رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيناريوهات ما بعد ترحيل أردوغان مقاتلي "داعش" لأوروبا

داعش
داعش

نفذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهديداته وأرسل بعض مقاتلي تنظيم "داعش" لأوروبا، للرد على آلية العقوبات التي أقرها الاتحاد الأوروبي ضد تركيا، بسبب عدوانها على سوريا والتنقيب عن الغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة قبالة سواحل قبرص.

ومن المقرر أن يرسل أردوغان مقاتلي التنظيم لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، ولكن يبقى التساؤل كيف سيتم التعامل مع هؤلاء، خصوصًا وأن بعضهم تم إسقاط الجنسية عنهم، ورفضت اليونان استقبالهم.

وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عمليات الترحيل التركية أجبرت أوروبا على مواجهة مقاتلي التنظيم.

وتابعت أنه بينما تابعت تركيا تهديدها بالإفراج عن المزيد من معتقلي تنظيم داعش الأسبوع الماضي، واجهت دول أوروبا الغربية مشكلة طالما سعت إلى تجنبها، ما الذي يجب فعله حيال العودة المحتملة للأوروبيين المتطرفين وهي لا تريد عودتهم.

وأضافت أنه في مواجهة معارضة شعبية شرسة لإعادة هؤلاء المعتقلين إلى وطنهم ومخاوف بشأن التهديد الطويل الأجل الذي قد يشكلونه في وطنهم، سعى القادة الأوروبيون إلى إيجاد طرق بديلة لمحاكمتهم - في محكمة دولية، على الأراضي العراقية، أو وفي أي مكان غير القارة.

لكن الرئيس رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، الذي أصبح أكثر قوة من خلال التحول المفاجئ في السياسة الأمريكية، عازم على كبح مشكلة مقاتلي داعش وإرسالهم لأوطانهم مرة أخرى، ففي الأسبوع الماضي، أرسلت تركيا عشرات المقاتلين وأقاربهم إلى بريطانيا والدنمارك وألمانيا والولايات المتحدة، ويقول أردوغان إن المئات الآخرين في طريقهم.

وقال ريك كولسايت، الخبير في التطرف في معهد إجمونت ومقره بروكسل، "إن جميع الدول الأوروبية، وخاصة تلك التي تضم معظم المقاتلين الأجانب، كانت تبحث بشكل يائس العام الماضي عن طريقة للتعامل معها دون إعادتها، لكن الآن، تُجبر الدول الأوروبية على التفكير في العودة إلى الوطن لأن تركيا ستضع الناس على متن الطائرة".

وأوضحت الصحيفة أن المشكلة المفاجئة بالنسبة لأوروبا هي نتيجة طويلة الأمد لقرار الرئيس ترامب المتهور الشهر الماضي بسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، الأمر الذي مهد الطريق لتركيا للسيطرة على الأراضي، بالإضافة إلى العديد من أعضاء التنظيم الذين تم احتجازهم هناك في السجون التي يديرها الأكراد أو في معسكرات الاعتقال، ومما يزيد الأمر تعقيدًا أن حوالي ثلثي المعتقلين في أوروبا الغربية، أو حوالي 700 هم أطفال، فقد الكثير منهم أحد الوالدين، إن لم يكن كلاهما.

وتابعت أن أردوغان مصمم على تخفيف عبء بلاده، ولكن نيته الحقيقية لا تزال غير واضحة: هل يخطط حقًا لإعادة جميع المقاتلين الأجانب إلى أوروبا؟ أم أنه يهدد فقد، مع تهديد فيضان قادم إن لم يحصل على تنازلات من قبل أوروبا.

وأضافت أن ما هو واضح هو أنه مع وجود نطاق عسكري تركي محدود في سوريا، أصبحت الدول الأوروبية أكثر عرضة لأهواء أردوغان حيث يقول المسئولون الأتراك إن تركيا تضم الآن 2280 عضوًا من التنظيم من 30 دولة، وسيتم ترحيلهم جميعًا.

أمريكا
وقالت الصحيفة إن المشكلة ليست في أوروبا وحدها، حيث قامت تركيا بترحيل أمريكي وصفته بأنه عضو في التنظيم ويدعى محمد درويش بسام، إلى الولايات المتحدة.

وتابعت أنه في البداية رفضت الولايات المتحدة استلامه على أنه أمريكي المولد فقط، وبالتالي لا يحق عودته وظل في المنطقة العازلة بعد أن رفضت اليونان تسلمه، حتى أقرت الولايات المتحدة آلية تعسمح باستلامه واحتجازه.

وأضافت أن الأرقام والمخاطر بالنسبة لأوروبا أكبر بكثير من الولايات المتحدة، حيث يُعتقد أن أكثر من 1100 مواطن من دول أوروبا الغربية يُحتجزون في شمال سوريا.

فرنسا
وأكدت الصحيفة أن فرنسا التي ينتمي إليها أكثر المحتجزين في سوريا، تستعد لاستقبال 11 من المقاتلين السابقين.

وتابعت أنه حتى الآن لم تكشف السلطات الفرنسية عن طريقة التعامل مع المقاتلين، ولكن الأقرب أنه سيتم إيداعهم في سجن حتى تتم محاكمتهم.

وقال مسئولون فرنسيون إنه لم يحدث أي تغيير في السياسة الفرنسية التي تعارض العودة من سوريا.
أما المواطنون الفرنسيون الآخرون المتوقعة عودتهم إلى ديارهم- ثلاث نساء فرنسيات وأطفالهن الخمسة، وجميعهم دون الرابعة من العمر- فقد احتُجزوا في معسكر عين عيسى، وفقًا لمحاميهم ماري دوسي.

وتظهر المخاطر المحتملة والصعوبات بوضوح في حالة توبا جندال، وهي مواطنة فرنسية من أصل باكستاني تبلغ من العمر 25 عامًا، ونشأت وتعيش في لندن حتى سافرت إلى سوريا في عام 2015. ويُعتقد أنها لا تزال في الحجز من السلطات التركية.

وهي أم لطفلين، وهي لا تتحدث بالفرنسية وأمضت معظم حياتها في بريطانيا، ورغم أن أجهزة المخابرات الفرنسية كانت على علم بقضيتها، فمن غير الواضح أنهم كانوا يتوقعون منها أن تأتي إلى فرنسا.

قامت فرنسا بالفعل بإعادة أكثر من 250 من التنظيم وعائلاتهم من تركيا منذ توقيع اتفاقية ثنائية مع الحكومة هناك في عام 2014، لكن لا يزال هناك 400 مواطن فرنسي محتجزون في سوريا، طبقًا لمعهد إجمونت، وفرنسا لا تريدهم مرة أخرى، وبدلًا من ذلك، تريد من العراق أن يحاكمهم، خاصة المقاتلين الذكور.

وقاد المسئولون الفرنسيون المفاوضات الأوروبية مع الحكومة العراقية لإقامة محاكمات في العراق. لكن الخلافات بين المسئولين العراقيين والأوروبيين- بشأن المسائل القانونية مثل عقوبة الإعدام والتكاليف- حالت دون التوصل إلى اتفاق.

هولندا
وافقت هولندا على استقبال المقاتلين على مضض، حيث يبلغ عدد المقاتلين الذين يحملون الجنسية الهولندية عدد قليل للغاية مقارنة بالبريطانيين والفرنسيين.

ألمانيا
أكدت الصحيفة أن ألمانيا استقبلت 7 أفراد من عائلة واحدة في برلين قادمين من تركيا، تم ترحيلهم بعد عدة أشهر رهن الاحتجاز بسبب الاشتباه في صلتهم بالإرهاب.

وأضافت أن السلطات احتجزت رب الأسرة، بينما سمحت لباقي أفرادها بالعودة إلى منازلهم مرة أخرى.

وأشارت إلى أن يوم الجمعة، تم احتجاز امرأة رحلتها تركيا فور وصولها إلى مطار فرانكفورت للاشتباه في كونها عضوًا في منظمة إرهابية في الخارج، وقال ممثلو الادعاء الاتحاديون في ألمانيا إن المرأة، وهي مواطنة ألمانية تُعرف باسم نسيم، غادرت البلاد في عام 2014 وتزوجت من مقاتل داعش، كما تم إطلاق سراح امرأة ثانية بعد هبوطها في ألمانيا، لكن سيتعقبها خبراء في إزالة التطرف.

وقال مسئولون ألمان إنهم يعتقدون أن أكثر من 130 شخصًا غادروا البلاد للانضمام إلى داعش، 95 منهم مواطنون ألمان ولهم الحق في العودة إلى البلاد، ما يقرب من ثلث الألمان يخضعون للتحقيق من قبل المدعين الاتحاديين.

بريطانيا
وفي هذا الصدد أكدت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أن مصير المرحلين كان مجهول، حتى استلمت بريطانيا أول المقاتلين، واعتقلته في مطار هيثرو بلندن، ويدعى مأمون راشد ويبلغ من العمر 26 عامًا.
وتابعت أن المقاتل سيخضع لمحاكمة عاجلة اليوم أمام محكمة وستمنستر الجزئية، حيث تم اعتقاله يوم الخميس الماضي.

وأعلنت شرطة العاصمة يوم الأحد أن رشيد وجهت إليه تهمة التحضير للأعمال الإرهابية بموجب قانون الإرهاب لعام 2006.

ولم تصدر وزارة الداخلية ولا الشرطة أي تفاصيل أخرى عن الجريمة بخلاف القول بأنها "مرتبط بداعش في سوريا".

وكانت حكومة المملكة المتحدة قد رفضت مرارًا وتكرارًا دعوات لإعادة البريطانيين من رجال ونساء وأطفال محتجزين في سوريا، قائلة إنها خطيرة جدًا.

وأكدت الصحيفة أنه تم تجريد العديد من المشتبه بهم، مثل تلميذة بيثنال جرين وتدعى شيماء بيجوم، وجاك ليتس البالغة من العمر 24 عامًا من الجنسية البريطانية، وقد تم نقل اثنين من الإرهابيين البريطانيين المشتبه بهم من داعش، وهما "البيتلز" ألكسنده كوتي والشافي الشيخ، من سوريا إلى حجز الولايات المتحدة في شمال سوريا وسط مخاوف من إمكانية هروبهما خلال الغزو التركي لشمال شرق سوريا.