رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دار الأوبرا المصرية




صرح ثقافى عظيم، يحتل فى قلب القاهرة ضفة شارع بأكمله. يصل ما بين فرعى النيل فى مكان متفرد وجميل. اسمها الرسمى فى دفاتر الحكومة «الهيئة العامة للمركز الثقافى القومى»، وعنوانها «دار الأوبرا المصرية»، الجزيرة، الزمالك، القاهرة، القاهرة الكبرى.
أحد قطاعات وزارة الثقافة المصرية. يهدف المركز إلى المشاركة فى تقديم وتجميع ونشر الفنون الرفيعة من أجل الارتقاء بها وبالقيم الإنسانية وتنمية التذوق الفنى لدى المواطنين فى إطار تراث البلاد وقيمها وحضارتها، ويعمل على توثيق الروابط الثقافية الفنية وفتح قنواتها بين مصر ودول العالم المختلفة.
يعتبر أحد رموز التعاون المصرى اليابانى، التى تعبر عن مدى عمق أواصر الصداقة بين الشعبين المصرى واليابانى، حيث قامت هيئة التعاون العالمية اليابانية بالتنسيق مع وزارة الثقافة المصرية، بوضع تصميم ينسجم مع ما يحيط بالدار من مبانٍ، واتسم التصميم بالطابع المعمارى الإسلامى الحديث.
وتشمل مساحة الإنشاءات ما يقرب من ٢٣ ألف متر مربع، بينما يقع المبنى ذاته على مساحة تقترب من نصف تلك المساحة الإجمالية. وقد أتاح الموقع الفريد للمبنى فى الجزء الجنوبى من الجزيرة ووفرة الأشجار فى الحديقة المحيطة لهذا المكان أن يكون محتوى طبيعيًا ممتازًا لدار الأوبرا الجديدة.
وفى مارس ١٩٨٥ قام الرئيس الأسبق حسنى مبارك بوضع حجر الأساس، وفى ٣١ مارس ١٩٨٨ أى بعد ٣٤ شهرًا من بدء العمل تم افتتاح هذه الدار بحضور الرئيس مبارك وصاحب السمو الإمبراطورى الشقيق الأصغر لإمبراطور اليابان. كما شاركت اليابان لأول مرة فى مصر والعالم العربى وإفريقيا فى افتتاح هذا الصرح الثقافى بعرض الكابوكى الذى يضم خمسين عضوًا، بالإضافة إلى فنانين من أعلى مرتبة فى مجالات الموسيقى والأوبرا والباليه. وهكذا ظهر هذا الصرح الكبير إلى الوجود مرة أخرى.
ويضم المبنى إلى جوار الأوبرا مبانى عديدة ما بين المتاحف، ومسارح الهناجر والمجلس الأعلى للثقافة والمركز القومى للترجمة. وفى كل تلك المبانى تمارس أنشطة ثقافية راقية، بصمت وهدوء، ولكن عندما تدخل على الموقع الإلكترونى لا تجد إلا أخبار الأوبرا وحفلات الموسيقى والأغانى فقط. ولا تجد أى إعلان فى الموقع على أى أنشطة أخرى لهذا الصرح العظيم خلاف الموسيقى، مع أن لتلك الأنشطة جمهورها وروادها، من الشعراء وهواة المسرح والنقاد والمثقفين الراغبين فى تلقى الثقافة الرفيعة فى جنبات هذا المبنى الراقى والمحترم.
وبالرغم من كل هذا الزخم الموسيقى والثقافى فلا قناة ثقافية يتابع منها الجمهور أنشطة هذا المركز الراقى، بالرغم من وجود أكثر من قناة فضائية مملوكة للدولة وقناة ثقافية مخصصة للثقافة، ولكنها تافهة ولا يهتم بها جمهور المثقفين.
وقد مضى على المبنى أكثر من ثلاثة وثلاثين عامًا. وتحولت الطرقات الجميلة التى كانت تزينه إلى جراجات للسيارات، وموتوسيكلات الموظفين. بل تحولت ساحات الانتظار إلى أكبر مستودع سيارات. الغريب أن الجانب الشرقى بعد عبور كوبرى قصر النيل يعطى منظرًا جميلًا، وبينما الجانب بعد عبور كوبرى الجلاء يختلف تمامًا وأشبه بمؤخرة كل المبانى الحكومية فى مصر. وتحول الجزء الموجود فيه المجلس الأعلى للثقافة والمركز القومى للترجمة إلى مستودع لورش السيارات وورش صناعة ديكورات المسارح، من أخشاب ومخلفات، ومستنقعات ماء، وبقايا بناء، بل إن المركز القومى للترجمة لا يوجد له مدخل خاص، ومدخل المجلس الأعلى للثقافة فى حالة يرثى لها من ناحية النيل، وتم استقطاع جزء من المبنى تم تخصيصه للإدارة العامة للحراسات المشددة التابعة لوزارة الداخلية، وله واجهة على الشارع.
الأغرب أنك عندما تمر فى الشارع الواسع لا تشعر بأنك تسير بجوار صرح ثقافى هائل، ولم يستغل سور المبنى فى أى أنشطة ثقافية أو حتى معارض فنية للشباب لاحتفاظ المكان بزخمه الثقافى والفنى وطابعه المميز.