رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد أحمد بهجت يفتح "صندوق الدنيا": دموع أبي نزلت مرتين.. بدأ تجديد الخطاب الديني بكتاباته.. ووصل لقلب سناء بمقلب (حوار)

الكاتب الكبير أحمد
الكاتب الكبير أحمد بهجت

الكتابة عن قيمة بحجم هذا الراحل العظيم أزمة كبيرة لمَن يريد أن يكتب، هل تكتب عن الصحفي الساخر الذي استطاع رسم البسمة وانتزاع الضحكة من بين شفاه لا تبتسم، أم تتحدث عن صاحب القلم الصوفي الذي صنع أروع التأملات في عذوبة الكون في طريق المعرفة إلى دنيا الله؟

هذا الرجل إن أردت وضع تعريفًا له ستجد أقل ما يقال عنه إنه واحدًا من أعيان الكتابة في مصر، وأحد أولياء الصحافة الصالحون.

إنه المفكر والروائي والمثقف والأديب الذي صاغ أفضل المعاني الإنسانية في «كلمتين وبس» مقدّمًا أفضل ما في "صندوق الدنيا" من حكم، تلخص رحيق الحياة ورائحة الزمن.

عن الكبير أحمد بهجت يدور حوارنا مع نجله الكاتب الصحفي محمد الذي يروي «أحسن القصص» عن تأملات هذا المسافر، كاشفًا عن العديد من الذكريات في «صندوق الدنيا» الذي فتحت «الدستور» أسراره وحكاياته وأيامه ولياليه وأفراحه وأتراحه في دنيا العجب (!).. وإلى نص الحوار:

بدأ محمد حديثه قائلًا: «أحمد بهجت هو فكرة تفاعلت لتشكيلها مجموعة من العوامل، في كل عامل منها مجموعة من التفاصيل التي تستحق الوصف والسرد».

لقطة البداية كانت البيئة التي نشأ وشبّ فيها، فوالده كان أحد رجالات التربية والتعليم، وهو شخصية كان تتميز بالصرامة وتتمتع الانضباط، بدا حريصًا منذ لحظات التكوين الأولي لنجله "أحمد" على تأديبه وحسن تعليمه كما ينبغي، لدرجة أنه كان لا يمانع استعمال القسوة معه أحيانا طالما خرج عن الإطارأو المألوف من وجهة نظره.

على جانب آخر، كان هناك مشرب آخر ارتبط به أبي، يتمثل في خاله الكاتب المسرحي الشهير الدكتور رشاد رشدي، فقد منحه ينبوعًا من المحبة والود والثقافة والمعرفة، وهو أحد الشخصيات التي أثرت فيه كثيرًا، وكذلك الحال أيضًا مع شقيقه الآخر عبد المنعم باشا رشدي أحد ضباط البوليس المصري في تلك الفترة.

هذا الخال حلم "بهجت" بالمسير على دربه، فرسم حلمه وبني أمله على الالتحاق بالعمل الشرطي، وكاد يتحقق له ما أراد، لكن جاء فرمان جدتي ليغير مجري حياة والدي للأبد، حيث منعت أخاها من تنفيذ هذا الحلم المشتعل لابنها، فقد تحدثت إليه:"إنت عايز تضيّع عيني مني.. اوعى تسمع كلامه وتدخله شرطة".

كان المقصد من كلامها عائد إلى ابنها "أحمد" هو الوحيد على 3 بنات، فكانت تخشى عليه أن يلحقه أذى أو تصيبه المخاطر التي عادة ما يتعرض لها رجالات هذا السلك.

بالفعل قضت رغبة والدته على تلك الأمنية التي تمناها، فاختار الالتحاق بكلية الحقوق لسببان الأول هو حبه لدراسة القانون، والثاني عشقه للكتابة، لكن هوى قلبه لم ينحز لدراسة المواد القانونية، فقد ابتلعته ندّاهة العمل الصحفي، الذي كان قد اخترق أسواره العاتية حينها بالعمل في بعض الصحف والمجلات وهو مازال طالبًا، فانجذب نحوه وصار هائما في بلاط صاحبة الجلالة مثلما الهائمين في حلقات الذكر.

في مجلة الجيل الجديد التي كان يرأس تحريرها الراحل على أمين ومعه موسي صبري، بدأ أحمد بهجت صعود أولي درجات المجد الأدبي، وبالرغم من صعوبة البدايات، إلا أنه نجح في التغلب عليها،
فقد هيئ له قلمه حينها بأنه الوريث الشرعي لـ"أنطوان تشيكوف"وهو أديب روسي صُنف بكونه واحدا من أعظم كتاب القصص القصيرة على مدي التاريخ.

لهذا فأول سطور كتاباته الصحفية ظهرت مُزينة بالشكل الأدبي، فقد سيطر هذا النمط من الكتابة على كلماته، فجاءته النصيحة بضرورة الابتعاد عن هذا الأسلوب، فالأسلوب الصحفي لا بدّ وأن يكون سَلسلًا، لا تحتمل معانيه تأويلا أو تبديلا في مقصدها، وبالفعل ببراعة وسرعة شديدة نجح في تدوير قلمه الصحفي، وبدأ من حينها في صياغة أسلوبه الخاص في الكتابة، ساعده على ذلك قراءته المتنوعة لمعظم صنوف مؤلفات العلم والأدب.

الآن بعد مرور كل تلك السنوات، تجد أنه كان سابقا لعصره، فكتاباته كانت بالفعل تجديدا للخطاب الديني، ومعظم ما يُثار من قضايا تجده فنده في مقالاته وكتبه منذ أربعين عاما أو أكثر، فقبل أن يخترق "بهجت" تلك المنطقة الشائكة، كان الخطاب السائد حينها يميل بصورة كبيرة نحو الوعظ والترهيب، لكنه دخل إلي الدين بمدخل المحب والباحث.

عندما التحق صاحب "أنبياء الله" بالعمل الصحفي في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، كان المجتمع حينها على موعد مع مخاض جديد في تركيبته الفكرية، فتلك الفترة كانت شاهدة على صعود التيارات الشيوعية والماركسية، إضافة إلى انتشار الفكر الوجودي، وبالرغم من كل ذلك لم يصب "بهجت" بمس الانضمام لتلك الأفكار.

كان على خلاف السائد كارهًا لها وناقمًا عليها، ولديه مقولة شهيرة دائمًا ما كان يرددها، ألا وهي "الملحدين ربنا طامس على أسلوبهم"، مفسّرًا ذلك بأن أقلامهم لا تجذب القارئ، على العكس تماما من الكتابات المبينة على عقيدة ويقين، فقد كان مؤمنا بمقولة الإمام عبد الجبّار النفري:"كلما اتسعت الرؤية.. كلما ضاقت العبارة".

عقب فترة العمل في مجلة "الجيل الجديد" انتقل للعمل في جريدة "الأخبار"، وقتها كان من حسن طالعه العمل في حضرة الساخر أحمد رجب، أحد معالم البهجة في الحياة المصرية فجمعت بينهما محبة وصداقة خاصة، حيث نشأت بينهم مجموعة من الطرائف التي صارت ذكريات لا تُنسي.

إذا كان صاحب "قصص الحيوان في القرآن" قد جمعه كل هذا الحب مع وزير الضحك أحمد رجب خلال عملهم سويا،وبالرغم من بصماته القوية على رحلته الصحفية؛ فإنه يدين بالفضل الأكبر في مسيرته إلي الأديب يوسف السباعي، فهذا الرجل هو الذي أعطاه فرصة الكتابة اليومية، بجانب أنه أول من أشار عليه بفكرة "صندوق الدنيا"، والتي كانت نقلة كبيرة على صعيده المهني والعملي.

لكن حتى نعطي كل ذي قدر قدره ومقامه فالإشارة واجبة إلي دور محمد حسنين هيكل، فهو أول من أسهم في تحقيق شخصية أحمد بهجت صحفيا، فقد لمح وقرأ في عينيه ملامح لموهبة متقدة ومتفردة ذات طموح مشتعل،حمسته للدفع به لتغطية القضايا ذات المهام الخاصة أبرزها حرب اليمن، تلك الحرب التي سجل عنها روايات وقصص إنسانية عايشها هناك، كتبها بصورة بديعة، دفعت "الأستاذ" لتخصيص صفحات كاملة في "الأهرام" لها، واعتبرها البعض تمثل فتحا جديدا في الكتابة الصحفية آنذاك.

هناك مقولة رائجة تقول بأن الرجل الذي يفهم في الحب أفضل من الرجل الذي يفهم في النساء؛ لأن أغلب هؤلاء منافقون، وحسب المتواتر والشائع عن سيرة صاحب "ثانية واحدة من الحب" فإن عذوبة قلمه، لم تكن إلا ترجمة حقيقية لعذوبة قلبه ورقته، ففي دنيا العشق كانت له حكايات.

وعنها يقول محمد أحمد بهجت:« أول ما خفق قلبه كانت دقاته من نصيب "بنت الجيران" فقد مال بالود تجاهها، لكن ثمة عقبة جعلت هذه العاطفة تندرج في إطار"العشق الممنوع"، فهذه الفتاة كانت مسيحية، ولهذا خشي أن يتسبب ارتباطه منها في أزمات كبيرة على المستوي العائلي والاجتماعي فآثار الابتعاد عنها.

في مرحلة تالية من حياته جذبت أنظاره "بنت خالته"،لكن هذا المشروع لم يترجم أيضا بالزواج، الطريف أنه فسر لاحقا هاتين النزوتين بأنه كان نوعا من الكسل، فلم يكن لديه شغف البحث عن الحب في مكان أبعد!

لكن يبدو أن أقداره كلها ارتهنت بصاحبة الجلالة، فمثلما منحته الصحافة الشهرة والمال، فإنها كذلك لم تبخل عليها بالحب والسعادة، بعدما جمعته بشريكة عمره وعشقه الأبدي سناء فتح الله، وفي هذا فليتكلم المتكلمون.

فصول القصة انطلقت وقت تعيينه في جريدة "الأهرام"، حينها كانت سناء في بداية مشوارها الصحفي في الأخبار، فهي تنتمي لأول دفعة صحافة تخرجت من كلية الآداب جامعة القاهرة بصحبة رفيقة عمرها سناء البيسي وآخرين.

وللمصادفة كان الاثنان يقومان بتغطية أخبار أحد الجهات هو لـ"الأهرام" وهي لـ"الأخبار"، فتعددت بينهم اللقاءات، فبدأ بهجت في التقرب منها، فاتّضحت أمامه تضاريس شخصيتها، حيث وجدها إنسانة رقيقة ورائقة وجادة وحالمة في آن واحد، فتسلل الحب لقلبه وقلبها فقرر الزواج منها.

وحدث أنه في أحد المرات كانا في مهمة عمل، وبعد الانتهاء منها دعاها لحضور أحد الحفلات الغنائية، لكن تلك السهرة لم تنتهِ إلا في التاسعة مساء، وهو توقيت متأخر بمقاييس هذا الزمن، فصمم على مرافقتها حتى منزلها بداعي الاطمئنان عليها، لكنه هدفه كان مفاتحة أهلها في شأن الارتباط بها.

حال الوصول إلي منزلها طالبته بالانصراف، لكنه أبي وصمم على مرافقتها حتى باب شقتها، ليجد نفسه في حضرة والدتها، وبمجرد أن رآها، طلب منها يد ابنتها، فتبسمت ضاحكًة من قوله، ثم سألته: أهلك فين؟، وطالبته بإحضار أحد منهم وإتمام الموضوع، ثم سرعان ما تم الزواج، وللعلم فقد أقام "بهجت" مع "سناء" في شقة والدتها، قبل أن ينتقلا لاحقا لبيت آخر.

ويستطرد الابن حديثه: كان الوالد رجلًا ذو قلب طيب وحنون، فمثلا في صغرنا بدا حريصًا على تجنيب أبنائه المعاناة التي لاقها من والده في طفولته حيث الصرامة والشدة، فقد كنا نتعامل كأصدقاء بالمعني الحرفي للكلمة، مطبقا المثل الشعبي" إن كبر ابنك خاويه".

كانت الديمقراطية هي اللغة السائدة بينا، فعندما حسمت أمري بالعمل في المجال الصحفي، حاول إثنائي عن خوض تلك التجربة، لكن أمام طوفاني الهادر برفض نصيحته نزل على رغبتي، ولم يرغمني على شئ، ووجهة نظره كانت عائدة إلي كون الأدب "مبيأكلش عيش"، والصّحافة هي مهنة البحث عن المتاعب التي لن نجني من ورائها في النهاية أي طائل.

في كل مراحل حياتنا نما بداخلنا قيم الخير والجمال، لكنه لم يمل أو يكل من التأكيد علينا بأن صفة
"الحب لله" هو الملاذ الآمن لنا، فدائمًا ما كان يقول "تركت الله ورسوله لأولادي"، فهو لم يدّخر
لنا مالًا ولم يترك أطيانا، قدر اهتمامه بتنمية الوازع الديني بداخلنا.

لا يكمن أن نتناول الجانب الإنساني لصاحب "الطريق إلي الله" دون السؤال عن تأثير المكان والأصدقاء على شخصيته، باعتباره في الأساس إنسان اجتماعي بطبعه وذو شخصية تحب الترحال وتعشق السفر.. فماذا قال نجله عن تلك الزاوية؟

منذ الميلاد في حي شبرا وحتى الاستقرار في ربيع العمر في مصر الجديدة وما بينهما من أماكن وذكريات طبع كل مكان بصمته على جبين الوالد، فالمجتمع الكوزمالبيتاني الذي وُلد وتربي فيه أضاف لنفسه ولفكرة ثقافة التنوع وقبول الآخر.

لكن عشقه وشغفه لعروس البحر المتوسط كان كبيرًا، فقد اشتري بها شقه، أصبحت لاحقًا موطن الإلهام وفيض الخاطر، فقد كتب بين جدرانها مجموعة من مؤلفاته،أهمها كتابه"أنبياء الله" وغيره من الكتب.

فعن الأصدقاء، ظل مرتبطًا برفيق طفولته يوسف السحّار حتى اللحظات الأخيرة من حياته، بجانب كذلك جمعته علاقة من نوع خاص مع صاحب بريد الأهرام الكاتب الكبير عبد الوهاب مطاوع، ذلك الرجل الذي كان اكتشاف حصري لأحمد بهجت عندما لمح فيه النبوغ والموهبة.

يواصل محمد حكاياته:"أعتقد أن علاقته بصلاح جاهين تميّزت بالخصوصية والتفرد، فالأخير لم يكن صديقًا فحسب، بل كان أخًا مقربًا من قلب وعقل أبي، وللعلم لم أره يبكي في حياته إلا مرتين الأولى، عندما رحلت والدته، والثانية عندما توفي جاهين، فقد كان بينهما بحر متدفق من الود وشلال هادر من المحبة !

المتأمل لكتابات الراحل العظيم أحمد بهجت، يجد أنه استطاع بقلمه أن ينهل من كل بساتين الكتابة والمعرفة زهرة، فالرجل الذي سطر مجموعة من الملامح الكبرى في علم الإسلاميات أمثال "تأملات في عذوبة الكون" و"الله في العقيدة الإسلامية" وغيرها، هو ذاته صاحب القلم الساخر الذي اشتهر بلدغاته المضحكة والمبهجة، فكيف استطاعت تلك الظاهرة في تاريخ صاحبة الجلالة أن تجمع بين كل تلك الصفات؟

يقول محمد: الوالد كان قارئًا نهمًا، فمكتبته كانت أشبه بعلبة "حلاوة المولد" التي تجمع بداخلها أنواع شتي من الأصناف، على أرفرفها تتواجد كافة المؤلفات التي تنتمي لكل مشارب العلم والثقافة، لدرجة أننا لاحقا وجدنا صعوبة في توفير مكان لهذه الكتب (!!)

فقبل أن يبدأ أحمد بهجت في صياغة أسلوبه في الكتابة، تأثر كثيرًا جدًا بالأديب الراحل إبراهيم عبد القادر المازني وقد استمد عنوان عموده الأشهر "صندوق الدنيا" من كتاباته التي اطلع عليها، بجانب تأثره كذلك بـ"بيرم التونسي" فقد كان يراه فيلسوف الشعب المصري.

كان أحمد بهجت معجبًا بشدة ومتابعًا عن كثب لكتابات وصراحة هيكل السياسية، ودائمًا ما كان يقول عنه بأنه الأستاذ، وكل هؤلاء أيضًا أسهموا وأسهبوا في ثراء تكوينه الفكري والمعرفي.

يستكمل بهجت الابن حديثه مبينًا: رغم تنوع كتابات الوالد في وتناوله لكافة أطياف المعرفة، يبقي مؤلفه "قصص الحيوان في القرآن" هو الأقرب لقلبه، فقد كان يرى أنه استطاع أن يجمع في سطوره بين الدين والعلم والأدب.

لكن هناك لقطة تظهر للعارفين والمتابعين لكتابات صاحب قميص يوسف، تتمثل في كون قلمه استطاع تناول القضايا الدينية بصورة فنية، إلا أنها لم تكن تتقاطع أبدا مع كتابات الإسلام السياسي، فهو كان مؤمنا بأن كتابات هذا التيار ليست إلا شيئا مغرضا، هدفها التأسيس لمصالح جماعات وكيانات لا يستفيد الدين منها مثقال ذرة من نفع.

بمراوغة في الحديث اختار محمد أحمد بهجت إنهاء كلامه من العلامات البارزة في مسيرة والده، وتحديدا بالتركيز على دوره في عالمي السينما والدراما يقول: على الشاشة الفضية قدم والدي واحدة من أهم الأعمال الفنية في تاريخ الفن المصري، وهو فيلم "أيام السادات"، هذا العمل الذي كتبه إيمانا بذلك الرجل الذي كان يراه ثعلب سياسة وداهية حرب، حتى وإن لم يمتلك كاريزما وحضور ناصر، وللعلم فهو لم يقابل أو يلتقي الرئيس الراحل طيلة حياته.

وعلى الرغم من أن هذا العمل (أيام السادات) هو الأشهر في مسيرة مؤلف تحتمس 400 بشرطة، إلا أنه قدم أيضًا فيلم "البؤساء" مع فريد شوقي وكذلك أيضًا فيلم "امرأة من القاهرة" بطولة محمود ياسين.

على مستوى التلفزيون والإذاعة قدم العديد من الأعمال الدرامية والإذاعية أمثال مذكرات زوج و"صائمون والله أعلم" وغيرهم، ولولا انشغاله بكتابة مقالاته اليومية والأسبوعية في عدد كبير من الصحف اليومية والأسبوعية لما توقفت ملحمته مع هذا العالم الثري والممتع.

على مدى 40 سنة صافح أحمد بهجت آذان المستمعين عبر صوت الفنان الكبير فؤاد المهندس وذلك من خلال البرنامج الإذاعي الشهير"كلمتين وبس"، لكن لماذا وقع اختيار صاحب صندوق الدنيا على مهندس الكوميديا دون غيره؟

يُجيب الابن: عندما بدأت الفكرة تتبلور في ذهن الوالد، كان قد حسم قراره بأن هذا البرنامج سيكون من نصيب فؤاد المهندس، ففي تلك الفترة كان المهندس هو ملك الكوميديا المتوهّج والمتربع على عرش السينما، بالرغم من وجود نجوم آخرين في تلك الحقبة، غير أنه كان النجم الأهم والأشهر بينهم، وتلك أحد العوامل التي ساعدت على انتشار وذيوع صيت كلمتين وبس عبر أثير البرنامج العام، وللذكرى هذا الفنان هو أحد أصدقاء العمر القريبين من قلب وعقل أبي.

نفس وتنهيدة عميقة تخرج من أعماق الزّمن وهي تتذكر أيام ولّت وسنوات كان فيها الإبداع رهن إشارة الموهوبين يقول ابن أحمد بهجت:"أحب أن أوضح بأن هذا الحوار ليس استرجاعًا لسيرة أحمد بهجت، فهو من الشخصيات التي كتب لها الحضور على الدوام، ودائمًا سيبقي هذا الرجل خالدًا بكتاباته وكلماته وحواديته وحكاياته".. !