رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معركة المياه 14.. العاملون بمحطة «شطب» لمعالجة مياه الصرف: الأهالى ساعدونا لتحقيق الحلم

العاملون
العاملون

تعانى بعض القرى بمحافظة أسيوط من صعوبة وصول المياه إلى الأراضى الزراعية، ويعتمد الأهالى على وسائل بدائية للحصول على المياه، لكن مع إنشاء محطة «شطب» الثلاثية لمعالجة مياه الصرف الصحى أوشكت الحال على أن تتغير، وسيحظى المواطنون قريبًا بمياه تكفى لرى أراضيهم.
ومن المنتظر أن تخدم المحطة آلاف المواطنين بقرى «شطب وموشا وريفا ودير ريفا والزاوية» وعدد آخر من القرى، وتبلغ تكلفتها ٤٠٠ مليون جنيه بتمويل من البنك الدولى وتخدم نحو ٢٠٥ آلاف نسمة.
وبحسب وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية، فقد جرى الانتهاء من تنفيذ ٢٦ محطة للمعالجة الثنائية والثلاثية لمياه الصرف الصحى بالصعيد، وجارٍ تنفيذ ٢٦ محطة أخرى، ومن المقرر الانتهاء من تنفيذها تباعًا.
«الدستور» التقت عددًا من العمال والمهندسين العاملين بالمشروع، الذين سردوا كيف واجهوا التحديات فى سبيل تحقيق حلم البسطاء فى رى أراضيهم.

عزمى: أبناء القرية تبرعوا بالأرض.. وتغلبنا على أزمة الطرق غير الممهدة

كشف المهندس ظريف محمد عزمى، مدير المشروع، عن أن أهالى قرية شطب هم من تبرعوا بالأرض، التى تقام عليها المحطة، ومساحتها ٧ أفدنة، لتوفير احتياجاتهم من المياه اللازمة للزراعة، التى عانوا كثيرًا من أجل الحصول عليها فى الماضى. وقال «عزمى» إن العمل بدأ بالمحطة منذ أغسطس ٢٠١٦، بتمويل من البنك الدولى، وكان من المفترض تسليمها بعد عامين من هذا التاريخ إلا أن التسليم تعطل نتيجة بعض الظروف الاقتصادية، مشيرًا إلى أن المحطة قادرة على توفير المياه النظيفة لقرية شطب، إضافة إلى خمسة تجمعات قروية مجاورة، وذلك بطاقة ٢٦ ألف متر مكعب فى اليوم الواحد.
وأضاف: «تمر المياه بمرحلتين داخل المحطة، الأولى هى الفلترة، والثانية حقن المياه بمادة الكلور للتخلص من الميكروبات والبكتيريا، لتصبح بعد ذلك صالحة للزراعة بنسبة ١٠٠٪»، لافتًا إلى أن المياه الناتجة عن المعالجة تخزن فى مصرف ثم تُخلط بنسبة من مياه الترع، تحددها وزارة الصحة، ليعاد استخدامها فى الرى. وأشار إلى أن المحطة تُنشأ وفقًا لتكنولوجيا متطورة تسمى «MBBR»، تساعد على استغلال مساحة المشروع بالشكل الأمثل لإتمام عملية المعالجة الثلاثية فى أقل حيز ممكن مع إنتاج كميات كبيرة من المياه، فضلًا عن أن هذه التكنولوجيا توفر فى الطاقة الكهربائية المستهلكة لتشغيل الآلات والمعدات.
وعن تجربة العمل فى مشروعات قومية، قال: «شاركت فى تنفيذ أكثر من مشروع قومى، على رأسها مشروع توشكى، وأشعر بسعادة بالغة لأننى أشارك الآن فى هذا المشروع المهم، فأهالى قرية شطب جميعًا ينتظرون إنتاج المحطة».
ولفت إلى أن جغرافيا قرية شطب كانت تحديًا كبيرًا أمامهم، لأن الطرق غير ممهدة، لذا استلزم إدخال المعدات إلى موقع العمل بذل مجهود كبير، والتنسيق مع الشركات الأخرى، التى تعمل فى المنطقة وتمر من ذات الطرق، حتى لا يحدث تعارض.
وقال إن أكثر ما يؤكد إيمان العاملين بأهمية المشروع هو تعاونهم رغم أنهم ينتمون إلى أكثر من شركة، تتنافس فيما بينها، ومع الوقت انتقل الأمر إلى الشركات فأصبحت تساعد بعضها البعض على تخطى العقبات فى سبيل استكمال المشروع.

حسين: نتبع تكنولوجيا أمريكية ونعمل بـ3 شيفتات.. والمنتج آمن

قال المهندس إسلام حسين، مدير توريدات بالمشروع المسئول عن توفير جميع المعدات والعمال: «عبر تقسيم العمل إلى ٣ شيفتات، وصلنا لمرحلة أن عملية البناء لا تتوقف على مدار الـ٢٤ ساعة، ورغم أن هذا النظام مرهق إلا أن العمال رحبوا به لتحقيق حلم أهالى القرية فى أسرع وقت».
وأضاف: «نوفر سكنًا ملائمًا لجميع العاملين بالمحطة، حتى الذين ينتمون إلى محافظة أسيوط»، مشيرًا إلى أن العامل الصعيدى ملتزم ويكتسب خبرة بشكل سريع ويتمتع بالصبر. وواصل: «فى البداية يتم توصيل خدمات الصرف الصحى للمنازل، ثم يتم تجميع مياه الصرف الصحى ورفعها عبر محطات متخصصة، ثم تدخل المياه لمحطة شطب الثلاثية، فيجرى تكريرها، ثم تُخزن لأغراض الزراعة، وأؤكد أن المياه آمنة بنسبة ١٠٠٪»، موضحًا: «ترسل عينات من إنتاج المحطة إلى معامل وزارة الصحة والمعامل المركزية لشركة المياه، كما نجرى اختبارات دورية داخلية، وفقًا لكود دولى للتأكد من صلاحية المياه». وذكر أن المحطة تستخدم أحدث التقنيات الأمريكية بمجال المعالجة، التى من شأنها توفير الوقت والجهد واستغلال المساحة الصغيرة للمحطة لتنتج هذا القدر الكبير من المياه الصالحة للزراعة، مع إمكانية زيادة الإنتاج إلى ٣٩ ألف متر مكعب يوميًا خلال الأعوام المقبلة.
وقال: «مشروع محطة شطب هو أول مشروع قومى ضخم أشارك فى تنفيذه، رغم أن خبرتى فى تخصصى تمتد لـ٢٠ عامًا، وأشعر بالفخر لأننى انضممت إلى رجال المشروعات القومية، ورغم أننى تركت أسرتى فى القاهرة إلا أننى مستمتع بهذه التجربة، وأرى أننى أسهم فى زيادة المساحات المزروعة وتوفير الغذاء للمواطنين».

عاطف: تنهى أزمات الزراعة نهائيًا

اعتاد المهندس أحمد عاطف، نائب مدير المشروع للأعمال الميكانيكية، المشاركة بالمشروعات القومية لتحلية ومعالجة المياه، حيث يذكر أنها تمثل خطوة مهمة فى مواجهة الفقر المائى. وقال «عاطف»: «الأعمال الميكانيكية داخل المحطة من أهم مقومات النجاح، وهى تتمثل فى المعدات اللازمة لمعالجة المياه والإشراف الدقيق على سير العمل بها».
وأضاف: «جئت من محافظة البحيرة، وأمكث هنا شهورًا كثيرة بعيدًا عن أهلى، إلا أن كل هذه الصعاب تهون أمام الشعور بتقديم خدمة إنسانية لمواطنين وفلاحين بسطاء، وأشعر بسعادة بالغة عندما أرى الفرحة بأعين الأهالى وترقبهم لبدء تشغيل المحطة لنجدتهم من أزمات الزراعة التى عاشوها سنوات طوال».

عبدالنعيم: أفراد أسرتى يتفهمون طبيعة عملى

ذكر المهندس أيمن عبدالنعيم، المدير لتنفيذى للمشروع، أنه يعمل فى هذا المجال منذ ٣٠ عامًا، إذ شارك فى تنفيذ أكثر من محطة معالجة فى مصر، مشيرًا إلى أنه مستمر فى العمل رغم أن سنه تجاوزت ٥٥ عامًا.
وقال: «أفراد أسرتى يتفهمون طبيعة عملى ويحترمونه ويشجعوننى عليه، وقد اعتادوا سفرى الدائم»، موجهًا نصيحة إلى الشباب المصرى قائلًا: «لا تستسلموا للبطالة وابحثوا عن فرص عمل، وسافروا فى سبيل تحقيق أحلامكم».
وأشار إلى أن هناك الكثير من العمال بالمشروع من حملة المؤهلات العليا، وأثبتوا كفاءة غير عادية وحققوا مكاسب مادية لا بأس بها نظير عملهم هذا.


شلبى:استخدام خرسانة من نوع مختلف فى عملية البناء

قال المهندس عصام شلبى، المدير التنفيذى للأعمال المدنية بالمشروع المسئول عن المنشآت الخرسانية، إنه تم استخدام خرسانة مختلفة فى بناء المحطة لتلائم طبيعة العمل، فضلًا عن وحدات بلاستيكية بها أحواض تهوية تعمل على فصل الميكروبات، وفقًا لأسلوب المعالجة المتطور «mbbr».
وقال «شلبى»: «رغم أن المحطة تستهدف توفير مياه صالحة للزراعة إلا أنه تم تزويدها بإمكانيات تسمح بزيادة الفلترة لجعل المياه نقية وصالحة للشرب، وذلك عبر إنشاء مجموعة من المبانى تضم أجهزة قادرة على تعقيم المياه».
وأشار إلى العمال يبذلون مجهودات ضخمة ويعملون بحماس كبير، لافتًا إلى أن المحطة تضم تخصصات كثيرة «حدادين ونجارين وسباكين وكهربائيين»، عددهم يصل إلى ٥٠٠ عامل ومهندس.
واختتم: «على الرغم من أن نظام العمل داخل المحطة يسمح للعامل بإجازة لمدة ٥ أيام بعد ٢٥ يومًا من العمل، إلا أن العمال كانوا يرفضون الحصول على إجازات لمدة شهرين، للانتهاء من المشروع فى الوقت المحدد، وحرصا على مصالح أهالى القرى».


عزت: أول عمل أشارك به مع شركتى

قال عماد عزت، عامل كهرباء من كفرالزيات: «المحطة كانت أول مشروع أشارك فى تنفيذه عقب تعيينى بإحدى شركات المعالجة الكبرى، وبمجرد وصولى شعرت بسعادة بالغة، لأننى أصبحت جزءًا من هذا الواقع الذى أرى فيه مصر تزدهر». وأضاف «عزت»، ٢٥ عامًا: «أسعى دائمًا لتطوير مجال الكهرباء الذى أعمل به وأحبه، فالسفر والمسافات الطويلة التى أقطعها تهون أمام مساهمتى بمشروع يخدم الوطن والمواطنين، وأتمنى أن يخدم أبنائى مصر مثلى».


عبدالعزيز: صوت المواتير بينسينا التعب

تحدث المهندس محمد عبدالعزيز، مشرف الأعمال الكهربائية داخل المحطة، عن دوره قائلًا: «بدأنا عملنا بمد الكابلات وتزويد منطقة العمل بالإنارة الداخلية والخارجية، ووضع لوحات خاصة بالمضخات الرئيسية بالمحطة».
وأضاف «عبدالعزيز»: «أما عن تكنولوجيا الكهرباء داخل أبنية المحطة، فيطلق عليها (soft start)، أى (البدء الهادئ) لعمل المواتير والمعدات، ما يسهم فى توفير الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل هذه المعدات، وكذلك الحفاظ على عمر الموتور لفترات طويلة من خلال عدم تحميله طاقة زائدة فى أثناء بدء التشغيل إلى أن يصل لقوة تشغيله القصوى». وواصل: «تضم المحطة أيضًا منظمات للجهد عالية الجودة، من شأنها الحفاظ على معدل الطاقة الكهربائية الواصل للمعدات فى حال انقطاع التيار الكهربائى دون حدوث خلل بالأجهزة، ليتم فصلها أوتوماتيكيًا فى أثناء انقطاع التيار الكهربائى»، مضيفًا أن المحطة تحتوى على مولدين للكهرباء بطاقة ٣ ميجا للمولد الواحد، تكفى لتشغيل المحطة بالكامل فى أثناء انقطاع التيار الكهربائى. وتابع: «أنشأنا نظامًا أرضيًا لامتصاص أى طاقة كهربائية زائدة فى المحطة، ضمن إجراءات الحفاظ على العاملين بالمحطة»، مختتمًا: «صوت المواتير بينسينا التعب، وأشعر بسعادة بالغة، لأننى أشارك فى هذا المشروع العظيم، وسعيى لتحقيق حلم أهالى القرية يخفف عنى اشتياقى لأسرتى».

الأسطى رضا:الإنجاز يُهوّن ظروف الطقس

الأسطى رضا، هو رئيس عمال الكهرباء بالمشروع ويشرف على تركيبات الكهرباء داخلها، قال إنه يتواصل بشكل دائم مع رؤسائه فى العمل لحل أى مشكلة تظهر، بشكل سريع، مشيرًا إلى أن العمال يتحملون ظروف الطقس المتقلبة من أجل إتمام العمل على أكمل وجه. وأضاف: «رفض العمال الحصول على إجازات لمدة شهرين، حرصًا منهم على تحقيق حلم أهالى القرية»، مشيرًا إلى أنه لم يستطع المشاركة فى جنازة أخيه، لأن ظروف العمل تطلبت وجوده، مؤكدًا بذلك تقديره لمسئولية تنفيذ هذا المشروع الضخم.