رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"إنڤستيجيتيڤ چورنال" تفضح دور إردوغان في دعم الإرهاب

جريدة الدستور

قبيل زيارة رجب طيب أردوغان المرتقبة للبيت الأبيض، غدا، استضافت صحيفة تي آي چيه البريطانية ورئيس تحريرها محمد فهمي مجموعة من كبار معارضي النظام التركي، في نادي الصحافة القومي في مؤتمر تحت عنوان "لعبة النهاية لإردوغان: ذراع تركيا الطويلة في سوريا وفي أمريكا".

وتضمن المؤتمر عرضًا لتقرير تي آي چيه الخاص بعنوان "ذراع إردوغان الطويلة في الولايات المتحدة: عمليات النفوذ التركي في أوساط الأمريكيين المسلمين" قدمه الدكتور أحمت يايلا، الأستاذ المساعد في الأمن الوطني، والرئيس السابق لقسم مكافحة الإرهاب والعمليات بالشرطة الوطنية التركية، وزميل برنامج مكافحة التطرف بجامعة چورچ واشنطن.

ركز تقرير تي آي چيه الصادم على محاولة تفهم طريقة تفكير الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، كما أعطى لمحات مما وراء الكواليس لكيفية تمويل ليس فقط الأتراك، وإنما أيضًا منظمات المسلمين الأمريكيين الغير هادفة للربح في الولايات المتحدة.

جاء هذا التحليل الضروري لتوضيح تغيرات استراتيجية السياسة الخارجية التركية منذ ٢٠١١. وساعد هذا التحليل في إيضاح جنوح تركيا المتعمد بعيدًا عن الغرب وحلف شمال الأطلنطي، في نفس الوقت الذي قامت بتوطيد صلاتها بمنتسبي الإخوان المسلمين وغيرها من حركات الإسلام السياسي حول العالم.

إعتلى الدكتور يايلا المنصة ليشرح توجه الرئيس إردوغان الرئيسي: البقاء في الحكم! حيث قال: "إن إردوغان يستخدم سياساته لضمان استمراريته في السلطة لوقت طويل"، مضيفًا "كان هذا هو السبب الذي عدّل من أجله الدستور، وهذا
هو السبب الذي يدفعه إلى الاستثمار في هذه الجماعات—الهدف هو تأمين مستقبله شخصيًا".

استكمل يايلا كلمته قائلًا إن من ينظر إلى الإحصائيات يجد أن حوالي ٨٪ من الأتراك يدعمون داعش، وحوالي ١٠٪ يؤمنون بضرورة وجود خلافة إسلامية. واستطرد يايلا قائلًا أنه طبقًا للإعلام الإردوغاني فإن ٩٧٪ من الشعب التركي يؤمنون أن الولايات المتحدة هي عدو الأتراك، استطلاعات الرأي المستقلة تشير إلى أن ٩٠٪ من الأتراك يعتبرون تركيا عدوتهم وهذا لأن إردوغان ظل يحض على كراهية الولايات المتحدة طوال سنين تواجده.

شارك في المؤتمر ديڤيد فيليپس، مدير برنامج بناء السلام والحقوق بمعهد دراسات حقوق الإنسان التابع لجامعة كولومبيا؛ ومايكل روبين، الباحث بالمعهد الأمريكي للمشاريع؛ والصحفي القضائي الأمريكي آدم كلاسفيلد لعرض تغطيته المتميزة لقضايا غسيل الأموال التركية في نيويورك؛ والصحفي والكاتب الأمريكي الحائز على جوائز ثيو پاندوس، الذي كان قد تم اختطافه في ٢٠١٢ لفترة استمرت لقرابة العامين من قبل جبهة النصرة، أحد أذرع القاعدة في سوريا.

افتتحت المحاورة تال هينريك، مقدمة برنامج حوارات تي آي چيه الذي يبث من نيويورك؛ المؤتمر قائلة أنه لسنوات قام إردوغان برعاية وتمويل ودعم الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة داخل سوريا وآخرين عبر الشرق الأوسط كله. مضيفة أن تركيا قامت بغزو سوريا أثناء قيامها بعملية تطهير عرقي ضد الأكراد في حين تقهقرت الولايات المتحدة إلى داخل العراق.

وقالت تال هينريك أن تركيا هي حليف للناتو ولكنها في نفس الوقت نظام راديكالي يضطهد الحريات، ويمارس نفوذًا على المهاجرين داخل أوروپا ويكتسب علاقة وثيقة مع إيران.

خلال أحد الجلسات الحوارية في المؤتمر، رد يايلا على المذيعة تال هينريك شارحًا كيف عملت أجهزة إردوغان الاستخباراتية لتسهيل دخول عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب عبر الحدود التركية إلى سوريا، وكيف هربت الأجهزة الآلاف من الشاحنات المحملة بالأسلحة التي وصلت إلى أيدي مقاتلي داعش والقاعدة، عارضًا أن هذه المعلومات تم تأكيدها بواسطة التسجيلات الصوتية المسربة لرئيس الاستخبارات التركية وهو يعطي الضوء الأخضر لنقل ٢٠٠٠ شاحنة لصالح الإرهابيين.

من جانبه، قال ديڤيد فيلپس مدير برنامج بناء السلام والحقوق بجامعة كولومبيا أن تركيا حاليًا لديها صحفيين بالسجون أكثر من أي دولة أخرى في العالم، مضيفًا أن إردوغان قد برر وشرعن غزو تركيا لسوريا واحتلال أراضيها على أرضية الأمن القومي وهو ما يبعد كل البعد عن الحقيقة.

ديڤيد فيلپس عارض بشدة زيارة أردوغان المرتقبة إلى البيت الأبيض قائلًا أن الأولى أن يكون الرئيس التركي في الأكاديمي السجن، مستنكرًا ما وصفه الصداقة الحميمة بين إردوغان وترامب وواصفًا إياها بمدعاة للعار للولايات المتحدة ومطالبًا بتغيير النظام في تركيا وعدم استقبال المجرمين على أرض المجتمعات الديمقراطية المحبة للحرية.

أضاف فيلپس أنه بالإضافة لتقرير الدكتور يايلا، فإنه يعتقد أنه يجب أن يتم تصعيد التحقيق في موقعة عفرين في ٢٠١٨، حينما شنت تركيا هجومًا بلا مسببات وكانت الحامية الكردية للمدينة لا تقارن بهجمات الطائرات المقاتلة التركية مما انتهي بمقتل أكثر من ٣٠٠ من الأكراد والمسيحيين واليزيديين مع تهجير أكثر من ٣٠٠،٠٠٠ نسمة داخل سوريا.

وقال فيلپس أيضًا أن الجيش السوري الحر ارتكب جرائم حرب وقام بالتمثيل بجثث المقاتلات من النساء، حيث قاموا بقطع أثدائهن والتصوير معهن ونشر الصور على الإنترنت!! وأكد فيلپس أننا كلنا نعلم عن المكالمة الهاتفية بين ترامب وإردوغان في السادس من أكتوبر الماضي، ومهما حاولت الإدارة الأمريكية إخفاء الحقيقة فإن ترامب قد أعطى الضوء الأخضر لتركيا كي تقوم بغزو واحتلال سوريا، مما أدى إلى مقتل مئات الأفراد ومن ضمنهم الكثير من المدنيين وتهجير أكثر من ٢٥٠،٠٠٠ نسمة طبقًا للخطة التركية في إنشاء شريط عازل بتهجير الأكراد من قراهم التاريخية باستخدام كافة الوسائل الغير شرعية بالتواطؤ مع الجيش السوري الحر ومن ضمنها الإعدامات وتدمير المدارس والمستشفيات واستخدام الفوسفور الأبيض والنابالم.

الصحفي والكاتب ثيو پاندوس، تحدث عن تجربته كأسير لدى جبهة النصرة لعامين، وشرح كيف دخل خاطفوه إلى تركيا قائلًا أن بعض من أكثر خاطفيه ومعذبيه وحشية وسوءًا كانوا أتراكًا، وأنه كان كثيرًا ما يتجاذب معهم أطراف الحديث سائلًا عن الأحوال فيتلقى منهم الإجابات بأنهم احتاجوا الذهاب إلى تركيا للحصول على الأسلحة البيضاء، لأنهم كانوا يعلمون أنهم يستطيعون الحصول على الإمدادات من هناك. هذا وكان پاندوس قد تم إطلاق سراحه بعد أن دفعت قطر فدية تقدر بعدة ملايين من الدولارات، مباشرة لأيدي خاطفيه؛ جبهة النصرة التابعة للقاعدة في سوريا.

أدم كلاسفيلد، الصحفي القضائي الذي قام بتغطية قضايا غسيل الأموال في نيويورك علق قائلًا أن هناك جزئية في لائحة العقوبات الصادرة من المحاكم تشير إلى أحد البنوك الحكومية التركية، "هالكبنك"، الذي تم اتهامه وإدانته بغسيل الأموال في قضايا تخص عدة مليارات من الدولارات، مشيرًا إلى وجود تسريبات صوتية تدين إردوغان شخصيًا بالتورط في قضايا غسيل الأموال منذ ٢٠١٣.

شرح الباحث الأمريكي مايكل روبين ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط مستخلصًا أن من مصلحة تركيا وإيران المشتركة ضرب شرعية سيطرة المملكة العربية السعودية على الحج، وعلى الحجاز متضمنًا مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وكشف روبين عن مخططات تركيا وإيران لمحاولة نقل هذه السيطرة لمنظمة التعاون الإسلامي التي تحاول تركيا بالفعل الهيمنة عليها لدعم صورتها وفي نفس الوقت خدمة المصلحة المشتركة لتركيا وإيران وقطر بإسقاط الشرعية عن المملكة العربية السعودية وشرعيتها الدينية كونها الحاضنة لمكة والمدينة والمهيمنة على شعائر الحج.

واختتم المؤتمر الذي تابعه عدد كبير من السياسيين الأمريكيين وأعضاء الكونجرس بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني والصحافة العالمية والأمريكية بعدة تساؤلات تجاه العلاقات التركية الأمريكية.

وتساءل المشاركون في المؤتمر عن هذه القضايا وغيرها التي تصيب علاقة الولايات المتحدة وتركيا بالاضطراب، فماذا يجب أن تكون سياسة الولايات المتحدة تجاه تركيا هذه الأيام؟ هل يجب عليها أن تبعد تركيا وتعاقبها، مما يدفعها إلى أحضان الروس، والصينيين، وإيران؟ بكل هذه المعلومات والحقائق، ما هي السياسة الصحيحة تجاه تركيا وحكومتها هذه الأيام؟