رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المُبتلى.. كيف واجه هيثم أحمد زكي عُقدتي الوحدة و"ابن الفنان"؟

هيثم أحمد زكي
هيثم أحمد زكي


"أنا عايش لوحدي في شقة والدي، وأحمد الله على كل هذه الابتلاءات، لكنني أتمنى تكوين أسرة وبيت وعيلة، تقولهم أنا طالع في برنامج أو داخل تصوير فيلم، عشان يتفرجوا عليك ويستنوك، أكيد بتمنى كل ده، لكن معنديش حد".. هكذا عبَر الفنان الراحل هيثم أحمد زكي، عن حياته وما يتمنى.

حمّله الجمهور فوق طاقته، فوضعه في مقارنة مع موهبة والده الفنان الراحل أحمد زكي، فتهيب "هيثم" الوقوف أمام الكاميرا، صداع المقارنة يصيب لسانه وحركات جسده، فينطق بالكاد ويتحرك بصعوبة، فالعاملون في موقع التصوير في انتظار مشاهدة ابن الفنان أحمد زكي وراء الكاميرا، يجسد الشخصيات ويكشف مكنوناتها فيعبر عنهم، يشاركهم الفرح والحزن، مثلما كان عليه والده، وما أن خيّب الولد "هيثم" الظن، وهو ما ليس له فيه بد، فهو ما زال في بدايته، أفقدته الصحافة والنقاد والجمهور ثقته في نفسه، فابتعد ليعيش الوحدة، ويواجه موت عائلته، يروض نفسه ليدافع عن موهبته ليتخلص من عقدة "ابن الفنان".

ابن الفنان"...

الابن "هيثم" ينتظر إنهاء المرحلة الجامعية بفارغ الصبر ليحقق شغفه في دخول مجال التمثيل، لكن والده الفنان أحمد زكي بمشاعر أبوية يرى أن "هيثم" سيكون منافسه الوحيد في الموهبة، وربما سيكون الأفضل.

رفض أحمد زكي أن يبدأ "هيثم" عمله في السينما أو الدراما إلا بعد إنهاء دراسته، ولم يكن الابن يمارس هوايته إلا في جلسات أسرية،

قال "هيثم": "كنّا ساعات بنهزر مع بعض ونرتجل لوقت طويل جدًا، كل واحد فينا يجسد شخصية ويرتجل من خلالها، وفي بعض الأحيان، أنا أجسد شخصيته هو، وهو يجسد شخصيتي أنا، ومكانش حد فينا يضحك، كنّا بنرتجل بكل جدية".
وأوضح "هيثم" كيف دفع ضريبة ابن الفنان، قائلًا: "من أول يوم تصوير والناس منتظرة تشوف ابن الفنان أحمد زكي هيثمل إزاي، وده كان بيخليني مخضوض ومش عارف انطق أو أمثل".

ومنذ ظهوره الأول على شاشة السينما مجسدًا شخصية "حليم" في فيلم عن سيرة الفنان الراحل، وقع "هيثم" في مقارنة مع والده الفنان أحمد زكي، رغم أنه لم يسعَ لتجسيد الشخصية إلا تحت ضغوط تنفيذ وصية ورغبة والده، كما أنه لم يكن في مرحلة عمرية أو وعي ليدرك أنه أمام مسؤلية فنية ثقيلة قد تنهي مسيرته قبل أن تبدأ، وذلك وفقًا لما صرّح به في حواره مع الإعلامي عمرو الليثي في برنامج "بوضوح".
وقال "هيثم": كانت المسؤلية صعبة للغاية، حملت هم شخصيتين مرة واحدة، حللت بدلُا من أحمد زكي لأقدم شخصية "حليم" التي كانت تصعُب على والدي أيضًا، وكان عمري وقتها 20 عامًا، وهي المرة الأولى التي وقفت فيها أمام الكاميرا.

تصوير فيلم "حليم" ساعد "هيثم" في تخفيف حزن فقدانه لوالده، لكن بعدها وقع في مأزق حالة التيه، وغياب السند، ففي عام 2007 جسد في فيلم "البلياتشو" شخصية "علي راضي الصغير"، فوُضع في مقارنة ظالمة مع والده الفنان الراحل، وأفقدته شراسة الهجوم من الصحافة والنقاد ثقته في نفسه، وظل لمدة ثلاث سنوات بعيدًا عن السينما والدراما، ففي النصف الأول من تلك المدة لم يمتلك الهمة التي تعيده مرة أخرى لذاته، حتى عاد في النصف الثاني منها وشارك في ورش تمثيلية مع المدربة مروة جبريل، ليبدأ في الدفاع عن نفسه وموهبته التي استمدها من إشادات من بعض المخرجين الكبار أمثال يوسف شاهين الذي كان ينصح والده أحمد زكي: "الولد ده لازم يمثل"، فضلًا عن الاستحسان الذي لاقاه من المخرج شريف عرفة، وخالد يوسف، الكاتب أحمد رجب، وغيرهم.
"الوحدة والموت"...

بشكل عفوي تظهر الحركات الجسدية لوالدي على انفعالاتي، لا أقلدها عن عمد، ورثتها عنه مثلما ورثت تشابه العينين وبعض الملامح، قال "هيثم" في حواره.

عانى الفنان أحمد زكي في حياته من الوحدة واليُتم، غياب الأم والأب، وسكن فندق هليتون رمسيس بعيدًا عن ضجيج الحياة وصخبها، وهو ما عانى من الابن "هيثم" مبكرًا لطلاق والدته الفنانة هالة فؤاد.

لم يستطع الفنان أحمد زكي تعويض ابنه "هيثم" عن والدته التي طلقها، نظرًا لسكونه داخل شخصياته التي يجسدها في أفلامه، فبقى الابن ممزعًا، وحيدًا، إلا من بعض أقاربه، خاله هشام فؤاد، جده أحمد فؤاد، جدته، لكن الابتلاء غيبهم جميعًا.

وتوفيت الفنان هالة فؤاد عام 1993و"هيثم" في عمر 4 سنوات، بعد أن توفى جده المخرج أحمد فؤاد عام 1992، وتوفي أيضًا خاله هشام فؤاد الذي عوض غياب الوالد أحمد زكي بالنسبة لـ"هيثم".

وأثناء مشاركة"هيثم" في فيلم "البلياتشو"2007، توفيت جدته، التي كانت الأقرب لروحه من بين كل أقاربه، حتى أن حزنه منعه عن إتقان تجسيد لشخصيته في الفيلم بشكل تام.
"نصيحة الأب"...

في اللحظات الأخيرة من حياة الفنان أحمد زكي، نصح "هيثم": "كن نفسك"، لكن الجمهور أعاقه عن تحقيق تلك النصحية، فوضعوه في مقارنة مع والده منذ البداية، وهو ما عطّله لسنوات عن العمل إلى أن ساعده المخرج خالد يوسف في الخروج من المأزق وتعاقد معه على تجسيد شخصية في فيلم "كف القمر".

قال "هيثم": "فيلم كف القمر هو بدايتي الحقيقية في السينما، هو اللي رجعني للوسط الفني تاني، وتعلمت من المخرج خالد يوسف مفاهيم عن كيفية بناء الشخصية وتاريخها"، حسب حواره مع مدحت العدل على قناة "سي بي سي تو" ببرنامج "أنت حر".

ولم يكن نجاح مسلسل "دوران شبرا" متوقعًا لعدم وجود "نجم شباك" يساهم في احتمالية نجاح العمل جماهيريًا، لكن الجمهور التفت للعمل الدرامي وحقق ما لم يكن يتوقعه "هيثم" الذي قال: "مكنتش أتوقع نجاح المسلسل، وكان أول مرة يجيلي دوره أحبه، وكنت بدأت أشيل من دماغي هم ابن أحمد زكي، فهو الدور الوحيد الذي اخترته من أول ما بدأت، فشخصية فيلم (بلياتشو) كنت لسه صغير، وفيلم (حليم) دخلته عشان ظروف وفاة والدي وكان لازم الفيلم يكمل".

أما مسلسل "السبع وصايا" فكانت مرحلة تالية ومهمة في حياة الفنان هيثم أحمد زكي، فقال: "كانت نقلة فنية كبيرة في حياتي، فوافقت على التوقيع على المشاركة في المسلسل بعدما قرأت الحلقة الأولى من شدة إعجابي بالعمل، رغم أن الشخصية كانت أبعد ما يكون عن شخصيتي الحقيقية، وكان من الصعب الإلمام بخيوط تفاصيلها، فالشخصية التي جسدتها كانت تحاول قتل والدها من أجل المال، وأنا أتمنى عودة والدي ولو لدقيقة واحدة، فكانت تحد كبير بالنسبة لي".
"نبوءة"...

تحققت نبوءة الفنان هيثم أحمد زكي وتوفى وحيدًا في شقته، بعدما تعرض لهبوط حاد في الدورة الدموية، فكتبت الفنانة ناهد السباعي على صفحتها الشخصية الخاصة بموقع التواصل الإجتماعي"إنستجرام": "على طول بتقولي يانودي انا خايف اموت لوحدي ف البيت ومحدش يحس بيا وحاسس اني هموت صغير وانا دايما ارد اقولك انت بتقول كده عشان رخم ونكدي لو كنت صدقتك كنت فضلت علطول قاعدة معاك يا صحبي واخويا وجاري وعشرة عمري من ساعة ما اتولدنا".