رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"ادعاء وابتزاز".. القصة الكاملة لواقعة اختناق 27 مواطنا بـ"أبو زعبل"

جريدة الدستور

محمد إبراهيم - أسماء سليم - سمر محمدين - محمد النادي

أدخنة متصاعدة، هواء محمل بالسموم، الجميع يبحث عن نسمة هواء صافية.. هكذا ادعى أهالي القرى المجاورة لمصنع الأسمدة بأبو زعبل في مركز الخانكة.

وكان مستشفى الخانكة العام، استقبل 27 حالة مصابة بالاختناق من عزبة "سمك"، الواقعة في الضفة الثانية لترعة الإسماعيلية المقابلة لمصنع أسمدة أبو زعبل.

فيما حرر أهالي عزبة سمك في أبو زعبل بالخانكة، يوم السبت الماضي، محضرًا، حمل رقم ٩٨٩٤ لسنة ٢٠١٩ إداري الخانكة، ضد مصنع السماد بالمنطقة بعد إصابة 27 مواطنًا من الأهالي بالاختناق جراء الأدخنة المتصاعدة.

وتواصلت "الدستور" مع عدد من أهالي منطقة عزبة السمك، لمعرفة تفاصيل الحادث الذي أدى إلى اختناق 27 مواطنا، وتم نقلهم إلى مستشفى الخانكة العام، فضلًا عن الوقوف على أسباب إصابة الأهالي بهذه الاختناقاتٌ.

في البداية يقول خالد فوزي، أحد العاملين في مصنع الأسمدة، لـ "الدستور"، إن هؤلاء المواطنين ادعوا حدوث اختناقات نتيجة تسرب غازات المصنع؛ مرجعًا أسبابه لرفض مسئولي المصنع تعيين أبنائهم.

ولفت العامل إلى أنه شاهد بنفسه ما حدث، ولم يكن هناك أي حالات حرجة من المواطنين؛ معللًا خروج ضحايا الاختناق من المستشفى في وقت قصير.

أما عن فتحي راتب، أحد القاطنين في منطقة عزبة النخل بأبو زعبل، استبعد أن تكون حالات الاختناق نتيجة انبعاثات غازات مصنع الأسمدة؛ لأن المنطقة والقرى المجاورة بها العديد من المصانع وليس مصنع الأسمدة فقط.

وأضاف راتب، أن تشويه صورة مصنع الأسمدة أنها حملة ممنهجة ضد مصنع أبو زعبل للأسمدة تحديدًا، كما أن المصنع يضم نحو ٢٥٠٠ عامل جميعهم من أبو زعبل والمناطق المجاورة ولو كان هناك ضررا من المصنع يستحيل أن يقبل هؤلاء العمال بأي ضرر يلحق بأهلهم وأولادهم.

في هذا السياق، تواصلت "الدستور" مع أحد فريق التفتيش البيئي بوزارة البيئة، وأوضح أن عدد الحالات التي قالت إنها أصيبت باختناقات في منطقة عزبة شكري "عزبة النخل" بالخانكة، بسبب استنشاقهم هواء ملوث -على حد قولهم-، يقدر بـ 30 حالة بحسب تقرير مستشفى الخانكة المركزي "16 حالة رجل و12 امرأة وطفلان"، تلقوا جميعًا العلاج وخرجوا من المستشفى بعد وضعهم على أجهزة استنشاق الاكسجين وعمل إشاعات صدرية للبعض.

وأوضح المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن تقرير المستشفى جاء بوصف الحالات بأنها حالات ادعاء ولم يؤكد صحة ما قالوه، غير أن محافظ القاهرة ووزيرة البيئة وفريق تفتيش تابع للوزارة، ذهبوا لموقع الحادثة يوم 9 نوفمبر الجاري، أي قبل نحو 4 أيام، وتم الاتفاق على وضع معمل رصد متنقل لقياس مصادر الانبعاثات الموجودة بالمنطقة وتحري ما إذا كانت هناك انبعاثات فوق الحدود المسموح بها قانونًا أم لا، لمدة رصد مستمرة لـ15 يوما، مؤكدًا أن المعمل المتنقل وفريقه متواجدين حاليًا هناك ويباشرون عملهم بشكل مستمر.

وتابع أنه تم إجراء فحص ظاهري وعمل تقرير مبدئى، وتم تقديمه للنيابة التي تباشر التحقيق في الموضوع، إضافة إلى التوصية بمباشرة اللجنة أعمالها والتفتيش على بعض المصانع المحيطة التي تكون مصادر للتلوث، وتم وضع المعمل المتنقل هناك، وفي انتظار تقييم الرصد النهائي عقب اتمامه خلال 15 يوما متتالية، موضحًا أن الأمر يتعلق بأربع مصانع متواجده هناك، وأنه لم ترصد ملوثات أو انبعاثات فوق الحدود المسموح بها حتى الأن.

يشار إلى أن لجنة من قبل الصحة، أخذت 3 عينات من الجو من خلال أجهزة الرصد البيئي لقياس نسبة ثاني أكسيد الكبريت والملوثات الأخرى الناتجة عن نشاط المصنع وإرسالها إلى المعامل المركزية بالمديرية، كما تم أخذ عينات من مياه الشرب والصرف الصحي بالمنطقة بواسطة الأجهزة المختصة بوزارة الصحة لتحليلها للوقوف على مدى احتوائها على أي ملوثات كيميائية.

ووفقًا لما جاء في الإصدار الثاني لاشتراطات ترخيص المنشآت الصناعية الصادر عن وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للتنمية الصناعية، صنفت صناعة الأسمدة الكيميائية على أنها من الأنشطة الصناعية عالية الخطورة.

وعن تلوث بيئة العمل، جاءت الاشتراطات الفنية العامة المتعلق بملوثات بيئة العمل، والتي تنص على أنه يجب ألا يتخطى تركيز أي مادة تتواجد في بيئة العمل الحدود المسموح بها بكل قسم صناعي بالمنشأة الصناعية.

يذكر أنه لم يكن الحادث الأول لاختناق مواطنين نتيجة تصاعد غازات سامة في محيط المنطقة، فقبله في نوڤمبر ٢٠١٤ أصيب ٩٠ عاملا بمصنع ابو زعبل للأسمدة بالاختناق نتيجة تسرب الغاز بالمصنع، وتم على الفور الدفع بسيارات إسعاف لنقل المصابين وتم تشكيل لجنة لفحص أسباب تسرب الغاز واتخاذ الإجراءات اللازمة مع المسئولين.