يكون كلامك وتحركك يصب فى النهاية فى مصلحة الجماعة.

لقد حددت الجماعة الإرهابية موقفها.. واختارت الأرض التى تقف عليها.

بعد أن زالت السكرة التى وجد الإخوان أنفسهم فيها بعد بيان ٣ يوليو، أدركوا أنهم أمام مأزق كبير جدًا، إنهم يريدون العودة مرة أخرى ليس إلى المشهد السياسى فقط، ولكن إلى الحكم، وهو الأمر الذى يعرفون أنه محال تمامًا فى وجود عبدالفتاح السيسى على قمة الحياة السياسية فى مصر، لذلك فالمعركة دائمة ومستمرة معه وما يمثله من أفكار وإنجازات وامتدادات فى المجتمع المصرى.

عملت الجماعة من اليوم الأول على تشويه كل ما يقوم به عبدالفتاح السيسى، وكلما تكرر فشلهم تجدد إصرارهم على أن ينالوا منه.

استسلموا فى البداية إلى وصوله إلى منصب الرئيس، فخططوا حتى لا يكمل فترته الرئاسية الأولى، ولما عبر إلى الفترة الثانية عادوا إلى التخطيط من جديد.

حتى بعد التعديلات الدستورية التى تضمن له البقاء فى الرئاسة إلى العام ٢٠٣٠ إذا أراد، وخلال تخطيطهم ذلك يبذلون أقصى جهدهم فى صنع حالة من القلق والتوتر حوله وحول من يعملون معه.

الجماعة لديها مشروع محدد تعمل من أجل تحقيقه، ولا تتردد فى استخدام كل الأدوات لتنفيذه، بما فى ذلك التحالف مع الخصوم، أو على الأقل توظيفهم عن بُعد، وهى الحالة التى تضمن للجماعة فرضية أنها لا تعارض النظام وحدها، ولكن هناك آخرين يفعلون ذلك بعيدًا عنها.

وضعت القوى المدنية نفسها فى خدمة جماعة الإخوان المسلمين، وكان من الطبيعى أن تتهم هذه القوى بأنها تعمل على تحقيق أهداف جماعة إرهابية.. بل ويدخل بعضهم السجن وهم يحملون هذه التهمة على أكتافهم دون أن يتعاطف معهم أحد.

من بين أبناء القوى المدنية من قرروا الخروج من مصر والمعارضة من الخارج كما يرددون، وهؤلاء لا يختلفون عن القوى المدنية التى تعمل من الداخل، ويمكن أن تقابل هنا أسماء مثل سليم عزوز ووائل قنديل وسامى كمال الدين ومحمد ناصر ومعتز مطر وهشام عبدالله وهشام عبدالحميد.

اللافت فى هؤلاء أنهم ورغم معارضتهم بأموال جماعة الإخوان، فإنهم يريدون منا أن نعترف لهم بأنهم مستقلون، بل ويريدون منا أن نصدقهم أيضا «!!!» وعلامات التعجب طبيعى أن تكون من عندى ومن عندك أيضًا.

الجماعة لم تتأخر عن الدفع بمن يمثلها فى حالة صناعة القلق والتوتر فى الشارع المصرى، ورغم أنهم كالعادة بلا كفاءة على الإطلاق، لكنهم يحتلون جزءًا من المشهد وهنا يمكن أن تجد أمامك حمزة زوبع وهيثم أبوخليل وغيرهما.



هل يمكن أن نعتبر هؤلاء معارضة؟

بطبيعة الحال لا يمكن التعامل معهم على أنهم معارضة، هم يمثلون جبهة فى صراع واضح على السلطة، يستخدمون فيه كل إمكاناتهم وأسلحتهم، يحاولون أن يقنعوا أنفسهم بأنهم يعارضون نظامًا، رغم أنهم فى الحقيقة يعارضون مشروعًا يقف وراءه شعب ويسانده جيش.

خطاب هذه المجموعات يحتاج إلى اشتباك واضح.

ولن أتردد فى أن أقول إن ما دعانى إلى هذا الاشتباك هو السمة الغالبة على هذا الخطاب- سواء كان منشورًا عبر منصات إلكترونية أو وسائط صحفية وتليفزيونية- وهى «المعاندة».

الكلمة تطل عليك مرة أخرى، وأعتقد أنها دقيقة تمامًا، فما نقرأه أو نسمعه أو نشاهده لا يمكن أن يشكل معارضة ناضجة أبدًا، هو فقط خطاب محمول على جناح العند لكل ما يمكن أن يسهم فى استقرار الأوضاع فى مصر، بالتالى يسهم فى استقرار نظام ما بعد ٣٠ يونيو.

ولأنه لا بد لتحقيق هذه المعاندة من أسلوب حتى تتحقق، ولا تبدو مصنوعة، فقد قام كل من يستخدمونها بما يمكن التعامل معه على أنه تدليس كامل، يعتمد على قلب الحقائق وتزييفها واختلاق وقائع لا أصل لها، للتأثير على الرأى العام بهدف فضه تمامًا عن مشروع ٣٠ يونيو الذى يعملون تحت مظلته.

سيكون من المهم أن نتفق سويًا على بعض المبادئ العامة التى تحدد الطريق الذى سنسلكه معًا فيما هو مقبل، لأننا شركاء فيه تمامًا.

فأنا أملك المعلومة، وأنت تملك حق البحث عن دقتها وصدقها من عدمه.

وأنا أملك الفكرة، وأنت تملك حق البحث عن واقعيتها ومنطقيتها من عدمه.

وأنا أملك الرأى، وأنت تملك حق القبول به أو رفضه من الأساس.

بل قد تكون لديك معلومات أخرى يمكنك أن تضعها إلى جانب المعلومات التى ستجدها لدىّ، فتكتمل لك صورة كانت ناقصة أو باهتة وربما تكون مشوهة أيضًا.

المبدأ الأول: سأتوقف بك عند ما يقوله رموز «المعاندة»، سواء داخل مصر أو خارجها، يهمنا أن نعرف كيف يفكرون، هى محاولة لحوار مع الأفكار المطروحة وتحليل السياقات التى تحيط بها.

من المهم أن نعرف دوافع من يتحدث، لنعرف لماذا تحدث وإلى أى مرامى يريد أن يصل، فعزل الكلام عمَّن يقوله أمر غير علمى بالمرة.

المبدأ الثانى: لن أتحدث عن الحياة الشخصية لمن سأتناوله هنا، لكن هذا لن يحول دون التعرض لمسيراتهم وتحولاتهم وتنقلاتهم الحادة طبقًا لتقلبات أفكارهم ومصالحهم أيضًا، فمسيرة من يتحدث ومعرفة الضفة التى يقف عليها يمكن أن تعيننا على فهم ما يريدون ويخططون للوصول إليه وهو كثير جدًا.

المبدأ الثالث: لن أتعرض هنا لمن قضت أقدارهم أن يكونوا سجناء على ذمة قضايا، البعض يعتبرهم سجناء رأى أو معتقلين، لكنهم بالنسبة لى متهمون على ذمة قضايا يتم التحقيق معهم بسببها، ولو أنكر البعض أن هذه قضايا واهية أو لا تقوم على أساس، فهم وشأنهم، هم لا يفعلون ذلك إلا لأنهم يرفضون النظام نفسه ولا يعترفون بشرعيته، ولذلك لا يعترفون بقانونية القضايا التى يحاكم بها عدد ممن أُلقى عليهم القبض مثل حسن نافعة وحازم عبدالعظيم وحسام مؤنس وعبدالمنعم أبوالفتوح وزياد العليمى وغيرهم.

قرارى بعدم التقاطع مع ما قاله هؤلاء ليس قناعة بوجاهة ما طرحوه، ولكن لأنهم سجناء لا يستطيعون الرد أو الاشتباك أو تفنيد ما أقوله عنهم.

قد يعتبر البعض ما أسعى إليه هنا محاولة لهدم رموز تيار بعينه، لصالح مشروع ٣٠ يونيو، الذى لا أنفى انتمائى الكامل إليه، ورغم أننى ألتمس لهم العذر تمامًا فيما سيذهبون ويعتقدون، فإننى لا أسعى للهدم بقدر ما أسعى للفهم، حتى يعرف الناس على الأقل دوافع من يتحدثون بما يتعارض مع الخط العام الذى تسير عليه الدولة المصرية بعد ٣٠ يونيو، وبعد ذلك من حق كل من يقرأ أن يأخذ الموقف الذى يريده أو يرى أنه صحيح.

لا يمكننى أن أنكر على الآخرين أن يقولوا ما يريدون، لكننى بالقدر نفسه أنكر عليهم أن يحجبوا عنا ما نريد أن نقوله.

فإذا كنت تسعى إلى ترسيخ حرية الرأى فى المجتمع، فلماذا تريد هذه الحرية لنفسك وتحجبها عن الآخرين؟

لماذا تعتبر نفسك وأنت تعارض مشروع الدولة بعد ٣٠ يونيو مناضلًا وشريفًا ونزيهًا وحرًا، وتنظر لمن يؤيدون هذا المشروع ويدافعون عنه على أنهم باعوا أنفسهم وقبضوا الثمن مقدمًا؟

الحرية لا تتجزأ.. والمبادئ أيضًا.

وهنا لا بد أن أثبت ما يمكن اعتباره عورة المعارضة، ليس فى مصر فقط، ولكن فى العالم كله فيما يبدو.

فالمعارضة تتعامل مع ما تقوله على أنه نص مقدس يجب ألا يقترب منه أحد ولو بكلمة نقد واحدة من أى نوع.

ينظرون إلى أن ما يذهبون إليه هو القول الصحيح بشكل مطلق، وكل ما عدا ذلك خطأ مطلق.

لقد ابتُليت المعارضة المصرية بداء عضال بعد ثورة ٢٥ يناير، اعتبرت نفسها فوق النقد وفوق المناقشة، ومن يقترب منها إما عميل أو ممول، وهو خلل كبير لا بد أن تتخلص منه، لأنها لو نظرت إلى نفسها فى المرآة بتجرد شديد ستكتشف أنها تحولت إلى سلطة غاشمة، وهو ما دعانى إلى التعامل مع هذه السلطة بنفس أدوات تفكيك أى سلطة.

قد يكون من المناسب أيضًا ونحن نغادر هذه المساحة، لمساحة الشخصيات وما قالوا وما أقدموا عليه، أن أشير إلى أن هذه محاولة جديدة من محاولات كتابة جزء من تاريخ مصر الساخن، وهو التاريخ الذى صُنع على مدار السنوات التى أعقبت ثورة ٣٠ يونيو، وهى المحاولة التى يحجم عنها كثيرون، اعتقادًا منهم أن الصمت يمكن أن يضمن لهم السلامة.

يقول مارتن لوثر كينج إن أسوأ مكان فى الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد فى أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة.

ولأن معركة ما بعد ٣٠ يونيو معركة أخلاقية عظيمة عنوانها الحفاظ على الوطن فى مواجهة هؤلاء الذين يريدون صياغته على هواهم، فإن الوقوف على الحياد ليس سوى خيانة كاملة، وهى الخيانة التى وقع فيها كثيرون.

لا أريد أن أكون منهم.

ولا أريد لك أن تكون منهم أيضًا.