رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أخبرته أنه سيموت بعد 3 أشهر».. أم رشدي أباظة تروي أسراره

رشدي أباظة
رشدي أباظة

أجرت مجلة " الموعد" اللبنانية فى العدد رقم " 926" الصادر بتاريخ 14 أغسطس 1980 حوارا مع السيدة "تريزا لويجي بورجو نجينو" أو " ليلى أباظة" والدة رشدي، وأورد الكاتب الصحفي احمد السماحي هذا الحوار في كتابه عن رشدي أباظه والذي عنونه بالـ"الدونجوان".

أعترفت أباظة في هذا الحوار بأنها التى وضعت لإبنها تحت الباب عن عمد التقارير السرية الطبية التى كتبها أطباء لندن الذين أشرفوا على علاجه فى مستشفى " ميدل سكس" وسجلوا فيها أن رشدي لن يعيش أكثر من ثلاثة أشهر لأن داء السرطان على وشك أن يفترسه.

قالت تريزا في بداية الحوار: أصدقاء رشدي هم السبب وراء كل ما حدث له، ووراء كل خلاف بيني وبينه، لقد نجحوا في ابعاده عني، وبدأت خطتهم عندما كان يعالج فى مستشفى " ميدل سكس" فى لندن، هؤلاء الأصدقاء الذين كانوا يرافقوننا فى رحلة العلاج اقنعوا ابني وهو فى المستشفي بعد نجاح العملية التى أجريت له في المخ أن بعض العرافين اليونان الموجودين فى لندن يستطيعون أن يخبروه بحقيقة حالته، فوافق على احضارهم دون أن أعلم شيئا.

ونظرا لأن هذا النوع من الدجل ممنوع فى المستشفى، فإن أصدقاء رشدي من المصريين أحضروا الدجاليين تحت ستار أنهم زوار، وعندما دخلوا غرفة رشدي بالمستشفى طلبوا مني الخروج بدون سبب، مما أصابني بنوع من الذهول، وبعد أن مكثوا معه ساعة خرجوا جميعا، فأسرعت إلى رشدي أسأله عن سبب خروجي أثناء وجود الزوار الأجانب فلم يجبني!، فذهبت إلى أحد أصدقائه اسأله، فأبلغني أن هؤلاء الناس حضروا ليعملوا " حجابا" لرشدي، وبصراحة سخرت من رد هذا الصديق، واستغربت أن يكون هذا النوع من الدجل معروف في لندن.

وبقلب الأم أحسست أن هناك مؤامرة ضدي، خاصة وأن كل المحيطيين برشدي، ورشدي نفسه تغيرت معاملتهم لي، وبأسلوبي الخاص عرفت أن الزوار الأجانب أو العرافيين قالوا لأبني بأنني سبب مرضه، وإننى أسعى إلى أخذ ميراثه، وتعجبت من هذا الأسلوب الرخيص الذى صدقه ابني.

وقبل مغادرتنا لندن أرسل لأخته زينب وأخيه فكري لينتظراه فى المطار مع الأسرة ومعهما سيارتان، وعندما كنا نجلس إلى جوار بعضنا فى الطائرة قال لي : " أنا بحبك قوي يا ماما، بس عايز أشيل الحجاب اللي بيني وبينك، والناس قالوا لي على حاجات ممكن تغيرني من ناحيتك، لكن أنا مش ممكن اتغير ابدا".

وتتابع السيدة تريزا : هذا الكلام من رشدي كان مثل الدواء الشافي لي اطمأننت وتأكدت فى نفس الوقت من أن العرافيين ما استطاعوا تغيير شعوره نحوي، ورغم انني أحسست أن معاملة رشدي لي فى الطائرة كانت طبيعية، فقد فوجئت بهذه المعاملة تتغير فى المطار وبعد النزول من الطائرة مباشرة، رأيت بعض الأقارب المستقبلين يصحبون رشدي فى سيارة، وأنا فى سيارة ثانية، وقبل أن أقول كلمة أسرعوا به إلى شقته فى شارع عرابي وأنتظرت أنا فى المطار حتى أحضرت " الشنط" وكان من بينها حقيبة ملابس كبيرة فيها التقرير الطبي الخاص برشدي.

وعندما وصلت البيت وجدته مليئ بأصدقاء رشدي وزملائه، وبعض أقاربه، وأكتشفت أن عددا من أقارب ابني ينظرون لي بإستغراب واشمئزاز، وبعد فترة قصيرة من الوقت خرج علي رشدي بمسدس وهددني بالقتل وطلب مني أن أغادر الشقة فورا ولو رفضت فسوف يقتلني، وبصراحة دهشت لهذا التصرف المغاير تماما لوضعه معي فى الطائرة، ولم اتمالك نفسي، وصرخت فى رشدي الذى كان فى حالة ثورة وهياج، وأكتشفت وقتها أن كل الحاضرين يقفون ضدي، فصرخت فيهم أيضا وقلت " ده بيتي وبيت ابني ومش ممكن أخرج منه!".

وتواصل الأم الحكاية: واتجه الحاضرون إلى رشدي لتهدئته، وعندما انصرفوا جميعا حاولت أن أجلس مع ابني ولكنه رفض، وأغلق الغرفة على نفسه وفى الساعة الخامسة صباحا فوجئت به يطلب مني مغادرة الشقة فورا، وبذلت كل جهدي لتهدئته قائلة : " عيب يا رشدي تسمع كلام الناس ضد أمك"، فنظر إلى والدموع تملأ عينيه وقال: " أنت السبب فى كل اللي حصل لي في حياتي!!، ومش بس كده العرافيين فى لندن قالوا لي أيضا إنك عايزاني أموت عشان تورثيني"!، وصرخت في رشدي وقلت له: " كل ده كلام فارغ دي مؤامرة يا رشدي علشان يبعدوني عنك، عايزينك تكره أمك اللي قلبها عليك، لأنهم حاسين إنني ابعدتك عنهم وعن سهراتهم وحياتهم، يا رشدي أنت النهارده محتاج لأمك أكثر من أي وقت مضي، أنا ابقي لك من كل دول".

فبكي رشدي بقوة وكما لم يبكي من قبل، وشاركته البكاء بقلب الأم الذى يعلم حقيقة مرض الأبن، ومر اليوم وما تلاه فى أحسن حال، وفى اليوم الثالث، وفى الخامسة صباحا، أصر رشدي على أن أغادر الشقة فورا، ولم أجد أمامي إلا أن أنفذ رغبته، ومنعنى من أن أخذ أي حاجة معي وأنا خارجة!"، وكان رشدي قد أخبر أقرب أصدقائه بأنه طرد والدته من الشقة بعد أن ضبطها فى الصباح تحمل حقيبة كبيرة مليئة بالفلوس والذهب، فما كان منه إلا أن أخذ الحقيبة وقرر عدم اقامتها فى الشقة معه!.

وتقول تريزا: ورغم ما تعرضت له من اهانات وقسوة، فقد كنت ألتمس العذر لأبني لأنني أعلم حقيقة مرضه وحالته الصحية والمعنوية، وقد حاولت الأتصال به ولكنه رفض أن يرد على مكالماتي التليفونية، وعاودت الإتصال مرارا لأن قلبي كان يشعر بأن حياة رشدي قد أقتربت من نهايتها كنت أريد انقاذه فى اللحظة المناسبة، وخاصة وأنه عاد إلى السهر القاتل، وشرب الخمر والمخدرات، مما قد يعجل بوفاته، وبعد أن فشلت كل محاولات الإتصال برشدي لم أجد أمامي إلا أن أرسل له التقرير الطبي ليعرف حقيقة مرضه، ربما يصحو من غفلته، ويقلع عما يرتكبه كل ليلة من أعمال مدمرة لصحته، ونظرا لأن ابني رشدي كان قد طلب من بوابي العمارة التى يقيم بها فى شارع عرابي أن يمنعوني من دخول العمارة فقد اضطررت إلى استئجار شخص ليضع له التقرير الصحي تحت الباب.

وتختتم والدة رشدى أباظة كلامها قائلة: لقد كان وضع التقرير لرشدي تحت باب الشقة فى الموعد المناسب حيث كان يشعر قبلها بألام حادة فى الصدر، ورعشة خفيفة فى اليد، وبعد أن قرأ التقرير وعرف حالته اتصل بأخيه فكري وذهب معه إلى مستشفى العجوزة لأجراء فحوص وتحاليل طبية، ولكن يبدو أن المرض كان قد انتشر في جسده ففشل الأطباء في وقف سيره.