رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر.. G20.. وإفريقيا




إلى العاصمة الألمانية برلين، توجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، الأحد، للمشاركة فى اجتماعات مجموعة العشرين وإفريقيا، التى تنعقد هناك، اليوم الثلاثاء، استكمالًا للمبادرة التى أطلقتها ألمانيا سنة ٢٠١٧، خلال رئاستها المجموعة، بهدف دعم التعاون الاقتصادى مع دول القارة السمراء، عبر دعم السياسات والتدابير الضرورية لجذب الاستثمارات بدلًا من الاعتماد على المساعدات.
التعاون بين الدول، عمومًا، أصبح ضرورة، فى ظل الوضع الاقتصادى العالمى، وفى ضوء التزام القيادة المصرية بتعزيز الشراكات الإنمائية العالمية، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الروابط الحكومية الدولية الإفريقية، شهد العام الجارى نقطة تحول فى مسيرة التكامل الاقتصادى بين دول القارة، ستزيد من معدلات التجارة البينية وستمكنها من إنجاز مشروعات البنية التحتية وتعزيز قدراتها التصنيعية والإنتاجية.
مجموعة الدول العشرين (G20) تمثل ثلثى التجارة فى العالم وأكثر من ٩٠٪ من الناتج العالمى الخام، وتعداد قارتنا اليوم يبلغ أكثر من ١٧٪ من سكان العالم، ومن المتوقع أن تصل النسبة إلى ٢٥٪ بحلول سنة ٢٠٥٠، وتحت عنوان «قمة الاستثمار.. مستقبل مشترك»، تناقش القمة عددًا من الموضوعات التى تخص القارة السمراء، أبرزها تحديث طرق الزراعة، والاستثمار فى البنية التحتية والتصنيع والطاقة والأمن الغذائى، كما ستطرح ألمانيا خطة عمل خاصة تتعلق بأجندة التنمية المستدامة ٢٠٣٠ تنفذها المجموعة ككل وكل دولة بشكل منفرد.
الإطار العام للعلاقات المصرية الألمانية تم ترسيخه وتطويره سنة ٢٠١٥، خلال أول زيارة قام بها الرئيس إلى ألمانيا، وغير لقائه مع ميركل، لتبادل الرؤى حول تطورات القضايا الإقليمية والدولية، يلتقى الرئيس السيسى، خلال زيارته إلى برلين، كبار رجال الأعمال ورؤساء كبرى الشركات الصناعية الألمانية، فى إطار جهود مصر لتشجيع الاستثمار وتعزيز جهود التنمية الشاملة بها وبدول القارة، وللاستفادة من الاتفاقيات والأطر التجارية التى عقدتها القاهرة مع مختلف دول العالم، وأبرزها منطقة التجارة القارية الإفريقية.
من أجندة سنة ٢٠٦٣، ينطلق دور مصر لتعزيز التنمية بالقارة السمراء تأسيسًا على المحاور التى تضمنها خطاب الرئيس فور توليه رئاسة الاتحاد الإفريقى: تنمية القدرات البشرية بزيادة الاهتمام بالتعليم وتطويره، تطوير مجالات البحث والابتكار، تعزيز الاستثمار فى الشباب الإفريقى و... و... فى كلمته أمام قمة مجموعة العشرين التى استضافتها مدينة أوساكا اليابانية، أواخر يونيو الماضى، دعا الرئيس إلى ضرورة إبرام شراكات جادة بين دول المجموعة ودول القارة السمراء، وفق الخطط والبرامج الوطنية وأجندة ٢٠٦٣ التى تحمل رؤية القارة لتحقيق تنميتها المستدامة وتتكامل مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ٢٠٣٠.
تحركات كثيرة قامت بها مصر لتغيير آليات التعاون الدولى، وإعادة ترتيب الأولويات العربية والإفريقية، لمواكبة ما يشهده العالم من تحولات كبرى، ومواجهة التهديدات والتحديات، الوجودية والمصيرية التى فرضتها دول وكيانات انتهازية، سواء بشكل مباشر أو عبر وكلاء. وكان أبرز الأهداف التى أعلنتها منذ توليها رئاسة الاتحاد الإفريقى تعظيم فرص الاستثمار ودعم التنمية والاستغلال الأنسب للموارد، وهو ما سعت بالفعل إلى تحقيقه عبر محاولات جادة لبناء أسس متينة للتكامل الاقتصادى الإفريقى، ومن خلال استكمال خطوات إنشاء «منطقة التجارة الحرة القارية»، التى تهدف إلى إزالة القيود الجمركية أمام حركة التجارة البينية.
خلال العام الجارى، الذى يوشك على الانتهاء، ومنذ ترأست مصر الاتحاد الإفريقى، قطعت دول القارة خطوات مهمة على طريق تحقيق التنمية المستدامة، وإيجاد أفضل مناخ لجذب الاستثمارات، أبرزها قيام القمة الإفريقية الثانية والثلاثين، التى انعقدت فى فبراير ٢٠١٩، بإطلاق أول تقرير للحوكمة فى إفريقيا. تبعتها خطوة تاريخية مهمة على طريق الاندماج الاقتصادى القارى تمثلت فى إطلاق اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية خلال قمة يوليو الماضى الاستثنائية، التى شهدت أيضًا إقرار خطوات استكمال تحرير التجارة والخدمات والانتهاء من قواعد المنافسة وفض المنازعات وحماية الملكية الفكرية كركائز أساسية لفتح وضبط الأسواق.
اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية تم توقيعها فى رواندا فى ٢١ مارس ٢٠١٨، ودخلت حيز التنفيذ فى ٣٠ مايو الماضى، بعد مرور شهر على وصول عدد الدول المصادقة عليها إلى ٢٤ دولة. وأمس الإثنين، وقعت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى اتفاقية مع الأمم المتحدة، ممثلة فى اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، بشأن ترتيبات استضافة الدورة الـ٣٤ لمؤتمر لجنة الخبراء الحكومية الدولية للمكتب دون الإقليمى لشمال إفريقيا التابع للجنة الاقتصادية لإفريقيا، الذى تستضيفه مدينة أسوان فى الفترة بين ٢٥ و٢٨ نوفمبر الجارى.
.. وأخيرًا، هذا هو التوقيت الصحيح للانفتاح على القارة السمراء، أسواق إفريقيا مفتوحة والظروف الاستثمارية مهيأة وهناك رغبة حقيقية فى التعاون مع كل الشركاء. ولا يبقى غير أن تقوم دول مجموعة العشرين ومؤسسات التمويل الدولية والقارية والإقليمية بدورها فى توفير الضمانات المالية لبناء قدرات القارة.