رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"كِنَّارَة".. كتاب حديث للروائي ماجد جورج

جريدة الدستور

صدر حديثًا كتابًا جديدًا للكاتب الروائي ماجد جورج تحت عنوان "كِنَّارَة"، وذلك ضمن العديد من الإصدارات القبطية الحديثة، بمعرض الكتاب القبطي الأرثوذكسي، الذي تم افتتاحه الأسبوع الماضي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

وتدور أحداث الكتاب حول مبادئ الخدمة وأٌسسها الروحية، ولكن بطرح مختلف غير مسبوق. فالكاتب يتناول بشكل روائي جذاب يوميات خادم قضى أكثر من ثمانية وثلاثين عامًا بين صفوف مدارس الأحد وأروقتها، ويسير هذا الخط في الكتاب موازيا لخط آخر يركز على أحد التلاميذ، خدام الكلمة، من العصر الرسولي الأول.

ويستهل جورج كتابه فيقول: "صفحاتٌ منحولة باهتة في دفاترَ عتيقةٍ (دفاتر الخدمة) رقدت كنزًا ثمينًا غاليًا في أحشاء سحّارة السرير. لم أكن لأظنّ أن هذه السحّارة المنسية في جوف فراشي سوف تصير يومًا رحِمًا يحمل في جنباته سطور هذا الكتاب". ثم يبدأ بأسلوبه القصصي التأملي، ومن خلال كشاكيل تحضيره، في استعراض الثمانية والثلاثين عامًا التي قضاها في الخدمة، فيسأل نفسه من البداية سؤالين جوهريين: لماذا أنا هنا؟! وماذا أفعل في هذا المكان؟!

ويجتهد الكاتب خلال صفحات "كِنَّارَة" في البحث عن إجابة لهذين السؤالين، وعلي الرغم من أن الكتاب يتناول قصص وحكايات حقيقية حدثت في حياة الخادم، طوال سنوات خدمته، إلا أنه يقول بين سطور كتابه: "علي الرغم من أن سطور هذا الكتاب الذي بين يديك هي قصاصات تخصّني شخصيًا، إلا أنني لا يمكنني اعتبارها سيرةً ذاتية، أو تفاصيل خاصةً بي وحدي. فأنا متأكد أن تلك السطور التي عشت أحداثها يومًا، وأعيد قراءتها على صفحات دفاتري القديمة اليوم، مكتوبة في دفاتر خدام كثيرين، وإن اختلفت حروف الكتابة وأزمنة حفر أشكالها على السطور".

وينقلك الكاتب بأسلوبه القصصي الممتع خلال الصفحات إلي أزمنة الخدمة الجميلة التي من عندها بدأ خدمته، فيحدث الخدام من خلال حديثه مع نفسه: "احترس وأنت تدعوهم ألا تكون أنت واحدًا منهم.. أدعوهم لعرسٍ، وفي النهاية لا أستطيع أن أجد وجهي وسط وجوه المدعوين لذلك العرس؟ كيف؟!. ابحث عن العريس فيهم!!".

ويحدث الكاتب السيد المسيح في موضع آخر عن خادمه الذي تتلمذ علي يده فيقول: "كان يبحث عنك في وجوههم، ليجدك فيهم، وليجد نفسه فيك".. وتحت عنوان املأ قلبك قبل لسانك، يقول الكاتب: الخدمة تحتاج إلى مخدع ممتلئ بالصلاة، أكثر من فم ممتلئ بالكلام... املأ مخدعك بالصلاة، ودعِ الصلاة هي ما تملؤك، وتملأ فمك بالتعليم... دَعْ خدمتك لصلاتك، أو ضَعْ صلاتك في خدمتك".

ويستمر الخادم في عرض يومياته فيقول تحت عنوان لماذا أنت هنا، وماذا تفعل في هذا المكان: "إذا التفّت أي مجموعة منهم حولك ليسمعوا لك، لا تُسمعهم ما يطربك أو ما يطربهم. يجب ألا يعزف لسانك في وسطهم إلا كلمتي أنا. تلك الكلمة التي يضعها روحي القدوس على لسانك، هي وحدها فقط التي تستطيع أن تصطادهم وتقنصهم لصالح ملكوتي وملكوت أبي الذي أرسلني".

وعن سبب اختيار اسم "كِنَّارَة" عنوانًا لكتابه أوضح ماجد جورج فى تصريحات خاصة لـ«الدستور»، أن "كِنَّارَة" هو البحر الذي كان تخم الشرق لأرض الموعد في العهد القديم، وهو نفسه بحر الجليل أو بحيرة طبرية المذكورة في العهد الجديد، والتي من عندها ترك تلاميذ السيد المسيح شباكهم ومراكبهم الممتلئة بالسمك وتبعوه. فصار "كِنَّارَة"، والذي هو نفسه بحيرة طبرية، الأكاديمية التي تخرج فيها ثلث الآباء الرسل، أربعة تلاميذ من تلاميذ السيد المسيح الاثني عشر. وصار بحق قيثارة، وهو معني أسم "كِنَّارَة"، يعزف ألحان وأنغام الخدمة والتلمذة في كل مكان عبر كل الأزمنة.

«ماجد جورج».. هو كاتب روائي من مواليد محافظة القاهرة، في ١٧ أبريل عام ١٩٦٢، وبدأ في كتابة المسرحيات للكبار وللأطفال ولمسرح العرائس منذ الثمانينات والتي نالت شهرة واسعة، وحصل بها الكاتب علي جوائز من مهرجانات الكنائس حينما تم عرضها لأول مرة. هذا ومازال حتي الآن يعاد عرض هذه المسرحيات من وقت لأخر، وتستقبل بنفس النجاح التي استقبلت به منذ نحو أكثر من أربعين عام.

وفي بداية التسعينات بدء «جورج» في كتابة القصة للطفل وحصل علي جائزة الدولة لأدب الطفل عام ١٩٩٩، عن رواية " أبدًا لن أهاجر من أرضي"، وكانت عن نهر النيل الذي قرر أن يترك أرض مصر ويرحل عنها، لأنه لا يلقي المعاملة اللائقة به كنهر عريق بنيت عليه حضارة مصر القديمة. وصدرت القصة في كتاب عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام ٢٠٠٠.

وتميز الكاتب بأسلوبه القصصي للأطفال من خلال كتاباته القصصية في العديد من مجلات الأطفال مثل: "قطر الندى، بذرة، مجلة ميكي، وأخيرا مجلة العربي الصغير والتي صدر له عنها مجلد لثلاث قصص من تأليفه بعنوان " عنقود العنب".

وفي عام ٢٠١٧ صدرت للكاتب أول مجموعة قصصية للكبار بعنوان "توتة توتة وجع الحدوتة"، وأخيرًا "كِنَّارَة"، والكاتب خادم بمدارس الأحد في كنيسة القديس مارجرجس - الجيوشي، وفي أسقفية الشباب، وشارك من خلال المركز الإعلامي في مشروع ألف معلم كنسي، برعاية البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بالإضافة إلى خدمته بكنائس المهجر بمونتريال بكندا، والتي قدم فيها خلال هذا المشوار الطويل الكثير من القصص والمسرحيات الكنسية الهادفة، والتي نالت نجاحًا كبيرًا وقت عرضها، وخدمة حية مؤثرة في فصول مدارس الأحد بها.

وجدير بالذكر أن الأنبا موسى الأسقف العام للشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، افتتح يوم الثلاثاء الماضي معرض الكتاب القبطي، بالكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية. ويتضمن المعرض مختلف دور النشر المتخصصة في الكتب القبطية، بالإضافة إلى إصدارات الكنائس والأديرة ومعاهد الكنيسة اللاهوتية وكتب التراث الكنسي، والتي ستستمر فعالياته حتى ٢٣ من نوفمبر الجاري.