رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصطفى محرم: 75%من الكتّاب المصريين "حرامية".. 95% من أفلامنا "منحوتة"

جريدة الدستور

لا يعرف السيناريست الكبير مصطفى محرم الدبلوماسية، يدلى بآرائه دون مساحيق تجميل، حتى لو جلبت عليه مشاكل وأزمات، أو حتى اضطرته للابتعاد عن وسط هو أحد كباره وكهنته. من هنا ليس غريبًا أن يتهم كبارًا مثل بشير الديك ومحمد خان وصلاح أبوسيف بسرقة أعمالهم الفنية، بل إنه يرى أن «٧٥٪ من الكتاب المصريين بيسرقوا الأعمال دون أن ينسبوها لمصادرها، و٩٥٪ من أعمال السينما المصرية مسروقة من أفلام أجنبية». الكاتب الكبير كان ضيفًا عزيزًا على «الدستور»، حيث تحدث عن نشأته وتفاصيل العلاقات التى جمعته بمشاهير الأدب والفن، وتقييمه لأحوال الدراما والسينما حاليًا.

■ كيف أسهمت ظروف نشأتك فى تكوينك الفكرى؟
- كانت لدى ميول أدبية منذ صغرى، وكنت أكتب القصة، وبعد أن التحقت بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية درست الأدب الإنجليزى وتعرفت على ثقافات جديدة.
وعملت بعد تخرجى مدرسًا للغة الإنجليزية، وعرفنى صديقى أشرف الميهى على الأستاذ صلاح أبوسيف، وعملت فى قسم القراءة والإعداد بالمؤسسة العامة للسينما.
وساعدنى «أبوسيف» فى الالتحاق بمعهد السينما لدراسة السيناريو، وكان يخصص لى ساعة من وقته يوميًا أنا و«الميهى» لتعليمنا فنيات السينما. وأنا أحب القراءة فى كل المجالات، وحاليًا مهتم بالثقافة الإسلامية، وكتبت عن علماء إسلاميين وعلاقتهم بالغرب، وحللت أعمالهم وتأثيرها على الحضارة الأوروبية، كما أكتب فى الفلسفة الإسلامية والعلماء الذين أسهموا فى الحضارة الإنسانية. وأعتبر نفسى رجلًا متدينًا جدًا، لأنى نشأت فى أسرة محافظة، وكانت لدى أبى مكتبة ضخمة تضم كتبًا شهيرة مثل إحياء علوم الدين للشيخ الغزالى، وكتب التفسير، وكتبًا عن السيرة النبوية.
وأحب سماع القرآن بصوت قراء الخليج، وعلى رأسهم مشارى العفاسى، فأنا لا أفضل سماع القرآن بالطريقة المصرية.
■ ما كواليس أول رواية عملت عليها؟
- أول رواية عملت عليها كانت لمحمد عبدالحليم عبدالله «شمس الخريف»، وقتها طلب منى «أبوسيف» أن أكتب تقريرًا عن الرواية، فقرأتها وكتبت التقرير وأعجب به، وتم قبولى للعمل معه، لذلك هو صاحب فضل كبير علىَّ، فهو من علمنى فن السيناريو.
■.. وماذا عن أول سيناريو كتبته؟
- فيلم «وداعًا أيها الليل»، إنتاج عام ١٩٦٦، من إخراج حسن رضا، وبطولة شكرى سرحان، ونوال أبوالفتوح، وعندما عُرِض الفيلم لاحظ الجميع أن لى أسلوبى الخاص فى السيناريو، فقد كان مميزًا ومختلفًا عن السائد وقتها.
وعقب هذا الفيلم، ترك «أبوسيف» العمل فى مؤسسة السينما، ليتفرغ للإخراج السينمائى.
وشغل سعدالدين وهبة مكان «أبوسيف»، وسرعان ما تعمد اضطهادى ومضايقتى، لأننى كنت أكتب تقارير «وحشة» عن السيناريوهات التى يكتبها، وكان ذلك يثير غضبه وغيظه.
بعدها عملت فى قسم السيناريو مع عبدالرحمن الشرقاوى، وكان نفسى وقتها أشتغل مع نجيب محفوظ فى قسم القراءة، لكن كان طموحى الأساسى هو السيناريو، ولم أفعل أى شىء يذكر أنا و«الميهى» بسبب تعنت سعدالدين وهبة.
بعدها توجهت للعمل فى التليفزيون، وكنت من أوائل الناس الذين عملوا فى الدراما التليفزيونية، ثم عدت مرة أخرى لمؤسسة السينما، بعد تغيير القيادات، وقدمت من خلالها معالجتين لـ«أغنية على الممر»، و«ليل وقضبان» ونالتا إعجاب لجنة الخطة فى المؤسسة.
وقد استفدت من فترة العمل بالمؤسسة الكثير، بسبب احتكاكى بكبار الأدباء، مثل عبدالرحمن الشرقاوى وسعد مكاوى ونجيب محفوظ.
■ أى أعمالك أقرب إلى قلبك؟
- كل أعمالى، أنا عملت ١٠٥ أفلام، منها نحو ٩٠ فيلمًا نافست باسم مصر فى المهرجانات الدولية ونالت جوائز، لكن هناك أعمالًا مقربة لقلبى مثل «أغنية على الممر» و«ليل وقضبان» و«أهل القمة»، والأفلام المقتبسة من أعمال إحسان عبدالقدوس، لكن ندمت على «عذاب الحب» فقط، لأنه لم ينفذ بالطريقة التى كنت أراها مناسبة.
■ من المخرج الذى لم تندم على العمل معه؟
- أشرف فهمى، وقدمت معه ٢٢ فيلمًا، لكن هذا لا يمنع أنى عملت مع مخرجين متميزين، مثل حسين كمال وعلى عبدالخالق وأحمد يحيى، لذلك أنصح دائمًا كاتب السيناريو بالعمل مع مخرج تربطه به صداقة وحب، حتى لا يجد أى حرج فى إبداء الملاحظات.
■.. وبالنسبة للممثلين؟
- محمود عبدالعزيز عملت معه فى ٢٢ فيلمًا، وأنا من قدمت أحمد زكى للسينما، وقدمت محمود ياسين أيضًا، وفى رأيى أن محمود عبدالعزيز أفضل ممثل فى قوة حضوره وتلقائيته الشديدة، وأنا لم أحزن على وفاة أى ممثل مثلما حزنت على وفاته.
■ كيف تستقى أفكارك؟
- معظم الأفلام التى قدمتها قائمة على أعمال أدبية، ومنها أعمال لتوفيق الحكيم، وإحسان عبدالقدوس، ونجيب محفوظ، وثروت أباظة، ويوسف إدريس، ونجيب الكيلانى، وعلى سالم، لذلك أعتقد أننى محظوظ، لأنه توفر لى ما لم يتوفر لغيرى من وجود كل هؤلاء الكبار حولى.
■ من أفضل من عملت معهم من الأدباء؟
- نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس، لأنهما كانا على درجة عالية من الأخلاق، وكنت دائمًا أقول إن أخلاقهما مثل أخلاق الأنبياء، كانا يشعرانى بتقدير كبير واحترام جم، وكانا يتركان لى حرية التغيير والتعديل فى أحداث العمل دون أى مضايقات.
■ كيف كانت علاقتك بأديب نوبل؟
- كان يعتبرنى «أخاه الصغير»، وكان ينادينى بـ«محرم»، أذكر أنه فى إحدى المرات توجهت إليه فى مكتبه بجريدة الأهرام، لشراء حقوق قصة «سمارة الأمير» وتحويلها لفيلم.
وقتها كان يجلس فى مكتب توفيق الحكيم، بعد وفاته، لكنه لم يكن يجلس على الكرسى الرئيسى وفضل الجلوس على كرسى صغير بجوار المكتب احترامًا لذكرى الراحل.
جلست بجواره وأخبرته بأنى أريد شراء القصة منه، وكان يتقاضى ٤٥٠٠ جنيه وقتها نظير أى قصة من أعماله، فقال لى أنا حصلت على جائزة نوبل «تفتكر ممكن أقبل كام؟»، فقلت له: «١٥ ألفًا فى القصة، وتاخد منى أنا ١٠ بس»، فوافق.
■ قلت إن محمد رمضان منافس قوى لعادل إمام.. لماذا؟
- نعم قلت ذلك، وأعنى أن محمد رمضان منافس قوى لعادل إمام من الناحية التجارية، لكن من ناحية القيمة لا يوجد أى وجه للمقارنة.
■ لماذا اتهمت عادل إمام بسرقة أعماله من السينما العالمية؟
- «كلهم بيسرقوا»، فى رأيى أن ٧٥٪ من الكتاب المصريين بيسرقوا الأعمال دون أن ينسبوها لمصادرها، و٩٥٪ من أعمال السينما المصرية مسروقة من أفلام أجنبية، فمثلًا معظم أفلام حسن الإمام مأخوذة من أعمال أجنبية، ومحمد خان كذلك، حتى صلاح أبوسيف «أخد كتير».
أنا أحب مشاهدة أفلام عادل إمام، لكن لا أعتبره أعظم كوميديان فى السينما، أعظم كوميديان فى السينما هو نجيب الريحانى.
■ سبق للسيناريست بشير الديك أن صرح بأنه من كتب فيلم «الهروب»، وأنك نسبت العمل لنفسك.. ما تعليقك؟
- «هو كان فين أصلًا قبل الهروب»، ولماذا «الهروب» تحديدًا الذى رفضت وضع اسمه عليه؟.. معظم أعمال «بشير» من أفلام أجنبية، مثل «ضد الحكومة» فهو مسروق من فيلم أجنبى.
فيلم «الهروب» نجح لأنه ناقش حادثة كانت منتشرة وقتها عن شخص أطلق النار داخل قاعة محكمة وهرب، وعرضت القصة وقتها على المخرج عاطف الطيب الذى تحمس لها بشدة.
المخرج محمد خان كان «هو اللى بيكتب لبشير كل حاجة وكان بيبقى فى سيناريوهين لأفلامه، واحد كاتبه بشير الديك وواحد كاتبه خان، وبيحطوا اسمه على العمل».
■ ما تقييمك لأوضاع الدراما فى مصر حاليًا؟
- الدراما المصرية كانت تسير فى الاتجاه الصحيح تحت إشراف الدولة، ممثلة فى قطاع الإنتاج ومدينة الإنتاج الإعلامى وصوت القاهرة، وتلك الشركات كانت تنتج الدراما التليفزيونية وتنافس القطاع الخاص بقوة، وقتها كانت مصر متربعة على عرش الدراما إلى أن جاءت ثورة يناير فبدأت الأمور فى التدهور.
وللأسف لم أشاهد أى عمل درامى جيد منذ ٢٠١١، وأطالب المسئولين بالاعتماد على خبراء وأساتذة الدراما والسينما لوضع خطة علاج تعيد لمصر ريادتها فى هذا المجال.
■ هل بإمكان الدراما أو السينما مكافحة الإرهاب والتصدى للفكر المتطرف؟
- الدراما الجيدة الواعية ترفع من معنويات المواطنين وترتقى بأخلاقيات الفرد، وإذا ارتقت قيم الفرد المعنوية والأخلاقية والذوقية يصبح محصنًا من الانخراط فى أى أعمال إرهابية أو تبنى أفكار متطرفة.
الإرهاب ليس قتلًا وسفك دماء فقط، لكنه منهج فكر بالأساس، لذلك لا بد من محاربة الفكر عن طريق الدراما، ولا يمكن أن ننجح فى ذلك بإنتاج أعمال مبتذلة تسلط الضوء على أنصاف الموهوبين من أمثال المقاول الأجير محمد على وغيره.
معظم الموجودين حاليًا على الساحة السينمائية ليست لهم علاقة بالثقافة، وهمهم الأكبر هو جنى الأموال فقط «واخدين السينما سبوبة».
■ ما أحدث أعمالك أو خططك للمستقبل القريب؟
- على مستوى الكتابة لا يوجد أى شىء، لأن هناك من يرفض وجودى داخل الوسط الفنى حاليًا.
وبالنسبة لتأليف الكتب، فهذا هو النشاط الإيجابى الذى أعمل به حاليًا، حيث أعكف على ترجمة كتابين عن السينما والنقد، أتمنى أن يضيفا للعاملين فى هذا المجال، لأننى أراهن عليهما بشدة.

قال عن هؤلاء:
أحمد زكى
ممثل مجتهد، لم يعجبنى فقط إحساسه العالى بإنه ممثل كويس.
نور الشريف
الصانع الأول.. الممثل كما يجب أن يكون فى ثقافته.
عادل إمام
موهوب جدًا، لكن أنصحه بألا يتكلم فى السياسة ولا الثقافة.
يوسف إدريس
أُحب قصصه، لكن لا أحبه على المستوى الشخصى.
على سالم
أفضل من كتب المسرحية بعد توفيق الحكيم.
على بدرخان
أعظم مخرجى جيله.. خد فرصته لكنه كان كسولًا.
محمود ياسين
صعب تعويضه.
إحسان عبدالقدوس
كاتب سابق أوانه.
مجدى أبوعميرة
مجتهد.
محمد فاضل
زعيم مخرجى التليفزيون.
توفيق الحكيم
أعظم من كتب المسرح فى مصر.
محمود عبدالعزيز
ممثل كما يجب أن يكون فى تلقائيته.