رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وقفة مع الصديق الألمانى




إلى جانب مشاركته فى قمة «مجموعة العشرين وإفريقيا»، يشهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أيضًا، خلال زيارته إلى برلين، التى بدأت الأحد، فعاليات منتدى الأعمال المصرى الألمانى الذى يستهدف خلق حوار بناء وإنشاء مزيد من المشروعات المشتركة.
الرئيس استقبل، الإثنين، بمقر إقامته ببرلين، وفدًا من الاتحاد الفيدرالى الألمانى للصناعات الأمنية والدفاعية، وإيكارت فون كلايدن، نائب رئيس شركة «مرسيدس بنز» لصناعة السيارات. وستستمر لقاءات الرئيس مع كبار رجال الأعمال ورؤساء كبرى الشركات الصناعية الألمانية، فى إطار جهود مصر لتشجيع الاستثمار، وللاستفادة من الاتفاقيات والأطر التجارية التى عقدتها القاهرة مع مختلف دول العالم، وأبرزها منطقة التجارة القارية الإفريقية.
فى مصر أكثر من ١٢٠٠ شركة ألمانية تعمل فى قطاعات البترول، الغاز، المواد الكيماوية، صناعة السيارات، الاتصالات، والحديد والصلب. وطبقًا لتصريحات رئيس الغرفة العربية الألمانية للصناعة والتجارة، من المتوقع أن يصل حجم الاستثمارات الألمانية المباشرة فى مصر إلى ١١ مليار دولار بنهاية العام الجارى. كما تقول الأرقام إن حجم التعاون التنموى بين البلدين يقترب من ٢.٥ مليار دولار. بينما وصلت الصادرات المصرية لـ«ألمانيا» إلى حوالى ٣٦١ مليون يورو منذ يناير إلى مارس ٢٠١٩، بزيادة ١٠.٦٪ عن الفترة نفسها من العام الماضى.
زيارة الرئيس الحالية إلى ألمانيا هى الرابعة منذ توليه رئاسة الجمهورية. وكانت الزيارة السابقة، أو الثالثة، فى منتصف فبراير الماضى للمشاركة فى «مؤتمر ميونخ للسياسات الأمنية». وكان الرئيس أول رئيس لدولة غير أوروبية يتحدث فى الجلسة الرئيسية للمؤتمر منذ تأسيسه، سنة ١٩٦٣، كما كانت هذه هى الدورة الأكبر والأهم فى تاريخ المؤتمر، بحسب وصف رئيسه، فولفجانج إيشنجر، الذى أرجع ذلك إلى الحقبة الجديدة من المنافسة الدولية، المصحوبة بفراغ قيادى فيما أصبح معروفًا باسم النظام الدولى الليبرالى.
حالة من الجمود شهدتها العلاقات بين البلدين بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، لكن سرعان ما عادت العلاقات إلى طبيعتها، مع زيارة الرئيس السيسى لألمانيا فى يونيو ٢٠١٥، التى جرى خلالها بحث تعزيز التعاون فى مختلف المجالات، خصوصًا الاقتصادية والعسكرية والأمنية، وفى سبتمبر من السنة نفسها، كانت قمة الرئيس السيسى مع المستشارة الألمانية فى نيويورك، على هامش مشاركتهما فى اجتماعات الدورة السبعين لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
بعد زيارة ميركل إلى القاهرة فى مارس ٢٠١٧، زار الرئيس برلين للمرة الثانية فى يونيو من السنة نفسها. ليشهد تاريخ العلاقات بين البلدين تطورًا ملحوظًا، وصولًا إلى فك التجميد الذى كان مفروضًا، منذ سنة ٢٠١٢ على الشريحة الثانية من برنامج مبادلة الديون وإقرار برامج التعاون المالى والفنى بين البلدين لعامى ٢٠١٥ و٢٠١٦، وبرامج التعاون المالى والفنى بين البلدين لعامى ٢٠١٧ و٢٠١٨ التى تتضمن تمويل تطوير قطاع التعليم الفنى والأساسى.
مصر ترى فى ألمانيا شريكًا مهمًا لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمى والدولى ومكافحة الإرهاب، انطلاقًا من كونها المحرك الرئيسى للوحدة الأوروبية، وإحدى القوى الاقتصادية الكبرى فى العالم. وكما قال الرئيس، أمس الثلاثاء، فى كلمته خلال القمة غير الرسمية للاستثمار فى إفريقيا، فإن التقييم الأمين للعلاقات المصرية الألمانية، يجعل منها مثالًا يحتذى به للتنسيق والتشاور السياسى، ولبناء الشراكات الاقتصادية والتجارية القائمة على المصالح والمنفعة المتبادلة.
بالمثل، ترى ألمانيا أن مصر من أهم شركائها فى «عملية السلام فى الشرق الأوسط والنزاعات فى سوريا وليبيا أو الاضطرابات فى السودان وفى جميع القضايا والنزاعات الملحَّة فى المنطقة». وما بين التنصيص ننقله عن الموقع الرسمى للمركز الألمانى للإعلام التابع لوزارة الخارجية. وخلال لقائه بالرئيس السيسى، الإثنين، أكد الرئيس الألمانى، فالتر شتاينماير، أهمية ومحورية دور مصر، وأشاد بدعمها للحلول السلمية للأزمات القائمة فى محيطها الإقليمى. والكلام نفسه، تقريبًا، كرره فولفجانج شويبله رئيس البرلمان الألمانى (البوندستاج).
العلاقات المصرية الألمانية، إجمالًا، تتسم بالعمق والتميز على جميع الأصعدة. والعلاقات السياسية بينهما يحكمها الاحترام المتبادل ويعززها التنوع الواسع لمجالات التعاون بين البلدين، ومكانة ودور كلا البلدين فى إطار موقعهما الجيوستراتيجى. وبالإضافة إلى توافق الطرفين بشأن حل النزاع العربى الإسرائيلى على أساس حل الدولتين، فهناك أيضًا تقارب فى وجهات نظر البلدين إزاء قضايا الهجرة غير الشرعية و... و... ومكافحة الإرهاب.
الإرهاب يتصدر قائمة التحديات المشتركة التى تواجه البلدين. وهو التحدى الذى لا يمكن تجاوزه إلا لو خلصت النوايا. وما قد يطمئن هو أن هناك تعاونًا وثيقًا جدًا بين مصر وألمانيا، سواء عبر تبادل المعلومات، أو بالتدريبات المشتركة. وعليه، لا يصح أن تواصل أجهزة ومؤسسات ألمانية رسمية، دعمها للإرهاب، وأن تظل وسائل إعلام، تمولها الخزانة الاتحادية، تفتح أبوابها لإرهابيين أو لمن يقومون بالتخديم عليهم وتبرير جرائمهم.