رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معركة المياه 7.. منفذو محطة شرق بورسعيد: تنتج ربع مليون متر مياه يوميًا

صورة من الحدث
صورة من الحدث

بالتوازى مع إنشاءات مدينة شرق بورسعيد المعروفة بـ«بورسعيد الجديدة»، تلك المدينة المليونية الجديدة التى تأتى ضمن مخطط تنمية منطقة قناة السويس، تجرى على قدم وساق أعمال محطة شرق بورسعيد الجديدة لتحلية مياه البحر.
المحطة تصل طاقتها الإجمالية لـ٢٥٠ ألف متر مكعب يوميًا، وتخدم المدينة الجديدة، وذلك بمد خطوط مياه من المحطة إلى مشروع الإسكان الاجتماعى فى المدينة، بجانب المنطقة الصناعية، والميناء.
وتعد المحطة أحد مشروعات التنمية الشاملة لمحور قناة السويس، ومن المتوقع افتتاحها بنهاية العام الجارى، وبهذه المناسبة التقت «الدستور» عددًا من العمال والمهندسين الذين يشاركون فى المشروع، للتعرف منهم على كواليس العمل، والقصص الإنسانية التى تقف وراء هذا الإنجاز العملاق.


ياسر محمد: أعمل 12 ساعة فى اليوم دون كلل

«إحساس حلو لمّا تلاقى نفسك شغال وسط ناس بيعتبروك أخوهم وواحد منهم».. عبارة وصف بها ياسر محمد، ٢٥ عامًا، عامل فى محطة شرق بورسعيد، بيئة العمل التى وجدها داخل المشروع.
«محمد» يغيب عن أسرته لمدة تصل فى بعض الأحيان لـ٦٠ يومًا، وهو أمر صعب الاحتمال، لكنه يجد فى تشابه ظروفه مع أقرانه فى العمل المواساة التى تعينه على ذلك، فضلًا عن إيمانه بما يفعله.
وعبر عن ذلك بقوله: «أنا أحد أبناء الصعيد، ومتغرب عن أهلى فى الجنوب لأشارك فى مشروع مصرى عملاق، صحيح أن الغربة مُرة بس بناء بلدنا وتعميرها أحلى بكتير، كما أن ظروفى تشبه ظروف غيرى من العمال والمهندسين، ومع ذلك يعمل الجميع هنا بحماس شديد».
وكشف عن أنه يعمل لمدة ١٢ ساعة يوميًا، تبدأ فى السادسة صباحًا حتى السادسة مساءً، ونظرًا لكونه يعمل ضمن فريق مختص بأعمال وضع القواعد الخرسانية، وصب الخوازيق العادية، وتجهيز الخرسانات المسلحة، يقضى غالبية هذه الساعات عرضة لأشعة الشمس وحرارة الجو.
واختتم: «أعمل دون كلل أو ملل، وأواصل أعمال الحفر على مدار الساعة، لتفتيت الصخور وتحويل الأرض من طينية لتربة صلبة تستقر داخلها خطوط المياه».

مصطفى جودة: الأضخم فى مسيرتى المهنية

قصة أخرى يرويها مصطفى السيد جودة، المشرف على الحفر والنقل فى محطة مياه شرق بورسعيد، قائلًا إن المهندسين والعمال المشاركين فى المحطة حققوا إنجازًا بنجاحهم فى تسوية وتجهيز الأرض لإقامة المشروع عليها، وضمان عدم هبوطها فى أى لحظة بالمبانى المقامة عليها، فضلًا عن تأمين الجوانب المحيطة، للتأكد من أن التربة صلبة وجاهزة لاستقبال المشروع. وأضاف «جودة»: «أعمال الإنشاء التى تشهدها المحطة من أضخم ما شاهدت من مشروعات، وتستغرق شهورًا متواصلة، وعلى الرغم مما أبذله من مجهود بدنى كبير، أشعر بفخر وسعادة لمشاركتى فى مشروع مهم سيخدم مدينة بورسعيد وغيرها من مناطق ساحلية تفتقر للمياه العذبة». وبيَّن أنه يعمل ضمن فريق مهمته توصيل المواسير من البحر إلى المحطة، فضلًا عن وضع القواعد الخرسانية، وصب الخوازيق العادية، وتجهيز الخرسانات المسلحة التى تقام عليها الأعمدة والأعمال المعدنية داخل مياه البحر للتوصيل إلى المحطة مباشرةً.


أشرف السيد: «أكل أم العيال وحشنى»

أشرف السيد، أحد المهندسين المشاركين فى المشروع، يفتقد الطعام الذى تعده زوجته، بسبب طول يوم العمل الذى يقضيه يوميًا داخل المحطة، حسبما يصف، لكن ما يعوضه غيابه عن أهله أنه يرى العمل فى هذا المشروع العملاق بمثابة عمل وطنى يخدم المصريين.
وقال «السيد»، الذى يعول أسرة مكوّنة من زوجة و٣ أطفال أكبرهم فى الصف الثالث الإعدادى، إنه لم يتردد لحظة فى قبول العمل بمحطة شرق بورسعيد لتحلية المياه، خاصة أن المحطة أُنشئت على نظام متكامل لتحلية مياه البحر، وفقًا لأعلى المعايير التكنولوجية، ما سيوفر الاحتياجات اللازمة من المياه لخدمة تنمية المنطقة الاقتصادية صناعيًّا وعمرانيًّا، بجانب المناطق والقرى الأكثر افتقارًا للمياه.
وأضاف: «الجميع فى المحطة يعملون على قلب رجل واحد لا تُفارقهم العزيمة، ولا يقصرون نهائيًا تجاه أى أعمال داخلها، ويسعون للانتهاء منها فى أقرب وقت، وبدء مراحل التشغيل».

بركات السيد: تركت زوجتى على وشك الولادة

ترك بركات السيد، ابن محافظة البحيرة، صاحب الـ٣٠ عامًا، زوجته وهى على وشك الولادة بين لحظة وأخرى، من أجل استئناف عمله فى مشروع تحلية شرق بورسعيد، خاصة أنه أحد المهندسين الأساسيين المشاركين فى إنشاء واستكمال المحطة.
وقال «بركات»: «المشروع يُعد من أكبر المشروعات فى الشرق الأوسط، لذا توجد حالة من الحماس أثناء العمل فى المحطة»، مشيرًا إلى أنه يعمل على مدار الـ١٢ ساعة هو وجميع العاملين يوميًا.


محمود أبورواش: أحصل على 72 ساعة إجازة كل 40 يومًا

قال محمود أبوروّاش، ٢٦ عامًا، من محافظة البحيرة، إنه يعمل فى المحطة من السادسة صباحًا حتى الخامسة أو السادسة عصرًا، بشكل يومى، ويختص عمله بالحفر فى باطن الأرض، وتحديد النقاط التى تصلح لوضع الكابلات أو المواسير الخرسانية. وكشف عن أنه يحصل على ٣ أيام إجازة كُل ٤٠ يومًا، يعمل خلالها داخل المحطة بصفة مستمرة دون أى تهاون، موضحًا ذلك بقوله: «أعمل فى المحطة منذ بداية العمل فيها عام ٢٠١٧، ويتطلب ذلك العمل المكوث لفترات طويلة داخل المحطة، لأننى أهتم بشئون الحفر، ووضع القواعد الرئيسية، فضلًا عن وضع المواسير والخوازيق العادية التى تأتى بعد عملية التنقير».

شعبان السيد: أنا هنا عشان أربى ولادى بالحلال
ذكر شعبان السيد، وهو أب لطفلين أكبرهما فى الصف الرابع الابتدائى، أنه يتحمل فراق أسرته، ويعمل طوال ساعات النهار لإتمام العمل المطلوب منه فى المشروع الكبير، بعد أن جاء من إحدى القرى البعيدة فى صعيد مصر للعمل بـ«اليومية» داخل المحطة.
ورغم السفر وبُعد المسافات بينه وبين عائلته، ومشقة العمل، لا يبالى «شعبان» بالراحة نهائيًا، ولا يكف عن العمل داخل المحطة، معبرًا عن ذلك بقوله: «لُقمة العيش لا تأتى سهلة، ربنا بيعين ويساعد كل واحد.. وأنا عندى أولاد عايز أربيهم بالحلال».


محمد رزق: 40 جنيهًا يوميًا مواصلات بس مبسوط

بدأ محمد رزق، من أبناء مدينة بورفؤاد، العمل فى محطة شرق بورسعيد كمراقب للأمن الصناعى ومدير للصحة والسلامة المهنية، بداية من أكتوبر ٢٠١٨، ليكون بذلك مسئولًا عن سلامة العمال، والحفاظ على المعدات، وضمان عدم تعرض أى فرد أو معدة للضرر أو السوء. وأوضح أن مهمته قائمة على «التأكد من الالتزام باشتراطات السلامة المهنية، ووضع اللافتات والإشارات اللازمة لتوفير بيئة عمل آمنة»، مشددًا على أن دوره لا يقل عن دور أى قيادة أخرى تعمل داخل المحطة. ولـ«رزق» تجربة فى العمل لها خصوصية إنسانية، لأنها أكسبته صداقة مع زميله عبدالرحمن السيد، فكلاهما يستيقظ كل يوم فى الرابعة فجرًا، ويتجه لمقر العمل ويعود فى العاشرة مساءً يوميًا. ويبدأ الصديقان رحلتهما من بورفؤاد مرورًا بالقنطرة شرق، حتى معدية شرق بورسعيد، وصولًا إلى شارع البحر بمنطقة رابعة، انتهاءً بأرض المحطة، القريبة جدًا من حدود سيناء، وهو ما يكلف كلًا منهما ٤٠ جنيهًا كاملة، ورغم ذلك «مبسوطين جدًا بالعمل فى المحطة»، كما يقول «رزق».


وائل عبدالله: إنجاز قياسى فى المرحلة الأولى

كشف وائل محمد عبدالله، مهندس يعمل فى المشروع، عن أن الطاقة الإجمالية للمحطة تصل إلى ٢٥٠ ألف متر مكعب يوميًّا، لخدمة أهالى مدينة شرق بورسعيد، والمنطقة الصناعية، والميناء. وأشار إلى أن نسب تنفيذ المرحلة الأولى بلغت معدلات إنجاز قياسية، موضحًا أنه من بين الأعمال المنتهية الأعمال المساحية للخط الناقل للمياه من محطة التحلية حتى المنطقة الصناعية. واعتبر «عبدالله» أنه من المحظوظين، الذين أُتيحت لهم فرصة المشاركة فى مشروع عملاق مثل محطة تحلية مياه مدينة شرق بورسعيد، أحد المشروعات القومية التى تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة.


عبدالرحمن السيد: استفدت خبرات وتلقيت تدريبات متقدمة
قال عبدالرحمن السيد، مهندس بالمشروع، إن عمله يتطلب أن يكون يقظًا طوال الوقت ومستعدًا لأى ظروف طارئة، معربًا عن فخره بالمشاركة فى هذا «العمل الوطنى» الذى ينسيه حالة الإرهاق الجسدى التى تصيبه. وأضاف «السيد»: «جميع العاملين يبذلون مجهودات جبارة لتدار المحطة على مدار الساعة بأعلى كفاءة وجودة فى التشغيل والإدارة، وتنفيذ الأعمال المطلوبة منهم كافة»، معتبرًا نفسه من المحظوظين بالمشاركة فى هذا المشروع القومى العملاق، الذى سيحل العديد من الأزمات المائية، ويغطى احتياجات آلاف المواطنين داخل مدينة شرق بورسعيد، والمناطق المجاورة. وأشار إلى أنه يعمل على مدار الأسبوع دون راحة أو إجازات، قائلًا: «مكنتش باخد إجازة، وكنت بشتغل كل يوم.. قليل لو كنت أخدت الجمعة راحة، وأثناء الشغل كنت بشتغل بأقصى طاقة عندى». وشدد على امتلاك العاملين فى المشروع العزيمة والروح الوطنية التى تساعدهم على تجاوز أى مصاعب، مختتمًا بقوله: «العاملون فى هذا الصرح تجمعهم روح من التكاتف والمحبة والعزيمة، وأصبحوا جميعًا من أصحاب الخبرات العالية فى مجال محطات المياه بفضل التدريبات المتقدمة والتأهيل الراقى الذى خضعنا له».